بغداد ـ «القدس العربي»: تشهد مدن العراق العديد من الفعاليات والقضايا المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي والتظاهر، وسط اتهامات من ناشطين ومنظمات حقوقية محلية ودولية، بمسؤولية السلطات الأمنية وبعض الفصائل المسلحة، عن وقوع انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان وإفلات القائمين بها من العقاب.
وبالرغم من الإعلان الرسمي عن مراعاة حقوق الإنسان وحرية التعبير والتظاهر، فقد تنوعت الانتهاكات في الآونة الأخيرة، بين التضييق على التظاهرات وملاحقات لناشطين واعتداءات على إعلاميين ومهاجمة وإغلاق قنوات فضائية ، إضافة إلى انتقادات دولية لحكومة العراق بسبب تجميد مفوضية حقوق الإنسان وتصاعد الإعدامات في السجون.
مواجهات في ذكرى مجزرة الناصرية
ولعل الحدث الأبرز هذه الأيام في إطار التمسك بحرية التظاهر والرأي المعارض التي كفلها الدستور العراقي، هي الفعاليات التي شهدتها مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، لإحياء الذكرى السنوية الخامسة لمجزرة جسر الزيتون التي وقعت في المدينة وما رافقها من تطورات، حيث تم تنظيم تظاهرات واسعة ومسيرة راجلة من ساحة الحبوبي باتجاه جسر الزيتون، حمل خلالها المتظاهرون نعوشا رمزية وصور ضحايا المجزرة مع رفع الأعلام العراقية ولافتات تطالب بالقصاص من المتورطين بالمجزرة، كما أوقدت أسر الشهداء وأصدقاؤهم الناشطين، الشموع في الموقع الذي سقط فيه عشرات الضحايا المطالبين بالإصلاح والخدمات والحريات.
وبالتزامن مع فعاليات إحياء الذكرى الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيدا و500 جريح من متظاهري المحافظة المذكورة على يد قوات أمنية حكومية، اشار سياسيون وناشطون في مواقع التواصل، إلى وجود حملة أمنية واسعة لاعتقال الناشطين الذين اشتركوا في الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح والخدمات.
وتطرق الناشطون عبر مواقع التواصل ووسائل الإعلام، إلى استقدام تعزيزات أمنية كبيرة من خارج محافظة ذي قار ونشرها وبصورة كثيفة مع قوات أخرى محلية ومئات الآليات العسكرية في أنحاء مركز مدينة الناصرية ونقاط التفتيش، مشيرين إلى “تعرض المتظاهرين وأسر الضحايا إلى استفزازات وتجاوزات”.
وشارك في التظاهرات جمهور واسع من الشباب وأهالي المحافظة وعدد من النواب العراقيين المستقلين الذين يمثلون حركة تشرين، فيما طالب المحتجون بإقالة قائد شرطة المحافظة الجديد اللواء نجاح العابدي، بسبب “استهدافه متظاهري تشرين” في حملة الاعتقالات، حسب قولهم.
ووقعت مجزرة جسر الزيتون عام 2019 عندما قامت قوة عسكرية خاصة بقيادة الفريق جميل الشمري بالتقدم فجرا لفتح جسر الزيتون المغلق من قبل المحتجين، ثم بدأوا إطلاق النار عليهم وهم نيام في خيم الاعتصام، فسقط العشرات بين شهيد وجريح. وأعقب ذلك تصاعد في التظاهرات والمواجهات الساخنة التي وقعت بين المحتجين من جهة وقوات الأمن وعناصر من الفصائل المسلحة من جهة أخرى، والتي رافقها حصول حرائق في بعض المقرات العسكرية، وموجة غضب استمرت أياما، مع إغلاق جسور المدينة، وسط حالة من الخوف بين الناس حينها. وتعد حادثة جسر الزيتون أحد أبرز أسباب استقالة رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي، وتغيير مناصب أمنية عليا بالمحافظة.
وبالرغم من تعهد الحكومة بتقديم قتلة المتظاهرين إلى العدالة، ورغم إعلان مجلس القضاء الأعلى عن فتح تحقيق في عمليات القتل التي حصلت ضد المتظاهرين في الناصرية، لكن ذلك كان مجرد إجراء للتهدئة حسب الناشطين، حيث ما زال القادة العسكريين المسؤولين عن ارتكاب المجزرة يمارسون عملهم في الأجهزة الأمنية الحكومية.
وتضامنا مع ذكرى مجزرة جسر الزيتون، نظم نشطاء من النجف تجمعا احتجاجياً للتضامن مع حراك الناصرية، وذلك في ساحة ثورة العشرين، للتنديد بحملة الاعتقالات التي طالت نشطاء في المدينتين، واصفين إياه بأنه “استفزاز وتكميم للأفواه” كما أعلنوا رفضهم لاعتقال عضو مجلس محافظة النجف أكرم شربة، مبينين أن ذلك جاء على خلفية فتحه ملفات الفساد.
وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، قال خلال مؤتمر صحافي في مقر قيادة شرطة محافظة ذي قار بالمحافظة، إن “هناك بعض الأساليب المرفوضة والتي لن نسمح بها إطلاقًا”. وأقر ميري أن محافظة ذي قار، تشهد حالات تختلف نوعا ما عما هو موجود في المحافظات الأخرى”. وفيما أكد ميري أن “الوزارة لن تسمح بأي شكل من الأشكال بحرق الإطارات مرة أخرى أو قطع الطرق أو الاعتداء على المصالح العامة” فإنه كشف أن “عدد المعتقلين في المحافظة بلغ 578 شخصاً”.
أما التهمة التي وجهت إلى المعتقلين من أبناء المدينة فهي: “الدعوة للاحتجاج، والتحريض على التظاهر، وزعزعة الاستقرار والأمن في المحافظة” حسب لجنة الدفاع عن متظاهري انتفاضة تشرين التي أعلنت أن عدد المعتقلين الذين تم تحويل أماكن احتجازهم وتسفيرهم بظروف أمنية مشددة إلى بغداد 24 شخصاً، منهم تدريسيان وحملة شهادات عليا. تقول اللجنة: “إن التحقيق جرى عن أحداث حصلت خلال تظاهرات تشرين 2019. وأن أعداد من تم إصدار مذكرات إلقاء قبض بحقهم في الناصرية منذ عام 2019 وحتى الآن يتراوح ما بين 800 و900 شخص”.
وتعد مدينة الناصرية من أبرز مناطق التظاهرات الاحتجاجية في جنوب العراق المطالبة بالإصلاح وانتقاد الفساد وعسكرة المجتمع.
اعتداءات على إعلاميين ونشطاء
وضمن استمرار سلسلة الاعتداءات والملاحقات والتهديدات التي يتعرض لها رجال الصحافة والإعلام والرأي في العراق، تعرض مدير مكتب قناة “الشرقية” في محافظة نينوى جمال البدراني، إلى اعتداء قبل أيام من مسلحين أثناء أداء عمله الصحافي، ما أثار موجة استنكار من الأسرة الصحافية والأحزاب والمنظمات المدافعة عن حقوق الصحافيين.
وأعلنت قناة “الشرقية” أنّ مدير مكتبها في محافظة نينوى جمال البدراني تعرض إلى اعتداء “على يد 3 عناصر ينتمون إلى فصيل مسلح” وبثت مشاهد تظهر سيارة من نوع “بيك آب” تلاحق سيارة البدراني، وصورًا لجروح أصيب بها إثر تعرضه للضرب على يد الأشخاص الثلاثة حسب القناة. وازاء ذلك الاعتداء الجديد أعلنت محكمة تحقيق نينوى، فتح التحقيق بخصوص الاعتداء على البدراني وتحديد المعتدين .
وفي إجراء آخر يعكس فرض القيود على حرية الرأي، تم قبل أيام، إغلاق مقر قناة “إم بي سي” في بغداد من قبل فصائل مسلحة هاجمت المبنى وطردت العاملين فيه وحطمت محتوياته، إضافة إلى إجراء من هيئة الإعلام والاتصالات الحكومية، التي قررت وقف عمل قناة “إم بي سي” السعودية في العراق وعزمها على “إلغاء رخصة عملها” وذلك “بالنظر لانتهاكها للوائح البث الإعلامي” حسب الهيئة. وجاء قرار إغلاق القناة المذكورة بعد بثها برنامجا اتهم الفصائل المسلحة في لبنان والعراق بكونها حركات إرهابية وليست حركات مقاومة.
وليس بعيدا عن هذا الإطار، تعرضت مؤخرا أربع من الناشطات في الناصرية جنوب العراق إلى الاعتقال بسبب كتاباتهن ونشاطاتهن في التظاهرات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد أفاد ناشطون انه جرى الأسبوع الماضي اعتقال الناشطات (ماجدة العبودي، ريام الناصرية، نور الناصري) من قبل السلطات الأمنية، حيث تم لاحقا وبعد تدخل العشائر وسياسيين، إطلاق سراح ريام ونور، بكفالة، ولا تزال ماجدة العبودي في السجن، حتى الآن، حسب قولهم.
كما تعرضت الناشطة دعاء الأسدي، العاملة في مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية، إلى الاعتقال من قبل قوة أمنية، قامت بمداهمة مقر عملها واعتقالها. وكانت دعاء التي سبق وتعرضت إلى رسائل تهديد لإيقافها عن النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لدعم الاحتجاجات، قد تعرضت إلى محاولة اعتداء في ساحة الحبوبي في مركز المدينة من قبل مجموعة أشخاص مدنيين، ولكن المواطنين تصدوا للمعتدين ومنعوا اعتقالها.
فصل طلاب بسبب آراءهم
ولعل قيام بعض الكليات قبل أيام، بمعاقبة طلاب فيها بسبب آراءهم ومواقفهم من مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، مؤشر على وجود جهد متواصل لتقييد حرية الرأي لدى الطلبة.
وفي هذا السياق جاء قرار كلية النخبة الأهلية، بمعاقبة طالب، بعد نشره منشورا اعتبرته مسيئا لأمين عام حزب الله حسن نصر الله بعد مقتله.
وحسب وثيقة، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، انه “تقرر معاقبة الطالب أحمد فائق حسين، قسم طب الأسنان – المرحلة الثالثة، بالفصل للعام الدراسي الحالي”. فيما عاقبت جامعة الفارابي الأهلية، طالبا آخر فيها بعد نشره على حسابه في إنستغرام منشوراً شامتاً باستشهاد السيد حسن نصر الله. وأكد ناشطون أن جامعة الفارابي شكلت لجنة انضباطية فيها للنظر في هذه الحالة مع توقع أن تكون عقوبته الفصل لمدة محددة.
وللتعبير عن الدعم نظم ناشطون وقفة احتجاج بعد قيام الأجهزة الأمنية باعتقال مهند الزيادي وأزهر الزيادي، وذلك بسبب دعوى تعود إلى قبل 5 أشهر، حيث كانا في تظاهرة تطالب بالخدمات في ذلك الوقت. واعتبر الناشطون ذلك تصعيدا وطالبوا بالإفراج عنهم أو ستكون هناك خطوات بالطرق السلمية والقانونية وأيضا أشاروا إلى تنسيق مع عدد من المحامين للدفاع عنهما.
عودة بعض مغيبي كركوك
وفي شأن آخر، يعد ملف المغيبين في العراق إحدى القضايا الشائكة ذات الأبعاد الإنسانية المؤلمة للضحايا وذويهم ومؤشر على واقع حقوق الإنسان. وفي محافظة كركوك شمال العراق، اثير مجددا ملف المغيبين العرب المعتقلين لدى بعض الأحزاب الكردية منذ سنوات من دون مبرر قانوني.
فقد أعلنت السلطات الأمنية في محافظة السليمانية (التي يديرها الاتحاد الوطني الكردستاني) عن إطلاق سراح وجبة من المعتقلين العرب من سكان محافظة كركوك الموجودين في سجونها.
وتجمع عدد كبير من ذوي المغيبين والمعتقلين من أهالي كركوك قرب سيطرة جيمن على طريق السليمانية، في انتظار وصول وجبة من سجون السليمانية، آملين أن يجدو ذويهم من بين الواصلين.
وكان النائب عن محافظة كركوك وصفي العاصي قد أعلن عن تسلم استخبارات كركوك لملفات الوجبة الأولى من المعتقلين والمغيبين، وذلك ضمن الاتفاق السياسي الذي قاد لتشكيل حكومة كركوك المحلية، فيما دعا العاصي أعضاء مجلس محافظة كركوك من العرب أن يضغطوا باتجاه جلب المعتقلين في أربيل أيضاً.
وأشار العاصي إلى “وجود اتفاق بين الأحزاب السياسية في كركوك، أن لا يبقى أي معتقل أو مغيب من كركوك في السليمانية” كما طالب حكومة أربيل أن يكون لهم نفس مبادرة حكومة السليمانية، قائلا “لدينا مغيبين في أربيل أيضا، وأملنا أن يساهم الأخوة في أربيل بعودة المغيبين من أهالي كركوك، فهذه قضية إنسانية ليس لها علاقة بالمسائل السياسية، والناس ينتظرون وصول أبنائهم”.
وفي لقاءات متلفزة مع بعض أقارب المعتقلين في منطقة الانتظار، أعلن مواطن عربي من كركوك أن شقيقه عبد الخالق عطية اعتقل منذ عام 2014 ومعه اثنان من أبناء عمومته، على يد قوة أمنية من الاتحاد الوطني الكردستاني الذين أبلغوهم انهم مطلوبون فقط لمجرد السؤال عن بعض القضايا. ولكنهم بقوا رهن الاعتقال منذ ذلك التاريخ من دون وجود تهمة محددة أو حكم قانوني، وبدون ان يعرفوا حتى مكان اعتقالهم.
وكانت السلطات الأمنية في محافظة كركوك قد اعتقلت أعدادا كبيرة من العرب في المحافظة بشبهة العلاقة مع تنظيم “داعش” الذي سيطر على بعض مناطق المحافظة للفترة من 2014 و 2017 ولكن لم تصدر ضدهم أحكام قضائية أو تهم واضحة وبقي المئات منهم رهن الاعتقال.
انتقاد عمليات الإعدام في العراق
ولم يكن المجتمع الدولي بعيدا عن أوضاع حقوق الإنسان في العراق، وفي تكرار للانتقادات الدولية لتصاعد عمليات الإعدامات في العراق أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها بتاريخ 19/11/2024 بأن الحكومة العراقية كثفت تنفيذ عمليات الإعدام التي وصفتها بانها “غير قانونية” ووسعت نطاقها خلال عام 2024.
وفي تقريرها المذكور، وجهت المنظمة الحقوقية، انتقادات للحكومة العراقية، متهمة إياها بتصعيد وتيرة عمليات الإعدام “غير القانونية” وتوسيع نطاقها خلال عام 2024 مطالبة السلطات باتخاذ خطوات نحو “الإلغاء التام” لعقوبة الإعدام، وأشارت إلى تعرّض سجناء للتعذيب قبل إعدامهم، لافتة إلى أنها اطّلعت على صور “لثلاث جثث أُفرج عنها بعد الإعدام” ظهرت فيها “علامات مرئية لسوء المعاملة أو التعذيب، بما في ذلك كدمات شديدة وكسور في العظام وجروح وهزال”.
ووثقت كذلك حالات تشير إلى “قيام السلطات العراقية بشكل متزايد بتهديد نزلاء محكوم عليهم بالإعدام وجماعات غير حكومية لتحدثهم علنا عن الظروف في سجن الناصرية المركزي في محافظة ذي قار” مشيرة إلى أن “نحو ثمانية آلاف شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم”. كما لفتت المنظمة إلى أن بعض ممن قابلتهم من عائلات أو محامي المحكوم عليهم بالإعدام قال “إنه تلقى إشعارا مسبقا بالإعدامات” موضحة أن بعضهم تلقوا اتصالا “لتسلّم الجثث بعد أشهر من الإعدام”. ودعت “هيومن رايتس ووتش” الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، إلى التوقف عن المصادقة على أحكام الإعدام قبل تنفيذها.
وكانت العديد من المنظمات الحقوقية، انتقدت سوء الظروف الإنسانية في السجن المعروف باسم “سجن الحوت” بعد الأخبار عن حصول انتهاكات وسوء معاملة للسجناء أقر بها مسؤولون حكوميون في وزارة العدل العراقية والبرلمان.
غياب مفوضية حقوق الإنسان
ومن جانب آخر توجه منظمات حقوقية وسياسيون، انتقادات إلى الحكومة العراقية والبرلمان، بسبب عدم انتخاب قيادة جديدة لمفوضية حقوق الإنسان المستقلة في العراق منذ سنوات، وسط اتهامات للأحزاب المتنفذة بالتدخل السياسي في عمل المفوضية.
فقد كشف النائب المستقل حميد الشبلاوي، عن أزمة دولية تتعلق بعدم وجود مفوضية حقوق إنسان في العراق، موجهاً نداء إلى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لمنع التدخلات السياسية في اختيار المفوضية الجديدة.
وقال الشبلاوي، في تصريح صحافي إن “المفوضية العليا لحقوق الإنسان انتهى عملها في عام 2020 وتسبب ذلك بأزمة دولية على اعتبار أن العراق فقد التمثيل بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان للدول العربية”.
وأضاف أن “هناك انتخابات دورية للدول العربية تكون رئاسة مجلس مفوضية حقوق الإنسان كل سنة لدولة، وان العراق فقدها بسبب عدم وجود مفوضية لحقوق الإنسان في البلاد، وأن هذا شيء تسبب في زيادة معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات وزيادة حالات الطلاق وهذا أيضا تسبب بفقدان العراق عضويته لمجلس حقوق الإنسان في الدول العربية”.
وأشار الشبلاوي، إلى أن “القوى السياسية تتدخل اليوم بعمل مجلس النواب وتريد اختيار أعضاء لمجلس المفوضين لحقوق الإنسان، وكأن المفوضية حزبية وغير مستقلة” موجهاً نداء استغاثة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بـ”التدخل وحسم مفوضية حقوق الإنسان بدون تدخل حزبي وان تكون مفوضية مستقلة غير متحزبة”.
وفي السياق ذاته حذر الخبير القانوني سعد سلطان حسين من عواقب قرار رئيس الوزراء محمد السوداني تعيين سعد العبدلي (من الأحزاب الشيعية) بمنصب مستشار لحقوق الإنسان في المفوضية العليا المستقلة، وهي درجة بصلاحيات وكيل وزارة. وأكد حسين أن هذا الأمر سيفتح باباً لتدخل السلطة التنفيذية في عمل المفوضية سيما وأن قانون المفوضية رقم 53 لعام 2008 لم ينص على “منصب مستشار” لأعضاء المفوضية بل درجة مدير عام. واشار إلى “أن الخطوة تعد مخالفة قانونية لقرار المحكمة الاتحادية رقم 43 لعام 2019 والذي يؤكد على استقلالية عمل المفوضية، ما يتعارض مع استقلالية المفوضية، ويؤدي إلى تحولها من جهة رقابية على الحكومة والوزارات إلى أداة حكومية” حسب قوله.
وهكذا يتضح أن دعوة الحكومة العراقية لاحترام حرية الرأي واحترام حقوق الإنسان، تقابلها سلوكيات الكثير من المسؤولين الحكوميين وبعض العناصر في الأجهزة الأمنية والفصائل المسلحة من خلال تحركهم لقمع الرأي المعارض من قبل الناشطين والإعلاميين والقنوات الفضائية، الذي ينتقد اخفاق الحكومة في تلبية احتياجات المواطنين أو يفتح ملفات الفساد أو يعارض انتهاكات حقوق الإنسان.