تنفذ قوات الدعم السريع هجمات واسعة على المحليات شرق ولاية الجزيرة، بعد استسلام قائد ميداني تابع لها في المنطقة للجيش، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى وتهجير قرى بأكملها.
الخرطوم ـ «القدس العربي»: قتل 12 شخصا وأصيب العشرات جراء هجوم نفذته قوات الدعم السريع على قرى المحيريبا في ولاية الجزيرة وسط السودان.
وقالت لجان المقاومة في ولاية الجزيرة إن القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» تحاصر عددا من قرى المحيريبا منها سليم، الفوار، أب كرنة، عجان، أبارا، أم كوراك، أم وزين، الحداحيد، حيث نفذت عمليات تدوين مدفعي استهدفت الأهالي المحاصرين داخل القرى.
ومنذ 20 تشرين الأول/اكتوبر الماضي تنفذ قوات الدعم السريع هجمات واسعة على المحليات شرق ولاية الجزيرة، بعد استسلام قائد ميداني تابع لها في المنطقة للجيش، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى وتهجير قرى بأكملها.
وقالت لجان المقاومة في ولاية الجزيرة إن القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» قتلت الآلاف من المدنيين في الولاية وتقوم بممارسة كافة أنواع الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية في مواجهة المواطنين العُزل في الولاية، مشيرة إلى أن عمليات القتل شملت العزل، من رجال مسنين ونساء وأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن جرائم الاغتصاب والنهب المسلح والاختطاف وطلب الفدية.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان «اوتشا» نزح نحو 136 ألف شخص من مواقع متعددة في ولاية الجزيرة بعد موجة من العنف المسلح والهجمات التي استهدفت الولاية.
وعزت لجان المقاومة في ولاية الجويرة الحملات التي وصفتها بـ«الانتقامية» و«الإبادة الجماعية» التي تقودها القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» في الولاية إلى إعلان الجيش استسلام قائد قوات الدعم السريع أبوعاقلة كيكل و«تقديمه كأنه بطل قومي».
وأعلن الجيش في تشرين الأول/اكتوبر الماضي، استسلام القيادي البارز في قوات الدعم السريع أبو عاقلة كيكل ومجموعة كبيرة من قواته، وانحيازها إلى صفوف القوات المسلحة السودانية، فيما أعلن رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش العفو عن كل «متمرد» يبلغ في أقرب نقطة عسكرية في جميع أنحاء البلاد.
وقاد كيكل قوات الدعم السريع التي استحوذت على ولاية الجزيرة وسط السودان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، الأمر الذي أحدث تغيرات عديدة في مجرى العمليات العسكرية، التي كانت إلى ذلك الوقت محصورة في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور غرب السودان.
وتنحدر أسرة كيكل من ذات الولاية الجزيرة بينما يواجه اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طالت أهالي الولاية خلال اجتياح قوات الدعم السريع نهاية العام الماضي وسيطرته على عاصمتها ود مدني.
وتقع ولاية الجزيرة التي تتوسط السودان، على ضفاف النيل الأزرق الغربية، بارتفاع 409 متر فوق سطح البحر وتربط العاصمة الخرطوم عبر شبكة من الطرق بأنحاء البلاد المختلفة. وتلتقي عندها عدة طرق برية هامة، بداية بالطريق الذي يربطها بالعاصمة الخرطوم، الذي يبلغ طوله حوالي 184 كيلو مترا وصولا إلى الطريق الرئيسي الذي يربطها بشرق السودان، عبر مدينتي القضارف وكسلا وميناء سواكن إلى ميناء بورتسودان المطل على البحر الأحمر بمسافة قدرها حوالي 950 كيلو مترا والذي يعد من أهم وأطول الطرق في السودان.
وكذلك يمتد طريق آخر من عاصمة الجزيرة ود مدني إلى مدينة سنار جنوبا بطول 110 كيلو مترات. فضلا عن شبكة الطرق التي تربط ود مدني بمدن ولاية الجزيرة الأخرى بما يشمل مدن المناقل ورفاعة والحصاحيصا الذي يعود مرة أخرى إلى الخرطوم. وتضم أراضيها، مشروع الجزيرة الذي يعد أكبر مشروع مروي في أفريقيا وأكبر مزرعة ذات إدارة موحدة في العالم، تتجاوز مساحته مليوني فدان.
وبالتزامن مع استسلام قوات كيكل شنت قوات الدعم السريع هجمات عنيفة تركزت في المحليات الشرقية كما امتدت إلى بعض المناطق شمال وغرب الولاية.
وذكرت لجان المقاومة في الولاية إن أهالي الجزيرة تركوا بعد استسلام كيكل وانسحاب الجيش بين يدي «الدعم السريع» حيث بدأت حملاتها الانتقامية وأصبحت تتوالى المجازر في كل قرى ومدن شرق الجزيرة وتهجير ناسها قسرياً من أرضهم نحو المجهول.
وقالت إن قرى شرق الجزيرة رغم الترسانة العسكرية الضخمة التي تمتلكها قوات الدعم السريع، سطرت ملحمة بطولية في الدفاع عن الأرض والعرض، مشيرة إلى أن الهجمات والانتهاكات طالت أكثر من 120 قرية وخلفت مئات القتلى والمصابين وعشرات الآلاف من النازحين إلى المجهول.
وأشارت إلى أن تلك الحملات الانتقامية و«الإبادة الجماعية» امتدت إلى بقية محليات ولاية الجزيرة وشملت محليات الكاملين والحصاحيصا، مؤكدة أن الأهالي يقفون بصدور عارية أمام الترسانة العسكرية لقوات الدعم السريع التي قالت أنها «مدعومة دولياً وإقليمياً».
واعتبرت الحرب المندلعة منذ نيسان/ابريل من العام الماضي حربا ضد المواطنين الذين دفعوا كلفتها من أرواحهم وأموالهم وأرضهم وأعراضهم، متهمة من اسمتهم «تجار الحروب وأصحاب المصلحة» – لم تسمهم- بالدفع من أجل استمرار «الموت المجاني والانتهاكات بمختلف أشكالها» ويستمرون بإشعال فتيل الحرب وتأجيج نيرانها بدون تقديم حلول واقعية وعملية.
وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» قد حملت قوات الدعم السريع كامل المسؤولية عن الانتهاكات الكبيرة في شرق الجزيرة، واصفا إياها بـ«الانتهاكات الوحشية التي يندى لها الجبين».
ودعت القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» إلى الايقاف الفوري لتلك الانتهاكات، محذرة من مغبة التمادي في ترويع المدنيين العزل.
في الأثناء أطلق مؤتمر الجزيرة نداء استغاثة لشعوب العالم والمنظمات الإقليمية والدولية محذرا من مغبة استمرار عمليات العنف المتصاعدة والقتل والتهجير القسري لأهالي الجزيرة.
وقالت وزارة الخارجية السودانية إن قرى وبلدات شرق الجزيرة والبطانة تتعرض لحملات انتقامية من الدعم السريع، مطالبة المجتمع الدولي بإدانة هذه الحملات بشكل فوري وقوي.