بيروت- “القدس العربي”: يتزامن الانسداد الرئاسي في لبنان مع مخاوف من توترات أمنية على خلفية الإجراءات الجديدة التي يتخذها الجيش اللبناني لجهة ترحيل نازحين سوريين ممن لا يملكون أوراقاً ثبوتية وفي ضوء إعطاء البلديات صلاحيات لتنظيم الوجود السوري في نطاقها حيث بدأت تنتشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإبلاغ النازحين المخالفين بضرورة المغادرة نهاية نيسان/إبريل الحالي.
وبعد المعلومات التي كشفت عنها “القدس العربي” عن ترحيل نازحين من قرى وبلدات في عاليه والشوف وكسروان، دعت بلدية بنت جبيل في بيان “الاخوة من الجنسية السورية المقيمين في مدينة بنت جبيل، للحضور إلى مبنى البلدية لتسجيل أسمائهم مع أفراد عائلاتهم لدى قلم البلدية في خلال يومين مع ضرورة إحضار جميع الأوراق الثبوتية المتعلقة بجميع أفراد العائلة، مع عقود الإيجار في حال وجودها مع الإقامات المسجلة لدى الأمن العام، ودفتر القيادة وأوراق التسجيل (الدراجة النارية أو السيارة التي يملكونها). وكل من يتخلف عن الحضور يعتبر مقيماً غير شرعي وغير قانوني. وعليه سوف يتم ترحيله مباشرة مع عائلته إلى الحدود اللبنانية على المصنع”.
واعتراضاً على هذه الإجراءات، دعت مجموعات من النازحين السوريين إلى تنظيم تجمع أمام مفوضية شؤون اللاجئين في بيروت للاحتجاج على ما يتعرّض له النازحون، ولوحظ أن دعوات مضادة انتشرت من لبنانيين على مواقع التواصل تنبّه من التعرّض لمواكب النازحين خلال انتقالها إلى بيروت، فيما دعت “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري” إلى اعتصام أمام مفوضية اللاجئين تزامناً مع تظاهرة النازحين السوريين.
وذكرت مصادر أمنية أن النازحين الذين تم ترحيلهم منذ أيام إلى الحدود عادوا بمعظمهم إلى لبنان بمساعدة مهربين، مقابل 100 دولار عن كل شخص.
وفي تعبير عن المخاوف من استخدام ورقة النازحين، أطلّ المعارض السوري كمال اللبواني في فيديو يهدّد فيه لبنان ويسخر من الجيش اللبناني، قائلاً “والله طلعتو رجال يا لبنان”، منتقداً “مرجلات الجيش على المخيمات”، وداعياً “الناس إلى أن تنظّم نفسها وتنتقم”، مضيفاً “كملوا لنشوف ونتمسك بحق الرد والبادي أظلم وبلا هالحيونة وستدفعون ثمنها، اقعد عاقل يا لبنان أحسن ما ننزع صباحك ومساءك”.
وفي المواقف، قالت منظمة العفو الدولية إنه “يجب على السلطات اللبنانية أن تكف فورًا عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرًا إلى سوريا، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم”.
ورأت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو آية مجذوب أنه “من المقلق للغاية أن نرى الجيش يقرر مصير اللاجئين، من دون احترام الإجراءات القانونية الواجبة أو السماح لأولئك الذين يواجهون الترحيل بالطعن في ترحيلهم أمام المحكمة أو طلب الحماية. ولا تجوز إعادة أي لاجئ إلى مكان تتعرض فيه حياته للخطر”، مشيرة إلى “أن لبنان مُلزم بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي الإنساني العُرفي بعدم إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر التعذيب أو الاضطهاد. وبدلًا من العيش في خوف بعد الفرار من الفظائع في سوريا، ينبغي حماية اللاجئين الذين يعيشون في لبنان من المداهمات التعسفية وعمليات الترحيل غير القانونية”.
في المقابل، غرّد النائب جميل السيد على “تويتر”: “نحن آخر من يمكن اتهامه بالعنصرية ولا سيما ضد السوريين، ومع ذلك فإن قضية النازحين هي أكبر وأخطر من أن يتحملها لبنان على المدى القصير والبعيد! وما تفعله بعض دول الغرب هو توطين بكل معنى الكلمة في الوقت الذي تسهّل فيه هجرة المسيحيين من لبنان، وكل زعيم لبناني ساكت حتى الآن هو متآمر”.
نحن آخر من يمكن إتهامه بالعنصرية ولا سيما ضد السوريين،
ومع ذلك فإنّ قضية النازحين هي أكبر وأخطر من أن يتحمّلها لبنان على المدى القصير والبعيد!
وما تفعله بعض دول الغرب هو توطين بكل معنى الكلمة في الوقت الذي تسهّل فيه هجرة المسيحيين من لبنان،
وكل زعيم لبناني ساكت حتى الآن هو متآمر— اللواء جميل السيّد (@jamil_el_sayyed) April 25, 2023
وفي تغريدة ثانية، قال: “سبع مدارس مخصصة للنازحين يجري بناؤها في عدة مناطق، كل بناء من ثلاثة طوابق وكل طابق 600 متر مربع، مع ملاعب وغيرها!”. وأكد أن “وزارة التربية ملزمة بتعليمهم المنهاج الدراسي اللبناني، وليس المنهاج السوري، وهذا معناه أن الخطة بأن لا يعودوا أبدًا إلى بلدهم!”، وختم “وغدًا ستكون هنالك أسلحة في مخيماتهم”.
٢/٢
سبعة مدارس مخصصة للنازحين يجري بناؤها في عدة مناطق، كل بناء من ثلاث طوابق وكل طابق ٦٠٠ متر مربع، مع ملاعب وغيرها!
وزارة التربية ملزمة بتعليمهم المنهاج الدراسي اللبناني وليس المنهاج السوري،وهذا معناه ان الخطة بأن لا يعودوا ابداً الى بلدهم!
وغداً ستكون هنالك أسلحة في مخيماتهم— اللواء جميل السيّد (@jamil_el_sayyed) April 25, 2023
من ناحيته، لفت رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل إلى أن “لبنان استقبل أكثر من مليون و800 ألف نازح وتعامل معهم بأفضل الطرق الإنسانية، لكننا اليوم أمام مرحلة جديدة لأن الأعمال القتالية في سوريا انتهت، ولم يعد هناك معارك مفتوحة وبات هناك امكانية لعودتهم الى بلادهم”.
وعبّر خلال لقائه منسّقة الأمم المتحدة يوانا فرونتسكا عن الهواجس والملاحظات حول طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع لبنان بما يتعلق بملف الوجود السوري. وقال: “لبنان اليوم لم يعد يحتمل وأصبحنا ثالث أكبر بلد مكتظ في العالم من دون بنى تحتية، وكل من يعطينا أمثولة في هذا الموضوع لا سيما الدول الأكثر تطوراً في مجال حقوق الانسان مثل الدنمارك والسويد رحّلت لاجئين، وحان الوقت كي نغيّر طريقة تعاطينا في هذا الموضوع”، مشيراً إلى “أن بعض الناشطين في المعارضة السورية مطلوبون للعدالة في سوريا ولكن أكثريتهم غير معرّضين للخطر في حال عودتهم وهم يعتبرون ان الوضع في لبنان افضل من سوريا، وبالتالي باتوا مهاجرين اقتصاديين لا لاجئين بالمعنى القانوني الدولي، من هنا لم يعد بإمكاننا التعاطي مع هذا الملف كما كنا نتعاطى في السابق”.
أبرز ما جاء في المؤتمر الصحافي لرئيس الكتائب #سامي_الجميّل عن الوجود السوري في لبنان.https://t.co/Ojn9DfrlQo@samygemayel pic.twitter.com/rTqiULLbwA
— Lebanese Kataeb Party (@LebaneseKataeb) April 25, 2023
بدوره، حذّر رئيس حركة “الناصريين الأحرار” زياد العجوز من “أن ملف الإخوة النازحين السوريين في لبنان قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، ونتوجّه إلى المسؤولين بأخذ هذا الخطر على محمل الجد واتخاذ الإجراءات اللازمة لوأده قبل فوات الأوان”. وختم: “الحل بتنظيم وجودهم والعودة إلى وطنهم وإلا فلتان أمني كبير في الانتظار”.
أشار رئيس حركة “التغيير” المحامي ايلي محفوض الى أن “دخول النازحين السوريين الى لبنان بدأ بزمن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي 2011 مع طاقم وزاري من فريق الثنائي الأسد ونصرالله وكان للتيار الوطني 11 وزيرا . النتيجة كانت تفاقم الأزمة ورفض هؤلاء إقامة مخيمات على الحدود السورية.
وقال في تصريح:” جاء يوم الحساب وسوف نحاسبكم على ما اقترفتموه. لن نسكت بعد اليوم”.
حذرنا سابقا بأن ملف الأخوة النازحين السوريين في لبنان قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
اليوم نتوجه من المسؤولين أخذ هذا الخطر على محمل الجد واتخاذ الإجراءات اللازمة لوأده قبل فوات الأوان.
تنظيم وجودهم والعودة الى وطنهم هو الحل وإلا الفلتان الأمني الكبير بالإنتظار.#لبنان— Dr. Ziad Ajouz (@ZiadAjouz) April 25, 2023