القاهرة ـ «القدس العربي»: يزداد الغموض حول الدور الذي سيلعبه رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني في مصر، خاصة مع تردد اسمه بشكل واسع مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وما بين اتهامات بتحصيل آلاف الدولارات من راغبي الخروج من قطاع غزة، واستغلال معاناة الفلسطينيين، إلى تأسيس اتحاد القبائل العربية الذي لاقى رفضا واسعا من المعارضة التي اعتبرته خطرا يهدد «بتقسيم وتفتيت الوطن» يبرز اسم العرجاني تكرارا ومرارا.
وتسببت زيارة العرجاني إلى محافظة شمال سيناء مطلع الشهر الجاري في جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، تمحور حول دور الرجل الاقتصادي ورئاسته لكيان أنشأ مؤخرا تحت اسم «اتحاد القبائل العربية».
وقالت مؤسسة «سيناء لحقوق الإنسان» إن الطائرة الحكومية المصرية التي استقلها العرجاني هبطت داخل «معسكر الجورة الدولي» جنوب الشيخ زويد.
وتعد هي المرة الأولى الذي يسجل المعسكر التابع للقوات المتعددة الجنسيات في سيناء منذ إنشائه عام 1982، هبوط أي طائرة تحمل شخصية مصرية غير عسكرية.
وقالت المؤسسة، إنها حصلت على فيديو يظهر وجود العرجاني برفقة نجله داخل معسكر الجورة، ويظهر في الخلفية الطائرة الحكومية التي استقلها، كما يظهر عدد من السيارات تحمل أرقام السيارات التي ظهرت في موكب العرجاني خارج المعسكر. ويظهر كذلك سيارة تحمل شعار القوات متعددة الجنسيات وشخص يرتدي زي عسكري يحمل نفس الشعار.
وبينت المؤسسة، أن الطائرة الحكومية أقلعت من قاعدة ألماظة الجوية في القاهرة صباح يوم الأربعاء 1 مايو/ أيار الجاري، لتصل إلى معسكر الجورة في ظهر نفس اليوم.
ونقلت عن مصادر محلية قولها، إنه تم استقبال العرجاني داخل القاعدة استقبالا رسميا من قيادة معسكر الجورة، لا يحدث حتى حال وصول ملحق عسكري لدولة ما، وإنه عقب خروج العرجاني من القاعدة غادرت الطائرة نحو مطار العريش الذي يبعد عن معسكر الجورة حوالي 30 كيلومترا.
ولفتت إلى أن الطائرة عادت في اليوم التالي من مطار العريش الى مطار الجورة حيث انتظرت داخل المطار لمدة ثلاث ساعات قبل أن يستقلها العرجاني وتقلع نحو قاعدة ألماظة الجوية في القاهرة.
استقبال رسمي
يذكر أن مطار العريش مثل نقطة هبوط طائرات الوزراء المصريين في شمال سيناء خلال السنوات الأخيرة بمن فيهم رئيس الوزراء، كما أن الوفود الدولية التي زارت شمال سيناء لمتابعة حركة المساعدات الإنسانية في معبر رفح هبطت طائراتهم في هذا المطار بما فيهم الوفود الدبلوماسية، وخلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى محافظة شمال سيناء، حطت طائرته في 23 مارس/ آذار الماضي، في مطار العريش حيث توجه منه الى معبر رفح البري، على الرغم من أن مطار الجورة هو الأقرب إلى معبر رفح البري.
ويعقد اتحاد القبائل العربية، مؤتمرا جماهيريا اليوم الإثنين في محافظة الجيزة بحضور عدد من قيادات لاتحاد ورموزه. وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد، عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، إن عقد المؤتمرات الجماهيرية في المحافظات المختلفة يأتي تنفيذا للخطة التي أقرها المؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد في 2 مايو/ أيار الماضي برئاسة العرجاني.
أول مدني تحل طائرته في مطار «القوات المتعددة الجنسيات» في سيناء
وأكد أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تفعيلا لدور الاتحاد في دعم المشروع الوطني الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي في كافة المجالات.
وفي وقت سابق، بين بكري أن اتحاد القبائل ليس قاصرا في عمله وأدائه على سيناء فهو اتحاد لكل القبائل العربية في ربوع مصر، موضحا أن الاتحاد لا يعمل خارج إطار الشرعية وإنما سيتقدم خلال أسابيع قليلة إلى وزارة التضامن الاجتماعي لإنشاء جمعية ضمن الجمعيات الأهلية وفقا لقانون الجمعيات الأهلية حتى يعمل في الإطار الشرعي وسيكون هذا الاتحاد إطارا للعديد من الجمعيات التي أسست منذ سنوات طوال وحان الوقت لتوحيدها ولمواجهة كل التحديات التي تواجه الوطن في هذا الوقت.
وأضاف: هذا الاتحاد ليس جهويا، وإنما مصر في تركيباتها السكانية عبارة عن فلاحين وحضر وبدو، والبدو همشوا كثيرا والقبائل العربية خاصة في المناطق الحدودية، ومن هنا تأتي أهمية هذا الاتحاد.
وتابع: للاتحاد رسالة تنموية مهمة جدا والتنمية لن تكون قاصرة على سيناء وإنما سيتم تأسيس شركة مصر الصعيد لتنمية المناطق المهمة وكذلك تم إنشاء شركة في مرسى مطروح، ودورنا سيكون مجتمعيا بالأساس، فنحن ليس حزبا سياسيا ولا نسعى أن نكون حزبا سياسيا إيديولوجياتنا الفكرية هي الوطن والوطنية.
واستكمل: ما تم في سيناء خلال فترة تولي الرئيس السيسي ووعيه بحقيقة المشكلة في سيناء كان إشارة على أن التنمية لن تقتصر على سيناء. فسيناء شهدت تنمية ربما عكست نفسها في هذه الفرحة التي شاهدناها في المؤتمر التأسيسي للاتحاد، معقبا: « اتحاد القبائل العربية كانت له مهمة وهي مساندة القوات المسلحة في القضاء على الإرهاب وبعد نجاح هذه المهمة سلم اتحاد القبائل العربية سلاحه.
وقال: نحن في الاتحاد نرفض الميليشيات فهناك قانون والمادة 200 من الدستور تمنع إنشاء الميليشيات والكيانات على أي أسس عرقية، مضيفا: « أبناء القبائل العربية تصدوا كثيرا لمشكلات وأزمات، وأيضا للكيان الصهيوني».
مع ذلك، فقد تواصلت ردود الفعل الرافضة لتدشين «اتحاد القبائل العربية».
علامات استفهام
وأعلن حزب العيش والحرية ـ تحت التأسيس ـ رفضه إعلان وتدشين الاتحاد «بتنسيق كامل ورعاية من السلطة، وبقيادة أحد رجال الأعمال الذي تحوم كثير من الشبهات حول تضاعف ثروته بشكل لافت، وتوطد علاقته بالأجهزة الأمنية بعد تاريخ من التوتر بين الطرفين، وبروز دور الشركات التابعة له في عملية «التنسيق» للدخول من غزة إلى مصر مقابل أموال طائلة».
وحذر في بيان، من «خطورة تلك التشكيلات التي تغذي النعرات القبلية على حساب المواطنة والمساواة، خصوصا مع تطور تسليحها وارتكازها على شبكة مصالح لا تعبر عن تمثيل عضوي حقيقي لهذه المجتمعات الحدودية المهمشة وقضاياها ومشكلاتها التاريخية».
واعتبر أن «إطلاق مثل هذا التشكيل القبلي المسلح بعد أن أعلنت السلطات المصرية قبل عامين انتصارها في الحرب على الإرهاب، يثير الكثير من علامات الاستفهام حول دوره والهدف من تدشينه، وتحديدا إذا ما كان لهذا الاتحاد دور في ترتيبات ما بعد حرب غزة».
وأشار إلى «أزمة غياب المعلومات التي تحيط بطبيعة تشكيل هذا الاتحاد وامتداداته وأهدافه المعلنة». كما أكد على أن «رعاية السلطة لمثل هذه التنظيمات هو تطور خطير قد تكون له تداعيات على الدولة والمجتمع يصعب التنبؤ بها أو احتواؤها في المستقبل».
وأكد أن خطورة تشكيلات مثل اتحاد القبائل العربية تمتد إلى الافتئات على حقوق المجتمعات المحلية في التمثيل والتعبير عن نفسها بشكل حقيقي، إذ يجري اختزال تلك المجتمعات وقضاياها تحت سطوة مصالح المستفيدين من كبار العائلات والقبائل، باعتبار هذه التشكيلات لا تعدو كونها أحد أذرع الدولة الأمنية التي تمارس سلطة فوقية وأبوية تجاه مجتمعاتها.
وطالب الحزب، السلطات المصرية، بضرورة إعادة الاعتبار لدور الدولة وتعزيز مبادئ المواطنة بدلا من استخدام القبلية والتزامها تجاه تلك المجتمعات الأكثر معاناة نتيجة التهميش وغياب الخدمات والسياسة الأمنية التي تحكم التعامل مع كافة أمور حياتهم اليومية.
وشدد في الوقت نفسه على الحق الأصيل لمواطني تلك المجتمعات في تنظيم أنفسهم في تنظيمات مدنية حديثة تمكنهم من التفاوض من أجل حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وهو حق لجميع المواطنين كثيرا ما تقيده وتنتهكه السلطة الحالية.
جدل واسع
وكان العرجاني، أثار جدلا واسعا في مصر بسبب الدور الذي تلعبه شركة «هلا» للسياحة المملوكة له وتتبع مجموعة «سيناء للاستثمار» في معبر رفح، والاتهامات التي تلاحقها بسبب تحصيل آلاف الدولارات من راغبي دخول مصر من أهالي قطاع غزة فيما عرف بـ«تنسيق هلا».
وتحول العرجاني أحد شيوخ قبيلة الترابين أحد أكبر قبائل سيناء، خلال العقد الماضي من مطلوب ومتهم بقتل وخطف عناصر من الشرطة المصرية، إلى أحد مؤسسي اتحاد قبائل سيناء التي ساندت الجيش المصري في مواجهة المسلحين الإسلاميين بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013.
وتعرض عام 2008، للاعتقال لمدة عامين بتهمة اختطاف عناصر من الشرطة ردا على مقتل 3 من قبيلته، قبل أن يشارك في تأسيس «اتحاد قبائل سيناء» الذي لعب دورا في القضاء على تنظيم ولاية سيناء.
وبات العرجاني واحد من أهم رجال الأعمال المصريين، من خلال مؤسسة أبناء سيناء التي تولت إحدى شركاتها عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة، ضمن المبادرة التي أعلنها السيسي بقيمة 500 مليون دولار في مايو/ أيار 2021.