مقررة حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة لـ”القدس العربي”: إسرائيل تشن حربا عسكرية على الأمم المتحدة

عبد الحميد صيام
حجم الخط
1

الأمم المتحدة- “القدس العربي”:

قدمت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، تقريرها للجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة والمتخصصة في مسألة حقوق الإنسان.

وقد ركز التقرير بشكل أساسي على إثبات أن ما يجري في غزة عبارة عن “جريمة إبادة جماعية” كاملة الأركان على طريقة المحو الاستعماري للسكان الأصليين، وأن هذه الإبادة قد يتسع نطاقها لتشمل كل الفلسطينيين بمن فيهم سكان إسرائيل، وأن استمرار تنفيذ مخطط إقامة إسرائيل الكبرى يهدد بمحو السكان الفلسطينيين من الوجود. ويؤكد التقرير أن هناك “أسبابا معقولة للاعتقاد بأن إسرائيل ترتكب أعمال إبادة جماعية في غزة”.

وبعد تقديم تقريرها المهم في اللجنة الثالثة، عقدت ألبانيز مؤتمرا صحافيا في مقر الأمم المتحدة قالت فيه: “إننا لا نرى الماضي يعيد إنتاج نفسه في الأرض الفلسطينية المحتلة فحسب، بل نرى أيضا نفس اللامبالاة والقدرة على غض النظر من جانب العديد من الدول الأعضاء والمجتمع الدولي، وانهيارا كاملا للنظام الدولي الذي يقوم على مبدأ عدم تكرار ما وعد به العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد الهولوكوست”.

وردا على سؤال “القدس العربي” حول استهدافها شخصيا من قبل الدول والجماعات الداعمة لإسرائيل واتهامها بمعاداة السامية، قالت ألبانيز: “إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي تهاجم المقررين الخاصين. الدول التي تخضع للمراجعة والتمحيص تهاجم المقرر الخاص الذي يقوم بهذه المراجعة. لكن المختلف في الحالة الإسرائيلية، أن هناك منظومة من الدول تلحق بإسرائيل وتردد ما توجهه من تهم. هناك جيش مكون من ملايين يكررون نفس التهم وهدفهم جميعا واحد هو حرف الانتباه عن القضية التي يجب أن يتم تسليط الانتباه عليها. ولذلك، لا أعطي هذه التهم بالاً لأنها ليست موجهة ضدي فقط، بل تشمل أيضا اللجنة المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. والأمين العام نفسه أُعلن بأنه “شخص غير مرغوب فيه”، والأغرب من هذا، أن الأمم المتحدة نفسها تخضع لهجوم عسكري. 70 في المئة من مؤسسات ومباني الأونروا قد استهدف من قبل القوات الإسرائيلية، وقوات حفظ السلام في جنوب لبنان تعرضت للهجوم، عمليات الأمم المتحدة الإنسانية تعرضت للمضايقات، والمدنيون في أمس الحاجة إليها. إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي تهاجم حق تقرير المصير، لكن إسرائيل لم تواجه أبدا أية مساءلة. الإفلات من العقاب الذي تمتعت به إسرائيل مكّنها من أن تكون المنتهكة الأخطر والأكثر استمرارية للقانون الدولي. ولهذا اقترحتُ تجميد عضوية إسرائيل في الجمعية العامة مثل جنوب أفريقيا. وهذا ممكن أن يحسم في محكمة العدل الدولية”.

وردا على سؤال ثان لـ”القدس العربي” حول حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والهيمنة الخارجية في أن تقاوم حسب القانون الدولي: “كل الدول التي خضعت للاستعمار قاومت، وأصبح قادة المقاومة زعماء مشهورين بعد الاستقلال إلا الشعب الفلسطيني، فتوصم مقاومته بالإرهاب. كيف تفسرين هذا؟”، قالت فرانشيسكا ألبانيز: “نعم هناك حق في المقاومة للشعوب المضطهدة، بينما هناك حق الدفاع عن النفس للدول. لكن كل شيء له حدود، وخاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين. فأحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر كانت مأساة للمدنيين الإسرائيليين واستخدمت لتبرير الهجوم على إسرائيل. وكان يجب أن يتم التركيز على جذور القضية والأسباب التي أدت إلى 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ولكن هذا لا يبرر ما يجري في غزة. هل الفلسطينيون وحدهم من يعانون من حرمانهم من حق تقرير المصير؟ الجواب لا. فبعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر ارتفعت نسبة غياب التسامح. نحن لسنا في عصر مقاومة الاستعمار حين كان حق المقاومة مدعاة للفخر. نحن نعيش فترة توصم فيها المقاومة بالإرهاب ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل لمجموعات عديدة”.

وحول قرار إسرائيل بتجميد نشاط الأونروا، قالت المقررة الخاصة إن الدول جميعها ملزمة باحترام ميثاق الأمم المتحدة، ويجب طرد الدولة التي لا تحترم الميثاق من عضوية الأمم المتحدة. وبما أن مجلس الأمن الذي يملك حق تجميد العضوية وهو الآن مشلول بسبب الفيتو، يمكن استبدال ذلك بقرار من الجمعية العامة تحت بند “متحدون من أجل السلام”.

وشددت الخبيرة الدولية في تقريرها على ضرورة النظر إلى “سلوك إسرائيل في الإبادة الجماعية الذي تحجبه السرديات الإسرائيلية الكاذبة عن حرب شنتها دفاعا عن النفس في سياق أوسع باعتباره أفعالا عديدة تستهدف الفلسطينيين بصفتهم (الشعب في مجمله) في كامل الأراضي التي يقيمون بها تعزيزا لطموحات إسرائيل السياسية في بسط السيادة على كامل فلسطين الخاضعة للانتداب سابقا”.

وقالت ألبانيز إنه “من المزعج للغاية أن نرى دولا أعضاء تطمس وتشكك في معنى القانون الدولي وتعمل على تجريد ضحايا السنة الماضية من الإنسانية، وتستخدم 7 تشرين الأول/ أكتوبر كمبرر للقتل، حيث قتل 17 ألف طفل وتم تدمير غزة. لا تفسير لذلك إلا أن الأرواح الفلسطينية أقل قيمة من الأرواح الأخرى”.

وأضافت ألبانيز أنه لو تم احترام القانون الدولي -على الأقل خلال الأشهر الـ12 الماضية- لكان ذلك كفيلا بوقف ما يحدث في غزة، والذي قالت إنه كان ينبغي أن يتوقف. “كان يجب وقف ذلك من قبل مجلس الأمن في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. كان يجب وقفه بعد المجموعة الأولى من التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، كان يجب أن يتوقف عندما قدمت تقريري الأول، كان يجب أن يتوقف قبل غزو رفح أو قبل غزو لبنان”. لكن المشكلة، كما أشارت ألبانيز، في وجود ما وصفته بالتبرير من عدد صغير من الدول، ولكنها مؤثرة والتي قالت إنها تواصل تمكين ورعاية ما وصفتها بالغطرسة التي تقود تصرف إسرائيل.

ووصفت المقررة الأممية التطورات على الأرض بأنها مروعة، قائلة إن “العنف الإبادي” الذي وصفته في تقريرها الأول قد توسع وانتشر في أجزاء أخرى من الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأضافت ردا على تهمة أن إسرائيل تسعى لقتل “إرهابيي حماس”: “إذا نظرت إلى أنماط العنف وتدمير البنية التحتية المدنية والطرق وشبكات الطاقة وخطوط أنابيب المياه وخزانات المياه والمنازل، وإذا نظرت إلى أعداد عمليات القتل خارج نطاق القضاء في الضفة الغربية، بالإضافة إلى مقتل 42 ألف فلسطيني في غزة بمن فيهم 17 ألف طفل، فكيف تفسر مقتل أكثر من 700 فلسطيني في الضفة الغربية، بمن فيهم 170 طفلا؟ كيف نفسر حقيقة تعرض الفلسطينيين من الضفة الغربية لنفس الممارسات والانتهاكات، وغالبا الاغتصاب بين أشكال أخرى من التعذيب، إذ لم يكن هناك عمل عسكري أو وجود عسكري لحماس في الضفة الغربية، وليس وجود حماس في غزة يبرر ما فعلته إسرائيل في القطاع”.

ومن بين التوصيات التي أوردتها في تقريرها، حثت فرانشيسكا ألبانيز الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة على استخدام كل ما لديها من نفوذ سياسي -بدءا بفرض حظر كامل على الأسلحة وعقوبات- حتى “تكف إسرائيل عدوانها على الفلسطينيين، وتقبل بوقف إطلاق النار وتنسحب بشكل كامل من الأرض الفلسطينية المحتلة”.

ودعت إلى الاعتراف رسميا بإسرائيل “كدولة فصل عنصري ممعنة في انتهاك القانون الدولي، وإعادة تفعيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري لمعالجة الوضع في فلسطين، وتحذير إسرائيل من احتمال تعليق عضويتها وفقا للمادة السادسة في ميثاق الأمم المتحدة. كما دعت الدولَ إلى دعم نشر وجود وقائي دولي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، ووضع إطار حماية للفلسطينيين المهجرين خارج القطاع.

وللعلم، فالمقررون الخاصون عبارة عن خبراء مستقلين، ويكلفون بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها لمجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Palestine is a 🔥🔥🔥 never be divided with any colonizer:

    الكيان الاستعماري يجب أن يزول من هذا الوجود من أجل أن يعم السلام والأمن والوئام في العالم أجمع
    وخير البر عاجله عاجله عاجله عاجله عاجله
    لا وجود المافيا بين الشعوب والحضارات الإنسانية…
    عهد النفاق والبروباغاندا الصهيونية العالمية قد انتهى… بالاباد الجماعيه للشعبين الفلسطيني و اللبناني…

اشترك في قائمتنا البريدية