مصر في عام: انتقادات دولية لانتهاكات حقوق الإنسان وبرلمان خالي من المعارضة

تامر هنداوي
حجم الخط
0

لم يتخيل القائمون على الأجهزة الأمنية أن اعتقالهم لثلاث من قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، سيثير كل هذا الجدل ويفتح على النظام أبواب انتقادات دولية لم تغلق حتى الآن.

 

القاهرة-“القدس العربي”: بينما حاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تثبيت أركان حكمه، من خلال فرض مزيد من التضييق على المعارضة ومواصلة حملات الاعتقال التي تستهدف  الصحافيين والنشطاء والحقوقيين، وتدوير سجناء الرأي في قضايا جديدة للالتفاف على قانون الحبس الاحتياطي الذي حدد مدة الحبس الاحتياطي بعامين، وانتخاب أعضاء هيئات برلمانية تخلو من المعارضة، خلال عام 2020 إلا أن العام نفسه أبى أن ينتهي دون أن يقع نظام السيسي تحت ضغوط دولية تطالبه بالتوقف عن ممارسة الانتهاكات في ملف حقوق الإنسان.

 

قضية المبادرة

لم يتخيل القائمون على الأجهزة الأمنية في مصر أن اعتقالهم لثلاثة من قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، منظمة حقوقية مصرية مستقلة، أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ردا على اجتماع عقدته المبادرة مع 13 سفيرا أوروبيا، سيثير كل هذا الجدل ويفتح على النظام المصري أبواب انتقادات دولية لم تغلق حتى الأن، رغم إفراج النظام عنهم.

آخر هذه الانتقادات جاءت في قرار للبرلمان الأوروبي، صدر يوم الجمعة 18 كانون الأول/ديسمبر، تضمن توصيات موجهة لمصر، لضمان تحسين حالة حقوق الإنسان بشكل ملموس، وعلى رأسها إجراء تحقيق مستقل وشفاف في جميع انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين؛ وضرورة اتخاذ تدابير تقييدية هادفة من جانب دول الاتحاد الأوروبي ضد المسؤولين المصريين رفيعي المستوى المسؤولين عن أخطر الانتهاكات في البلاد، وأخذ زمام المبادرة في الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لإنشاء آلية رصد وإبلاغ طال انتظارها بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر.

جاء ذلك في إشارة إلى تعمد السلطات المصرية عرقلة التحقيق وكشف الحقيقة حول خطف وتعذيب ومقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وواقعة وفاة مدرس اللغة الفرنسية إريك لانج في سجنه في 2013 مما حال دون إمكانية محاسبة المسؤولين عن ذلك، حسب نص القرار.

ودعا البرلمان الأوروبي في مشروع بيانه أيضا للإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين تعسفياً والمحكوم عليهم بسبب قيامهم بعملهم المشروع والسلمي في مجال حقوق الإنسان، ولفت إلى قضيتين رئيسيتين خلال الفترة الأخيرة وهما الاعتقالات الأخيرة لمسؤولي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية جاسر عبد الرازق وكريم عنارة ومحمد بشير، وبيان النيابة الإيطالية حول قضية ريجيني، وكرر دعوته إلى استخدام جميع الأدوات المتاحة من أجل تأمين تقدم ملموس في سجل مصر الحقوقي.

جوليو ريجيني

وندد البيان بما أسماه، محاولة السلطات المصرية تضليل وتعطيل التقدم في التحقيق في اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في عام 2016؛ ورفض السلطات المصرية المستمر تزويد السلطات الإيطالية بجميع الوثائق والمعلومات اللازمة لتمكين تحقيق سريع وشفاف وحيادي في مقتل ريجيني وفقًا لالتزامات مصر الدولية.

وكانت قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر على جثمانه وبه أثار تعذيب عام 2016 عادت لسطح الأحداث مرة أخرى، مع إعلان النائب العام الإيطالي توجيه الاتهامات لأربعة من عناصر أجهزة الأمن المصرية بالتورط في مقتله، هم الرائد شريف مجدي من المخابرات العامة، واللواء طارق صابر الرئيس السابق لجهاز الأمن الوطني، وعقيد الشرطة هشام حلمي، والعقيد آسر كمال رئيس مباحث مرافق القاهرة السابق.

وريجيني هو طالب إيطالي وصل مصر في أيلول/سبتمبر 2015 لجمع معلومات تتعلق ببحثه لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج البريطانية عن “دور النقابات العمالية المستقلة في مصر عقب ثورة 25 يناير 2011” حيث اختفى في القاهرة بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2016 قبل العثور على جثته وعليها آثار تعذيب في منطقة صحراوية في مدينة 6 أكتوبر في القاهرة، صباح 3 شباط/فبراير 2016.

وفاة عصام العريان

ومن القضايا الشائكة التي يواجهها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هي الوفيات التي تشهدها السجون المصرية خلال الشهور الأخيرة في صفوف المعتقلين، وكان أخرها القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عصام العريان، حيث تتهم منظمات حقوقية السلطات المصرية ببمارسة الإهمال الطبي المتعمد ضد سجناء الرأي.

سد النهضة

ما زال خطر العطش يواجه المصريين، مع فشل كل جولات مفاوضات سد النهضة المستمرة منذ عام 2011 في الوصول لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد. وخلال الأشهر الماضية، تصاعد الخلاف بشأن تلك القضية الشائكة مع مواصلة السلطات الإثيوبية أعمالها وملء الخزان، الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه، بينما تعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث بسبب الخلاف حول قواعد الملء والتشغيل، في محطات عدة خلال الأشهر الماضية.

وكانت وزارة الري والموارد المائية المصرية، أعلنت اوائل شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فشل آخر جولة مفاوضات ثلاثية بشأن سد النهضة التي انطلقت برعاية الاتحاد الأفريقي. وأعادت الوزارة فشل المفاوضات، إلى عدم توافق الدول الثلاث حول منهجيه استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة.

وتبني إثيوبيا السد على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر. وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها، إذ تحصل على 90 في المئة من مياه الري والشرب من نهر النيل.

انتخابات مجلس النواب والشيوخ

وسط اتهامات من المعارضة باستخدام المال السياسي وتزوير الانتخابات، شهدت مصر خلال أواخر عام 2020 انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، التي سيطر عليهما الموالاة، ولم ينجح تكتل “25- 30” الذي مثل المعارضة المصرية في البرلمان المنتهية ولايته سوى في الحفاظ على مقعدين فقط من 9 مقاعد، خاض الانتخابات عليها، لينتج برلمان، هو الأقل من حيث نسبة المعارضة منذ نشأته عام 1881.

واتهم النائب أحمد الطنطاوي، الذي مثل رمزا للمعارضة المصرية خلال البرلمان السابق، بعد إعلانه أنه لا يثق في أداء السيسي ، مؤكدا أنه يملك مستندات تؤكد حصوله على أعلى الأصوات في دائرة كفر الشيخ وقلين حيث خاص الانتخابات على أحد مقاعدها.

وعاد مجلس الشيوخ للانعقاد بعد غياب 6 سنوات، ووفق انتقادات المعارضة، يتشابه المجلس الجديد مع “مجلس الشورى” (1980ـ 2012) الذي تم إلغاؤه نهائيا في 2014 بدعوى اتهامه بالفساد السياسي وانعدام الصلاحيات وتحميل موازنة الدولة أعباء مالية، إضافة إلى أن ثلث نوابه معينون من رئيس البلاد.

محمود عزت

شهد العام الماضي، اعتقال محمود عزت القائم بأعمال المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين، في آب/أغسطس الماضي.

وجاء الاعتقال بعد 6 سنوات  من هروب محمود عزت الذي يعرف بأنه “الرجل الحديدي” في جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها القاهرة تنظيما إرهابيا في كانون الأول/ديسمبر 2013 وباتت الآن شبه مفككة.

ويوجه عزت اتهامات بالإشراف على اغتيال عسكريين ومسؤولين في الدولة بمن فيهم النائب العام السابق هشام بركات، وبأنه كان وراء انفجار دامٍ سنة 2019 وبأنه قاد كتائب إلكترونية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية