معاريف: أيهما ستختار إسرائيل… نووي إيران أم ميكروفون الصفدي؟

حجم الخط
0

الهجوم الناجح في إيران، مثلما هي أيضاً تصفية السنوار التي استكملت تصفية قيادة حماس في القطاع وقيادة حزب الله في لبنان، خلقت فرصة نادرة لتغيير الواقع الاستراتيجي الذي تتصدى له إسرائيل في آن واحد في سبع جبهات – غزة، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، إيران، وتضعضع الاستقرار في الضفة، وذلك في ظروف آخذة في التردي من حيث العزلة الإقليمية والدولية. إن استنفاد هذه الفرصة يستوجب مراجعة العلاقة بين التحديات المختلفة التي نتصدى لها والموقف من استعداد لاعبين مركزيين في الساحة للارتباط بإسرائيل في جهد مشترك لمواجهة المحور الإيراني النازف.
تتميز حكومات إسرائيل في العقود الأخيرة بانعدام مفهوم استراتيجي شامل وبنهج يتناول كل تحد أو فرصة كحدث خاص يستوجب معالجة تفصيلية، وبالتالي تجاهل الخط الذي يربط بينها.
يمكن أن نجسد ذلك في مثال واحد: الأردن. فالموقف الإسرائيلي من المسألة الفلسطينية منقطع عن فهم تأثيرها على الرأي العام الأردني، وبالتالي على استعداد الأردن للسماح لإسرائيل بالتمتع بعمق استراتيجي حيوي للتصدي الدفاعي والهجومي لإيران وغيرها ممن يسعون لإيقاع الشر بها.
هكذا أيضاً عربدة منتهكي الوضع الراهن في الحرم ممن يتمتعون بريح إسناد من أصحاب فكرة التفوق اليهودي داخل الحكومة والتي تمس بشرعية واستقرار النظام الهاشمي الذي اعترف بصلته الخاصة بالحرب في اتفاق السلام. لقد أدى هذا الميل إلى تسريع التآمر الإيراني بهدف توسيع تهريب السلاح وتمويل الإرهاب للضفة عبر الأردن، ومحاولة الوصول إلى نشر ميليشيات مؤيدة لإيران على طول حدودنا الأطول، في إجراء سبق لطهران أن نفذته بنجاح في سوريا وغزة، وبالطبع في لبنان.
ثمة تحليل مشابه لدول سلام أخرى سيوصلنا إلى الاستنتاج ذاته: بدون مبادرة لتهدئة الوضع وتغيير الميل في المسألة الفلسطينية بوقف نار وصفقة مخطوفين في الجنوب ومنع إجراءات انهيار السلطة الفلسطينية، وكبح الإرهاب اليهودي، وتسريع الارتباط الدامي بين الشعبين في الضفة– فإن استمرار الاستيطان الإسرائيلي يتحدى العلاقات مع مصر، مثلما يتحدى أيضاً دول اتفاقات إبراهيم (التي قلص بعضها التعاون الاقتصادي والعلاقات بين الحكومات)، ويغذي كل الراغبين في إيقاع الشر بنا، وعلى رأسهم إيران.
على قيادتنا القومية، أولا وقبل كل شيء المدنية، أن تبلور صورة وضع واسعة ومفهوم أمن قومي يقوم على أساس العلاقات المتبادلة التي بين جملة التحديات الأمنية والمسألة الفلسطينية، ومنها استخلاص خطة عمل تقلص المخاطر وتسمح باستنفاد الفرص. الأمر حيوي وعاجل في ضوء التجسد المتواصل للتناقض الظاهر الذي بين قوة إسرائيل الاستثنائية وحقيقة أن دولة صغيرة كدولتنا ملزمة بأن تثبت تحالفات وتنخرط في ائتلافات كي تتصدى لجملة من التحديات. في ظل جولات التصعيد بين إسرائيل وإيران، ولما كان متعذراً استبعاد سيناريو يلزم فيه تحدي النووي الإيراني إسرائيل بالعمل هجومياً – على مدى الزمن لتحييد هذا التهديد الوجودي، تتأكد حيوية التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة ومع الائتلاف الإقليمي الذي عملت عليه منذ بضع سنوات.
على هذه الخلفية، لا يجوز قبول تجاهل حكومتنا للبديل المقترح على إسرائيل من معسكر عظيم القوة في العالم العربي والإسلامي. ثمة تذكر مدوٍ لهذا البديل تلقيناه بعد دقائق قليلة من انتهاء خطاب نتنياهو الأخير في الأمم المتحدة، في رد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. على حد قوله: “نحن هنا، أعضاء لجنة مخولة من 57 دولة عربية وإسلامية، أقول لكم بشكل لا لبس فيه… في سياقات إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية… كلنا هنا نريد سلاماً في إطاره تعيش إسرائيل بأمن وسلام، مع علاقات تطبيع مع كل الدول العربية… السطر الأخير… لنا خطة للسلام مع إسرائيل، لكن لا يوجد لنا شريك للسلام في إسرائيل”.
تمير باردو ونمرود نوفيك
معاريف 29/10/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية