القاهرة ـ «القدس العربي»: زاد وباء كورونا من معاناة اللاجئين السوريين في مصر، حسب تقرير «المفوضية المصرية للحقوق والحريات»، وهي منظمة حقوقية مستقلة.
ورصدت المنظمة في التقرير الذي حمل عنوان «آثار فيروس كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للاجئين السوريين»، المصاعب التي واجهها اللاجئون جراء انتشار الوباء.
واعتمدت المنظمة في تقريرها على لقاءات مع 50 من السوريين الموجودين في مصر، تحدثوا فيها عن المصاعب التي تواجه اللاجئين في زمن الجائحة، بعضها مشكلات مستمرة وقديمة من قبل الوباء، لكنها تفاقمت بعد ظهوره، إلى جانب مشكلات أخرى ظهرت بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة واحتواء الوباء.
ويستعرض التقرير الآثار الاقتصادية للجائحة على اللاجئين، حيث انخفضت أو انقطعت معظم مصادر دخولهم، الأمر الذي أثر بدوره على وضعهم فيما يتعلق بالسكن والغذاء وتوفير الحد الأدنى من احتياجات الأسر اللاجئة، في ظل نقص المعونات والمساعدات الإنسانية وارتفاع الأسعار بالتزامن مع وقف الأعمال غير المنتظمة التي كانت من أهم مصادر الدخل لمعظمهم.
وتناول التقرير أزمة السكن، إذ تحدث سوريون يقيمون في مصر عن مدى خطورة الوضع الذي يعيشون فيه على حياتهم ومستقبل أطفالهم، حيث باتت كل الأسر مهددة بالطرد من المنازل التي تستأجرها في ظل حظر الأنشطة الاقتصادية التي تساعد في إيجاد الحد الأدنى من الدخل.
وقال البعض خلال اللقاءات، إنهم اضطروا لمشاركة عائلات أخرى في السكن، بعد فقدان العمل والوظائف وعدم وجود أي فرصة لكسب المال.
وعن أزمة الغذاء ذكر التقرير أنه منذ فرض حظر التجول وقرارات الغلق في مارس/ آذار الماضي، أصبح الجميع ملتزما بالبقاء في المنازل، وزادت الحاجة إلى توفير المواد الغذائية بشكل منتظم يوميا دون توافر أي دخل للأسر.
وتابع التقرير ما زاد الأمر سوءا قيام مفوضية شؤون اللاجئين بتقليص أعداد المستفيدين من المساعدات الغذائية بشكل مستمر، مبررة ذلك بالنقص في التمويل المخصص لبرامج دعم السوريين.
وتابعت المنظمة الحقوقية: على الرغم من وعود السلطات بتوفير الرعاية العاجلة ومواد التطهير والمنظفات للمواطنين المصريين وغيرهم إلا أن هناك نقصا واضحا في دعم هذه المنتجات، وما زال المصريون يتكفلون بشراء ما يلزمهم من هذه الاحتياجات على نفقتهم الخاصة في ظل ارتفاع ملحوظ في أسعارها مع زيادة الطلب عليها. وزادت المنظمة في تقريرها:»من الطبيعي أن يكون ذلك النقص في المواد الطبية والعلاج أحد أهم المشاكل التي تضرب بالعائلات السورية بعد وقف مصادر دخلها، ما يعرضها لتفشي المرض بينها بشكل أكبر، هذا بالإضافة إلى الاحتياجات الطبية التي يعاني منها اللاجئون في الأصل كالعمليات الجراحية وأدوية الأمراض المزمنة التي أيضا رفعت المفوضية الأممية الدعم عنها».
ورصد التقرير مشاكل أخرى كرعاية الأسر للأطفال وكيفية تدبر هذا العبء بعد توقف الدراسة منذ أسابيع. كما تناول مشكلة تجديد الإقامات واستخراج مستندات الإقامة ووثائق الهوية والسفر وأعباءها.
وتابع: في مبادرة من الحكومة المصرية، وبغرض وقف توافد اللاجئين على مكاتب الهجرة وتجديد الإقامات للحد من التزاحم، قررت الحكومة مد العمل بالإقامات الحالية واعتبارها سارية لحين إشعار جديد، ما خفف العبء مؤقتا على اللاجئين من تكاليف وانتقالات ورسوم كانوا يتحملونها بشكل دوري لتجديد الإقامة.
وواصل، لكن مشكلة الوثائق والمستندات لها جانب آخر، هذه المرة من جانب السلطات السورية متمثلة في السفارة السورية لدى القاهرة، إذ تصر السلطات السورية على تحصيل تلك الرسوم المرهقة من السوريين الراغبين في تجديد جوازات السفر لهم ولأطفالهم وعائلاتهم».
ويرى بعض السوريين أنه لولا تلك المغالاة المرهقة في رسوم الجوازات من قبل السفارة لكان بإمكان حامل كل جواز أن يتقدم بطلب للعودة إلى بلاده.
ونقل التقرير عن لاجئة سورية تقيم في مصر قولها:» تخيل عائلة مكونة من 7 أشخاص يحتاجون 2100 دولار بالإضافة إلى الغرامات، كيف يمكننا توفير ذلك».
وتناول التقرير أزمة احتجاز لاجئين سوريين منذ شهور في أماكن متفرقة في المحافظات الحدودية الجنوبية في ظل ظروف صحية رديئة ومخاوف من تفشي عدوى الوباء بينهم مع عدم توافر الرعاية الصحية، وتباطؤ السلطات في الاستجابة لدعوات إطلاق سراحهم.
وكانت مفوضية الأمم المتحدة قد صرحت في بيان صحافي بأن إيقاف اللاجئين والمهاجرين المحتجزين في مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية وفي أوضاع مزدحمة وغير صحية، أمر يبعث على قلق بالغ، وأنه بالنظر إلى العواقب الفتاكة التي قد تترتب على تفشي فيروس كورونا، فمن الواجب إطلاق سراحهم دونما تأخير.
وسلط التقرير الضوء على التحديات التي تواجه المنظمات الدولية ـ على رأسها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ـ في التصدي لتأثير كورونا على اللاجئين، وشعور اللاجئين حيال ذلك الدور.
وخلص التقرير إلى العديد من التوصيات التي يمكن أن تساهم في معالجة الأزمة وإلقاء الضوء على مقترحات وطلبات وآمال اللاجئين، على رأسها تكثيف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة لدورها الإغاثي تجاه اللاجئين في مصر.
وطالب التقرير بضرورة وضع سياسات مناصرة تهدف إلى جلب التمويل اللازم للنهوض ببرامج تقديم المساعدات، عن طريق تسليط الضوء على أوضاع اللاجئين الصعبة في ظل نقص التمويلات باستخدام الرصد المستمر والإحصائيات الناتجة عن دراسة الحالات، والإفراج عن اللاجئين المحتجزين بكافة أماكن الاحتجاز حفاظا على صحتهم وحياتهم والمتعاملين معهم من الأجهزة الشرطية.
وكان مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، محمد البدري، قال إن عدد اللاجئين السوريين الموجودين حاليا في مصر والمسجلين رسميا يبلغ 137 ألفا، لافتا إلى أن العدد الحقيقي يقدر بـ550 ألف سوري.