القاهرة ـ «القدس العربي»: تحوّل معبر طابا البري بين مصر والأراضي المحتلة، إلى منفذ لإجلاء الجاليات الأجنبية والمستوطنين الإسرائيليين الذين يفرون من جحيم الضربات الإيرانية.
دعم لوجستي
واستقبل فريق سفارة الهند في القاهرة الخميس، عدداً من المواطنين الهنود الذين تم إجلاؤهم من إسرائيل وعبروا إلى مصر عبر المعبر
وذكرت سفارة الهند أنه تم تقديم المساعدة والدعم اللوجستي اللازمين لهؤلاء المواطنين فور وصولهم. وأكدت الحرص على التنسيق الوثيق مع السلطات المصرية لضمان العبور الآمن للمواطنين الهنود.
كذلك أعلنت السفارة الصينية في تل أبيب عن بدء إجراءات إجلاء مواطنيها الراغبين في المغادرة اعتبارا من يوم أمس الجمعة، وبينت أن الرحلات ستكون عبر الحافلات انطلاقًا من معبر طابا.
وأكدت في بيان رسمي أن «الوضع الميداني يزداد تعقيدا مع تصاعد القصف وارتفاع عدد الضحايا»، محذرة من أن الصراع قد يدخل مرحلة أكثر عنفًا في الأيام المقبلة.
ونصح السفير الروسي في تل أبيب أناتولي فيكتوروف، مواطني بلاده بمغادرة إسرائيل عبر إيلات ثم دخول مصر من خلال معبر طابا، حتى استقرار الأوضاع.
ووفق مصادر، تواصلت مع مصر كل من بولندا، التشيك، رومانيا، المجر، إيطاليا، سلوفينيا، صربيا، فيتنام، الصين، الهند والفلبين، لنقل رعاياها من إسرائيل.
وطلبت هذه الدول تنسيق عمليات عبور آمن لرعاياها عبر الحدود المصرية الإسرائيلية، تمهيداً لنقلهم جوا إلى بلدانهم.
وحسب الخطة، من المقرر أن يتم استقبال الرعايا القادمين من إسرائيل في معبر طابا الحدودي، ثم نقلهم مباشرة إلى مطار شرم الشيخ الدولي لتأمين مغادرتهم في أسرع وقت.
في حين كشف صاحب شركة سياحة مصرية عن ارتفاع الإشغالات السياحية في فنادق مدن طابا ونويبع الواقعة على خليج العقبة ـ شمال شرق، بسبب زيادة معدل الإسرائيليين الذين دخلوا سيناء خلال الأيام الماضية عبر معبر طابا، في محاولة منهم للهروب خارج إسرائيل من خلال مطار شرم الشيخ الدولي، بعد أن توقفت حركة الملاحة الجوية في إسرائيل.
وأكد صاحب شركة السياحة الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن نسبة الإشغالات ارتفعت بنسبة 200 في المئة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الإشغال الفندقي خلال الأيام الماضية إلى ما يقرب من 50 % بعد أن كانت لا تتعدى الـ15% فقط الأسبوع الماضي بسبب تطورات الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وقال سامي سليمان، رئيس جمعية المستثمرين السياحيين في نويبع وطابا، في تصريحات صحافية، إن هذه الإشغالات تُعد استثنائية ومؤقتة، وتتراوح إقامات الزوار بين ليلة أو ليلتين فقط، معظمهم من العابرين المؤقتين، مؤكدا أن فنادق المنطقة كانت من بين الأقل إشغالاً خلال السنوات الأخيرة بسبب التوترات الجيوسياسية، التي تصاعدت منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023.
وصرحت نادية شلبي، رئيسة مجلس إدارة شركة «توبيا للاستثمار السياحي» أن بعض الفنادق في طابا بدأ في استقبال حجوزات طارئة من شركات سياحية لإقامة مؤقتة للنزلاء، واستغل بعضها الآخر هذه الفترة لإجراء أعمال صيانة وتطوير.
وكشفت مصادر سياحية أن معبر طابا الحدودي يشهد ازدحاماً ملحوظاً خلال الأسبوع الجاري من قبل جنسيات أوروبية وآسيوية تسعى لعبور الحدود نحو الأراضي المصرية. وأشار مدير فندق في طابا إلى أن الفنادق القريبة من معبر طابا سجلت أعلى نسب إشغال هذا الأسبوع.
وكانت شركات سياحة إسرائيلية دشنت حملات دعائية لنقل الراغبين في السفر خارج إسرائيل عبر معبر طابا.
«هل أنت مسافر عالق في إسرائيل وتحتاج إلى طريق آمن للعودة إلى الوطن؟، إبراهام هنا لمساعدتك»، هكذا كتب إبراهام، أحد المنظمين للرحلات عبر مجموعة «مستكشفو إسرائيل – السفر والنصائح»، عارضا باقة آمنة للنقل من تل أبيب، أو القدس إلى شرم الشيخ، تشمل النقل مع سائقين محترفين إلى إيلات.
رحلة «آمنة»
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن بعض المسافرين الإسـرائيليين تفضيلهم خيار مصر بسبب خوفهم من غلق المجال الجوي الأردني أحيانا.
وتقول تال كوغن للصحيفة: «كنت خائفة جدًا، لكن بمجرد عبوري لسيناء، وبداية الطريق شعرت بشيء من الهدوء، في الواقع، كنت أخشى صفارات الإنذار في الطريق إلى إيلات أكثر من وصولي الى مطار شرم الشيخ الدولي».
عبره ينتقل الحريديم إلى أمريكا… وارتفاع نسبة الإشغال الفندقي في المنطقة التي يوجد فيها
وكان إسرائيلي قد أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما وصف رحلته من معبر طابا إلى مطار شرم الشيخ بـ»الآمنة»، تزامنا مع قيام السلطات المصرية بمنع آلاف النشطاء من الوصول إلى معبر رفح.
وكتب أمير غريس، رجل أعمال إسرائيلي يعيش في الولايات المتحدة، تدوينة أجاب فيها على استفسارات من إسرائيليين آخرين حول كيفية مغادرة إسرائيل في ظل المواجهة المستمرة مع إيران.
وقال «غادرنا عبر معبر طابا يوم السبت، وأقمنا في الفندق حتى صباح الثلاثاء، ونحن الآن نجلس على متن الطائرة في انتظار الإقلاع. لم تكن هناك أي مشكلة على الإطلاق».
وتابع: «كان السائق الذي نقلنا من المعبر الحدودي إلى شرم الشيخ في رحلة تستغرق ساعتين ونصف بالسيارة يعلم أننا إسرائيليون، وفي الطريق تحدث إلى إسرائيليين آخرين لا يتحدثون العربية حول السفر جنوباً. في الفندق، قرأت أيضًا الصحف وتويتر باللغة العبرية، ولم أتلقَّ أي رد سلبي».
وأضاف: «عندما عبرنا الحدود، كانت خالية، واستغرقنا 30 دقيقة للعبور، تحدثتُ على متن الطائرة مع آخرين فعلوا الشيء نفسه، لكنهم عبروا أمس، وقيل لي إن الأمر استغرق منهم ساعة ونصف، كلفتنا سيارة الأجرة (7مقاعد) مئة دولار من طابا إلى شرم الشيخ. كان الطريق آمنًا، وكانت هناك شرطة ونقاط تفتيش على طول الطريق».
وتابع بالقول: «انتبه عند عبور الحدود. ستحتاج 720 جنيهًا مصريًا للشخص الواحد للدفع عند المغادرة إلى مصر. يوجد بنك هناك يُصرف العملات سيسعد الجميع بأخذ الدولارات أو بطاقات الائتمان منك».
كما نشر صورة من داخل مطار شرم الشيخ، وعلق بالقول: «كان عدد اليهود الحريديم على متن الطائرة أكبر من عددهم على متن رحلة العال المتجهة إلى نيويورك ليلة السبت».
وأضاف: «لدي جواز سفر أجنبي، لا توجد مشكلة في دخول سيناء برفقة شخص إسرائيلي، لكنني لا أعرف ما هو الوضع فيما يتعلق بمغادرة شرم برفقة إسرائيلي. لا ينبغي أن تكون هناك مشكلة، لكنني أقدم فقط كل المعلومات المتوفرة لدي».
ويتوافق ما قاله رجل الأعمال الإسرائيلي مع ما ذكرته إذاعة «أميس» الإسرائيلية المتخصصة في شؤون المتدينين اليهود، حيث أكدت أنه بعد إغلاق المجال الجوي لإسرائيلي، يسافر العديد من اليهود الحريديم إلى أمريكا عبر معبر طابا ومطار شرم الشيخ.
وبينت الإذاعة الإسرائيلية أنه رغم تحذيرات السلطات الإسرائيلية، ومنها وكالة الأمن القومي الإسرائيلي، بعدم السفر إلى مصر، أصبح هذا المسار هو الشائع، وأنه في أعقاب الإغلاق الجوي بسبب الحرب مع إيران، وجد العديد من الحريديم، الذين اضطروا للسفر إلى الولايات المتحدة لأسباب طبية أو للاحتفالات العائلية بشكل رئيسي، طريقة للالتفاف على القيود عبر معبر طابا، ومطار شرم الشيخ، ومن هناك يستقلون رحلات جوية إلى الولايات المتحدة عبر دول أوروبية أو تركيا.
ولفتت إلى أن العشرات من الحريديم ينزلون مع سائق في إيلات، ويعبرون معبر طابا سيراً على الأقدام، أو عبر وسائل نقل منظمة، ومن هناك إلى مدينة شرم الشيخ في سيناء، حيث يستقلون رحلات جوية إلى نيويورك، عادة عبر دولة أخرى.
ونشر الصحافي الإسرائيلي روعي كايس صورا لإسرائيليين احتشدوا لدخول سيناء أمام معبر طابا.
وأثار الحديث عن دخول مئات الإسرائيليين إلى سيناء جدلا واسعا في مصر، ففي الوقت الذي انتقد فيه البعض موقف السلطات المصرية من السماح لهم بالسفر عن طريق مطار شرم الشيخ الدولي خاصة بعد منع «قافلة الصمود» المغربية لكسر الحصار عن غزة من دخول مصر، ومنع النشطاء المشاركين في المسيرة العالمية إلى غزة التي دعت إليها الحملة الدولية لمناهضة الاحتلال من دخول سيناء وترحيل نشطاء، رأى آخرون أن السماح بالهجرة العكسية للإسرائيليين يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، خاصة في مخاوف الاحتلال من هروب جماعي بسبب الحرب.
ووقعت مصر وإسرائيل في 26 فبراير/ شباط 1989، اتفاقا بشأن السياحة إلى جنوب سيناء عبر معبر طابا.
ويعفي الاتفاق جميع السائحين الإسرائيليين الذين يدخلون جنوب سيناء من التأشيرات السياحية، حيث تختم طوابع الدخول والخروج، إما على جواز السفر بناءً على طلب السائح أو على استمارات التسجيل العادية عند الدخول، على أن تكون هذه الطوابع صالحة لمدة 14 يوما.
ويقضي الاتفاق بعدم فرض رسوم على الأشخاص الذين يسافرون أقل من كيلومتر واحد من نقطة التفتيش، وتقديم التسهيلات، في فندق «سونستا» الذي انشأته إسرائيل خلال فترة الاحتلال واشترته مصر بعد صدور حكم لجنة التحكيم الدولي بأحقية مصر في طابا ليتحول اسمه إلى «هيلتون طابا»، على مدار 24 ساعة لاستبدال العملة الإسرائيلية بالعملة المصرية والعكس، والعملة الإسرائيلية التي يتم الحصول عليها من خلال هذا الإجراء ستكون قابلة للتحويل إلى دولارات أمريكية من قبل بنك إسرائيل.
وفيما يخص مركبات الركاب الخاصة والسيارات المستأجرة، فنص الاتفاق على قيام سلطات الجمارك بتسجيل رقم لوحة ترخيص السيارة واسم المالك واسم السائق؛ ولصق طابع صالح لعدة إدخالات لمسافة كيلومتر واحد لفترة إقامة تصل إلى 14 يومًا.