معاريف.. في “الدرس الغزي”.. إسرائيل: حتى “أبو شباب وعصابته” لن نمهلهم طويلاً

حجم الخط
1

حرب 7 أكتوبر أصبحت الأطول في تاريخنا، أطول من حرب الاستقلال. في الشهر الـ 21 من الحرب، التي لا ترى نهايتها في الأفق، يغرق الجيش الإسرائيلي في رمال غزة، ومكانة إسرائيل الدولية تغوص في قيعان لم نشهدها من قبل، كما يشعر كل إسرائيلي يتجول في العالم.

يتباهى رئيس الوزراء بأنها الحرب “الأكبر إنجازاً في تاريخ إسرائيل”. وبالفعل، تحققت في الحرب إنجازات عسكرية مبهرة، لكن عصبة الصغار الذين يشغلون المقاعد حول طاولة الحكومة ويديرون الظل الخفي لمن كان ذات مرة يبدو كزعيم، يصرون على تآكل إنجازات الجيش ودفنها في رمال القطاع.

“غيرنا وجه الشرق الأوسط”، يتباهى رئيس الوزراء من على كل منصة، وهذا صحيح: الجيش الإسرائيلي شق لإسرائيل الطريق لتصبح قوة إقليمية عظمى. لكن بدلاً من أن نصبح قوة عظمى في الشرق الأوسط الجديد الناشئ – الجهادي من دمشق أبو محمد الجولاني، أصبح شخصية مرغوباً فيها، وموضع غزل أكثر من رئيس وزراء إسرائيل.

 مثل كثير من أفلام التواصل، فإن الموسم الثاني من حرب غزة يلوح هو الآخر كجهد لطلي نجاح الموسم الأول على وجه موسم آخر، مشكوك أن ينجح مثل الأول. معظم القيادة العسكرية تفهم هذا، وتحقق بانعدام حماسة ظاهرة المهمة العبثية التي كلفت بها في غزة، لكن المأساة هي أن آلاف الإسرائيليين الصالحين مطالبون بتنفيذ المهمة بأجسادهم، انطلاقاً من إيمان كامل بأنهم يعملون بذلك على إعادة المخطوفين أو على “النصر المطلق” الذي لن يأتي. بعضهم يدفعون بحياتهم على ذلك.

في ختام زيارة إلى القطاع هذا الأسبوع، سألني أحد القادة العسكريين: “هل يمكنك أن تشرح لي لماذا كان الرد الجماهيري على المصابين الذين وقعوا الأسبوع الماضي بهذا القدر من القسوة؟”. في جملة واحدة رسم الفجوة التي فتحت ثغرها بين قادة عسكريين ومقاتلين رائعين، يتكرسون كلهم للقتال منذ 21 شهراً وبين المجتمع الإسرائيلي، الذي لم تعد أجزاء واسعة منه تفهم ما الغاية وهل توجد منفعة.

 الجيش الإسرائيلي يتقدم، وإن كان ببطء وبحذر، في تحقيق الخطة لإعادة السيطرة على 75 في المئة من أراضي القطاع والبقاء فيها. بعد بضعة أسابيع، سيحشر كل سكان القطاع في ثلاث مناطق: المنطقة الإنسانية (المواصي)، ومعسكرات الوسط، ومركز مدينة غزة، والتي لم يتقرر حتى الآن إذا كان الجيش الإسرائيلي سيسيطر عليها أيضاً.

أساس القوة الذي تبقى لحماس يتركز هو الآخر اليوم في هذه المناطق. حماس تعتمد اليوم على الكثير من المجندين الجدد وعديمي الخبرة. ولا تحاول تأخير تقدم الجيش الإسرائيلي، بل ملاحقة قواتنا، والحفاظ على ما تبقى من قوتها ومحاولة إبداء حوكمة في هذه الجزر الثلاث.

 عز الدين الحداد هو ما تبقى من قيادة حماس، بعد تصفية محمد السنوار. مستويات القيادة الوسطى تتضرر باستمرار وغير قادرة على إدارة معركة منظمة ضد الجيش الإسرائيلي، بل في أقصى الأحوال إطلاق هجمات عفوية. لم تعد حماس تؤدي مهامها كمنظمة عسكرية، بل كفلول منظمة حرب عصابات.

الأقوياء في رأس الطابور

ما يقلق حماس أساساً هو نجاح مراكز توزيع المساعدات التي أقامتها إسرائيل مع الشركة الأمريكية ((GHF. من يوم إلى يوم، تتثبت هذه المراكز وتزيد عدد الحصص الموزعة. الكثيرون في العالم صدموا من صور انقضاض الجماهير على مراكز التوزيع. من توقع رؤية توزيع مرتب وحضاري للغذاء، على نمط أوروبا الكلاسيكية، لا يعرف غزة. صور كهذه لن نراها في غزة حتى مع عدم وجود حرب، بما في ذلك عندما تنقلب شاحنة وتتناثر محتوياتها كغنيمة للسلب والنهب.

مشوق رؤية أن الأقوى من بين الغزيين، أولئك الذين نجحوا في احتلال مكان في رأس الطابور للتوزيع، يأخذون حصص المساعدات ويخرجون منها كل ما يمكن بيعه: الدقيق، الأرز، الزيت والسكر. أما علب المحفوظات من الذرة والمخللات فيبقونها في الخلف، فيأتي الأضعف ليلمها.

بالتوازي، تحول إسرائيل المساعدات للعصابات التي توزعها وتقيم لنفسها أراضي إقليمية نقية من حماس. فضلاً عن الصاخب من بينهم، ياسر أبو شباب، ثمة عدد آخر غير قليل من المتسيدين المحليين الذين تعمل معهم إسرائيل. هم مجرمون في معظمهم، بعضهم حتى إرهابيون في ماضيهم، وفي اليوم الذي يتفكك فيه هذا الترتيب، فلن يترددوا في توجيه السلاح الذي زودناهم به ضدنا. ولئن فكرنا ذات مرة بنفي الغزيين إلى صومالي لاند، فإننا نجلب الآن الصومال إلى ساحتنا الخلفية.

إن تحويل المساعدات الإنسانية إلى أياد أخرى تقلق حماس. يتجه جهودها اليوم لإحباط هذه الإجراءات، لكن لا فكرة مرتبة لهم. ماذا سيحصل عندما نسيطر على 75 في المئة من أراضي القطاع؟ ماذا سيتغير عندما تسيطر عصابات مجرمين على أجزاء واسعة من غزة؟ التوقف في أن تؤدي هذه الإجراءات بحماس إلى صفقة مخطوفين منطقية أو أن يثور الغزيون ضد حماس، مبنى على الأماني وبقدر أقل على خطة مرتبة. عندما ترفض الحكومة النظر حتى في إدخال الجهة الشرعية الوحيدة التي يمكنها أن أخذ إدارة غزة على عاتقها – السلطة الفلسطينية، حين لا تكون أي خطة لنقل غزة إلى أياد أخرى – فسنجد أنفسنا نعود إلى سنوات. هذا يتطلب ارتهان القسم المنتج في المجتمع الإسرائيلي للسيطرة على غزة لسنوات إلى الأمام. مشكوك أن يوافق عشرات الآلاف من رجال الاحتياط ممن ضحوا بالكثير في السنتين الأخيرتين أن يقوموا بذلك على مدى سنين وبلا منفعة.

بشرى إنهاء الحرب التي لا تنتهي هذه، كحال المسألة الاستراتيجية التي تقف إسرائيل أمامها، لن تأتي من القدس بل من واشنطن. المحزن هو أنه بين رئيس وزرائنا، الذي يفقد كل يوم أهليته أمام ناظرينا، وبين رئيس متقلب ومزاجي للولايات المتحدة، يبدو أن الأفضل مجيء البشرى من هناك.

ألون بن دافيد

 معاريف 13/6/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    ههه لا عهد ولا أمان في الصهاينة اليهود أبدا أبدا أبدا ✌️🇵🇸☹️☝️🔥🐒🚀

اشترك في قائمتنا البريدية