مصر: السعي لـ«التماسك الداخلي» في مواجهة تهجير الفلسطينيين

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: اجتمع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بأعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل/ نيسان 2022، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه النظام لتقليل حدة الانتقادات التي يواجهها داخليا مع تصاعد الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعوته لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
وحمل الاجتماع وعودا حكومية بتنفيذ عدد من التوصيات المتعلقة بالملف الاقتصادي، خاصة مع الانتقادات التي تواجه الحكومة، إضافة إلى معالجة الأزمة في ملف حقوق الإنسان.

آلية الحوار

وقال رئيس الوزراء المصري، موجها حديثه لأعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني: نحن نقدر تماماً آلية الحوار الوطني، بفضل الدور المهم الذي تلعبه هذه الآلية المهمة للحوار مع مختلف أطياف المجتمع المصري الذي تمثلونه، وندرك أهمية إثراء هذا النقاش، والتوافق بقدر الإمكان في الملفات والقضايا المختلفة التي تهم الشأن المصري.
وأضاف: أتابع دوما كل مخرجات الحوار الوطني، فمن المهم دوما الاطلاع على مختلف الآراء والتوجهات، خاصةً في ظل هذه الفترة شديدة الحساسية التي يشهد فيها العالم تحديات غير مسبوقة.
وأكد على أهمية آلية الحوار الوطني، وأنه سيعمل على تفعيلها بصورة منتظمة، لافتا إلى توجيهات السيسي، بشأن تفعيل توسيع قاعدة الحوار الوطني فيما يتعلق بمختلف القضايا والتحديات التي تواجهها الدولة المصرية، ومنها التحديات الخارجية التي تتعرض لها مصر حاليا.
وبين أن الحكومة المصرية تسعى إلى الحصول على دعم آلية الحوار الوطني لاستكشاف توجهات الرأي العام في عدد من القضايا والملفات التي تشهد اختلافا في الرؤى، والطروحات التي لها مؤيدون ومعارضون، ضارباً مثلاً بعدد من الملفات منها: الدعم عيني أم نقدي، وتطوير شهادة الثانوية العامة، وقانون الايجارات القديمة، وغيرها.
ولفت إلى أن جانبا كبيرا من توصيات الحوار الوطني في المجال الاقتصادي، أقرته الحكومة في برنامجها الجديد، مشيراً إلى التوافق على كثير من التوصيات السياسية، فيما تتم دراسة باقي التوصيات ومناقشتها.
كما أشار إلى أن الحزمة الاجتماعية التي أقرتها الحكومة ستبدأ قبل شهر رمضان، وستكون هناك إجراءات استثنائية خلال فترة عيد الفطر.
المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون السياسية والقانونية والتواصل السياسي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، قال خلال الاجتماع، إن آلية الحوار الوطني أدت لبناء جسور من الثقة والمساحات المشتركة الحقيقية بين مختلف الأطياف السياسية، ولا تتعارض أبداً مع دور أقره الدستور لأي من الجهات التنفيذية.
وأضاف أن استمرار الحوار الوطني يمثل إثراء للمشهد السياسي بوجه عام.

256 توصية

وخلال الاجتماع قال أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني، إن الحوار يضم 65 حزباً، إضافة إلى ممثلين لكافة النقابات، ما يعني وجود تمثيل لمختلف الأطياف.
وبينوا أن الحوار أصدر 256 توصية بعد عقد 110 جلسات حضرها آلاف المشاركين، بهدف طرح الرؤى المختلفة في الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

رئيس الوزراء التقى بأعضاء مجلس الحوار الوطني… ووعود حلحلة أزمات الاقتصاد وحقوق الإنسان

وأعرب الأعضاء عن أمنيتهم أن يخرج الحوار من اللجان والاجتماعات إلى حالة حوار وطني مجتمعية دائمة، مؤكدين أن لديهم إجماعا وتوافقا على قضايا الأمن القومي والثوابت الوطنية التي لا خلاف عليها، وما سوى ذلك فإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
كما أشار الأعضاء خلال الاجتماع، إلى أن آلية الحوار الوطني بها مساحة حرية واسعة، ومن ثم فإن تفعيل هذه الآلية، وعودة اللجان لعملها مرةً أخرى في هذا التوقيت، أمر مهم للغاية.
وأضافوا أنهم ليسوا سلطة تنفيذية ولا تشريعية ولا قضائية، ولكنهم «صوت الرأي العام» أو هكذا يجب أن يكون.
وفي سياق متصل، أكدوا أهمية مشاركة الوزراء في اللجان التخصصية للحوار الوطني، التي تناقش ملفات وقضايا محددة تستدعي حضور الوزير المختص لشرح تفاصيل رؤية الحكومة في هذا الملف.
وقالوا: نُقدر حجم التحديات المحيطة بنا حاليًا، خاصة في الشأن السياسي، ومن المُهم أن نتعاون سويًا من أجل تقوية دعائم الوضع الداخلي؛ حتى نستطيع مواجهة التحديات الخارجية، وبالتالي يتعين مناقشة ما تم طرحه من توصيات على الحكومة في قضايا خلافية بعينها من أجل سرعة الوصول إلى قرارات، فقد يتم الاتفاق مع ما تعلنه الحكومة من أهداف ولكن يحدث اختلاف على آليات التنفيذ، ومن ثم يتعين أن نتوافق معًا على الآليات.
وخلال الاجتماع، وافق رئيس الوزراء على الطرح الذي قدمه ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، بعقد جلسة مع مُقرر المحور الاقتصادي ومساعديه، ووزراء المجموعة الاقتصادية، لمناقشة موقف التوصيات الاقتصادية التي خرجت عن الحوار الوطني وإجمالي ما تم تنفيذه وشرح أسباب عدم تنفيذ بعض التوصيات.
وفي غضون ذلك، طرح أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني عددًا من التوصيات في المحور السياسي، والتي لم تنفذ، وأنه يجب مناقشة الحكومة في هذه التوصيات.

العفو عن السجناء

كما تطرق رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، والمنسق العام للحوار، ضياء رشوان، إلى الحديث عن مبادرة العفو عن السجناء، والتي كانت ضمن توصيات مجلس أمناء الحوار، واصفاً هذا الإجراء أنه خطوة مهمة تؤكد رغبة الدولة المصرية في استمرار تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر بصورة كبيرة.
كما أن تطور هذا الملف بشكل سريع، يأتي تأكيدا من الإرادة السياسية بأن الوطن يتسع لجميع الأطياف والانتماءات، وهو ما يرسخ في نهاية الأمر لإحدى ركائز حقوق الإنسان، وفق قوله.

تحديات

أكد أعضاء مجلس الحوار الوطني، أن حديث رئيس الوزراء يتسم دائماً بالشفافية، مؤكدين أن هناك تحديات خارجية وإقليمية تواجه الدولة المصرية، خاصة في ظل أن مصر دولة محورية في المنطقة، قائلين: لسنا خائفين على مصر لأنها الكتلة الحرجة في المنطقة، وهي فاعل مهم في الأحداث بالمنطقة.
ونادوا بتأسيس مراكز للفكر في السياسة والفن والموسيقي والأدب والاقتصاد، بما يسهم في تكوين نخبة تستطيع دعم الرأي العام في مختلف المجالات.
ولفت أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني إلى أن التحدي الذي تواجهه الدولة المصرية الآن يُعد من أخطر التحديات التي واجهتها تاريخياً، لأن هذه المخاطر تستهدف تفكيك الدولة المصرية، لذا يتعين علينا جميعاً الاعتماد على آليات من شأنها تحقيق التماسك وصمود الجبهة الداخلية.
وقال المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار، إن مدبولي، شرح خلال الاجتماع الأوضاع الناتجة عن الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة؛ ومحاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وأكد على موقف مصر الثابت من رفض التهجير بشكل كامل وبأي صورة، وشرح الأوضاع الدولية بشكل مستفيض وحدد المخاطر التي تحيط بمصر من كل الجوانب وتهدد امنها القومي.
وأضاف: أكدت في كلمتي، أنه لا يوجد مصري واحد يوافق على تهجير الشعب الفلسطيني وأنني أقف بشكل كامل وبدون تحفظ خلف السيسي والحكومة في كل ما اتخذوه وما سيتخذونه من إجراءات من أجل إحباط مخطط التهجير وتصفيه القضية الفلسطينية؛ والمساس بسيادة مصر على أراضيها أو الضغط عليها لقبول ما ترفضه. واقتبست من ضياء رشوان عبارته يجب أن نكون معا في هذه اللحظات التي تهدد بلدنا وقضيتنا الفلسطينية مع الاحتفاظ لأنفسنا بحق الاختلاف فيما نراه من قضايا أخرى.

معتقلو دعم فلسطين

وزاد: التماسك السياسي يبدأ من الداخل ليمكن مواجهة الخارج، وطلبت من رئيس مجلس الوزراء أن يبذل ما يستطيع من جهد في إطار صلاحياته الدستورية من أجل ضمان الإفراج عن 173 محبوسا نتيجة قيامهم بأنشطة تناهض الاعتداء على غزة، وتم تجديد حبسهم يوم 28 يناير/ كانون الثاني الماضي. وواصل: بعيدا عن أي تهم تكون قد وجهت إليهم أو أعمال ارتكبوها، فإن هدفهم الأساسي كان مناهضة هذه الجرائم والاعتداءات على غزة، والإفراج عنهم في هذا التوقيت أمر مهم.
وواجهت مصر الأسبوع الماضي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، 370 توصية قدمتها للحكومة المصرية 137 دولة من كافة المجموعات الجغرافية، لتقدم في مجملها وصفاً لأزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة التي تمر بها البلاد.
وسيناقش مجلس حقوق الإنسان ويعتمد التقرير في صورته النهائية، بما في ذلك عدد التوصيات التي ستعلن الحكومة قبولها والالتزام بتنفيذها، أثناء دورة المجلس المنعقدة في الفترة من 16 يونيو/ حزيران إلى 11 يوليو/ تموز المقبلين.
وحضرت قضايا التعذيب وتدوير المحبوسين والاعتقال السياسي والإخفاء القسري وسن القوانين المعيبة للإجراءات الجنائية، واللجوء، والجمعيات، وملاحقة الصحافيين والحقوقيين، وحقوق النساء وتراجع الإنفاق الاجتماعي، وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الممنهجة في مصر، في تقرير توصيات الاستعراض الدوري الشامل لسجلها الحقوقي. والتوصيات، تكشف فشل كل المحاولات الحكومية في تجميل الوجه القبيح لحالة حقوق الإنسان المتدهورة في مصر على مدى السنوات الماضية وحتى اليوم، حسب «المبادرة المصرية لحقوق الإنسان».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية