مصر: انتقادات بعد تأسيس اتحاد قبلي يرأسه صاحب شركة متهمة بـ«ابتزاز» الغزاويين

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: أثار إعلان تأسيس «اتحاد القبائل العربية» في مصر برئاسة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني الذي ارتبط اسمه بانتقادات واسعة تتعلق بتحصيل آلاف الدولارات من أهالي قطاع غزة الراغبين في دخول مصر عبر شركة «هلا» للسياحة المملوكة له، جدلا واسعا في مصر، ومخاوف من أن يمثل الاتحاد تكرارا لنموذج «حميدتي» وقوات «الدعم السريع» في السودان.
وفي مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، قال مصطفى بكري عضو مجلس النواب، المتحدث باسم اتحاد قبائل سيناء، إنه يمكن اعتبار الاتحاد فصيل من فصائل القوات المسلحة.
وزاد، في مقطع الفيديو: «هذا الاتحاد المكون من شباب وشيوخ بالآلاف وكان له دوره ولا يزال في القضاء على الإرهاب جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة».
ورد بكري على الاتهامات التي تصف الاتحاد بـ«الميليشيا المسلحة» قائلا: «ليس ميليشيا، هو فصيل من فصائل القوات المسلحة يعمل معها، وهل عندما يكون الشعب خلف قواته المسلحة يكون ميليشيا؟ كلام في الهواء».
لكن بكري أمام موجة الانتقادات التي طالت تصريحاته، عاد ونفى ما قاله في تصريحات متلفزة، قائلا: «لم أنسب الكلام لاتحاد القبائل العربية، كما هو واضح في الفيديو، ونسبت الكلام لاتحاد قبائل سيناء الذي كان له دوره جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة.
وشدد على أنه «لم يكن مقصودا به اتحاد القبائل العربية الذي تم تدشينه مؤخراً، مؤكدًا أن هذا الاتحاد «مدني ولا علاقة له بالقوات المسلحة».
حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» أكد أن تشكيل اتحاد القبائل العربية يمثل انتهاكا للدستور والقانون وتهديدا للأمن القومي.
وقال في بيان: «فوجئنا مع جموع الشعب المصري بالإعلان عن تأسيس ما يسمى اتحاد القبائل العربية، برئاسة أحد الأشخاص الذين تكرر ذكر اسمهم كثيرا في الفترة الأخيرة ارتباطا بأحداث متعددة، ولفت الانتباه ما أحاط هذا الحدث من مظاهر احتفالية تكاد تشابه المظاهر المرتبطة بقيادات الدول، أثار ذلك انزعاجا متزايدا من أوساط كثيرة سياسية واجتماعية وخبراء أمنيين سبق لهم الخدمة في مؤسسات الدولة، رأوا في ذلك التطور تهديدا جسيما للأمن القومي المصري ينذر في حالة استمراره وتوسعه بعواقب وخيمة».
وأضاف في بيان: «هذا التوجه متعارض مع مبدأ المواطنة المنصوص عليه في الدستور، سواء في تشكيل الأحزاب أو الجمعيات الأهلية، وهو يمثل انتهاكا له وأيضا يؤدي إلى تضارب مصالح بما ينطوي عليه من اصطناع تشكيلات غير رسمية، ويزداد الأمر خطورة إذا كانت تلك التشكيلات لها طابع عسكري أو شبه عسكري».

«ردة خطيرة»

كل ذلك «يكمن خلف التخوفات المتداولة والآخذة في التزايد حول طبيعة هذا النشاط وانعكاساته الخطيرة المحتملة سواء على الأمن القومي أو على الأوضاع الداخلية في البلاد» حسب البيان.
وأكد الحزب أن «الإعلان عن تشكيل مثل هذا الكيان، والذي قد يرى كثيرون أنه يمكن أن يمارس أيضا نشاطا له طابع سياسي، يمثل ردة خطيرة في مصر لقبلية لا تعرفها البلاد التي وحدها مينا منذ 6 آلاف عام فأصبحت أول دولة مركزية موحدة في العالم».

حزب يعتبره «خنجرا في ظهر البلد»… وآخر يتخوف من تكرار نموذج «حميدتي»

وحسب بيان الحزب، فإن «تأسيس اتحاد قبائل سيناء يمثل انحرافا واضحا في مجال الممارسة السياسية، فبدلا من العودة لنظام المجالس الشعبية المنتخبة على أسس قانونية، والمتوقف منذ 13 عاما، يتم جر البلاد لتلك الأشكال غير الدستورية وغير القانونية».
وحذر الحزب من «محاولة البعض ومنهم المتحدث باسم هذا التشكيل (في إشارة لعضو مجلس النواب مصطفي بكري) لنسبته للقوات المسلحة المصرية باعتباره فصيلا منها».

نماذج مشابهة

الحزب لفت إلى «نماذج مشابهة في العامين الأخيرين في العالم أكدت الخطورة القصوى للجوء الدول لمثل تلك التشكيلات الخارجة عن الجيوش النظامية، وربط الحزب بين اتحاد قبائل سيناء وحالة حميدتي ودعمه السريع في السودان ما أدى تفكيك وتدمير الدولة السودانية، كما كاد يؤدي بريغوجين وقوات فاغنر التابعة له إلى تدمير روسيا ولم ينقذها سوى معجزة، وفي الحالتين كان السبب اللجوء لتشكيلات غير منضبطة وبقيادة وتواجد أشخاص غير بعيدين عن سابق الشبهات الإجرامية».
وأكد أن «التساهل مع نشأة أي من هذه المظاهر في مصر يمكن أن يؤدى إلى عواقب وخيمة، خاصة في ارتباطها مع منطقة حساسة للغاية وعرضة لتدخلات إقليمية ودولية كثيرة هي سيناء العزيزة، ويمكن أن تمتد أيضا إلى مطروح والحدود الغربية، ومناطق أخرى حساسة».
وطالب بـ«ضرورة وأد تلك الفتنة في مهدها قبل فوات الأوان والعودة للالتزام بالدستور والقانون».
الحزب المصري الاشتراكي، أعلن هو الآخر رفضه تأسيس الاتحاد.
وقال في بيان، إن «اتحاد قبائل سيناء يظهر كما جاء في بيانه التأسيسي كتنظيم يقوم على أساس تجمع أبناء القبائل العربية في سيناء ومطروح وامتداداتها في الصعيد والوجه البحري، تحت رئاسة رجل الأعمال السيناوي الذي لمع نجمه في السنوات الأخيرة بمباركة ودعم أجهزة الدولة السيادية».
وزاد: «وفقا للمضامين السياسية التي ينطوي عليها بيانه التأسيسي (بيان الاتحاد) يشكل خرقاً صريحا ومباشرا للدستور المصري، الذي نص في المادة (74) منه على أنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو جغرافي».
ورأى أن «هذا الإعلان يمثل تهديدا لوحدة الأمة المصرية بمكوناتها الضامة ونسيجها الواحد، يرتقي لمكانة الخطر الذي ينذر بتهديد وحدة الشعب المصري وتمزيق أنسجة السبيكة الوطنية المصرية».
وأعلن «رفضه لتأسيس هذا الكيان، ولتأسيس أي كيانات أخرى تمارس نشاطاً ذا طابع سيأسى على أساس قبلي أو عرقي».
وأهاب بـ«أجهزة الدولة المصرية أن تكون على مستوى الالتزام بالدستور، وبمقتضيات الحِفاظ على الأمن القومي المصري، ووحدة التراب الوطني، ووحدة النسيج المكون للأمة المصرية، وأن توقف هذا العبث اللامسؤول بمستقبل الشعب المصري ومستقبل بلادنا، وأن تضع حداً لمثل هذه الأفعال المستهترة التي لن تفيد في النهاية أحداً سوى أعداء هذا الوطن ومن يتمنون له عدم النهوض والوقوع في براثن التمزق والتفكك».
وكان بكري، أعلن الأربعاء الماضي، أنه تم الاتفاق على اختيار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيسا شرفيا رئيسا لاتحاد القبائل العربية، واختيار العرجاني رئيسا للاتحاد، إضافة إلى مجلس رئاسي مكون من 20 عضوا.
وقال خلال مؤتمر تأسيس الاتحاد الذي عقد في قرية العجرة جنوب مدينة رفح، أنه «بناء على رغبة أبناء سيناء تقرر تغيير اسم منطقة العجرة إلى مدينة السيسي، والتي أقيم فيها المؤتمر، وهي مدينة تستهدف أن تكون من مدن الجيل الرابع من حيث الرقمنة والخدمات والتقدم، وذلك في لمسة وفاء من أبناء سيناء للقائد الذي وضع سيناء على الخريطة التنموية للمرة الأولى في تاريخها، بعد أن تم القضاء على الإرهاب».
ولفت إلى أن اتحاد «القبائل العربية يعلو فوق كل الانتماءات سواء كانت حزبية أو إيديولوجية، وأنه لا يتصادم مع أحد» مؤكدا أن الاتحاد «يمد يديه للتعاون مع الجميع والتنسيق المشترك».
وحسب بيان تأسيس الاتحاد، فإنه «يستهدف خلق إطار شعبي وطني يضم أبناء القبائل العربية لتوحيد الصف وإدماج كافة الكيانات القبلية في إطار واحد، دعماً لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها، إلى جانب السعي الدؤوب لتبنى القضايا الوطنية والتواصل مع جميع القبائل العربية للوصول إلى قواسم مشتركة في إطار الدولة وخدمة لأهدافها، ودعماً للرئيس عبد الفتاح السيسي».

العرجاني… من متهم بقتل عناصر أمن إلى رجل أعمال

وأثار رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني جدلا واسعا في مصر بسبب الدور الذي تلعبه شركة «هلا للسياحة» المملوكة له، وتتبع مجموعة سيناء للاستثمار، في معبر رفح، والاتهامات التي تلاحقها بسبب تحصيل آلاف الدولارات من راغبي دخول مصر من أهالي قطاع غزة فيما عرف بـ«تنسيق هلا».
وتحول العرجاني أحد شيوخ قبيلة الترابين أحد أكبر قبائل سيناء، خلال العقد الماضي من مطلوب ومتهم بقتل وخطف عناصر من الشرطة المصرية، إلى أحد مؤسسي اتحاد «قبائل سيناء» التي ساندت الجيش المصري في مواجهة المسلحين الإسلاميين بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013.
وتعرض عام 2008، للاعتقال لمدة عامين بتهمة اختطاف عناصر من الشرطة ردا على مقتل 3 من قبيلته، قبل أن يشارك في تأسيس «اتحاد قبائل سيناء» الذي لعب دورا في القضاء على تنظيم ولاية سيناء.
وبات واحدا من أهم رجال الأعمال المصريين، من خلال مؤسسة أبناء سيناء التي تولت إحدى شركاتها عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة، ضمن المبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقيمة 500 مليون دولار في مايو/ أيار 2021.
أفردت قناة أي» 24 نيوز» الإخبارية الإسرائيلية، مساحة للحديث عن الاتحاد الجديد والعرجاني. وقالت «هذا الاتحاد يهدف إلى تمثيل القبائل العربية على المستوى المحلي والدولي، والتنسيق بينها وتعزيز التعاون فيما بينها، وحل النزاعات بينها، والمشاركة في جهود التنمية في شبه جزيرة سيناء».

قناة عبرية تشيد بـ«خبرته الواسعة»

وأضافت أن «توحيد جهود القبائل العربية في مصر يعد خطوة تاريخية لتعزيز الاستقرار في سيناء». وتابعت: «يأتي تعيين العرجاني وهو شيخ قبيلة الترابين إحدى كبرى قبائل سيناء، ورجل أعمال ناجح، وشخصية عامة مصرية بارزة، رئيسا للاتحاد، ثقة من الدولة المصرية في دور القبائل العربية في دعم جهود الاستقرار في سيناء».
وأضاف أن تعيين العرجاني «يعتبر خطوة هامة نحو تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء مصر، من خلال توحيد جهود القبائل العربية مع باقي مكونات المجتمع المصري».
وأشارت إلى أن «هذا الاتحاد سيلعب دورا هاما في دعم جهود التنمية في سيناء، من خلال مشاركة القبائل العربية في المشروعات التنموية المختلفة».
وقالت: «سيواجه الاتحاد بعض التحديات، مثل توحيد صفوف القبائل العربية وكسب ثقة أبناء سيناء والتنسيق مع الدولة المصرية».
وأضافت: «مع ذلك، فإن مستقبل اتحاد القبائل العربية يبدو واعدا، خاصة في ظل قيادة العرجاني، الذي يتمتع بخبرة واسعة ونظرة ثاقبة ودعم من الدولة المصرية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    نظام السيسي يختار عملاءه بدقة متناهية ولكن لا شيء يدوم إلا وجه الحي القيوم 😎☝️

اشترك في قائمتنا البريدية