طرابلس ـ «القدس العربي»: يستمر الجدل الدائر حول توطين المهاجرين في ليبيا، القضية التي طرحت في أعقاب اجتماع جمع وزير الحكم المحلي الليبي مع وفد من المنظمة الدولية للهجرة، حيث تصاعد جدل دعا عدة جهات سياسية وأمنية في ليبيا إلى إصدار بيانات رافضة لتوطين المهاجرين، مشيرة إلى المخاطر التي قد تهدد الاستقرار الداخلي للبلاد.
ويرى مراقبون للشأن المحلي الليبي أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطًا متزايدة على ليبيا، مستغلاً هشاشة الدولة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، بهدف إقناعها بقبول فتح مراكز دائمة لاستقبال المهاجرين، مقابل تقديم مساعدات مالية وتقنية بشروط تخدم حماية الدول الأوروبية من تدفق المهاجرين.
وفي سياق الجدل المستمر أكد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمحمد تكالة الرفض القاطع لأي محاولات أو مقترحات تهدف إلى توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية، مشددًا على أن أمن ليبيا وتركيبتها السكانية من الثوابت الوطنية التي لا يمكن المساس بها.
وأوضح البيان أن قضية الهجرة غير الشرعية تُعد مسؤولية مشتركة بين الدول، وينبغي معالجتها وفق الأطر القانونية الدولية، مؤكدًا أن ليبيا لن تتحمل هذا العبء بمفردها.
وشدد على أن أي محاولات لفرض واقع ديموغرافي جديد داخل البلاد تعد انتهاكًا خطيرًا لسيادة الدولة وحقوق شعبها.
ودعا المجلس إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنظيم دخول وإقامة العمالة الوافدة، مؤكدًا رفضه القاطع لأي محاولات لتوطين المهاجرين غير الشرعيين.
كما حث وسائل الإعلام والمجتمع على تحري الدقة وعدم الانجرار وراء الشائعات التي قد تستغل للإساءة إلى ليبيا، مشددًا على أن أي خطوات تمس سيادة ليبيا أو تهدد مصالحها الوطنية لن تُقبل بأي شكل، وسيتم التصدي لها بكافة الوسائل المشروعة.
وأكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا رفضها القاطع لأي مشروع لتوطين المهاجرين، مشددةً على ضرورة أن تتولى وزارة الداخلية معالجة ظاهرة الهجرة غير القانونية، وتنظيم العمالة الوافدة عبر آليات قانونية وأمنية وعمالية منظمة.
وشددت على أن التعامل مع ملف الهجرة يجب أن يتم من خلال الترحيل، العودة الطوعية، والحصر، بعيدًا عن أي تحريض على الكراهية أو تأجيج الرأي العام ضد المهاجرين، محذرةً من المخاطر الأمنية والقانونية التي قد تترتب على تصاعد العنف ضد الأجانب.
كما دعت المؤسسة المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الدعوات التحريضية أو العنيفة، محذرةً من خطورة ارتكاب أعمال عنف أو انتقام بحق المهاجرين، خاصة في ظل التصعيد الإعلامي على منصات التواصل وبعض وسائل الإعلام المحلية.
وفي هذا السياق، حذر مجلس الأمن القومي الليبي من تصاعد مخاطر الهجرة غير الشرعية وتأثيرها السلبي على أمن واستقرار البلاد.
وأوضح في بيان رسمي أن الهجرة غير الشرعية باتت تشكل تهديدًا مباشرًا للنسيج الاجتماعي والأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، مشيرًا إلى تفشي الجريمة وعمليات النصب والاحتيال، بالإضافة إلى تسلل الجماعات الإرهابية وتفاقم تجارة المخدرات.
كما حذر المجلس من محاولات بعض الجهات الخارجية لاستغلال قضايا حقوق الإنسان من أجل فرض توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، معتبرًا ذلك انتهاكًا لسيادة البلاد وتهديدًا لمصالحها الوطنية. وأكد المجلس على ضرورة تعزيز الرقابة على الحدود وتكثيف الجهود الأمنية لتفعيل القوانين الرادعة لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وفي السياق نفسه، أكدت كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة رفضها القاطع لتحويل ليبيا إلى مركز إيواء للمهاجرين، مشيرة إلى أن قضية المهاجرين غير النظاميين تحتاج إلى معالجة جذرية تأخذ بعين الاعتبار الأسباب السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ودعت الكتلة إلى مصارحة الشعب الليبي بتفاصيل أي اتفاقيات أو تفاهمات تتعلق بهذا الملف، محذرة من أن استمرار الانقسام السياسي في ليبيا قد يزيد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وأشارت الكتلة إلى ضرورة إصدار تشريعات واضحة من قبل مجلس النواب لمعالجة أزمة الهجرة غير النظامية بما يحفظ الأمن الوطني الليبي ويمنع استغلال ليبيا كأداة لحماية حدود الدول الأخرى.
وأطلقت صفحات محلية ليبية دعوات للتظاهر رفضًا لهذه المخططات، في عدد من المدن الليبية وهي مصراتة وطرابلس وبنغازي.
وسبق وأن أثار اجتماع جمع وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية بدرالدين التومي، السبت، مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، جدلًا واسعًا بعد انتشار شائعات مفادها مناقشة الطرفين لمسألة توطين المهاجرين في ليبيا.
وحسب إعلان وزارة الحكم المحلي فقد بحث الطرفان سبل وآليات تعزيز التعاون وعلاقة الشراكة بين الجانبين من خلال تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة.
وإثر هذا الجدل نفت وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة في بيان لها ما قالت إنها “ادعاءات غير صحيحة” تضمنتها بعض التقارير الإعلامية تتعلق بوجود نقاش حول مشاريع مختلفة لتوطين المهاجرين خلال اجتماع الوزير بدر الدين التومي مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو.
الوزارة أكدت أن التعاون مع المنظمة يقتصر على دعم قدرات البلديات في تنظيم وإدارة النزوح الداخلي للمواطنين الليبيين وفق الأسس القانونية المنظمة، والتزامها بالسياسات العامة للدولة الليبية وموقف الحكومة الرافض لمشاريع توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا تحت أي اسم أو إطار.
وأضاف بيان الوزارة أن أي تحريف لمضمون الاجتماع هو ادعاء باطل، يهدف فقط إلى إثارة البلبلة والتشويش على الرأي العام.