القاهرة- “القدس العربي”:
في الوقت الذي تعقد فيه جلسات المرحلة الثانية من الحوار الوطني المصري الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لا يجد المواطن أي تغيير على مستوى السياسات التي تتبناها السلطة في مصر سواء على المستوى الاقتصادي أو في ملف حقوق الإنسان الذي يواجه انتقادات واسعة في البلاد.
وبينما كان “الحبس الاحتياطي”، هو العنوان الأبرز خلال المرحلة الثانية من الحوار باعتباره أحد الأدوات التي تستخدمها السلطة لسجن المعارضين دون محاكمة لفترات طويلة، واصلت الأجهزة الأمنية في مصر اعتقال صحافيين وسياسيين، في وقت استمرت معاناة الآلاف في السجون من الانتهاكات.
ورصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان القبض على 125 مواطناً مصرياً وحبسهم على ذمة قضايا سياسية خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، على خلفية دعوات للتظاهر، بينهم صحافيين ونشطاء وسياسيين.
وقالت الجبهة المصرية في بيان مقتضب، إنه في هجمة أمنية متصاعدة، تعد أقرب إلى حالة الاستهداف الواسع والعشوائي بهدف إغلاق المجال العام ، قامت السلطات المصرية، وفي شهر واحد، باستهداف عشرات المواطنين من بينهم صحافيون ورسام كاريكاتير ونشطاء سياسيون وأشخاص من أعمار ومحافظات مختلفة قاموا بانتقاد السياسات الاقتصادية على مواقع التواصل الاجتماعي أو التضامن مع دعوات للتظاهر، إذ قامت الأجهزة الأمنية باستهدافهم عبر القبض عليهم، وقامت نيابة أمن الدولة بإصدار قرارات بحبسهم بناءً على التحريات الأولية، ووضعهم في قضايا على ذمة اتهامات سياسية.
وكانت الأجهزة الأمنية المصرية، ألقت القبض على 3 صحافيين، هما خالد ممدوح من موقع “العربي بوست”، ورمضان جويدة من موقع “اليوم الإخباري”، ورسام الكاريكاتير في موقع “المنصة” والمترجم أشرف عمر.
وكان اختطاف قوات الأمن المتحدث السابق باسم الحركة المدنية يحيى حسين عبد الهادي من الشارع خلال توجهه لحضور ندوة عن مكافحة الفساد قبل أن تقرر النيابة حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات بعد أن وجهت له اتهامات بنشر أخبار كاذبة على خلفية نشره مقال عبر صفحته على “فيسبوك” تحت عنوان “غلى متى يصمت الجيش”، أثار غضبا واسعا في صفوف الحركة التي لوحت بتجميد نشاط أحزابها.
وكشفت الحركة عن عزمها عقد اجتماع مع ممثلي التيار المدني في مجلس أمناء الحوار الوطني نجاد البرعي والدكتور أحمد جلال والدكتور جودة عبد الخالق، ممثلي، يوم الأربعاء المقبل لبحث استمرار الحركة في الحوار.
كما جددت الحركة على موقفها المبدئي القاطع بالالتزام بعدم المشاركة في أي تحالف انتخابي تديره السلطة أو أجهزتها أو الأحزاب الموالية لها، وعلى مواصلة سعيها إلى تشكيل تحالف مدني ديمقراطي واسع من داخل وخارج الحركة يخوض الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية القادمة.
إلى ذلك دفعت الانتهاكات التي يشهدها سجن بدر الواقع شرق القاهرة، على مدار الشهور الماضية، عدد من المنظمات الحقوقية، للإعراب عن قلقها، تعرب عن قلقها إزاء الظروف غير الإنسانية والمهددة للحياة في سجن بدر.
وتناولت 10 منظمات حقوقية في بيان، شهادات عائلات المعتقلين، والتقارير الأخيرة بشأن محاولات الانتحار والإضراب الجماعي عن الطعام ردًا على انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في سجن بدر 1، الأمر الذي عرض السجناء لظروف خطيرة ومهددة للحياة، بالإضافة إلى التقارير المثيرة للقلق بشأن الإضراب عن الطعام المستمر في سجن بدر 3، ردًا عن الانتهاكات الجماعية لحقوق المحتجزين.
ودعت المنظمات الحكومة المصرية إلى الاستجابة الفورية لمطالب المعتقلين المضربين عن الطعام، وللدعوات المكررة بمزيد من الشفافية في نظام السجون المصرية، وتمكين منظمات حقوق الإنسان المستقلة من تفقد أوضاعها، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين ظلمًا في البلاد.
وقالت المنظمات، إنه في 25 مايو/ أيار الماضي، ورغم موجة الحر الشديدة، ومن دون سابق إنذار، قطعت سلطات السجن الكهرباء عن “سجن بدر 1” لمدة 8 أيام، مما كان له تبعات بائسة وغير إنسانية تهدد صحة وسلامة السجناء، بالإضافة لمعاناتهم من ارتفاع الحرارة المفرط، وعدم القدرة على تشغيل المراوح أو تسخين الطعام الذي توفره عائلاتهم، وتمت محاصرتهم في زنازينهم بسبب تعطل عمل الأبواب الأوتوماتيكية.
ولفتت المنظمات، إلى أنه رغم انقطاع التيار الكهربائي، استمر عمل كاميرات المراقبة، والإضاءة الفلورية الدائمة، والتي تتسبب في أضرار بالغة للصحة البدنية والعقلية للمحتجزين، وتتعارض مع الالتزامات الدولية لحقوق السجناء.
وتابعت: وفي الأيام التي أعقبت انقطاع التيار الكهربائي، تقاعست سلطات السجون عن معالجة الأزمات الصحية الناجمة عن قطع الكهرباء، والتي تعرض لها المحتجزون من المسنين والمرضى، بشكل كاف. وفي 29 مايو/ أيار الماضي، دفع اليأس بعشرات السجناء السياسيين في سجن بدر 1 إلى إعلان الإضراب عن الطعام، بينما حاول بعضهم الانتحار، وفي 9 يوليو/ تموز الماضي، تلقى أحد المحتجزين المضربين عن الطعام أنباء عن رفض السجن طلبه بنقل أوراقه الأكاديمية إلى والدته، فحاول الانتحار أمام والدته التي شهدت الواقعة أثناء الزيارة، مما أصابها بأزمة تنفسية حادة، وتوفيت بعد يومين.
وأكدت المنظمات، أن انقطاع الكهرباء في سجن بدر 1 هو الأحدث في سلسلة من الانتهاكات المستمرة لحقوق المحتجزين خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، بما في ذلك القيود المفروضة على كمية ونوعية الطعام التي يمكن لأسر المحتجزين إحضاره للسجن، فضلاً عن سياسات الزيارة التي تمنع بعض المحتجزين من رؤية أطفالهم وأحفادهم، والتقييد التعسفي لبعض المحتجزين أثناء التريض أو الزيارة.
وواصلت المنظمات في بيانها: “بدلاً من معالجة هذه المخاوف، التي عبر عنها المحتجزون المضربون عن الطعام، نقلت سلطات السجن ما يقرب من 50 محتجزًا- بينهم قيادات تتفاوض نيابة عن المضربين- إلى سجن المنيا سيئ السمعة، ثم تم نقل بعضهم لسجن الوادي الجديد. كما نقلت السلطات منذ ذلك الحين عشرات المحتجزين الآخرين من سجن بدر 1 إلى سجون سيئة السمعة حيث يعانوا من ظروف احتجاز قاسية، بما في ذلك سجون دمنهور وبرج العرب ووادي النطرون، الأمر الذي ضاعف من نفور المحتجزين وعزلهم عن أسرهم، وفرض على الأسر تحديات مالية ولوجستية لا داعي لها”.
وبينت المنظمات، أن المحتجزون في سجن بدر 3، بدأوا أيضا إضرابًا عن الطعام في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، ردًا على انتهاكات حقوقية جماعية مروعة بحقهم، بما في ذلك حظر الزيارات ووقت التريض، فضلاً عن المعاملة غير الإنسانية من مسئولي السجن. كما لم يسمح لبعض الأفراد بالزيارة منذ افتتاح مجمع سجون بدر في عام 2022″.
وأكدت المنظمات، أن الظروف المروعة والانتهاكات المستمرة تدحض مرة أخرى مزاعم الحكومة المصرية بأن مجمع سجون بدر هو نموذج ودليل على تحسن أوضاع السجون في البلاد. إذ تحظى سلطات السجن- بما في ذلك ضابط أمن الدولة أحمد فكري الذي سبق وتردد أنه مسؤول عن تعذيب معتقلين سياسيين بارزين- بإفلات مطلق من العقاب، وتواصل ممارستها التي تعرض صحة وحياة مئات المعتقلين للخطر.
ودعت المنظمات السلطات المصرية، إلى الوفاء بالتزاماتها بمعاملة السجناء بموجب قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) وبموجب القوانين المصرية.
كما طالبت، بمزيد من الشفافية بشأن النظام الداخلي للسجون، وتمكين المنظمات المستقلة والدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من الوصول الكامل للسجون وتفقد أوضاعها.
وأكدت على ضرورة معالجة مخاوف المحتجزين المضربين عن الطعام في سجن بدر 1، بما يشمل، الإفراج عن جميع المحتجزين احتياطيًا على ذمة المحاكمة لأكثر من عامين وفق القانون المصري، وتغيير مديري السجن وقياداته، ومحاسبة المتورطين منهم في انتهاكات لحقوق المحتجزين، والسماح للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بزيارة السجن، وتحسين ظروف السجون سواء بالنسبة للمحتجزين أو عائلاتهم، ومعالجة مخاوف المحتجزين المضربين عن الطعام في سجن بدر 3، بما يشمل، السماح لأهالي السجناء بزيارات منتظمة وفقًا للوائح السجن، والسماح للسجناء بالوصول المنتظم لأماكن وأوقات التريض أو الاستراحة، وضمان المعاملة الإنسانية للسجناء من قبل مسئولي السجون، والسماح لأهالي المحتجزين بإحضار الطعام لذويهم مرة أسبوعيًا، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين بتهم سياسية.
ويل للطغاة العرب من غضب الرب ✌️🇵🇸☹️✌️