إسطنبول- “القدس العربي”: بالتزامن مع لقاء وزيري خارجية تركيا واليونان لأول مرة منذ نحو ثلاثة أشهر والاتفاق على بدء المفاوضات الاستكشافية بين البلدين، أعلنت أثينا مناورات عسكرية جديد في بحر إيجه وشرق المتوسط وهو ما ردت عليه تركيا فوراً بإعلان مماثل لإجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية في المنطقة في تصعيد جديد أعاد التكهنات حول وجود ضغوط فرنسية كبيرة على أثينا لمواصلة التصعيد في أزمة شرق المتوسط.
وفي أول لقاء رسمي بين مسؤولين من البلدين منذ نحو ثلاثة أشهر وصل فيها التوتر بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة، بحث وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس قضايا ثنائية وإقليمية، وذلك على هامش مشاركتهم في منتدى “براتيسلافا” للأمن العالمي المقام في سلوفاكيا.
وبعد أن قالت وكالة الأناضول الرسمية إن الوزيرين بحثا القضايا الثنائية ولا سيما النزاعات الناشئة حول شرق المتوسط وجزيرة قبرص، أعلن وزير الخارجية التركي التوصل إلى اتفاق مع نظيره اليوناني على موعد إجراء محادثات استكشافية بين البلدين، دون الكشف عن الموعد الذي جرى التوافق عليه.
ومنذ أسابيع، ضغطت ألمانيا على طرفي النزاع لتخفيف حدة التوتر والعودة إلى المباحثات السياسية وذلك عبر استئناف المفاوضات الاستكشافية بين البلدين والمتوقفة منذ عام 2016، عقدت في السنوات السابقة 60 جولة من هذه المباحثات فشلت جميعها في التأسيس لمفاوضات تفصيلية ينتج عنها حل الخلافات الجذرية بين البلدين والمتعلقة بالحدود البحرية والجرف القاري والمناطق الاقتصادية الخالصة.
وفي خطوة مفاجئة، أعلنت اليونان ظهر الخميس انذاراً بحرياً لإجراء مناورات عسكرية في بحر إيجه وشرق المتوسط في خطوة وصفتها تركيا بـ”الاستفزازية” وردت عليها فوراً بإعلان إنذار بحري لإجراء مناورات بالذخيرة الحية في نفس المنطقة حتى نهاية الشهر الجاري، وهو ما يتوقع المراقبون أن يعيد أجواء التصعيد وخطر الصدام مجدداً إلى المنطقة.
وقبل أيام أيضاً، وبالتزامن مع إعلان أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) تأسيس آلية لفض النزاع لتقليل خطر وقوع حوادث بحرية أو جوية بين البلدين في بحر ايجه وشرق المتوسط، أعلنت اليونان إجراء مناورات حربية في منطقة متنازع عليها شرق المتوسط، وهو ما ردت عليه أنقرة بإعلان مناورات بالذخيرة في نفس المكان والتوقيت.
هذا التضارب في سير الأحداث ما بين التهدئة والتصعيد دفع تركيا لاتهام فرنسا بأنها الطرف المسؤول عن تحريض اليونان على استمرار التصعيد العسكري شرق المتوسط.
هذا التضارب في سير الأحداث ما بين التهدئة والتصعيد دفع تركيا لاتهام فرنسا بأنها الطرف المسؤول عن تحريض اليونان على استمرار التصعيد العسكري شرق المتوسط
وقال مصدر تركي لـ”القدس العربي”: “نحن نؤمن أن فرنسا هي المحرض الأساسي وهي من تدفع اليونان للتصعيد، الجميع يرى كيف تضطر اليونان بضغط ألمانيا للتقدم في المفاوضات الاستكشافية وكيف تتعاون مع الناتو في تأسيس آلية منع الاشتباك، وكيف تنجر للتصعيد في نفس الوقت بإعلان مناورات حربية رغم ميل تركيا للتهدئة، هذا كله يأتي بتحريض فرنسي وضمن مخطط (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لاستمرار التصعيد واشعال شرق المتوسط لأهداف خبيثة”، على حد تعبيره.
وأشار العديد من الكتاب الأتراك إلى أن ماكرون غاضب جداً ويشعر بـ”الفشل” عقب فشله في الضغط على القادة الأوروبيين والوصول إلى اجماع لفرض عقوبات كبيرة على تركيا في قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت بداية الشهر الجاري واكتفت بالدعوة للحوار والتلويح بعقوبات على تركيا، معتبرين أن ماكرون يدفع اليونان للقيام بخطوات استفزازية لاستجلاب رد تركي يمكنه من الحصول على اجماع أوروبي لفرض عقوبات على تركيا.
وطوال الأسابيع الماضية حشدت تركيا واليونان سفنهما الحربية في شرق البحر المتوسط، وأطلق الجانبان تهديدات متبادلة وصلت حد التلويح باستخدام القوة العسكرية، إلى جانب فرنسا التي أرسلت طائرات وسفنا حربية ولوحت بالقوة ضد تركيا، قبل أن تعود كافة الأطراف للغة الدبلوماسية مجدداً بضغط من الناتو، حيث وجد الحلف نفسه أمام استحقاق تاريخي بضرورة تفادي أزمة يمكن أن تتحول إلى مواجهة عسكرية كارثية بين عضوين من الحلف.
وفي تصريحات أدلى بها لصحيفة “ذا بينينسولا” القطرية، الناطقة بالإنكليزية، الخميس، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن “الجهات التي رأت حزمنا وأدركت أنها لن تستطيع دفعنا للتراجع اضطرت اليوم إلى الإنصات لدعواتنا من أجل الحوار”، مضيفاً: “فرنسا التي تشتهر بالاستعمار، حرضت اليونان وجنوب قبرص الرومية في المتوسط، واليوم تحرض أرمينيا، والسبب وراء ذلك يكمن في الدور المؤثر الذي تقوم به تركيا بالمنطقة”.
في سياق متصل، وما بين أجواء التصعيد والتهدئة المضطربة، أعلنت جمهورية شمال قبرص التركية فتح شاطئ منتج تاريخي مهجور منذ انقسام الجزيرة عام 1974 وذلك في خطوة باركتها تركيا ورفضها اليونان وقبرص الجنوبية، وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية إن بلاده تدعو إلى التراجع عن هذه الخطوة، محذرا من أن أثينا ونيقوسيا على استعداد لطرح القضية أمام اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.
قال لي جاري اليوناني، بأن عدد سكان إستنبول وحدها يساوي عدد سكان اليونان جميعها، أظن ان ساسة اليونان على علم بذللك أيضاً .