ملامح تقارب دبلوماسي.. هل بدأت تونس بتجاوز خلافاتها مع المغرب؟

حجم الخط
44

تونس- “القدس العربي”: دفعت اللقاءات والاتصالات الدبلوماسية الأخيرة بين مسؤولين من تونس والمغرب بعض المراقبين للحديث عن مساعٍ من الطرفين لتجاوز الأزمة المتعلقة باستقبال الرئيس قيس سعيد زعيم جبهة البوليساريو، فيما اعتبر آخرون أن الأمر مجرد “مجاملات سياسية” لن تتحول إلى واقع ملموس ما لم تعد الدبلوماسية التونسية إلى “رشدها” بتبنيها مجددا “دبلوماسية الحياد الإيجابي” تجاه قضية الصحراء الغربية.

وتشهد العلاقات الدبلوماسية التونسية المغربية فتورا كبيرا منذ استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، خلال قمة “تيكاد 8” عام 2022، وهو ما دفع المغرب لاستدعاء سفيره من تونس، قبل أن ترد الأخيرة بخطوة مماثلة.

وقبل أسبوعين، التقى وزير الخارجية التونسي السابق نبيل عمار برئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، كما تلقى وزير الخارجية الجديد محمد علي النفطي، الثلاثاء، اتصالا من نظيره المغربي ناصر بوريطة، لتهنئته بمنصبه الجديد، وهو ما اعتبره البعض محاولة من كلا الطرفين لتجاوز الأزمة المتواصلة منذ أكثر من عامين.

وقال د. رياض الشعيبي، القيادي البارز في جبهة الخلاص المعارضة، “من غير الواضح ما إذا كانت السلطة بصدد إصلاح أخطائها على مستوى السياسة الخارجية التونسية، وخاصة في ملف العلاقة بالمغرب. لكن إلى حد الآن لم يصدر عن السلطة أي خطاب فيه تراجع”.

وأضاف لـ”القدس العربي”: “من المؤكد أن المغرب يدافع عن مصالحه، ويحاول استعادة علاقاته بتونس، لكن سلوك المناورة من سلطة قيس سعيد قد يُفشل هذا المسعى. فالسلطة تحاول ان تضغط على المغرب بالانحياز للجزائر، وبالمقابل تتعاطى بإيجابية هذه المرة مع مساعي المغرب للضغط على الجزائر. وهذه السياسات الانتهازية لا يمكن أن تؤسس لعلاقات ثقة مع دول شقيقة على غرار دول المغرب العربي”.

وقال د. خالد شوكات الوزير السابق ورئيس المعهد العربي للديمقراطية “عُرفت تونس منذ الاستقلال عن المستعمر الفرنسي سنة 1956، بأنها من الدول الأكثر التزاما في المنطقة تجاه مشروع الوحدة المغاربية، سواء من حيث السياسات أو التشريعات، وفي ظل التوتّر الحاصل بين الدولتين الأكبر في المنطقة (الجزائر والمغرب) منذ قيام الدولة الجزائرية سنة 1962، تبنت تونس سياسة الحياد الايجابي، أي ذلك الحياد الذي يضمن بقاء العلاقات قوية وحيوية مع الشقيقتين الجزائر والمغرب، دون أن تنحاز لكليهما، خصوصا في القضية الأهم مثار الصراع بينهما، أي ما يعرف بالقضية الصحراوية”.

وأضاف لـ”القدس العربي”: “كما لم تسمح الدولة التونسية لأي من الشقيقتين (الدولة المغربية والدولة الجزائرية) بأن تفرض عليها وجهة نظرها، وهذا يعود إلى تقدير تونس أن مصالحها الثنائية والجماعية تقتضي مثل هذا النوع من الحياد البنّاء، فوجود الجزائر ضروري في إقامة علاقة متوازنة مع المغرب، ووجود المغرب ضروري في ضمان مصالح تونس أمام أي رغبة جزائرية في فرض توجهات أو سياسات أو مواقف على مركز القرار في تونس”.

واعتبر شوكات أن الرئيس قيس سعيد “ارتكب خطأ فادحا بإخلاله بهذا المبدأ في الحياد الايجابي، وهو ما انعكس سلبا على علاقاتنا مع الشقيق المغرب، وهو الدولة الوحيدة التي تملك تونس معها فائضا في الميزان التجاري، ناهيك عن العلاقات التاريخية القائمة عبر التاريخ، وخصوصا منذ الاستقلال عندما كان كلا البلدين في معسكر العالم الحر، بينما كانت الشقيقة الجزائر تدور في فلك السوفيات”.

وأضاف: “إنه لخطأ استراتيجي إذن خروج تونس عن مبدأ الحياد الايجابي في مجالها المغاربي، وكل خطوة تعيد الحرارة للعلاقات الثنائية التونسية المغربية لا يمكن النظر إليها إلا باعتبارها خطوة ضرورية وبنّاءة، وإن تأخرت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محسن- المغرب:

    ربما استشعرت تونس خطر الهيمنة الجزائرية على السيادة التونسية و يئست من الوعود

  2. يقول سعد المغربي:

    انتخاب رئيس جديد في تونس قريبا سيمحي ما خربه الرئيس الحالي قيس سعيد في العلاقات التاريخية بين المغرب و تونس.

  3. يقول الحسن:

    التنطع في السياسة الدولية خطير… لما جاء القذافي رحمه الله إلى السلطة اندفع كثيرا وانخرط في كثير من النزاعات البعيدة عن ليبيا وحتى عندما بدأ في التراجع ظلت الأطراف ترى فيه تلك الأخطاء، نفس الشيء فعله قبله جمال عبد الناصر رحمه الله ولم يبدأ في التراجع إلا بعد أن ضاعت فلسطين والقدس، نفس الشيء حاول قيس سعيد القيام به… لننظر فقط إلى الطريقة التي تم بها التخلي عن وزير خارجية تونس إبان أزمة المواطنة الجزائرية – الفرنسية بوراوي رغم أنه لم تكن له مسؤولية… لقد فهم مناصروا قيس سعيد أخيرا أن وضع كل بيض تونس في يد الجزائر خطير على تونس التي يعتبرها الساسة الجزائريون مجرد ولاية جزائرية، وعند أبسط خلاف يبدأون في القول أن تونس والمغرب لم تستقل وإنما وحدهم الجزائريون من استقلوا عن فرنسا.

    1. يقول عماد.ب/تونس:

      الرئيس في تونس سواء كان الرئيس الحالي قيس سعيد او كل الذين سبقوه رغم اختلاف طريقة حكمهم من ديمقراطي الى سلطوي، هم كلّهم يبنون العلاقات الخارجية للبلاد مع هته الدولة او تلك حسب مصالح الجمهورية التونسية ، وهو مبدأ راسخ في ابجديات الخارجية التوانسة ، هذا ما لم يفهمه الأخوة في المغرب الاقصى و حتى في الجزائر احيانًا ، فتراهم يأتون بتأويلات من نسيج الخيال لا أساس لها من الصحة و لا علاقة لها بمجال الدبلوماسية إطلاقًا، تونس هي الدولة الاقدم في المنطقة و الأكثر تجربة من الميدان السياسي و الدبلوماسي حيث بعض مؤسساتها تعود الى قرون خلت، و على هذا الأساس تتعامل تونس مع دول الجوار

  4. يقول بابا الصحراء الغربية:

    تونس الخضراء كلما نأت بنفسها عن النظام الملكي الوحيد في المنطقة المغاربية كلما كانت أسلم وفي تصوري أن الحدود المشتركة بين الدولتين الجمهوريتين تونس والجزائر وقطاعات مشتركة وتاريخ وعلاقات في ارتقاء أفضل من امانى لا تأتي

  5. يقول تونسي تونس الخضراء:

    المملكة المغربية دولة قائمة بذاتها لها دبلوماسية جد رزينة وموثوق بها ، المملكة المغربية تصدر لأكثر من ستمئة مليون نسمه الخضر والفواكه والسمك والسيارات والملابس وأجزاء الطائرات المدنية والحربية المملكة المغربية إشعاعها وصل جل أنحاء العالم مرآة إفرقيا وشمالها هي المملكة المغربية

  6. يقول HADJ BENHALIMA:

    تونس و موريتانيا و الجزائر والمحتل الاسباني و المستعمر الفرنسي ودول و ليبيا دول إفريقية جارة للمغرب.ماذا بقي لها.تونس منشغلة بانتخابات رئاسية و علاقة مع المغرب آخر اهتمام لها وماذا جنى أهل تونس من هذه العلاقة

  7. يقول مراد:

    العيب مع تونس هو استقبالهم للانفصاليين وهذا يعتبر استفزاز للمغرب اما ان يكون لنا سفير ام لا فهذا لايهمنا في المغرب وعلى تونس ان تسلك الطريق الذي يناسبها

  8. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل.
    هل كل دول تقبل الإملاءات !!!؟؟؟
    جاء في المقال ما نصه:
    “فالمغاربة لا يزالون يشعرون بنوع من خيبة الأمل من مسألة استقبال قيس سعيد لزعيم الجبهة الانفصالية في مراسم رئاسية” انتهى الاقتباس
    والتونسيون مازالوا يشعرون بنوع من خيبة الأمل من مسألة انزعاج المغرب وسحب سفيره بسبب قرار سيادي تونسي بخصوص استقبال قيس سعيد لرئيس الجمهورية العربية الصحراوية.

1 2 3

اشترك في قائمتنا البريدية