دمشق – «القدس العربي» : بينما اتهمت روسيا امس الأحد الولايات المتحدة بأنها «عرضت للخطر» وقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية بتنفيذ قواتها ضربةً جوية ضد قياديي تنظيم جهادي. وقال الجيش الروسي إن الولايات المتحدة نفذت ضربتها من دون «إخطار مسبق للجانبين الروسي والتركي»، معتبراً أن الخطوة الأمريكية «استخدام عشوائي للطيران» العسكري. وتابعت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن «الضربة خلفت الكثير من الدمار والضحايا في المناطق التي طالتها»، متهمةً واشنطن «بتعريض نظام وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب للخطر».
وارتفعت حصيلة قتلى قصف الصواريخ الأمريكية، التي استهدفت موقعاً عسكرياً واجتماعاً لتنظيم «أنصار التوحيد» الذي يتخذ من المزارع المحيطة بمدينة إدلب، موقعاً له، إلى 51 قتيلاً بينهم مدنيون من عائلات وأطفال التنظيم.
مقتل 51 من التنظيم… وموسكو: واشنطن تقوّض وقف النار شمال سوريا
الجيش الأمريكي، قال إنه قصف منشأة للقاعدة شمال إدلب، في أول هجوم أمريكي داخل سوريا منذ تموز/يوليو الماضي، وذكرت القيادة المركزية الأمريكية التابعة لوزارة الدفاع أن قوات أمريكية وجهت ضربة لمنشأة تابعة لتنظيم القاعدة شمال إدلب في سوريا السبت، كما قال اللفتنانت كولونيل إيرل براون، مسؤول العمليات الإعلامية بالقيادة المركزية، في بيان بالبريد الإلكتروني لـ»رويترز» ان العملية استهدفت قادة تنظيم القاعدة في سوريا المسؤولين عن هجمات تهدد المواطنين الأمريكين وشركاءنا والمدنيين الأبرياء».
المرصد السوري لحقوق الانسان قال ان من بين القتلى قادة ومقاتلين من التنظيم قضوا بضربات التحالف الدولي على معسكر لهم بريف إدلب، لافتاً إلى ان حصيلة الخسائر البشرية ارتفعت جراء الاستهداف الذي طال مواقع ومعسكر لغرفة عمليات «وحرض المؤمنين» التي يشكل حراس الدين عمادها الرئيسي بالإضافة لمجموعات جهادية أخرى، ومن بين القتلى 24 قيادياً غالبيتهم العظمى من جنسيات غير سورية، كما أن كثيراً من الجثث أصبحت أشلاء وبعضها متفحماً، فيما خلف قصف التحالف هذا دماراً هائلاً في المعسكر والمنطقة.
ووثق المصدر مقتل عشرات الجنود من المجموعات الجهادية عقب اكثر من 7 انفجارات عنيفة، السبت، هزت المنطقة الواقعة بين مدينة إدلب وبلدة كفريا شرق المدينة ناجمة عن ضربات صاروخية استهدفت مقرات لفصيل حراس الدين الجهادي في المنطقة الواصلة بين كفريا ومعرة مصرين.
واعترضت روسيا، الأحد، على القصف الأمريكي، لما وصفته مواقع في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب شمالي سوريا، وقالت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، إن الولايات المتحدة الأمريكية، نفذت غارة جوية على محافظة إدلب السورية، دون إبلاغ تركيا أو روسيا.
وقال «المركز الروسي للمصالحة في سوريا» التابع لوزارة الدفاع الروسية، إن مقاتلات أمريكية نفذت ظهيرة يوم 31 آب/أغسطس الماضي (السبت)، غارة على منطقة سكنية، تقع بين معرة مصرين وكفرايا، موضحاً أن القصف الأمريكي تسبب في أضرار مادية كبيرة، وأن الغارة الأمريكية تهدد استمرار وقف إطلاق النار في إدلب. واعتبر بيان الدفاع الروسية، أن القصف الأمريكي يعد انتهاكاً لكافة الاتفاقيات السابقة، بسبب عدم إبلاغ واشنطن كلاً من أنقرة وموسكو، بالغارة قبل تنفيذها.
التدخل الأمريكي، جاء في اعقاب هدنة اعلنت عنها موسكو من طرفها، على ان تدخل حيز التنفيذ السبت، وهو ما اعتبره الخبير في العلاقات الدولية د.محمود الحمزة حالة اضطرارية.
حمزة: حالة اضطرارية
وقال الحمزة لـ»القدس العربي» إن الهدنة التي أعلنت من قبل روسيا هي حالة اضطرارية، وكالعادة فإن كل الهدن التي تعلنها روسيا هي لأخذ النفس وترتيب الصفوف ولأسباب هامة بالنسبة لها، وليست رحمة بالناس الذين يقتلون في القصف الجوي. ولكنه اعتبر ان الغريب هو القصف الامريكي في منطقة ادلب، معرباً عن تأكيده أن ثمة تفاهمات «استراتيجية روسية – أمريكية – اسرائيلية في سوريا، ولذلك لا نستغرب ان نسمع عن اتفاقيات بين امريكا وروسيا، وتنسيق وترتيبات في مناطق مختلفة من سوريا» معتبراً ان مستقبل البلد قد رسم في تل ابيب من قبل الاسرائيليين والروس والامريكان، ولولا التنسيق بين روسيا وواشنطن فإنه يستحيل ان يدخل التحالف في منطقة تقع كلها تحت تغطية الصواريخ الروسية الموجودة في قادة حميميم.
وكالة سبوتنك الروسية قالت ان «خطوط التماس في أرياف إدلب تشهد هدوء حذرا مع دخول نظام وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه مركز المصالحة الروسي في سوريا من جانب واحد، حيز التنفيذ اعتبارا من صباح السبت» ونقلت عن مصادرها «إن صوت المدافع هدأ مع بدء الهدنة وجنود الجيش السوري المرابطين على جبهات ريف إدلب الجنوبي يراقبون خطوط التماس ومواقع الجماعات المسلحة وهم على جاهزية عالية للتعامل مع أي خرق من قبل الإرهابيين، كما تستمر وحدات الجيش بتمشيط المناطق المحررة حديثاً للتخلص من الألغام والعبوات الناسفة التي خلفتها الجماعات المسلحة في المنطقة».
أبو دياب: الدور الإيراني
لكن مصادر عسكرية نفت لـ «القدس العربي» توقف قصف قوات النظام السوري، الأحد، مؤكدة ان النظام استهدف مناطق مأهولة بالسكان المدنيين وخطوط المعارضة المسلحة، حيث شهد محيط بلدة معرتماتر بريف إدلب الجنوبي، قصفاً مدفعياً، كما استهدفت طائرات النظام الحربية نقطة طبية في بلدة الزربة في ريف حلب الجنوبي، فضلاً عن غارات جوية نفذتها مقاتلات النظام على مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، كما تعرضت مدينة سراقب، وبلدتا جرجناز والتح، وقريتي دير الشرقي ودير الغربي، لقصف جوي وبري.
البروفيسور خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس والخبير والباحث في الجيوبولوتيك، قال ان أي تفاهم تركي – روسي يجري على دم الشعب السوري و»لا نستثني الولايات المتحدة الامريكية من هذا الدور»، لكنه رأى ان الهدنة الروسية منفصلة عن التنسيق مع الجانب الأمريكي بشأن استهداف التنظيمات الجهادية، معللًا ان تنظيم «انصار التوحيد» له علاقة بإيران وهو السبب وراء استهدافه. واعتبر أبو دياب في حديثه مع «القدس العربي» انه لا صلة بين استهداف التحالف الدولي لجماعة حراس الدين او ما يسمى الخرسانيين ضمن تنظيم القاعدة في المنطقة القريبة من كفريا والفوعة شمال ادلب، مع اعلان روسيا الهدنة في منطقة ادلب.
وقال ان واشنطن تعودت ملاحقة هذه القيادات من داعش والقاعدة بشكل دائم، عند اتاحة الفرصة لها كما تقول، واضاف «تقول مصادر غربية ان هذه الفئة من حراس الدين، لها صلة بجماعة تدعى الخرسانيين وهي فئة تصنفها الولايات المتحدة وتراها قريبة من ايران، وتأتي أوامر تحركاتها من طهران».
وقال إنه حتى مسألة الاستهداف بالطيران غير واضح، فالمعلومات تقول إنه ربما انطلقت صواريخ امريكية من قاعدة إنجرليك التركية لاستهداف هذه الجماعة، والأهم أن في مسألة المساومة على الوضع في منطقة ادلب، الولايات المتحدة تبدو وكأنها اعطت الروس والاتراك الفرصة لكي لا تتدخل، وكأن الكل يترك الوضع هناك تحت مظلة التهميش الدولي الذي أدار المحنة السورية منذ بدايتها وحتى اليوم.