نيويورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”:
أكد مايكل لينك، المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بمتابعة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على أنه “لا يجوز أن تبقى الأمم المتحدة مشلولة دون اتخاذ أي أجراء بينما الاحتلال يتعمق و الاستيطان يستشري وانتهاكات حقوق الإنسان تتفاقم دون إتخاذ إجراء عقابي واحد وهو ما شجع إسرائيل في المضي ببرنامجها للاستيلاء على مزيد من الأرض وإدارة ظهرها للقانون الدولي”.
مايكل لينك: تقرير الأمم المتحدة يدعو إلى إنهاء الاحتلال والغاء ضم القدس ووقف كافة الانشطة الاستيطانية
وأوضح لينك في مؤتمر صحافي أن تقريره في هذه المرة الذي قدمه للجنة الثالثة، يختلف عن سوابقه لأنه وضع “جدول عمل” لإنهاء الاحتلال، وقال: “تقريري الأخير كان حول إفلات إسرائيل من العقاب والمحاسبة وشعورها بأنها محصنة من أي مساءلة. تقريري يدعو إسرائيل بإنهاء إحتلالها غير القانوني بشكل كامل وإلغاء ضمها للقدس ووقف كافة أنشطتها الاستيطانية”.
وأشاتر إلى أنه يعرف أن دعوته هذه لن تلقى آذانا صاغية لدى إسرائيل لا في الماضي ولا في الحاضر لذا يتوجه هذا التقرير أساسا للمجتمع الدولي. فالمجتمع الدولي هو المسؤول الأساسي عن تطبيق مبدأ المحاسبة لكسر هذا الجمود في موضوع إنهاء الاحتلال.
وردا على سؤال ل”القدس العربي” حول ما إذا ما كان ممكنا الآن تجميد عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة بسبب انتهاكها المستمر للقانون الدولي، قال لينك: “إن من بين المسائل التي ركز عليها تقريري السنوي وهو البند 25 من ميثاق الأمم المتحدة والذي ينص على مسؤولية الدول الأعضاء بالالتزام بقرارات ومقررات مجلس الأمن الدولي. وكل ما جاء في قرارات مجلس الأمن ويتعلق بالقانون الدولي الواضح يصبح مقررا يجب أن ينفذ. ومنذ عام 1967 أي منذ الاحتلال إلى الآن اعتمد مجلس الأمن على الأقل من 30-35 قرارا في معظمها تتعلق بالاستيطان والاحتلال وضم القدس، وإسرائيل في حالة إنتهاك متواصل لهذه القرارات. “من وجهة نظري أن طرد دولة من عضوية الأمم المتحدة لأنها في حالة إنتهاك للقانون الدولي يجب أن يكون الإجراء الأخير، كما حدث مع جنوب أفريقيا في الستينات بسبب سياسة الأبرتهايد”. يجب أن يكون هناك نظام من المساءلة أولا فلا يوجد مؤسسة قانونية، محلية أو دولية، تحترم نفسها وتتخذ قرارات دون أن يكون هناك نظام قانوني لفرض عقوبات إن لم تطبق القرارات. يجب أن يكون هناك نظام للمساءلة وإلا فإن شرعية تلك المؤسسة واحترامها سيتآكلان مع الوقت. “فعلى تلك المؤسسة أن تتأكد أن قراراتها تحترم وتنفذ. فمن مصلحة المجتمع الدولي ومن مصلحة الأمم المتحدة أن تجد وسيلة لتنفيذ قراراتها عملا بالبند 25 من الميثاق”.
وردا على سؤال آخر ل”القدس العربي” حول توفر الدلائل القانونية لجلب إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية على ما ارتكبته من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وخاصة في حروبها على غزة، قال المقرر الخاص إن هناك شكاوى رسمية مقدمة من السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015. وتقول المدعي العام (فاتو بنسودة) إنها تحقق في لمواضيع الشكاوى وخاصة قضية ما ارتكب من جرائم ضد المدنيين في حرب 2014 وموضوع المستوطنات الإسرائيلية، والتي من السهل على المحكمة اعتبارها جريمة حرب بسبب لا قانونيتها الواضحة في القانون الدولي. “لا أعرف لماذا هذا التأخير. في تقرير المدعي العام في ديسمبر 2018 يشير إلى أن التحقيقات الأولية ستنتهي بسرعة وها نحن في شهر أكتوبر 2019 ولم يصدر عن مكتب المدعي العام شيء”. وقال آمل، وكل المؤمنين بالقانون الدولي يأملون، أن المساءلة في ميدانين واضحين سيتم التحرك في اتجاهها: المحكمة الجنائية الدولية، وقاعدة البيانات حول كافة الشركات والمؤسسات التجارية التي تتعامل مع المستوطنات. “فإذا ما نجح التوجه في هاذين المجالين خلال الستة أشهر القادمة يكون المجتمع الدولي قد اتخذ خطوات عملية والذي قد يعجل في إنهاء الاحتلال”.
وردا على سؤال حول فشل مجلس الأمن بمعالجة القضية الفلسطينية بسبب الفيتو الأمريكي، قال المقرر الخاص إنه يعترف بأن هناك عقبات مؤسساتية داخل مجلس الأمن تحول بينه وبين إتخاذ خطوات تنفيذية بالنسبة لإنهاء الإحتلال، إلا أن هناك جهازين آخرين لا يقيدهما عقبات كما الحال في مجلس الأمن وهما الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان وقد قاما بأعمال مهمة. “عليهما تقع مسؤولية التصدي لموضوع الاحتلال. وأنا أسأل لماذا لا تقوم الجمعية العامة بطلب من محكمة العدل الدولية أن تقدم الرأي القانوني في موضوع قانونية أولاقانونية الاحتلال كما فعلت عام 2003 عندما طلبت من المحكمة أن تقدم الرأي القانوني في موضوع الجدار العازل وقد فعلت ذلك وأصدرت رأيا قانونيا مهما. لقد حان الوقت أن تضع الجمعية العامة سؤالا آخر حول الموقف القانوني من الاحتلال”.
وحول موضوع الأسرى والمعتقلين أكد لينك أن هذا الموضوع يحتل حيزا كبيرا من جهده خاصة موضوع الأحكام القاسية على جرائم صغيرة واعتقال الأطفال حيث يوجد في أي وقت بين 30 و 60 طفلا في المعتقلات، واعتقال الأطفال لرمي حجر أو مخالفة بسيطة لا يجوز إلا كإجراء أخير لا بديل له. ثم مسألة أخرى قال إنه يهتم بها وهي موضوع إساءة إستخدام الاعتقال الإداري. وبهذه المناسبة “فأنني أدين الإقتحام الإسرائيلي لمركز الأسرى والمعتقلين “الضمير” في رام الله ونهب مقتنياته وعدد كبير من وثائقه المتعلقة بالأسرى”.
وحول قائمة الإجراءات التي قد يتخذها المجتمع الدولي ضد الممارسات الإسرائيلية وانتهاكها المتواصل للقانون الدولي قال لينك إن المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة والإقليمية كالاتحاد الأوروبي لديها خبرة واسعة تتعلق بالإجراءات العقابية ضد منتهكي القانون الدولي مثل العقوبات الإقتصادية وقطع العلاقات والضغوطات السياسية والدبلوماسية. ولنا أن نتذكر عندما قام عضو دائم في مجلس الأمن قبل خمس سنوات بالهجوم على بلد مجاور كيف تحرك الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات تجارية واستثمارية وسياسية فورية. الأمم المتحدة وضعت قائمة بإجراءات عقابية ضد المعتدي. وقد وضعت عددا من الإجراءات تتعلق بمقاطعة المستوطنات ونشر قاعدة المعلومات حول الشركات المتعاملة مع المستوطنات ولكن هذه الإجراءات لن تردع إسرائيل لكن لو توقفت الدول الأوروبية جماعة أو فرادى عن التوصل لاتفاقيات تجارية مع إسرائيل وحظر تصدير الأسلحة واعتماد تقييدات على التجارة أو سياسة المساعدات فسيكون لهذه الإجراءات فاعلية كبيرة. وأضاف أن الجمعية العامة تستطيع أن تطلب رأيا استشاريا حول لاقانونية الإحتلال ويمكن كذلك وضع قائمة بالأشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب ومنعهم من السفر. “إذن الإجراءات متوفرة ويمكن تفعيلها إذا توفرت الإرادة السياسية”.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد عين السيد لنك في آذار/مارس 2106 لموقع المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967. وهو خبير مستقل في حقوق الإنسان لا يمثل الأمم المتحدة لكنه يقدم تقريره للأمم المتحدة. “أنا لا أتحدث باسم الأمم المتحدة أنا أتحدث للأمم المتحدة
كلام السيد لينك كلام جميل ويبدو أنه صادق فيما يقوله، لكن فكرة توقف الدول الأوروبية، الأكثر دعما للكيان الصهيوني، عن الاتفاقيات التجارية وحظر تصديرأسلحتها وفرض تقييدات على التجارة معها وغيرها من الاجراءات العقابية، فكرة غير واقعية. فلن تقدم الدول التي ساعدت على تحويل المشروع الصهيوني الى دولة مارقة على مثل هذه الاجراءات التي تضر بمولودها. ولا يمكن أن نحلم أيضا بأي خطوة ضد اسرائيل من قبل مجلس الأمن، لكن بإمكان الجمعية العامة أن تتبنى قرارات تعزل هذه الدولة العنصرية عن منظومة المجتمع الدولي. هذا يتطلب جهدا حثيثا للدبلوماسية الفلسطينية بعد توحيد صفها وتصفية حساباتها الداخلية…