دمشق – «القدس العربي»: سيطرت قوات النظام السوري والميليشيات المحلية، على مدينة كفرنبودة ذات الموقع المهم في ريف حماة الشمالي، بعد هجوم بري عنيف، ومئات الغارات الجوية، وعشرات الطلعات التي تناوبت خلالها أسراب المقاتلات الحربية، التي قصفت المنطقة واستهدفت محيط ادلب بالقنابل الفوسفورية المحرمة دولياً، ما فجر المنطقة العازلة بشكل واسع أمس، وأذن باستحضار «سوتشي» ونعي «استأنة» ادلب، وسط تحذيرات غربية من التصعيد العسكري في إدلب ومحيطها.
وقال مصدر عسكري رفيع من غرفة عمليات الجبهة الوطنية للتحرير، فضّل حجب هويته، ان انسحاب الفصائل الثورية من مدينة كفرنبودة بعد ان أحرق التحالف الجوي والبري لقوات النظام وروسيا، الارض، وشنوا على المنطقة أكثر من 1000 غارة جوية، وسط كثافة نارية غير مسبوقة، وتحليق 10 طائرات في الأجواء، واستهدافات المدفعية والراجمات والصواريخ، وقال المصدر «عملياً روسيا جهزت للمعركة أكثر من أي معركة سابقة، وزجت بأعداد ضخمة من الجنود وعشرات الآليات والدبابات والمدرعات، ونحن لها بالمرصاد».
مئات الغارات الجوية تحرق إدلب ومحيطها… و»سماء خان شيخون تمطر ناراً»
وكشف المصدر لـ «القدس العربي» عن خطة الروس، التي تهدف إلى التقدم «الى خان شيخون ومعرة النعمان انطلاقاً من مواقعهم في المنطقة المحيطة، إضافة إلى تجهيز حملة للانطلاق من العيس باتجاه تفتناز، ومن معسكراتهم في البداما إلى جسر الشغور» مؤكدًا ان فصائل الثوار تحضر بدورها لرد قوي لاستعادة المناطق التي خسرتها «فالقرار مأخوذ باستعادة هذه المناطق بالرغم من ادراكنا ان روسيا قد وضعت ثقلها من اجل هذه الملحمة الطاحنة وهو ما يختلف عن بقية المناطق السورية والمعارك السابقة» فالمعركة المشتعلة هي معركة كسر عظم لا تراجع فيها.
وأشار القيادي العسكري، إلى ان قتلى النظام خلال المعارك الاخيرة في يومي السبت والاحد تجاوزت الـ30 قتيلاً بينهم ضباط، فضلاً عن خسائر مادية حيث «دمرنا أكثر من 10 آليات عسكرية». كما أفادت مصادر محلية بمقتل أربعة مدنيين واصابة 45 آخرين بجروح معظمهم من النساء والأطفال، حيث قصفت الطائرات الحربية بصواريخ شديدة الانفجار سوقاً شعبياً في معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، وحسب الناشط الإعلامي احمد جدعان من ريف ادلب، لـ»القدس العربي»، فإن حصيلة القتلى مرشحة للازدياد بسبب وجود عشرات الجرحى بحالات حرجة.
الدفاع المدني السوري، بدروه بث صوراً وأشرطة مصورة تظهر فيها لحظة استهداف الاراضي الزراعية في مدينة خان شيخون، بصواريخ تحوي مواد حارقة، مصدرها قوات النظام، كما اكد فريق الخوذ البيضاء «إصابة طفلين من قرية الشيخ دامس بريف ادلب، جراء استهداف منازل المدنيين بالبراميل المتفجرة والتي ألقتها مروحيات تابعة لقوات النظام» مؤكداً أن قصف مدن وبلدات ريفي ادلب وحماة، مستمر بوتيرة عالية.
وعلى مدار شهر، يستأنف النظامان الروسي والسوري حملات جوية وبرية يومياً على مدن وبلدات ريفي إدلب وحماة، هي الأعنف من نوعها، وخلفت عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن تخريب وتدمير البنى التحتية والاحياء السكنية وتهجير مئات آلاف المدنيين باتجاه المخيمات على الحدود السورية – التركية، فيما تفترش عشرات العائلات البساتين وتنتشر في العراء.
المرصد السوري لحقوق الانسان أحصى استهداف ريف ادلب بأكثر من 675 ضربة جوية وبرية خلال ساعات صباح أمس الاحد، مشيراً إلى مقتل نحو 45 مقاتلاً من الطرفين خلال المعارك وعمليات القصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ، فيما لا تزال الاشتباكات مستمرة بعنف بين الطرفين على المحاور الشرقية والشمالية لمدينة كفرنبودة في محاولة من المجموعات الجهادية والفصائل لمعاودة التوغل داخلها، في حين وثق المرصد السوري خسائر فادحة بين الطرفين خلال ساعات قليلة من الاشتباكات العنيفة المترافقة مع مئات الضربات الجوية والبرية بالإضافة للاستهدافات وتدمير وإعطاب آليات، حيث قضى وقتل ما لا يقل عن 28 من المجموعات الجهادية وفصائل أخرى، كما قتل 16 على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، لافتا إلى ان عدد الذين قتلوا مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة، بالإضافة لوجود معلومات مؤكدة عن مزيد من القتلى بين الطرفين.
وامام انفجار بركان المنطقة العازلة يبدو ان ما يجري هو استحضار لسوتشي ونهاية حتمية لـ»استأنة» إدلب، اذ يدرك الروس حسب المحلل السياسي «أكرم حسو» ان الاستمرار في استأنة ادلب دون أي تغيير في وضعها سيؤدي بهم إلى المزيد من التنازلات السياسية والميدانية للطرف التركي وفصائله المسلحة، لذلك كان الخيار العسكري لديهم أفضل الحلول للحفاظ على مكتسباتهم ولاعادة التوازن في المشهد السياسي باستانة لصالحهم بعد ان استطاع الاتراك من ابعاد الايرانيين عن المشهد العسكري.
وأضاف ان ما تقدم هو ما دفع بالجبهة الوطنية للتحرير إلى رفض الهدنة المطروحة من قبل الروس بعد ظهور بوادر فشل المفاوضات التركية الروسية بشأن ادلب مؤخراً. وكان مندوب تركيا الدائم في الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، قد حذر من خطر وقوع كارثة في محافظة إدلب، معرباً عن قلقه البالغ قصف النظام السوري وخروقاته التي تجاوزت 600 انتهاك. وأشار سينيرلي أوغلو، إلى أن قوات النظام استهدفت المدنيين والمدارس والمستشفيات عمدًا، مؤكداً أن اتفاق إدلب منع وقوع هذه الكارثة حتى الآن، وطالب بالحفاظ عليه من أجل أمن ملايين الأشخاص.