الدعوة التي أطلقها ترامب لتهجير سكان غزة إلى دول عربية، كان لها دويّ شديد على الصعيدين الرسمي والشعبي في الدول العربية والإسلامية، وفتح الباب على مصراعيه للبحث في الرد على هذه الدعوة بمقترحات أخرى بشأن مصير غزة.
أحد هذه المقترحات التي أثارت جدلا واسعا، هو مقترح أحمد داود أوغلو، رئيس حزب المستقبل التركي المعارض، ورئيس الوزراء الأسبق في حكومة العدالة والتنمية، والذي تضمن ربط قطاع غزة بالجمهورية التركية ومنحها حكما ذاتيا بعد إجراء استفتاء عام في غزة، إلى أن يتم إنشاء دولة فلسطينية.
استند المعارض التركي في مقترحه إلى أن غزة وفلسطين بشكل عام، كانت تحت الحكم العثماني قبل وقوعها تحت الاحتلال البريطاني، وبناء عليه، يتم ربط قطاع غزة بتركيا الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية.
ابتداء، ينبغي العلم بأن هذا المقترح للمعارض التركي، يتعارض تماما مع توجه الحكومة التركية بزعامة رجب طيب أردوغان، الذي صرح ـ تزامنا مع هذا المقترح- بأن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وتتمتع بوحدة أراضيها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أمر لا يحتمل التأخير، مشددا خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، على أن أي خطوة أو مقترح أو مشروع من شأنه أن يقوض هذا الأمر، هو عمل غير شرعي ويعني مزيدا من الدماء وعدم الاستقرار.
لكن بما أن المقترح صدر عن شخصية بحجم أحمد داود أوغلو، فينبغي التعليق عليه، نظرا لأنه يتعلق بأكثر القضايا سخونة في الوقت الراهن.
من المألوف أن يكون الحكم الذاتي أحد أشكال التسوية السياسية للنزاعات، في تعامل الدول مع الأقليات العرقية أو الثقافية، كحل وسط بين نزعة الاستقلال التام والانصهار داخل الحكومة المركزية، وهناك تجارب عدة معاصرة، كما هو الحال في تمتع إقليمي كاتالونيا والباسك في إسبانيا بحكم ذاتي، وتمتعهما ببرلمانات وسلطات محلية في عدة مجالات، وإن كانت لا تأخذ شكل الحكم الذاتي الموسع. وهناك أيضا إقليم جنوب تيرول في إيطاليا، الذي تم منحه حكما ذاتيا سيطر فيه الإقليم على معظم مجالات الحياة المحلية، وهناك أمثلة أخرى في أيرلندا الشمالية وغيرها.
الحكم الذاتي تلجأ إليه الحكومات المركزية لمنع الاقتتال الداخلي، وكحل وسط، لئلا تنفصل الأقاليم النازعة إلى الاستقلال عن جسد الدولة لكن يبقى الإقليم يمارس الحكم في إطار سيادة الحكومة المركزية
الشاهد، أن الحكم الذاتي تلجأ إليه الحكومات المركزية لمنع الاقتتال الداخلي، وكحل وسط، كما أسلفنا، لئلا تنفصل الأقاليم النازعة إلى الاستقلال عن جسد الدولة بشكل كلي، لكن يبقى الإقليم يمارس الحكم في إطار سيادة الحكومة المركزية، فكيف يتفق أن يكون لقطاع أو مدينة ما، حكم ذاتي في ظل سيادة حكومة دولة أخرى؟ والكلام هنا عن غزة، ذلك الجزء من الجسد الفلسطيني، الذي يقترح داود أوغلو منحه حكما ذاتيا في ظل السيادة التركية. اتكاء داود أوغلو في مقترحه على البعد التاريخي هو اعتماد على أساس واهٍ، ولو صحّ لكان الرئيس الروسي بوتين له الحق في ضم كل البلدان التي انبثقت عن الاتحاد السوفييتي، ولو كان وفق حكم ذاتي، ويمكن لمصر أن تطالب بالشيء نفسه مع السودان التي كانت تحت حكم المصريين سابقا، والأمثلة في هذا الشأن غزيرة. عمليا، الفكرة غير قابلة للتطبيق، لأنها تصطدم بحزمة من المعوقات:
أولها: الداخل الفلسطيني، وأعني على وجه الخصوص الكيانات المتنفذة في الواقع الفلسطيني، سواء كانت المقاومة، التي تدير قطاع غزة، أو حتى السلطة الفلسطينية في الضفة، فمن المحال أن تسمح هذه الجهات بفصل جزء من فلسطين، ولو من خلال حكم ذاتي يخضع في النهاية لسيادة دولة أخرى، لأن هذه الجهات ترتكز في عملها طيلة العقود السابقة على إقامة دولة فلسطينية موحدة، بصرف النظر عن آلياتها في تحقيق ذلك، فهل يعقل أن تنسف خريطة الطريق على هذا النحو؟
ثانيا: اصطدام هذه الفكرة بصراع، أو باختلاف القوميات الذي لم تخفت جذوته إلى اليوم بين العرب والأتراك في العموم، وكلنا يعلم أن هناك حساسية شديدة لدى الحكومات العربية تجاه تمدد النفوذ التركي في البلدان العربية، والذي تجتمع إزاءه المخاوف تحت مسمى إعادة الإمبراطورية العثمانية. فهل تسمح الدول العربية بذلك؟ قطعا لا، وإلا كان خضوع القطاع للسيادة المصرية هو الأولى إذ أن غزة كانت تحت الإدارة المصرية مرتين منذ عام 1948.
ثالثا: الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من أن هذا المقترح سوف يريح ترامب ونتنياهو من صداع المقاومة، بموجب الحكم الذاتي الذي قطعا سيخضع فيه القطاع في شؤونه الخارجية للسيادة التركية، إلا أنه بالتأكيد لن يزيل المخاوف الأمريكية والإسرائيلية من ارتباط هذه البقعة من فلسطين المحتلة بدولة ذات ثقل إقليمي ودولي مثل تركيا، بخلفيتها الإسلامية ونفوذها المتنامي خاصة في سوريا، هي المخاوف ذاتها التي ترفض أوروبا بسببها انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. يضاف إلى هذه المخاوف المتوقعة من قبل ترامب، الخوف من سيطرة تركيا على فتحة البحر بين مصر وقبرص، حيث حقول الغاز الطبيعي، وهو ما أشار إليه داود أوغلو في معرض الحديث عن أهداف ترامب من السيطرة على غزة.
النقطة الأهم في تناول هذا المقترح، هي مدى جدواه في خدمة القضية الفلسطينية، ماذا سيقدم المقترح للقضية؟
لسنا بحاجة إلى كثير من التأمل، لندرك أن المقترح سوف يفصل غزة عن الجسد الفلسطيني بشكل تام، ويفتح الطريق أمام الصهاينة لبسط سيطرتهم الكاملة على الضفة الغربية، في غياب المقاومة، التي ترغم الاحتلال على التفاوض والتراجع. ربما يسأل سائل: هل تنفيذ مقترح أوغلو بحكم ذاتي للقطاع تحت السيادة التركية سوف يحجب المقاومة عن عملها؟ الإجابة بمنتهى البساطة: وهل تتورط تركيا بإعلان الحرب على الكيان الإسرائيلي على اعتبار أنها مسؤولة عن القطاع؟ أعلم أن المقترح غير واقعي وغير منطقي وأن كل ردود الفعل قللت من هذه الدعوة بما فيها ردود الفعل التركية، وأعلم أن رؤية أحمد داود أوغلو لا تعبر عن التوجهات الرسمية التركية، بل وأعلم كذلك أن مقترحه جاء ردا على تصريحات ترامب ومخطط التهجير، كما أعلم أن الرجل من الغيورين على فلسطين، لكن كل ذلك لا يسوغ الإحجام عن تفنيد هذا المقترح، حفاظا على الأصل العام، وهو أن كل مشروع يفتت الوحدة الفلسطينية مرفوض جملة وتفصيلا، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد داوود أوغلو الذي منح كل المعارضة السورية لدى اندلاع الثورة السورية الجنسية التركية وأولادهم وأحفادهم وأزواج أولادهم بينما لم تمنح تركيا الأتراك خارج الدولة العثمانية هذا الحق الصادق البديهي بينما كان على الأقل كما فعلت الهند مع مواطنيها خارج الدولة حيث لا تقبل ازدواجية الجنسية بمنح تأشيرة لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد مقابل مبلغ رمزي يدفع مرة واحدة في الحياة لقنصليةالجمهورية الهندية.
مجرد إقتراح لتشتيت إقتراح ترامب !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
مقترح عقيم ولن يؤدي إلى اي خير للشعب الفلسطيني واعتبره فرقعة سياسية مضرة اكثر من مفيدة. بالمقابل يجب على العرب والمسلمين في كل مكان المطالبة بوقف الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني وانسحاب القوات الإسرائيلية من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وعدم عرقلة ممارسة الدولة الفلسطينية لسيادتها على الاراضي الفلسطينية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مقترح داود أوغلو حول غزة: المعوقات والجدوى
عندما قرأت هذا الخبر، شعرت أولًا بالاشمئزاز. يبدو أن الجميع يتسابقون لتشييع جنازة الشعب الفلسطيني، ولا يشبع المنافقون من اللطم وبكاء التماسيح على ما حلّ به، بينما يتركونه وحيدًا في معاناته. لا أحد يشاركه مأساته، لكنهم يتهافتون على ما يملك من ثروات وشواطئ وغاز، ولا يعلم إلا الله ما الذي يطمعون فيه بعد ذلك!
هذا الشعب يُقتَل منه من يُقتَل، وتُدمَّر ممتلكاته، ويُشرَّد أطفاله، ويجوع، وينام في العراء، دون أن تجد له قلوبًا ترحمه. على العكس، الجميع يقسو عليه، كلٌّ حسب مصالحه وقوته، وذلك تحت ذريعة “حمايته” من بلطجيٍّ أكبر! الحقيقة أنها ليست سوى أطماع الصغار وجشع الكبار، في ظل عالم لا يرى فلسطين إلا كتركة يجب تقاسمها، بينما يُدفع شعبها إلى الجحيم!
سبعة وسبعون عامًا من الاحتلال والقتل والتدمير، فهل المطلوب أكثر من ذلك؟
وفي هذا المقال، وردت عبارة: “كما أعلم أن الرجل من الغيورين على فلسطين”.
ابنتي إحسان الفقيه، مع كامل احترامي لكِ ولكل ما تكتبينه، أي نوع من الغيرة هذه؟ أهي غيرة إيجابية أم سلبية؟
يجب أن نعي جميعًا أن خراب العالم الإسلامي مسؤولية كل من ينتمي إلى هذا الدين العظيم.
نفس المنطق القديم ونفس العقلية بالشخص قدم مقترح عملي يذكرنا بمقترح الرئيس التونسي الراحل لو رقيبة عندما أقترح قبول التقسيم ورفضه الجميع ووصلنا لما نحن فيه وعلى عكس بياع الكلام إردوغان الذي لم يقم بأي خطوة إلى الآن