ألّف توفيق الحكيم مسرحية مصير صرصار سنة 1966، وهي من نوع مسرح العبث، أو مسرح اللامعقول، الذي ظهر في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية رداً على عبثية الحياة ولا معقوليتها. ربما لا تحظى مسرحية «مصير صرصار» بشهرة مسرحية «يا طالع الشجرة» 1962التي تعد النموذج الأول للعبث في مسرح توفيق الحكيم، لكن مسرحية «مصير صرصار» من النماذج المهمة أيضاً، حيث تكتمل فيها عناصر هذا الشكل الفني.
لا نقول إن توفيق الحكيم كاتب عبثي، إنما هو كاتب يجيد العبث عندما يريد أن يصنعه، بل إنه يكتب مسرح العبث على أفضل ما يكون وعلى أحسن ما يراد له. قديماً ساد مسرح العبث لسنوات وأثار اهتمام الجمهور والقراء والدارسين، وصار له رواده وأعلامه، ومنهم بيكيت ويونسكو وجينيه وأداموف، وغيرهم من الكتاب الذين اتجهوا إلى هذا النوع من التعبير الفني، فطالما أنه لا معنى للحياة، فليكن المسرح بلا معنى أيضاّ ويزيدها عبثاً فوق عبثها. وكما يعجز الإنسان عن فهم أسرار الحياة وتفسير منطقها، فليتعب كذلك في فهم ما يراه على المسرح، وفي محاولة إضفاء شيء من المنطق عليه.
من أهم ملامح مسرح العبث وجود الحيوانات والحشرات، وتوظيفهم بشكل رمزي في بعض الأحيان، وقد يتحول البشر في هذا اللون المسرحي إلى حيوانات أو حشرات، وربما يرى البطل في الحيوان أو في الحشرة شخصاً بعينه. وكما نجد السحلية في مسرحية «يا طالع الشجرة» عند توفيق الحكيم، فإن الصرصار في مسرحية «مصير صرصار» أصبح بطلاً تحمل اسمه المسرحية، وترتبط به الأحداث والشخصيات من بدايتها إلى نهايتها، ولا تنحل العقدة الدرامية، إلا بمعرفة مصيره، حتى عناوين الفصول الثلاثة تحمل اسمه أيضاً وهي، «الصرصار ملكاً»، «كفاح صرصار»، «مصير الصرصار». ويعد هدم البناء المنطقي والتسلسل المعقول، من العناصر الأساسية في مسرح العبث، فالكاتب لا يهدف إلى خلق مشاعر معينة عند المتلقي، ولا يعتبر نفسه مسؤولاً عن فهم المتلقي للأحداث من عدمه، بل يبدو أحياناً أن الكاتب يتعمد عدم وصول المتلقي إلى الفهم الكامل. لذلك يكون على المتلقي أن يُعمل عقله بدرجة كبيرة مع هذا النوع من المسرح، حيث لا مكان للعواطف العميقة، وإن حدث تأثر ما فإنه يكون في الغالب تأثرا عقليا لا شعوريا.
الصرصار وحديث السياسة
من مشهد واقعي لصرصار كان يحاول الخروج من البانيو الموجود داخل حمام المنزل، لكنه كان ينزلق كلما حاول الصعود على جدران البانيو الناعمة الملساء، استوحى توفيق الحكيم مسرحيته الرائعة، التي جعل فيها من ذلك الصرصار ملكاً، وأخذ يكتب على لسانه ويعرض الأمور من منظوره هو والمحيطين به، وهم زوجته الملكة والوزير والكاهن والعالم العلامة. لدينا إذن خمس شخصيات من الصراصير في الفصل الأول من المسرحية، الذي يحمل عنوان «الصرصار ملكاً»، وتدور أحداثه بالكامل داخل عالم الصراصير ومملكتهم، وبلاط قصرهم الذي هو بلاط الحمام، وساحته الفسيحة التي يحدها جدار عظيم وسور مرتفع هو سور البانيو. في أول ما نطالع من المسرحية، نقرأ عن صرصار نظر يوماً إلى وجهه في المرآة، وهذه المرآة ليست سوى مياه البالوعة، فأعجب بنفسه وبطول شواربه أيما إعجاب، وقرر أن يصير ملكاً. هذه البداية العجيبة تُدخل القارئ مباشرة إلى قلب العبث، وتثير عقله وتحفزه وتجعله في حالة يقظة دائمة، من أجل التقاط الإشارات والرسائل المشفرة التي يرسلها إليه توفيق الحكيم. قد يكون الفصل الأول هو الفصل الأكثر إمتاعاً بين فصول المسرحية، والأخطر فيما يخص الرسائل التي يبعث بها أيضاً، وهي بالطبع رسائل غير تامة المعنى كما تقتضي شروط مسرح العبث، لكنها على الأقل تضيء للقارئ بعض الرموز، وتضع أمامه علامات تأخذ بيده إلى أكثر من طريق. لا نفتقد المتعة في الفصلين الآخرين اللذين يدوران في عالم البشر، مع استمرار وجود الصرصار بطل المسرحية بالطبع، واختفاء الشخصيات الأربع الأخرى من الصراصير، التي كانت تحيط به ثم تخلت عنه عندما سقط في البانيو لعدم قدرتهم على إنقاذه. في الفصل الأول يستمتع القارئ بكتابة توفيق الحكيم شديدة الذكاء واللماحية، وقد ترافقه الابتسامة معظم الوقت، وعند لحظات معينة يستطيع الحكيم انتزاع الضحكات القوية من القارئ. المكان في الفصل الأول هو أرضية الحمام، تحديداً ذلك الجزء الممتد من البالوعة حتى جدار البانيو، وربما يكون هذا أغرب مكان مسرحي يمكن أن نصادفه، أما الزمان فهو الليل الذي يعد بالنسبة إلى الصراصير نهارهم ووقت نشاطهم.
يفتتح الملك الصرصار حوار المسرحية، بنداءاته المتكررة لزوجته الملكة الصرصارة، واتهامه لها بالكسل والتأخر في الاستيقاظ وبدء المهام اليومية. تظهر في الحوار ملامح صراع أنثوي ذكوري، وخلاف حول النديّة التي تنادي بها الملكة وترفع شعارها بما أن لها شوارب مثل شواربه، والفوارق والمميزات التي يقول بها الصرصار ويحاول من خلالها أن يثبت تفوقه وسلطانه، خصوصاً بشواربه الأطول من شوارب زوجته الملكة الصرصارة. يبدو الملك الصرصار مهزوزاً مزعزع الثقة أمام الملكة الصرصارة، ويعبر عن شعور يؤرقه لأنها دائماً ما تحاول الانتقاص من قيمته وسلطانه، لكنها تمضي في مواجهته وتقول له إنه لم يُطعمها يوماً، وإنها هي من تطعم نفسها بنفسها، وبناء على ذلك فهي إذن حرة، ومن حقها أن تنام متى تشاء وأن تصحو متى تشاء، يوافقها الملك بشأن حريتها، لكنه يعارضها في أمر الكسل، ويقول إنها يجب أن تتحلى بالنشاط وأن تكون قدوة للرعية. عند هذه النقطة ينتقل الحوار من الصراع الأنثوي الذكوري، إلى نقاش سياسي محبوك بلطف وذكاء وخفة دم توفيق الحكيم المعهودة، تستنكر الملكة الصرصارة حديث الملك الصرصار عن الرعية، وتتساءل أين هي تلك الرعية؟ فإنها لم تر أحداً من حوله سوى ثلاثة فقط لا غير، هم الوزير والكاهن والعالم العلاّمة، وتذكر ضرورة اجتماع الشعب حول الملك، وتضرب مثلاً بالنمل، ربما في إشارة إلى العالم المتقدم، الذي يجتمع في كل وقت للفارغ والملآن، ويهدد ذلك النمل مملكة الصراصير، على الرغم من أنه الأضعف والأصغر حجماً، لكن اجتماعه وعمله المنظم يهدد الصراصير طوال الوقت، فالصراصير لا تعرف النظام، لذلك لم تستطع أبداً أن تهزم النمل.
تهاجم الملكة الصرصارة زوجها الملك الصرصار وتسخر منه لعجزه عن حل المشكلات التي تواجه المملكة، وعلى رأسها مشكلة النمل، التي تهدده هو أيضاً بشكل شخصي، فعندما ينقلب الصرصار على ظهره، يصبح لقمة سائغة وفريسة سهلة للنمل. ببلاهة شديدة يرى الملك أن الحل يكمن في أن يحرص الصرصار على ألا ينقلب على ظهره، تستاء الملكة وتزيد في تبكيته والاستهزاء به والسخرية منه، وتطلب منه أن يسكت إذن إذا كان هذا كل ما لديه، وأن يكف عن التفاخر بطول شواربه، طالما أن هذا أقصى ما يستطيع، وأقوى ما يتفتق عنه ذهنه. بعد ذلك يصل الحوار بينهما إلى الجزء الأعمق سياسياً، حيث تبحث الملكة الصرصارة في ماهية وكُنه وأصول هذا الحكم من الأساس، فتسأل الملك الصرصار من الذي جعله ملكاً؟ وكيف صار ملكاً؟ وما هي الملابسات والإجراءات التي أوصلته إلى الحكم؟ وأقعدته فوق العرش؟ وأجلسته على أريكة المُلك؟ كما لو أن الملكة الصرصارة تشك في هذا الحكم وتتساءل عن حقيقته ومدى شرعيته. يرد الملك الصرصار قائلاً: «ملابسات وإجراءات! أنت مغفلة ولا مؤاخذة؟! أي ملابسات وأي إجراءات يا سيدتي؟ المسألة أبسط من كل ذلك، استيقظت ذات صباح ونظرت إلى وجهي في المرآة، أقصد في بركة الماء قرب البالوعة..»، تقطع الملكة الصرصارة استرساله بسؤال مضحك ركّبه الحكيم بعبقرية، إذ تقول: «لكن ما هي العلاقة بين البالوعة ووجهك والعرش؟». يستمر الملك الصرصار في حديث طويل مشتت، بتفرعات غير مفهومة لا لزوم لها بلا معنى واضح ولا هدف محدد، ولا روابط منطقية، تُمّكن السامع من جمع أطراف ذلك الحديث، ويمكن القول إن الملك الصرصار هو ملك العبث في هذه المسرحية.
تحاول الملكة الصرصارة أن تقاطع استرساله وحكاياته الفارغة من حين لآخر، وأن توقف سيل الكلام الغريب المتدفق من فمه، وأن تنظم مسار الحديث وتوجهه إلى حيث يمكن أن تجد أجوبة لأسئلتها لكن دون فائدة. فلا مفر من الاستماع إلى أحاديث الملك الصرصار المدهشة ببلاهتها المذهلة بضحالتها، ولا مهرب من ذلك العذاب. يقول الملك الصرصار إنه عندما نظر إلى وجهه في البالوعة وجد ما أدهشه وأثار في نفسه…» تقاطعه الملكة الصرصارة قائلة: «الغم»، يقول: «لا… الإعجاب»، فقام وقال إنه صاحب أطول شوارب، وتحدى الصراصير أن تقارن شواربها بشواربه، وإذا ثبت أن شواربه هي الأطول يكون من حقه عندئذ أن يصبح ملكاً عليهم، لكن أحداً لم يتحداه، وهكذا أصبح تلقائياً صاحب الجلالة ملك مملكة الصراصير. تسأله الملكة عن نظام الحكم وأسسه وقواعده، وهل قالوا له ما هي اختصاصاته ومسؤولياته وما هي واجباته تجاه ذلك الشعب الذي صار ملكاً عليه؟ فيرد الملك الصرصار قائلاً: «لا… قالوا فقط إنه ما دام اللقب يسرني والمنصب يعجبني، فلأفعل ما يحلو لي». وأضاف أن الأمر كله جديد، فلم يوجد من قبله صرصار أراد أن يكون ملكاً، وأنه الصرصار الأول الذي يتولى الحكم. بعد ذلك تسأل الملكة الصرصارة كيف وصل كل من الوزير والكاهن والعالم العلاّمة إلى مناصبهم، وكيف صارت هي الأخرى ملكة، فيجيبها الملك الصرصار بأنها صارت الملكة الصرصارة بطبيعة الحال لأنها زوجته، ثم يذكر مواهب كل من الوزير والكاهن والعالم العلاّمة التي أهلتهم ورفعتهم إلى هذه المناصب، وهي مواهب مضحكة في حقيقة الأمر سردها توفيق الحكيم بسخرية مريرة. تدخل هذه الشخصيات الثلاث (الوزير والكاهن والعالم العلاّمة) وتنضم إلى الحوار المسرحي، وتدور بين الجميع نقاشات سياسية ودينية واجتماعية، تكشف عن مدى ضحالة الفكر ومأساة الجهل العميق بأبجديات الأمور وبديهياتها، والاستخفاف بمسؤولية الحكم والمملكة والشعب، ما يثير الأسى ويحرك الألم في نفس القارئ، كقول العالم العلاّمة على سبيل المثال: «إن اقتصادياتنا تسير بالبركة، وهذا من مفاخرنا».
من عالم الصراصير إلى عالم البشر
ينتهي الفصل الأول من المسرحية بسقوط الملك الصرصار في البانيو، وانصراف بقية الصراصير عنه بعد عجزها عن مساعدته، تودعنا الملكة الصرصارة والوزير والكاهن والعالم العلاّمة، فلا ظهور لهم مرة أخرى في المسرحية، بينما يستمر معنا الملك الصرصار، ويتابع القارئ محنته حتى النهاية. في الفصل الثاني «كفاح صرصار» ينتقل توفيق الحكيم بالقارئ من عالم الحشرات إلى عالم البشر، وبدلاً من الملك الصرصار والملكة الصرصارة في الفصل الأول، هناك عادل وزوجته سامية صاحبا المنزل، حيث يوجد الحمام مسرح الأحداث، الذي يشهد مأساة الملك الصرصار. يطالع القارئ حوارا يشتمل على صراع أنثوي ذكوري هنا أيضاً، لكن بين آدميين من دنيا البشر هذه المرة. تُظهر سامية قوةً وتسلطاً تقهر بهما عادل الزوج المسكين، بينما يبدأ الزوجان يومهما ويستعدان للذهاب إلى العمل معاً، حيث إنهما موظفان في شركة واحدة، يكون خلافهما على من يستعمل الحمام أولاً، وبالطبع تتغلب سامية، لكنها تجد الصرصار في البانيو، ولا تعلم أن هذا الصرصار الضعيف البائس، الذي يحاول الخروج من تلك البركة الجافة الفارغة ذات الأسوار المرتفعة، كما كان يراها من منظوره، إنما هو ملك متوّج يجلس على عرش مملكة، ولديه شعب وملكة ووزير وكاهن وعالم علاّمة. يزداد العبث في الفصلين الثاني والثالث، وتتجلى ملامحه بشكل أكبر من خلال الحوار، بين عادل وسامية وأم عطية الخادمة، والطبيب الخاص بالشركة، الذي يأتي للكشف على عادل والاطلاع على حالته النفسية السيئة التي داهمته فجأة، ومنعته هو وزوجته من الذهاب إلى العمل في ذلك اليوم. فالحوار يعكس مشكلة هائلة في التواصل، وعدم قدرة كل من الزوج والزوجة والخادمة والطبيب على فهم الآخر، خصوصاً عادل الذي تصل عنده الأمور إلى درجة من الصعوبة لا يمكن التعبير عنها، فيبدو مغترباً تمام الاغتراب عن محيطه، يعيش في عبثيته ولا معقوليته ويدور في أفكاره الخاصة. يكون الحوار هنا أكبر موصل لهذا العبث، وقد كتبه توفيق الحكيم بالفصحى مع الاقتراب من العامية أحياناً في بعض اللحظات والمواقف التي تتطلب ذلك. يمتد الحوار طويلاً ويذهب معه القارئ في رحلة تختلط فيها الرموز والإشارات، حيث يصعب الإمساك بفكرة معينة أو أخذ المعنى على وجه واحد.
يقول توفيق الحكيم في تقديمه للمسرحية: «الإصرار على كفاح لا أمل فيه، هو في مفهومي جوهر التراجيديا»، ويضيف في موضع آخر: «في هذا الكفاح تكمن مأساة الإنسان وعظمته». لذلك نرى في جزء آخر من المسرحية إعجاب عادل الشديد بالصرصار، وكفاحه المستمر الذي لا يتوقف ومحاولاته المتكررة الدؤوبة للخروج من البانيو، رغم صعوبة الأمر، فالصرصار يصعد وينزلق ويسقط في كل مرة، ثم يقوم ويحاول من جديد دون يأس أو تراجع، فلا يستسلم ولا يكف عن المحاولة. يدافع عادل عن الصرصار ويحميه من زوجته سامية التي تحاول قتله، ويشك الطبيب في إصابة عادل بخلل نفسي، نتيجة لتسلط سامية عليه وقهرها المستمر له، ما جعله يرى صورته في ذلك الصرصار. تنحل العقدة الدرامية فجأة دون مقدمات وبشكل عبثي تماماً، عندما تفتح الخادمة صنبور المياه الخاص بالبانيو، فيغرق الصرصار ويموت وبذلك يكون قد وصل إلى مصيره، ثم تحمله الخادمة وتلقي به على أرض الحمام، ليأتي النمل ويبدأ في عمله مجتمعاً حول ذلك الصرصار الميت، الذي كان ملكاً في يوم من الأيام، مزهواً بطول شواربه معجباً بصورته في مرآة مياه البالوعة، بعد ذلك وإمعاناً في العبث وتأكيد النهاية العبثية، تأتي الخادمة بالجردل والممسحة وتزيل الصرصار والنمل معاً وتنظف الحمام، يحزن عادل على الصرصار، ويستمع إلى زوجته سامية وهي توبخه وتنهره وتنهال عليه بالأوامر، وتمارس عليه المزيد من التسلط والقهر، فلا يكون من ذلك الزوج المغلوب على أمره إلا أن يطلب من الخادمة أن تأتي بالجردل والممسحة وتزيله هو الآخر من الوجود.
كاتبة مصرية
أشهر ما قرأت عنه من حكايات :
قصته الواقعية مع حمار !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
( فالصراصير لا تعرف النظام، لذلك لم تستطع أبداً أن تهزم النمل ). في كثيرمن الأحيان اللانظام يهزم النظام.لأنّ اللانظام عسير على النمل الذي مساره وفق النظام.لكي تعرقل خصمك لا تختار قواعد مضبوطة للسير بنظام يعرفه بل عاكس الاتجاه حتى تربك حساباته…لهذا أغلب حروب العصابات تهزم الجيوش النظاميّة…أما في الإدارة؛ فالنظام لا يُغلبه اللانظام.إذن: النسبيّة بين الأشياء المتفاعلة لا يُقاس عليها دائمًا… ومن هنا يبدأ التطوّر؛ رغم أنف الصرصار والنمل.
في حقيقة الخطب، هذا كلام ليس من الترابط المنطقي في شيء
والمقارنة مع حرب العصابات التي تهزم الجيش النظامي ليست في محلها البتة
ذلك لأن حرب العصابات لها نظام خاص بها إذ تسير حسبما تقتضيه مقتضياته هي الأخرى
هذا من ناحية أولى
ومن ناحية أخرى –
تسمية الجيش النظامي بـ”النظامي” لا تعني بالضرورة أنه يسير وفق “نظام” معيّن هو الآخر –
ومما يدلّ على غياب هكذا “نظام” عن هكذا جيش إنما هي هزيمته تحديدا
لقد كنت تنتظر عودتي بعد غياب لتطلق استدراكك يافراتي؟ لماذا تريد قلب الحقائق؟ التعليق واضح ولولا ذلك لما نُشر.
حمدا لله على السلامة قبل كل شيء
وإن كان لدي أي صلة بالفرات فهي من جانبه الشرقي (العراقي)
أما الآن فأنا أعيش في شمال العراق كما ذكرت من قبل
وعلى فكرة نشر التعليق ليس بالضرورة دليلا على صحته قطعا
كلمة أرق من رأس النملة وبكثير تحت ظل هده السطور التي رسمت من طرف الكاتبة المحترمة صلاح متولي لكن ادا سمحتم لنا شكرا لكم وكدالك الكاتبة الكاتب لا أحد يخفى عليه الكل يعرفه أننا ونحن نقرأ السطور نتخيلنا ان صح التعبير المسرحية وهي على ظهر الخشبة الصرصار أعمى والنملة يقظة بين قوسين ربما الكل يعرف الحوار الذي دار بين الصرصار والنملة في فصل الشتاء كفاح النملة وسخرية الصرصار .
تبدأ المسرحية باجتماع ملك الصراصير مع زوجته، والكاهن والعالم، ليناقش مصيبة الوزير حين مات ابنه بسبب هجوم جيش النمل عليه، إذ انقلب على ظهره فحمله النمل كغنيمة تكفيه لشهور. لكن مجتمع النمل مختلف عن مجتمع الصراصير، فالأخير لا نظام لديه ولا تكاتف وكل واحد حر نفسه والملك لا يحكم إلا نفسه، والوزير يعمل طوعا وقد يستقيل في أي لحظة. طُلب من العالم حل لوضع الصراصير المشكل فاقترح طعاما أما الكاهن فاقترح قرابين وصلاة. عرفت الصراصير أن عند النمل وزيرا لتموين الطعام للحاجة. فالنمل همه الوحيد هو الطعام أما الصرصار فيحب الاستكشاف والمغامرة ويلمس الطعام. فقررا وجود مصلحة مشتركة كي تأتي الصراصير إلى الاجتماع. اختار الملك المصلحة العامة لمواجهة الأخطار وتحقيق المصالح المشتركة. عالم الصراصير أفضل العوالم على الأرض ويهتم بالقضايا المعرفية ولا تهمه المصالح الشخصية التافهة.
أسلوب المسرحية فكاهي تتخلله أفكار فلسفية عميقة، ورسالتها هي أن الكفاح هو فهم فلسفة العصر. وضرب مثالا على الحضارة الغربية التي تعيش استقرارا بسبب اقتصادها القوي، فكفاح الشعوب يبدأ من التعاون للمصلحة العامة بلا أنانية. فلكل حريته وعليه واجبات، ولتحقيق مجتمع مستقر لا بد من حل كافة النزعات القومية والعقدية.
شكرا على الإضافة المفيدة ومشاركة الأفكار
يبدو لي ان الصرصار من اكثر الحشرات تسيدا للشخصيات في حكايات شعبية كانت او ادبية و ان كان مصير فخامته
–
في جلها اما افلاسا او كنسا او دهسا فلطالما طالعت انا وجيلي القديم حكاية الصرصار و النملة و تعلمنا منهما
–
الحكمة و العبرة , وراعني مسخ غريغور سامسا في رواية كافكا لصرصار عديم لا يعرف لتحوله سبب في عالم العبث ;
–
و ها هو الحكيم توفيق يوهمه هنا ملكا بعظمة شواربه . الف شكر لك اختي مروة تحياتي
شكرا لك أخي خليل. هذا الجزء الذي يصف فيه الحكيم زهو الصرصار بنفسه وبملكه ممتع جدا ومضحك. تحياتي
ايها الأحبة.. نقاشكم الجميل اثار فضولي.. وأود أن أقول أن كلا نظرياتكم صحيحة..
تبقى في نسبيتها صحيحة.. لأنه في الكون لا يوجد نظام مطلق.. ولا لانظام مطلق..
وهذا ما تعلمه لنا نظرية فوضى الكون.. chaos theory..
.
يحق للمرأ ان يرى حرب العصابات كأنها غير منظمة.. كما يحق للمرا ايضا أن يرى
فيها نظام ومنهج.. حسب زاوية الرأية ومقارنة بماذا..
.
الفزيائيون كما نعلم ارادوا تحديد درجة الفوضى .. فاوجدوا اشياءا مثل ال entropy ..
ومع ذلك يبقى مفهوم ال chaos .. حتى في الفزياء.. نسبي و subjctiv…
.
الامور نسبية كما نعلم جميعا.. والف شكر وشكر لمروة على هذه التحفة …
شكرا لك ابن الوليد على المداخلة الرائعة من متخصص في الفيزياء
ممتع هذا المقال عن مسرح العبث من إبداع توفيق الحكيم. علاقة اليشر بالسياسة من خلال مقارنة ساخرة مع عالم الحشرات… بالطبع يظل الحكيم كاتبا و مفكرا عبقريا قل أن يجود بمثله الزمان. مع الشكر و التقدير للدكتورة مروة على اجتهاداتها الجميلة و المتواصلة.
نعم المسرحية فيها بعض الإسقاطات السياسية الخطيرة جدا في نصفها الأول ثم ذهب بها الحكيم في اتجاه آخر في النصف الثاني. شكرا لك أستاذي العزيز هيثم سعدت جدا برأيك في المقال
عودة لهد ا الموضوع الفني الثقافي ان صحت الكلمة شكرا لكم ولسيدتي كدالك لتي تبدل جهد ا فنيا في رسم المواضيع المفيدة لكن بلغة الفن فنحن تحت ظله الحياة التي رسمت عنها لاقلام المتميزة هي نفسها مسرح كبير خشبته شاسعة على ظهرها مسرحيات متنوعة جد ا جدا ومختلفة كدالك منها ما يشيب ان صحت الكلمة كدالك شكرا
شكرا لك بلي محمد
مازال الصرصار حَيّاً و مازالَ يَحكُمُ هذا قِمَّةُ العَبَثِ….صَدَقْتَ يا توفيق الحكيم