القاهرة- “القدس العربي”:
تشهد مصر موجة جديدة من ارتفاع الأسعار طالت عددا من السلع الرئيسية.
وأثار ارتفاع سعر البصل إلى مستوى غير مسبوق ليسجل الكيلو غرام 50 جنيها في بعض المناطق، غضب المواطنين.
ويعتمد المصريون على البصل في معظم طعامهم، خاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة.
ويقول أحد تجار الخضروات لـ”القدس العربي” فضل عدم الكشف عن اسمه، إن أسعار البصل واصلت الصعود خلال الفترة الماضية وإن المواطنين يتهمون التجار بالتسبب في ارتفاع الأسعار على الرغم من أنه يصل إلينا بسعر مرتفع.
حملات تفتيش
وقررت وزارة الزراعة المصرية شن حملات على التجار لضبط الأسعار.
وقال الدكتور محمد فهيم مستشار وزير الزراعة، إن البصل مثل أي محصول معرض ليكون تحت آلية العرض والطلب.
أثار ارتفاع سعر البصل إلى مستوى غير مسبوق ليسجل الكيلو غرام 50 جنيها في بعض المناطق، غضب المواطنين
واعتبر أن جزءا من الأزمة يعود للفجوة بين مراحل زراعته، وقال: البصل يزرع في مصر على عروات متتالية تبدأ من سبتمبر/ أيلول من كل عام، زراعته والحصاد حتى شهر مايو/ أيار من كل عام، وهناك فجوة بينهما من يونيو/ حزيران حتى أول ديسمبر/ كانون أول ليس فيها أي إنتاج.
واتهم التجار بتخزين البصل: مساحة البصل المزروعة تتراوح بين 240 إلى 240 ألف فدان ينتجون من 3.4 إلى 3.6 مليون طن سنويا، وجزء كبير منهم يذهب للاستهلاك المحلي وجزء يتم تصديره، والصادرات هذا العام أقل من العام الماضي.
وشدد على أن هناك توجيهات من وزير الزراعة لكل اللجان والهيئات بالوزارة لتنظيم حملات تفتيشية، مؤكدا أن هناك ممارسة احتكارية ومخالفة للقانون، وسيتم طرح الكميات بقانون منع الممارسات الاحتكارية، وسيتم طرح الكميات في الأسواق لمعادلة واستقرار الأسواق.
لم يكن سعر البصل وحده الذي شهد ارتفاعا خلال الأسابيع الماضية، بل شهد سعر السكر أيضا ارتفاعا غير مسبوق واختفاء من الأسواق.
وارتفع سعر الكيلو غرام من السكر ليسجل 55 جنيها، بزيادة قدرها أكثر من 30 جنيها.
أزمة السكر وصلت أروقة مجلس النواب المصري، وتقدمت النائبة عن الحزب المصري الديموقراطي مها عبدالناصر، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بشأن أزمة ارتفاع أسعار السكر بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وحددت النائبة 4 أسباب أدت إلى ارتفاع سعر الكيلوغرام حتى وصل إلى 55 جنيها، منها عدم طرح عدد كبير من كبار التجار والموزعين كامل الكميات الموجودة في المخازن، متعمدين التسبب في أزمة عن طريق احتكار كميات كبيرة من السكر لرفع ثمنه، ما يشير أيضًا لغياب دور الأجهزة الرقابية بوزارة التموين عن القيام بدورها في ضبط الأسواق، مما ترتب عليه انتشار وزيادة رقعة وبؤرة الفساد التي تأكد لدينا أنها من الأسباب الأساسية في تفاقم تلك الأزمة.
فساد المسؤولين
وكانت هيئة الرقابة الإدارية المصرية، أعلنت الأسبوع الماضي، القبض على عدد من المسؤولين بوزارة التموين والتجارة الداخلية بينهم مستشار وزير التموين لقطاع الرقابة والتوزيع، وأحد كبار مسؤولي إحدى شركات السكر العاملة في البنجر، ومسؤولون حكوميون، وشركات حكومية تابعة لها، وشركات قطاع خاص، بتهم فساد كبرى تتعلق بالسكر وحجب السلع التموينية، والتلاعب في أسعارها.
برلمانية: التذبذبات العنيفة في السوق الموازية لسوق صرف الجنيه المصري من أسباب ارتفاع أسعار السكر
عبدالناصر قالت إن من بين أسباب ارتفاع أسعار السكر، التذبذبات العنيفة في السوق الموازية لسوق صرف الجنيه المصري، مع وصول سعر صرف الدولار لمستويات غير مسبوقة ليتعدى حاجز الـ 50 جنيها.
أما السبب الرابع بحسب طلب الإحاطة فيتمثل في تراجع الإنتاج المحلي من السكر، وقالت النائبة: التراجع لا يعود لسبب منطقي، ومن المفترض أن تحدث طفرة غير مسبوقة في الناتج المحلي من السكر في مصر، خاصة بعدما أعلنت الدولة في مايو/ أيار 2022 عن إنشاء أكبر مصنع لإنتاج السكر في العالم وهو مصنع القناة للسكر في محافظة المنيا، باستثمارات تصل لمليار دولار تقريبا، ويعد الأكبر من نوعه لصناعة سكر البنجر في العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 900 ألف طن سنويا.
وتابعت أن من أهداف ذلك المشروع هو تنمية واستصلاح 181 ألف فدان من الأراضي الصحراوية، باستخدام المياه الجوفية لإنتاج 2.5 مليون طن من بنجر السكر بالسنة الواحدة، بجانب محاصيل استراتيجية أخرى مثل القمح والذرة والحمص، فأين ذهب إنتاج ذلك المصنع الضخم من السكر لهذا العام؟
وأضافت أن الأزمة في الحقيقة ليست أزمة شح في سلعة السكر، لأننا على يقين تام أن الكميات «المحتكرة» هي السبب في تلك الأزمة، ولكنها أزمة غياب رقابة وتهاون في أداء المسؤولين في وزارة التموين عن القيام بواجبهم ومهامهم الوظيفية بالشكل الصحيح.
وزادت: إنتاج مصر من السكر يبلغ نحو 2.8 مليون طن منها 1.8 مليون طن من بنجر السكر، وحوالي مليون طن من قصب السكر، والمزارعون باعوا محصول القصب هذا العام بـ 1100 جنيه للطن، وطن قصب السكر ينتج 120 كجم من السكر؛ ما يعني أنهم باعوا كيلو السكر بما يقارب الـ 10 جنيهات. وأكدت أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتراوح من 400 إلى 800 ألف طن، وهي «فجوة صغيرة للغاية» لا تستدعي أبدًا تفاقم تلك الأزمة بهذا الشكل غير المبرر، وهو ما يؤكد أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب الرقابة واتساع بؤر الفساد والاحتكار السلعي ليس أكثر.
وقالت النائبة إنه أصبح لزاما على وزير التموين، بدلا من التصريحات اليومية، عن موعد انتهاء تلك الأزمة، وعن إجراءات ستتخذها الحكومة في حال لم يتم ضبط الأسعار بالسوق، وكأن الأسعار ستضبط من تلقاء نفسها، أن يكون هناك إستراتيجية عاجلة وفورية لإحكام الرقابة على الأسواق، والقضاء على الفساد المتفشي في مختلف قطاعات الوزارة، مؤكدا أن التوقع الدائم لتخفيض الجنيه وعدم الثقة في الاقتصاد يجعل الناس تخزن أموالها في أي سلعة قابلة للتخزين مثل السكر والأرز، وهما سلعتان لا يوجد مشكلة كبرى في الكميات المعروضة منهما في مصر بل على العكس فالأرز في مصر به فائض كبير، ولكن يتم تخزينه بدلًا من الأموال.
واختتمت النائبة: أحد الأسباب الهامة للمشكلة هو عدم وجود ثقة في الاقتصاد المصري والقائمين عليه والشك في ثبات القوة الشرائية للجنيه، ونطالب الحكومة بوضع استراتيجية واضحة لكيفية استعادة الثقة في الاقتصاد والجنيه المصري، مع عرض الخطط الحكومية لمواجهة نقص أي سلع استراتيجية بما فيها اتخاذ اجراءات استثنائية لكسر الاحتكار وإدخال العديد من السلع التي تخزن لأغراض المضاربة ضمن السلع الاستراتيجية التي تتدخل الدولة لتحديد سعر إجباري لها لفترة انتقالية نص عليها القانون بثلاثة أشهر.
وكان رئيس شركة الدلتا للسكر “شركة حكومية” أثار جدلا واسعا بتصريحات أعاد فيها أزمة اختفاء السكر، وقرار الحكومة الأخير بوقف تصديره لمدة 3 أشهر، إلى استضافة البلاد لعدد كبير من اللاجئين خاصة بعد أزمة السودان الأخيرة.
السعر العالمي
وانتقد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس تصريحات لرئيس شركة الدلتا للسكر في مصر، حول أسباب ارتفاع سعر السكر، وقال في تدوينة عبر حسابه الرسمي عبر منصة “إكس”: “السعر العالمي هو الذي ارتفع نتيجة تغيرات مناخية، أما اللاجئون فلا ذنب لهم، ومرحبا بهم في مصر أم الدنيا التي تفتح ذراعيها للجميع”.
وتشهد مصر أزمة اقتصادية منذ سنوات، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، ووجود سعرين للدولار، أحدهما رسمي في البنوك يصل لـ”30.90″ جنيها طبقا لآخر تحديث للبنك المركزي، فيما يصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 50 جنيها.
المخاوف من تغير سعر صرف الدولار دفعت عددا من التجار لاعتماد الدولار بدلا من الجنيه في بيع عدد من المنتجات
وفي بلد تعداده أكثر من 110 مليون نسمة ويعتمد على الاستيراد في توفير احتياجاته، يمثل سعر صرف الدولار محددا رئيسيا في تحديد أسعار كافة المنتجات.
وقال أحد المستوردين لـ”القدس العربي”، إن التجار يحددون أسعار المنتجات طبقا لسعر الدولار في السوق الموازي وليس في البنوك، وإن المستوردين يضطرون لشراء الدولارات من السوق الموازي بسبب عدم توفرها في البنوك.
المخاوف من تغير سعر صرف الدولار، دفعت عددا من التجار لاعتماد الدولار بدلا من الجنيه في بيع عدد من المنتجات خاصة “السيارات”، ما زاد من الأزمة.
البيع بالدولار
النائب محمود قاسم قال في طلب إحاطة قدمه إلى مجلس النواب، إن بيع المنتجات المحلية بالدولار يجبر المشتري على توفير دولار من السوق السوداء، ويشجع على الممارسات السيئة مثل الإفراط في الواردات، وانخفاض قيمة الصادرات، ما يزيد من الضغط في سوق العملات الأجنبية الرسمي بالإضافة إلى تراجع الاستثمار المحلي ونمو الائتمان وانخفاض الاستثمار الأجنبي.
وطالب النائب الحكومة بسرعة التدخل لمواجهة ظاهرة بيع بعض المنتجات في السوق المحلية بالدولار، مؤكدًا أن هذه الظاهرة بدأت بالظهور في بيع السيارات.
وتساءل: هل الحكومة على علم بأنه يتم بيع بعض السيارات بالدولار؟ وما هي الإجراءات التي سوف تتخذها لمنع هذه الظاهرة نهائيًا؟ وما هي خطط الحكومة لمواجهة السوق السوداء للدولار؟
وشدد على ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية المعنية لمنع تلك الممارسات التي تؤثر سلبا على العملة المحلية والاقتصاد الوطني، مؤكدا خطورة بيع أي منتجات داخل السوق المحلية بالدولار.