مصادر خاصة لـ”القدس العربي”: أنقرة والقاهرة تباشران بخطوات “بناء ثقة” لتحقيق تقدم في المباحثات الثنائية 

حجم الخط
15

أنقرة- “القدس العربي”:

بعد يوم واحد من تسرب أنباء عن وجود تعليمات رسمية مصرية لوسائل الإعلام من أجل تخفيف حدة الخطاب الهجومي ضد تركيا، كشفت مصادر خاصة لـ”القدس العربي” عن تلقي الإعلام التركي لا سيما الرسمي منه تعليمات مشابهة لتخفيف حدة الخطاب مع مصر، في أحدث مؤشر على وجود مباحثات بين البلدين يمكن أن ينتج عنها تقارب حقيقي في العلاقات المتراجعة بقوة منذ سنوات.

مصدر تركي رسمي رفض الكشف عن اسمه، أكد في تصريحات خاصة لـ”القدس العربي” وجود اتصالات بين تركيا ومصر، لافتاً إلى أن هذه الاتصالات تجري على مستوى الاستخبارات وعلى المستوى الدبلوماسي منخفض التمثيل، مشيراً إلى أن هذه المباحثات “ما زالت في مرحلة بناء الثقة والقيام بخطوات لتخفيف التوتر ولم تصل بعد إلى مستوى سياسي متقدم يتيح التوصل إلى أي تفاهمات أو اتفاقيات في الملفات العالقة بين البلدين”.

الاتصالات تجري على مستوى الاستخبارات وعلى المستوى الدبلوماسي منخفض التمثيل ولم تصل بعد إلى مستوى سياسي متقدم يتيح التوصل إلى أي تفاهمات أو اتفاقيات في الملفات العالقة بين البلدين

وفي سياق متصل، علمت “القدس العربي” من مصادر خاصة أن الإعلام التركي لا سيما الرسمي منه تلقى تعليمات شفهية بضرورة تخفيف حدة الخطاب الإعلامي ضد النظام المصري خلال الفترة المقبلة، ولفت مصدر إلى أن الإعلام الرسمي الناطق باللغات الأجنبية بدرجة أساسية قد وصلته هذه التعليمات.

والثلاثاء، تناولت وسائل إعلام تركية أخباراً عن بعض المصادر التركية والعربية تقول إن وسائل إعلام مصرية كبرى تلقت تعليمات شفهية من الأجهزة السيادية في الدولة بضرورة تخفيف حدة الهجوم الإعلامي على تركيا خلال الفترة المقبلة، وخاصة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان.

ورغم تأكيد وجود تعليمات متطابقة من تركيا ومصر لوسائل الإعلام الرسمية لتخفيف حدة الخطاب الإعلامي المتبادل، إلا أن الأمر يحتاج عدة أيام -على أقل تقدير- حتى يظهر الأمر بشكل واضح في تغطية وسائل الإعلام المختلفة للبلدين، وهو ما يظهر مستوى الرغبة بين البلدين في تحسين العلاقات.

وبالتزامن مع انتشار هذه الأنباء، قال إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية في لقاء مع محطة تلفزيونية تركية محلية: “مصر دولة من الدول المهمة في المنطقة والعالم العربي، وبالطبع لا يمكننا تجاهل كيفية وصول السيسي إلى السلطة، والانقلاب الذي حصل هناك، والناس الذين تعرضوا للقتل، وما حدث في ميدان رابعة، والاعتقالات السياسية لاحقاً، ووفاة مرسي”.

وأضاف قالن: “بالرغم من ذلك، إذا أظهرت مصر إرادة التحرك بأجندة إيجابية في القضايا الإقليمية، فإن تركيا مستعدة للتجاوب مع ذلك”، ومضى قائلاً: “في حال تشكلت أرضية للتحرك معاً في مواضيع ليبيا وفلسطين وشرق المتوسط وغيرها من القضايا، فإن تركيا لا يمكنها إلا أن تنظر بإيجابية إلى ذلك وتقدم إسهاماً إيجابياً”.

والشهر الماضي، ألمح عدد من المسؤولين الأتراك إلى وجود اتصالات على “المستوى الاستخباري” بين مسؤولين من البلدين، وذلك على الرغم من الخلافات الحادة جداً والتراجع الكبير التي وصلت إليه العلاقة بين الجانبين حول ملفات مختلفة أبرزها الانقلاب العسكري في مصر، ودعم تنظيم الإخوان المسلمين، والموقف من الثورات العربية والتطورات العسكرية الأخيرة في ليبيا، إلى جانب الصراع القائم شرق البحر المتوسط.

وفي آب/ أغسطس الماضي، قال أردوغان رداً على سؤال حول وجود اتصالات مع مصر وإمكانية توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين: “إجراء محادثات استخباراتية مع مصر أمر مختلف وممكن وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا”. وسبق ذلك، تصريح وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بعدم وجود اتصالات سياسية مع مصر “فقط مباحثات على مستوى الاستخبارات”، وهو ما اعتبر بمثابة أول تأكيد رسمي بوجود الاتصالات على هذا المستوى.

كما أرسل الوزير رسائل إيجابية بتأكيده أن اليونان وقبرص الجنوبية و”ليس مصر” من انتهكوا الجرف القاري التركي في الاتفاقيات الثنائية التي تم التوقيع عليها بين الجانبين. وقال الوزير: “لقد احترمت مصر حقوقنا في هذا الصدد، ومن ثم لا أريد أن أبخسها حقها بدعوى أن العلاقات السياسية بيننا ليست جيدة للغاية، وبالتالي فإن إبرام اتفاق مع مصر بهذا الخصوص يقتضي تحسن تلك العلاقات السياسية”.

ويعتقد أن الاتصالات التركية المصرية الجارية على المستوى الدبلوماسي المتدني ومستوى المخابرات انطلقت عقب تصاعد الأزمة في ليبيا، وذلك في إطار جهود دولية لمنع صدام كان محتملا بين القاهرة وأنقرة على خط سرت الجفرة، إلى جانب الاتصالات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وترى تركيا أن مصر خسرت مناطق كبيرة من حقوها في شرق المتوسط لصالح اليونان وقبرص الجنوبية وأنها -في حال وقعت على اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع تركيا- ستستعيد مناطق شاسعة وسوف توسع مناطقها الاقتصادية الخالصة في البحر، وهي النقطة التي يبدو أن المحاولات التركية تستند عليها في محاولة إقناع القاهرة بالتوقيع على اتفاق لتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين.

وقبل أيام، نشرت الجريمة الرسمية المصرية نص اتفاق تعيين الحدود البحرية بين القاهرة أثينا، وكشفت بعض البنود عما اعتبره محللون أنها إشارات وثغرات تعطي رسائل واضحة بإمكانية تعديل الاتفاق والتوصل لاتفاق آخر مع تركيا. حيث كشف لأول مرة وعلى عكس ما روج الإعلام المصري أن الاتفاق مع اليونان “جزئي وليس كلي” وأنه “سيتم استكمال التعيين فيما بعد، كما تضمن بنداً يشدد على أن الاتفاق يمكن تعديله مستقبلاً “إذا دخلت إحدى الدولتين الموقعتين في مفاوضات مع دول أخرى تشترك مع الطرفين في مناطق بحرية”، في إشارة واضحة إلى تركيا.

وخلال السنوات الماضية، أظهرت أرقام إجمالي حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر، وصوله إلى مستوى تاريخي غير مسبوق، وذلك على الرغم من تعاظم الخلافات السياسية بين البلدين.

ومنذ تصاعد الخلافات عام 2013، قررت مصر طرد السفير التركي في القاهرة وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، وهو ما ردت عليه تركيا بخطوة مماثلة، ومنذ ذلك التاريخ لم تحصل أي لقاءات سياسية أو وساطات لاحتواء الأزمة بين البلدين باستثناء التحسن المتنامي في العلاقات الاقتصادية.

وحتى وقت قريب، كانت تشترط تركيا بدرجة أساسية حصول تغيير سياسي حقيقي في مصر يمكن أن يكون على شكل مصالحة وطنية توقف تهميش المعارضة ووصفها بالإرهاب، إلى جانب وقف الاعتقالات السياسية والإعدامات للمعارضين من أجل التقارب مع النظام المصري الحالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل(المانيا):

    تركيا دولة مصالح والقضية مع مصر اساسها الشان الليبي اكثر من اليوناني ومنذ ان اعلنت مصر تدخلها في ليبيا هدات الامور هناك وبدات المفاوضات لانه مهما كانت قوة تركيا وروسيا العسكرية لن يكون تاثيرهما كتاثير مصر المجاورة لليبيا ومعها المال الاماراتي والسعودي وان خسرت تركيا حكومة السراج يعني خسارتها الاتفاقية البحرية مع ليبيا وبالتالي انتهاء اي حجة لتحركاتها في المتوسط وبالتاكيد لو اكتمل التقارب فالخاسر الوحيد هم الاخوان المسلمين في مصر

    1. يقول سامى عبد القادر:

      الأخ سلام عادل
      .
      قلت فى تعليقك: “انه مهما كانت قوة تركيا وروسيا العسكرية لن يكون تاثيرهما كتاثير مصر المجاورة لليبيا ومعها المال الاماراتي والسعودي”
      .
      هذه الجملة صحيحة تماماً, ولكن أيام الملك مينا موحد القطرين!!
      .
      هل فعلاً تقصد أن قوتى تركيا وروسيا العسكريتين مجتمعتين ((الآن فى شهر أكتوبر عام ٢٠٢٠ ميلادية)) ليس لهما تأثير قوة مصر لمجرد أنها مجاورة لليبيا, وبتشحت رز من عبيد الصهاينة بالخليج?!!! … أنا سأصدقك فقط, لو أنك تتكلم عن قوة الجيش المصرى فى نزع رؤوس الجمبرى, أو عبقرية مصر العسكرية فى عجن الكحك!!
      .
      أما إن كنت تتحدث عن الحرب الحقيقية, فأحب أن أحيطك علماً, أن تنبؤاتك الجبارة ستكون قابلة للتحقيق, لو رأينا بأعيننا قوات مالطا المسلحة وهى تقوم باحتلال أمريكا والصين معاً … مين عارف … كل شيئ جائز فى هذه الدنيا البائسة التى نعيشها

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية