معاناة أهالي المفقودين في غزة تتضاعف مع رفض إسرائيل الكشف عن مصيرهم

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

لم يسلم بيت في قطاع غزة من شهيد أو جريح أو معتقل من جراء الحرب الإسرائيلية المستعرة على القطاع، لكن ألم انتظار المفقودين يرافق ذويهم الذين لا يعرفون ان كانوا شهداء أم هم معتقلون لدى الجيش، في ظل صعوبة الحصول على أي معلومة تخفف من آلامهم المستمرة على مدار أشهر من الحرب.
ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي اختفت آثار أعداد كبيرة من المدنيين خلال عمليات التوغل البري للأحياء والمدن في القطاع، كما اختفت آثار أعداد من الصحافيين خلال أداء مهامهم في الميدان، وفقدت آثار أطباء تم اعتقالهم من داخل المشافي ولم يعرف مصيرهم، وسرعان ما تفاقمت المشكلة مع عمليات النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه، واختفاء أعداد منهم على حاجز نتساريم الفاصل بين شمال وجنوب القطاع.
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الصفحات الخاصة بالمخيمات والمدن في قطاع غزة بصور شخصيات مفقودة، يهدف المدونون من وراء نشرها إلى الحصول على أي معلومة عن مصير المفقودين كي يتم إبلاغ ذويهم لتخفيف آلامهم، وقد عرفت بعض العائلات مصير أبنائها من خلال الأسرى الذين يتم الإفراج عنهم بين فينة وأخرى من المعتقلات الإسرائيلية، بعد مرور أشهر على فقدانهم واعتقادهم بأنهم قتلوا وتم دفنهم في مقابر جماعية.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن ما يقارب من 1500 مفقود من غزة لم يعرف مصيرهم بعد، في المقابل استقبلت الجهات المختصة في الحكومة بغزة 10 آلاف بلاغ حول المفقودين، في وقت يزداد أعداد المفقودين في كل يوم مع استمرار عمليات التوغل البري والقصف المستمر لمنازل المواطنين فوق رؤوسهم، بالإضافة إلى عمليات قتل واعتقال النازحين من الشمال عبر حاجز نتساريم إلى وسط وجنوب القطاع.
ووفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، فقد تم استقبال أكثر من ثمانية آلاف طلب من عائلات يسعون للكشف عن مصير ذويهم وأماكن تواجدهم، في حين تعيق الإجراءات العقابية الإسرائيلية بمنع دخول أي مؤسسات إلى السجون، معرفة مصير المفقودين، ويعمل الصليب الأحمر بالتعاون مع الحكومة في غزة على مقابلة الأسرى المفرج عنهم، في محاولة للحصول على معلومات عن مفقودين ربما تمت مقابلتهم داخل المعتقل.
وفي مدينة غزة على وجه التحديد، باتت أعداد المفقودين في حالة ازدياد، بسبب تصعيد الجيش عملياته هناك، والضغط على السكان لدفعهم نحو النزوح جنوباً، وتعاني مئات العائلات هناك من حسرة الفقد، بعد أن بات مصير المئات من الشبان والأطفال مجهولاً. في إطار ذلك تحدثت «القدس العربي» مع عدد من عائلات المفقودين الذين لا يعرفون طعم النوم وهم في انتظار ذويهم.

رب الأسرة كان طبيبا في المستشفى

تقول عائلة المفقود طارق حجازي «كان رب الأسرة يعمل طبيبا في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، وخلال عملية التوغل البري لمخيم جباليا واقتحام المجمع الطبي، اختفت آثاره ولا نعرف حتى اللحظة مصيره بعد مرور أكثر من خمسة أشهر، هل هو معتقل لدى الجيش أم قتل وتم دفنه في مقابر جماعية؟».
وتقول زوجة الطبيب أم توفيق منذ لحظة اختفاء زوجها والدموع لم تفارق عينيها ولا تعرف طعم النوم، وترفض أي محاولة للتهجير من منطقة سكناها، رغم تحذيرات الجيش لسكان المنطقة بالخروج نحو الجنوب حتى تعرف مصير زوجها، الذي لم ينتم على حد وصفها لأي تنظيم سياسي بل أنه فقط يعمل كطبيب.
وأوضحت أنها تقدمت بطلب إلى الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية من أجل معرفة مصير زوجها، كما أنها تزور منزل كل أسير يخرج من المعتقلات الإسرائيلية كي تسأله عنه، لكن رغم المحاولات لم تصل بعد إلى أي معلومة عنه، وباتت تقترب من قناعة أن زوجها قد قتل وتم دفنه في مكان غير معلوم.
أما عائلة المفقود عمر عبد المالك فلا تزال هي الأخرى تجهل مصير نجلها الذي اعتقل من مستشفى كمال عدوان شمال غزة مطلع العام الجاري، وخلال هذه الفترة لم تحصل على معلومة إن كان ما زال على قيد الحياة أم أنه قتل، كما حصل مع معتقلين قتلوا تحت التعذيب داخل سجن سديه تيمان في منطقة بئر السبع المخصص لمعتقلي قطاع غزة.
يقول والد المفقود «لم أترك باباً إلا وطرقته من أجل الوصول إلى معلومة تفيد بمصير نجلي، والخوف يزداد من قتله خاصة في ظل توارد معلومات عن استخدام الجيش أبشع صور التعذيب والتنكيل بالمعتقلين وتسجيل حالات قتل تحت التعذيب».
وطالب المؤسسات الأممية والدولية بضرورة التدخل العاجل للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للسماح للمؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر بالدخول إلى المعتقلات والحصول على معلومات حول مفقودين وإبلاغ ذويهم بمصيرهم.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أنشأت منذ بداية الحرب على قطاع غزة معتقل سديه تيمان الأشبه بمعتقل غوانتنامو الأمريكي من حيث طبيعة الاعتقال وعمليات التعذيب والتنكيل، وشرعت بعمليات اعتقال لمئات الآلاف من المدنيين وجلبهم إلى المعتقل التحقيق معهم للحصول على معلومات حول عمل أفراد المقاومة، وتعرض المئات للقتل تحت التعذيب وتم دفنهم في مقابر جماعية داخل المعتقل، حيث يوجد داخل المعتقل قرابة 1500 جثة مجهولة الهوية تتبع لمواطنين من قطاع غزة تعرضوا للقتل منذ بداية الحرب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية