للأمريكيين قول مأثور: “سيروا في أعقاب المال”، وفي الحالة الراهنة، كل الطرق تؤدي إلى إيران، التي هي ليست فقط رأس الأخطبوط بل صندوق وفير لكل الأعمال الإرهابية والإجرامية في الشرق الأوسط ولقسم كبير من الإرهاب العالمي بعامة. وستسألون كيف تفعل هذا، بينما تفرض عليها عقوبات دولية ووضع معظم سكانها الاقتصادي في أسوأ حال؟
وهاكم جواباً، جزئياً على الأقل: مؤخراً، انكشف بأن فرعين من البنوك الكبرى العاملة في بريطانيا، وللمفارقة موجدان قرب قصر باكنغهام للأسرة الملكية، فتح فيهما في السنوات الأخيرة حسابات لشركات وهمية بريطانية كانت عملياً بسيطرة الاستخبارات الإيرانية، وضخت من خلالها مبالغ طائلة للحرس الثوري الإيراني وبخاصة “قوة القدس” المسؤولة عن كل العمليات الإسرائيلية خارج حدود إيران، بما فيها فروع الأخطبوط في أرجاء الشرق الأوسط: حماس، و”حزب الله”، والحوثي، والميليشيات الشيعية في العراق. وفي الوقت نفسه، اكتشفت الاستخبارات البريطانية والأمريكية أيضاً ما وصفوه بـ “شبكة قتل دولية بأمر من الاستخبارات الإيرانية لتصفية نشطاء ومعارضي النظام الإيراني في أماكن مختلفة في العالم”.
من المذهل أن مؤسسات الرقابة المالية في بريطانيا والولايات المتحدة -التي هي ناجعة جداً في العثور على شركات وهمية أو أفراد تستهدفهم لاعتبارات الضريبة، وتبييض الأموال، أو أسباب سياسية على أنواعها- استغرقها وقت طويل لتكتشف ما يجري من تحت أنفها، بينما عرض صحافيون على البنوك أسئلة غير مريحة عن زبائنهم آنفي الذكر، اختبأت هذه المؤسسات وراء ادعاءات السرية البنكية. من الصعب ألا نتساءل فيما إذا كانت منظومات مالية إيرانية مشابهة لا تمر من تحت الرادار في أماكن أخرى. للشركتين الوهميتين آنفتي الذكر، بالمناسبة، مكاتب في أحد الأماكن البارزة جداً في لندن ومسجلة قانونياً باسم شركات وهمية أخرى في عناوين أخرى في أرجاء الدولة.
قضية الحسابات الخفية الإيرانية في بريطانيا وغيرها من التلاعبات المالية المرتبط معظمها بتصدير النفط الإيراني غير القانوني، أساساً إلى الصين ودول أخرى، تبرز المصاعب وانعدام الثبات والتصميم لدى الغرب تجاه المسألة الإيرانية في مواضيع أخرى أيضاً.
في الأسبوعين الأخيرين، وإن كانت أمريكا وبريطانيا شددتا هجماتهما على منظمة الإرهاب الشيعية في العراق “كتائب حزب الله” عقب قتل ثلاثة من الجنود الأمريكيين وعلى الحوثيين في اليمن، ولكن الناطق بلسان وزارة الدفاع الأمريكية أعلن بأن ليس في نية البنتاغون خوض معركة طويلة ضد الوكلاء الإيرانيين في العراق وسوريا، وهو قول يبعث على السؤال: إذا لم تكن معركة طويلة ضد إيران نفسها، الأمر الذي تصمم واشنطن على الامتناع عنه، وليس ضد “وكلائها” أيضاً، إذن؟ رجل السي.آي.ايه سابقاً والخبير في الشؤون الإيرانية راعول مارك بريخت، يقول إن “الإيرانيين يعملون كي يقتلنا وكلاؤهم؛ لا نضرب الإيرانيين أنفسهم… الوكلاء يهاجمون، لكننا لا نهاجم إيران مباشرة – ولهذا نخسر”.
لكن الجواب على هذا السؤال يؤدي إلى جدال جار واشنطن منذ زمن بعيد، حول المكانة الدولية لأمريكا، سواء في نظر نفسها أم في نظر شركائها وخصومها، وكذا بالنسبة لدورها كـ “شرطي العالم”. هذا جدال يجري في حزب الرئيس بايدن، الحزب الديمقراطي، بل وفي في محيط دونالد ترامب الذي يسعى نحو الرئاسة، وسيكون لنتائج هذا الجدال تداعيات عملية على السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات القادمة – وعلى إسرائيل أيضاً.
يسأل الناقدون: لماذا تحتاج أمريكا لآلاف الجنود في العراق والأردن وسوريا بعد انتهاء حربها مع داعش – سؤال يتجاهل، وليس صدفة، المسألة الإيرانية بكل جوانبها، بما في ذلك موضوع النووي الذي يقترب من نقطة اللاعودة. بالمقابل، هناك من يشبهون موقف الغرب إزاء إيران بالموقف تجاه ألمانيا النازية في عهد اتفاق ميونخ. لكن مع فرق: لم يكن لألمانيا سلاح نووي.
زلمان شوفال
معاريف 13/2/2024
المعركة القادمة هي معركة التحرير!
لان أمريكا تكذب عندما تقول لا لتوسيع الحرب. أمريكا قالت ستنسحب بعد سنة ونصف فلماذا إرسال المزيد من القتلة الى العراق وسوريا. بلنكن وبايدن يكذبوا بكل شئ وهم أعداء للامة ولا يريدوا الخير لنا.