لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته كليوي كورنيش وهبة صالح، قالتا فيه إن دعوات حقوقية وُجهت إلى الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي من أجل التدخل والضغط على الإمارات في قضية المعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي الذي رحله لبنان إلى أبو ظبي، محذرة من “قمع عابر للحدود”.
وجاء في التقرير أن 30 منظمة حقوق إنسان في بريطانيا والاتحاد الأوروبي تدخلت نيابة عن الناشط القرضاوي، حيث عبّرت عن مخاوفها من القمع العابر للحدود في الشرق الأوسط. وتم ترحيل الشاعر والناشط الناقد لقيادة مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، في كانون الثاني/ يناير الماضي من لبنان، وذلك بسبب فيديو نشره على منصات التواصل الإجتماعي، عندما كان في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون.
وفي الفيديو القصير الذي نشره القرضاي، وصف الأنظمة العربية في السعودية والإمارات ومصر بأنها “أنظمة العار”، محذرا بأنها ستحاول التآمر ضد سوريا.
ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان، إن قضية القرضاوي، أعطت صورة عما يقولون إنها جهود منسقة من الأنظمة الديكتاتورية لقمع المعارضة في المنطقة. وفي رسالة موجهة لوزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، ومسؤولة السياسات في الاتحاد الأوروبي كاجا كالاس، جاء فيها، أن “قضية عبد الرحمن تكشف عن القمع العابر للحدود حيث تتعاون الدول لإسكات المعارضين خارج حدودها” و”هذه ليست حادثة معزولة ولكنها جزء من موضوع واسع يؤثر على المدافعين عن حقوق الإنسان والكتاب بالمنطقة”.
ووقّع على الرسالة، منظمة أمنستي إنترناشونال، وكتّاب على علاقة مع منظمة “بن إنترناشونال” وعدد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان بالمنطقة.
وتعتبر بريطانيا الإمارات حليفا مهما ومصدرا للاستثمار في الشرق الأوسط. وقال محامي القرضاوي، رودني ديكسون، إن عملية الترحيل التي أخذت فقط 10 أيام، ولم يُمنح فيها للقرضاوي أي فرصة للدفاع عن نفسه “كانت اختطافا في وضح النهار”.
وقالت وسائل الإعلام إن القرضاوي يواجه “اتهامات بتورطه في نشاطات لإثارة وتقويض الأمن العام”. ويزعم ديكسون أن القرضاوي محتجز بدون توجيه اتهامات رسمية له، وفي زنزانة انفرادية بمكان مجهول منذ 3 أشهر.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن احتجاز القرضاوي يصل إلى درجة “التغييب القسري”، فيما طالب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بالكشف عن مكان سجن القرضاوي.
وقال ديكسون: “يحدث هذا في بلد تزعم أنها مدافعة عن التسامح والتعايش. هذا مثير للقلق من أن فعلاً كهذا يحدث في بلد تحاول إظهار نفسها كزعيم على المسرح الدولي”.
وعارضت أبو ظبي حليفة النظام المصري الحالي، فترة الحكم القصيرة للإخوان المسلمين بعد ثورة عام 2011، وكان القرضاوي أحد الناشطين البارزين فيها. ووقفت الإمارات خلف عبد الفتاح السيسي الذي قام بعملية قمع واسعة في البلاد.
وكان الشيخ يوسف القرضاوي، والد عبد الرحمن، شخصية إسلامية بارزة وعضوا في جماعة الإخوان المسلمين. وقضت شقيقة عبد الرحمن سنوات في السجون المصرية بتهم الإرهاب، وهي تهم وصفتها أمنستي إنترناشونال بأنها “لا أساس لها”، وأُفرج عنها عام 2021، لكن زوجها الذي اعتقل في نفس الوقت، لا يزال في السجن.
وجاء ترحيل عبد الرحمن القرضاوي بسبب قصيدة كتبها عام 2022، واستخدم فيها تصويرا جنسيا لحاكم الإمارات، الشيخ محمد بن زايد والسعودية ومصر، واتهمهم بخيانة القضية الفلسطينية.
واعتقلت السلطات اللبنانية القرضاوي، الذي يحمل الجنسية التركية في كانون الأول/ ديسمبر 2024. وطلبت الإمارات أمر ترحيل من مجلس وزراء الداخلية العرب الذي وصفه “فريدم هاوي” بأنه “يلعب دورا” مؤثرا في عمليات قمع المعارضين بالمنطقة، وقدم طلب الترحيل إلى السلطات اللبنانية.
وتطالب مصر بترحيل القرضاوي، حيث صدر حكم غيابي عليه في عام 2017 بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة. وقالت كريستين بيكرلي، نائبة المدير الإقليمي لأمنستي إنترنانشونال في بيروت: “حالات مثل عبد الرحمن تترك أثر مخيفا في المنطقة” و”الرسالة واضحة: لا تتحدث في أمور معينة، وأيا كنت فسنعثر عليك”.
ولم ترد وزارتا الخارجية الإماراتية واللبنانية على طلب التعليق وفق الصحيفة.