القاهرة ـ «القدس العربي»: تواصلت في مصر الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين في السجون، حسب ما رصدته منظمات حقوقية مستقلة.
انتهاكات ممنهجة
فقد وثقت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان» استمرار ضابط الأمن الوطني حمزة المصري، في ممارسة انتهاكات ممنهجة بحق المعتقلين السياسيين في سجن برج العرب، في تجاوز سافر للدستور والقوانين المصرية، واللوائح الداخلية للسجون، فضلاً عن خرقه الواضح للمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي تلتزم مصر بها.
وسجن برج العرب، يقع في منطقة صحراوية في محافظة الإسكندرية.
حسب بيان المنظمة الحقوقية، منذ أكثر من عشرة أيام، يخضع المعتقلون لتعذيب نفسي ممنهج وعنف شديد، حيث لجأ ضابط الأمن الوطني إلى إجراءات قمعية دون وجه حق.
ومن الإجراءات، التي رصدتها المنظمة، تغريب العشرات من المعتقلين إلى سجون مجهولة، في عملية تندرج تحت جريمة الاختفاء القسري، إذ لم يتم إبلاغ ذويهم أو محاميهم عن أماكن احتجازهم، إضافة إلى تعرض باقي المعتقلين للإيداع في زنازين التأديب لفترات طويلة دون أي مخالفات تذكر أو إجراءات قانونية.
ولفتت إلى ما يشهده السجن من تقليص حقوق المعتقلين بشكل غير قانوني، بمنعهم من التريض، وهو حق أساسي لضمان صحتهم الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى تقليص وقت الزيارة إلى الحد الأدنى ومنع دخول العديد من المستلزمات الضرورية، بما في ذلك الأدوية التي يحتاجها المرضى، ما يعرض حياتهم للخطر.
ووفق المنظمة، في تصعيد خطير، يقدم ضابط الأمن الوطني على قطع الكهرباء بشكل متكرر عن الزنازين، وهو فعل يعد بمثابة تعذيب جماعي يجرمه القانون الدولي، ما تسبب في حالات اختناق وإغماء لعدد من المعتقلين المرضى، الذين يعانون من ظروف صحية مزمنة.
وأكدت أن قطع الكهرباء يرافقه اقتحام الزنازين ليتم تجريد المعتقلين من متعلقاتهم الشخصية، بما في ذلك الطعام والأدوية التي يحتاجون إليها، بالإضافة إلى نزع الفرش، ما يتركهم في ظروف لا إنسانية في مخالفة صريحة للمادة 51 من اللائحة الداخلية للسجون المصرية، والتي تضمن حصول السجناء على متطلباتهم الأساسية.
الانتهاكات المستمرة، حسب بيان المنظمة، دفعت عددا من المعتقلين إلى محاولة الانتحار بسبب اليأس والإحباط الناتج عن القمع المتواصل، وجرى نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، لكن بدلاً من منحهم الرعاية المناسبة، أعاد ضابط الأمن الوطني بعضهم إلى زنازين التأديب في محاولة لترهيب الآخرين.
إضراب مفتوح
وأكدت المنظمة، أن باقي المعتقلين في العنبر دخلوا في إضراب مفتوح احتجاجا على سوء المعاملة، ورفضوا استلام التعيين (وجبات الطعام المقررة) وامتنعوا عن الخروج للزيارة، كرد فعل طبيعي على الانتهاكات المستمرة. إلا أن مباحث السجن، تحت إشراف حمزة، أجبرت المعتقلين على كسر الإضراب بالقوة، في انتهاك لحقهم في الاحتجاج السلمي.
وختمت بيانها، بالتأكيد على أن تصرفات ضابط الأمن الوطني ليست فقط انتهاكا للدستور والقوانين الوطنية التي تضمن حقوق السجناء، بل هي انتهاك صارخ لاتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالت الانتهاكات أسر المعتقلين، حيث أجبرت قوات الأمن في سجن برج العرب زوجات وبنات المعتقلين على خلع ملابسهم أثناء التفتيش قبل الدخول للزيارة، حسب «مركز الشهاب لحقوق الإنسان».
وقال المركز في بيان: تعرضت أسرة المعتقلين حسين البحار، وعبد الرحمن أحمد، خلال الزيارة لتفتيشٍ مذل وغير أخلاقي من قبل نساء الأمن، حيث تم إجبار أحد أفراد الأسرة على خلع ملابسها، في حادثة ليست هي الأولى التي يتعرض لها الأهالي من هذا النوع من الإهانة.
وتابع: أحد المعتقلين أبدى رد فعل غاضب نتيجة لما حدث مع أسرته ما أدى إلى حدوث مشكلة مع ضابط الأمن الوطني المسؤول الرئيسي عن ما يجري في سجن برج العرب من تعذيبٍ وانتهاكات، الذي لم يتوان في تنكيله ففرض عقابا قاسيا جماعيا على المعتقلين في العنبر بأكمله بقطع الكهرباء عنهم لمدة 8 ساعات يوميًا، ما أدى إلى حالات اختناق بين المعتقلين كبار السن، ولم يكتفي بذلك بل تم تفريق المعتقلين في الغرف وتوزيعهم على عنابر السجناء الجزائريين كذريعة واهِيَة لتصعيد القمع.
وواصل المركز في بيانه: لكن القمع وصل إلى ذروته عندما رفض 7 معتقلين الخضوع لهذه الانتهاكات وحاولوا إنهاء حياتهم، في مشهد مروع يعكس حجم اليأس والظلم الذي يعانونه.
لم تقتصر الانتهاكات على المعتقلين الرجال، بل امتدت للنساء المعتقلات في سجن العاشر من رمضان.
وحسب منظمات حقوقية، فإن الانتهاكات مستمرة ضد السجينات السياسيات بسجن العاشر من رمضان لليوم السادس على التوالي.
عقاب جماعي
وتعمدت إدارة السجن إبقاء الأضواء في الزنازين لمدة 24 ساعة يوميا، ما تسبب في مشاكل نفسية وصحية خاصة لكبار السن وذوي الحالات الطبية، بالإضافة إلى حرمان السجناء من ممارسة الرياضة وإغلاق «الندرة» (فتحة صغيرة في الباب الحديدي للزنزانة المستخدمة للاتصالات).
وبدأت هذه الإجراءات كعقاب جماعي بعد أن احتج بعض السجينات الجنائيات على انقطاع التيار الكهربائي استمر حوالي ساعتين ليلة الأربعاء الماضي.
وردا على ترديد السجينات الأغاني أمر مدير السجن بمنع التمارين الرياضية وإغلاق «الندرة» والإنارة الدائمة في الزنازين ليلا ونهارا.
يذكر أن كل زنزانة تحتوي على 8 مصابيح، كل مصباح يحتوي على أنبوبين، تصدر ضوء عالي الكثافة على مدار الساعة.
هذه الإضاءة المستمرة حسب رسالة من المعتقلات، تسبب إجهاد العين وتمنع السجناء من النوم نهارا أو نهارا.
بالإضافة إلى ذلك، يخلق حرارة شديدة بسبب الإضاءة المستمرة والنوافذ المغلقة، ما يتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف.
وأكدت المصادر أن إدارة السجن تتبع سياسة «العقاب الجماعي» مهددة المحتجين بإغلاق المراوح وفتحات التهوية داخل الزنازين، دون اعتبار للمرضى أو كبار السن أو أي حالات طارئة. الأضواء لا تزال مضاءة حتى الآن، مما يسبب الضرر للسجناء.