من أقدم مدن الجزيرة العربية: براقش إحدى روائع المدن الأثرية اليمنية

أحمد الأغبري
حجم الخط
0

صنعاء ـ «القدس العربي»: على صحراء منبسطة تنتصب أسوار مدينة أثرية آخذة في موقعها شكلًا بيضاويُا، متموضعة على مرتفع يعزز من عوامل حمايتها، ويزيد من ملامح هيبتها؛ كما أن قراءة متأنية لمتنها الحضاري يؤكد خصوصيتها وعظيم شأنها الأثري، وفي ذات الوقت يكشف مأساة واقعها الراهن جراء تداعيات الحرب المستعرة في اليمن على معالمها ومآثرها. إنها مدينة براقش الأثرية اليمنية، أو ما كانت تُعرف باسم يثل.
وتُعدُّ يثل من أبرز المعالم التاريخية والحضارية لمحافظة الجوف شمال شرقي صنعاء على بُعد 143 كم، وتحتفظ هذه المدينة اليوم ببقايا سور بما بقي من معالم أثرية هامة تُحيط بما تبقى من أطلال ومآثر ما كانت عليه هذه المدينة، وما احتفظت به من معالم تاريخية، لم تبق بمنأى عن نيران الحرب المستعرة هناك منذ عام 2015 والتي كان لها تأثيرها السلبي على نصوصها الأثرية.
تُمثل محافظة الجوف مركز مملكة معين، التي ظهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، وهي إحدى ممالك تاريخ جنوب الجزيرة العربية، فيما تعرف حاليًا باليمن؛ وتمثل براقش المعروفة تاريخيًا باسم يثل، إحدى أهم المدن في مملكة معين، بعد عاصمتها قرناو، كما أنها عُرفت بالعاصمة الدينية للمملكة.
نقش تم العثور عليه، وتناوله الباحث منير عربش، في دراسة «منشأ المعينيين وتاريخ ظهور مملكة معين في جنوب الجزيرة العربية من خلال نقش جديد من القرن الثامن قبل الميلاد» يؤكد أن هذا النقش يقدم دليلًا تاريخيًا جديدًا لمنشأ مملكة معين، وظهور مملكتهم في القرن الثامن قبل الميلاد، وهو نقش جديد يذكر حكام معين وسبأ ونشان-السوداء حاليًا.
ويعتقد عالم النقوش العربية الجنوبية، كريسيتان جولبان روبان «أن أول نقش سبئي يذكر فيه معين هو الموسوم ( RES 3943 ) حيث كانت معين متحالفة مع مهامر وأمير ويثل- براقش حاليا». ويؤكد عربش أن مملكة معين نشأت في القرن الثامن قبل الميلاد كبقية الممالك العربية الجنوبية كمدينة /قبيلة مملكة مستقلة في قرناو، التي ستصبح اعتبارًا من القرن السابع عاصمة لها.

مدينة أثرية مختلفة

عندما تكون في محافظة الجوف اليمنية، ستكون براقش، بلاشك، أهم الوجهات الذي سيقترحها عليك السكان المحليون بعد الحرب؛ باعتبارها من أقدم المدن في الجزيرة العربية. ويعتبرها مدير عام حماية الآثار والممتلكات الثقافية في الهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء، عبد الكريم البركاني، «جوهرة الآثار اليمنية، لما تحمله من معالم أثرية متنوعة، منها ما هو ظاهر للعيان، ومنها ما زال تحت الأرض. واستطاعت هذه المدينة أن تقاوم عوامل الاندثار، ومواجهة المتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية والبشرية، وآخرها الحرب المستعرة حاليًا في اليمن، والتي ألحقت بهذه المدينة أضرارا بالغة».
وأكدَّ البركاني لـ«القدس العربي»: «لقد حازت هذه المدينة منذ وقت مبكر وحتى الآن على اهتمام الباحثين، الذين اشتغلوا على مآثرها ووصفوا معالمها الرائعة».
تقع براقش على بُعد 15 كم جنوب مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف. وهي إحدى مدن مديرية مجز من محافظة مأرب. وقد شُيّدت المدينة في سهل الجوف، ويحف موقعها واديا مجزر من الغرب والشقب من الشرق؛ والجوف هي أرض خصبة تسقيها مياه الخارد الذي يرتفع 1.100 متر عن سطح البحر. وكانت السهول المحيطة بها تزرع الحبوب، والخضراوات، وتنتشر فيها المراعي، ما ساعد في استمرار حيوية هذه المدينة عبر التاريخ.
وعدَّ عبد الكريم البركاني، مدينة يثل بعد عاصمة المعينيين قرناو، من أهم مدن مملكة معين، «وقد ذُكرت من قبل سترابون، من بين المدن التي احتلها الجنرال إيليو جاللو، في حملته العسكرية ضد العربية السعيدة، وذلك عام 24 قبل الميلاد، غير أن يثل في تلك الأعوام، كانت تعيش فترة انحطاط، بعد أن خضعت لسيطرة عرب الصحراء من البدو الرحل، بعد أن شهدت فترة ازدهار ونمو وصلت إلى ذروتها أوائل القرن السادس قبل الميلاد».
عن نشوء هذه المدينة يوضح: «أن بداية نشوء مدينة يثل، تعود إلى حقب زمنية قديمة. فبعض العينات من التربة التي تم استخراجها من قبل البعثة الأثرية الإيطالية (1989 – 2004) بواسطة المجسات الميكانيكية داخل منطقة السور، قد كشفت عن وجود مستويات أكثر عمقا لهذه المدينة تحتوي على كسر من الفخار شبيهة بنماذج الفخار السبئي القديم. ومن المحتمل أن يعود هذا النوع من الفخار إلى الفترة الواقعة بين القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد. وهذه المستويات التي تنتشر تحت ثمانية أمتار من المستوى العائد إلى الفترة المعينية، تدل على أن يثل التي ظهرت قبل الفترة الإسلامية، قد امتد عمرها إلى ألف عام تقريبا».
«كما أن وجود معبدين، أحدهما في المنطقة القريبة من درب الصبي، أما المعبد الثاني، فيوجد في المنطقة المعروفة باسم المناصب بوادي الشقب، والكثير من نظم التصريف الإروائية كالسدود والقنوات والسواقي، وبقايا حدود قطع زراعية منتشرة على طول وادي مجزر إلى جهة الشرق من المدينة، تشهد باتساع المساحة التي كانت تحتلها يثل ثقافيًا وإنتاجيا».
وقال البركاني: «إن الحالة الممتازة التي وجدت عليها جدران سور المدينة مع 56 برجاً، وموقعها المنعزل في صحراء الجوف، قد جعلا من هذه المدينة جوهرة الآثار لا في اليمن وحدها، بل في كافة أرجاء الشرق الأدنى. وعند أسوارها وجدت القوافل في التاريخ القديم محطة للراحة بعد رحلة طويلة، وكانت تلك القوافل المكونة من آلاف الجمال تنقل إلى سوريا ومصر العطور والطيب النادر، والكثير من التوابل التي تم تحميلها من موانئ المحيط الهندي».

السور

على صعيد أهميتها السياسية، يوضح: لقد كانت يثل بعد مدن مأرب وشبوة وتمنع، عواصم ممالك سبأ وحضرموت وقتبان، وآخر محطة مهمة في اليمن، قبل أن يصبح درب البخور، متجهًا بشكل كلي نحو الشمال 65 محطة توقف، ابتداء من مدينة تمنع حتى مدينة غزة، كما يرى ذلك بليني إلفكييو.
والسيارة تقترب تتجلى المدينة من بعيد بسورها الممتد إلى 766مترا، ويحيط بمساحة من أرض شبه دائرية تعادل مساحتها أربعة هكتارات، وهي أرض تصل مساحتها إلى 276 مترًا طولا و188 مترًا عرضا.
«يضم هذا السور- والحديث للبركاني- بابا يقع في الزاوية الغربية منه، يسمح بالدخول إلى المدينة، والجزء الأعلى من هذا السور، قد تمت إعادة ترميمه بشكل شبه جيد من قبل ساكني المدينة في الفترة الإسلامية، حيث قام سكان هذا الموقع في الفترة الإسلامية، بإغلاق الباب الرئيسي في السور تاركين منفذًا صغيرًا في الجهة الشرقية كمدخل للمدينة، مع الحفاظ على أسسه التي تعود إلى الفترة المعينية. وتخطيطات بناء هذا السور الأولية العائدة إلى الفترة المعينية، ما تزال مرئية في جميع محيط الجدار الدفاعي الخارجي، المتمثل بتلك الأحجار الكبيرة من الصخور الجيرية، المربعة الشكل، والمصقولة بدقة وموشاة الأطراف، والتي تشهد بدون شك على مستوى التقنية الفنية المستخدمة من قبل المعينيين، إذ أن متوسط ارتفاع حلقة الجدار تصل إلى 14مترا، كما تظهر هذه النسبة أحد الأبراج في الجهة الجنوبية للسور الذي ما زال قائمًا ومحتفظًا ببنائه، والذي يحتفظ في قمته إلى اليوم بشرفته المزخرفة بزخارف المسننات». ويضيف: وفي أروقة ممرات الأبراج والمداخل ما زال هناك 280 نقشاً تحمل بعض الكتابات، والتي ما زال البعض منها في مواضعها المعينية، والبعض الآخر ـ وهي الأكثر عدداً ـ تغيرت من مواضعها القديمة في الفترة الإسلامية. وقد استطاعت أعمال التنقيب الأخيرة، التي قامت بها المجموعة الإيطالية خلال عام 2003 الكشف عن دعائم خارج الأسوار من اللبن، قد أحاطت محيط الأسوار بكاملها، وعملت على إبقاء ثبات وتوازن هذه الأسوار والحفاظ عليها عبر العصور.
وبالعودة إلى تاريخها يقول عبدالكريم البركاني: إن التاريخ المستخرج عبر التحاليل (الراديوكاربون) قد أثبتت أن يثل قد دُمرت وأصبحت مدينة مهجورة في السنوات الأولى لظهور الديانة المسيحية، وبعد مرور 1200 عام، تم إعادة بناء سورها من جديد على آثار خطوط السور القديم، وذلك لحماية الساكنين الجدد من اليمنيين الذين سكنوها من جديد في نهاية القرن الثامن عشر، وهُجرت مرة أخرى بشكل دائم بعد هذا التاريخ. وقد تركت الفترة الإسلامية من عمر هذه المدينة بعض التراصفات الجيولوجية الكثيفة التي غطت بشكل كلي جميع المستويات الأثرية القديمة. وهذه التراصفات التي تتحجم بسمك 4 – 6 أمتار، مثلت بالنسبة للباحثين الأثريين المهتمين بمرحلة عرب الجنوب عائقا حال دون الكشف عن دلائل يقينية، لكنها في الوقت نفسه قد عملت على حماية وحفظ الكثير من الآثار المهمة التي تعود إلى العصر المعيني.
معبد الآله نكرح

ثمة معالم تاريخية هامة تم الكشف عنها في المدينة، ومن أبرزها معبد الآله نكرح حاميها، وبجانبه تم الكشف عن معبد عثتر ذو قبض.
«مَن يتجول اليوم داخل الهيكل البيضوي الكبير لهذه المدينة – والحديث للبركاني- لن يتمكن من رؤية شيء مهم من يثل القديمة التي تعود إلى فترة ما قبل الإسلام، والتي يمكن ملاحظتها من خلال العدد الهائل من الصخور المربعة (تكون هذه الصخور مزينة بخطوط وكتابات) التي كثيرًا ما كانت تستخدم في مساند بعض المعابد وتتميزعادة بطولها ما يجعلها ظاهرة إلى اليوم على السطح. والتنقيبات الأثرية التي قامت بها البعثة الإيطالية برئاسة البروفيسور اليساندرو دي ميغريه، خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1990 و1992 والتي كانت بدعم من معهد الإزايو، في مدينة روما، قد أرتأت أن يكون موقع التنقيب متزامنًا وأماكن تواجد تلك المساند، التي لم تكن في حقيقة الأمر مخفية كليًا تحت المستويات الأثرية المتأخرة، لهذا نجد أن التنقيب قد استطاع وبشكل سريع الكشف عن المعبد الجميل، الذي كان مخصصًا للإله نكرح، حامي هذه المدينة. حيث قامت البعثة في الوقت نفسه بترميم هذا المعبد خلال عامي 2003 و2004. وهذا المبنى من المباني الرائعة التي تعود إلى نموذج البناء المغلق ذو مخطط مربع الزوايا المعروف بـ (Ipostilo)وقد تم تشخيص أربع مراحل في بنائه، تعود المرحلة الأولى والأكثر قدمًا إلى بدايات ازدهار مملكة معين أي إلى الفترة الواقعة بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، أما المرحلة الأخيرة فيمكن تشخيص تاريخها من خلال ما دل عليه الأسلوب الهليني المستخدم في عمل الرؤوس الجصية، التي تم الكشف عنها في إحدى الغرف المضافة إلى المعبد في الفترة الواقعة بين القرنين الثالث والأول قبل الميلاد. وجوار هذا المعبد تم الكشف عن معبد آخر وهو معبد عثتر، وهو بنفس النمط المعماري والفني».

النشاط الأثري

فيما يتعلق بالنشاط الأثري الذي شهدته هذه المدينة، فقد زارها عام 1870عالم اللغات السامية الأوروبي جوزيف هاليفي، ورفيقه حييم بن يحيى حبشوش. بعد ذلك زارها الباحثان المصريان محمد توفيق وأحمد فخري في1944-1947. وفي أواخر 1970 بدأ التسجيل الرسمي من قبل البعثة الفرنسية مع تركيز البعثة على دراسة النقوش. وفي عام 1986تم ترتيب مبادرة أثرية مستدامة للبحث في براقش بشكل شامل من قبل البعثة الأثرية الإيطالية في اليمن، بقيادة البروفيسور اليساندرو دي ميغرية (1943– 2011) التي تم تطويرها في مرحلتين حتى عام 2007 تم فيها التنقيب عن معبد الإله نكرح حامي المدينة، بينما في الفترة 2003- 2006 أجريت مجموعة من الحفريات الجديدة، والمكرسة لمعبد عثتر ذو قبض، وعمليتي تنقيب خارج السور المعيني، كما تم إنجاز أعمال ترميمات وتدعيمات كبيرة للآثار المكتشفة. وبعد ذلك العام – يستطرد البركاني: «توقف عمل البعثة وأصبح البحث في منطقة الجوف مستحيلا، وهذا التوقف مستمر حتى يومنا هذا بسبب الحرب في اليمن منذ عام 2015».

قائمة التراث العالمي

يؤكد مدير عام حماية الآثار والممتلكات الثقافية في الهيئة العامة للآثار بصنعاء، البركاني، أن يثل التي تُعرف حاليًا بمدينة براقش تمتلك كافة المعايير التي تؤهلها للانضمام لقائمة التراث العالمي لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم «يونسكو». وأبرزها أنها تحتل مكانة هامة في تاريخ الدولة المعينية بعد العاصمة قرناو (مدينة معين اليوم) وهي بذلك من أهم مدن تلك المملكة والعاصمة الدينية لها. وأضاف: «كان لها دوراً هاماً وكبيراً في منطقة الجزيرة العربية، وخصوصًا في منطقة الجوف. وتحفل بخصوصية تاريخية وأثرية هامة، إذ هي غنية بالمعالم المعمارية والنصوص الكتابية القديمة من النقوش المكتوبة بخط المُسند، التي وجدت في أسوار المدينة والمعابد، وبقايا المباني فيها. وكذلك وجود نتائج خاصة مهمة أيضا في تنوع أسلوب الترميمات منذ بداية آخر هجران لها، حيث تؤكد نتائج الاختبارات الكربونية المأخوذة من حفرية معبد نكرح أن المدينة كانت قد هُدّمت حوالي القرن الثاني الميلادي، بعد أن استولت عليها القبائل العربية في الجوف. وبعد زمن من الهجران تم استيطانها في العصور الإسلامية. وكان السور قد رُمم ليشمل مجتمعا مستقرا ودائما. واليوم تجمع المدينة شهادات أثرية من مراحل ما قبل الإسلام وحتى يومنا هذا».
وتابع: «كما أثبتت دراسات البعثة الأثرية الإيطالية في اليمن من خلال عينات من التربة استخرجت بواسطة المجسات الميكانيكية داخل منطقة السور أنها تحتوي على كسر من الفخار شبيهة بنماذج الفخار السبئي القديم، ومن المحتمل أن يعود تاريخها إلى القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد. أما فترة ازدهار المدينة وتألقها فتقع بين بداية القرن السابع ونهاية القرن السادس. وقد شهدت فترة انحطاط من القرن الأول الميلادي، بعد أن أصبحت تحت سيطرة البدو الرحل، وظلت في حالة استيطان وهجران خلال الفترات الإسلامية اللاحقة وأشهر من سكنها الإمام عبدالله بن حمزة (1187- 1217م)».
من ضمن ما يتوفر فيها من معايير تؤهلها للانضمام لقائمة التراث العالمي، وفق البركاني، أنها تمثل شاهدًا استثنائيًا على تقاليد نمط العمارة لمدن اليمن القديم ما بين القرن 10 ق.م والقرن 13م من حيث التحصين الدفاعي حول المدينة، وما تضم من معالم دينية ومدنية، وكذلك مراحل إعادة استيطانها، وما تعرضت له من ترميمات في العصور الإسلامية المختلفة. وقد صار نمط أسلوب بناء أسوار في هذه المدينة مثلا احتذت به عمارة أسوار المدن القديمة كحصن عمران في ذمار ومدينة ميفعة في حضرموت وغيرهن.
وتابع البركاني: «كما قدمت يثل براقش نموذجا بارزًا لمدن الصحراء والتميز بتحويل موقع المدينة من السهل إلى مرتفع ببناء مسطبة مرتفعة عن مستوى الأرض المحيطة بها لتفادي سيول الأمطار، وكذلك تشييد المساند حول سورها، وهذا ما جعلها قائمة إلى اليوم».

معالم المدينة والحرب المستعرة

وانطلاقًا من ذلك يقول: قدم اليمن هذه المدينة لضمها إلى قائمة التراث العالمي، ومن أسباب تقديمها للقائمة «أن حال موقع المدينة اليوم تدمى له القلوب حسرة وقهراً وكمداً بالمقارنة لحالتها قبل الحرب الدائرة رحاها في اليمن منذ سنة 2015. ولا يوجد تفسير لما آل إليه حال موقع المدينة رغم أن موقعها تاريخي، وتنطبق عليه بنود اتفاقية لاهاي الخاصة بحماية التراث الثقافي في مناطق النزاع المسلح. كما أن موقعها لا يحمل أي أهمية عسكرية أو حربية كونها اقع في منطقة سهلية قافرة شبه صحراوية من وادي الجوف. ومع هذا فقد تعرضت لانتهاكات جسيمة تحرمها كل الاتفاقيات والعهود والقوانين الدولية».
وأشار إلى أن «معبد الإله نكرح تعرض للاعتداء في24 نيسان/أبريل 2015 بسبع غارات من القصف الجوي من قبل طيران ما يسمى التحالف العربي، ونتج عنها تدمير كلي، وتحويل المعبد إلى كومة من الأحجار المكسرة والمهشمة كانت فيما سبق تشكل العناصر المعمارية للمعبد من أعمدة ومساند وجدران وأثاث الطقوس الدينية ونقوش مسندية. كما تلف السوار الشبك المحيط بالمعبد والخاص بحمايته».
وأضاف: «أثناء التنقيب عن معبد نكرح تم الكشف عن مدخل صغير على السور الواقع بين تجويف أحد الجدران وتم الكشف عند مدخل صغير عن مدرج يؤدي من خارج المدينة إلى صرح معبد نكرح، وللأسف أن هذا المدخل والساند قد تعرضا للتهدم ولاندثار تحت أكوام من الأحجار والأتربة المتساقطة من السور».
وفيما يتعلق بمعبد عثتر ذو قبض فيقع، كما سبقت الإشارة، بجوار معبد نكرح مباشرة من الجهة الشمالية، وقد خصص للإله عثتر ذو قبض، ويرجع تاريخه- وفق البركاني- إلى القرن السابع أو السادس قبل الميلاد، وتم الكشف عنه من قبل نفس البعثة في الفترة من 2004 -2007. ولحسن الحظ أن هذا المعبد ما زال قائمًا ومدعما بالسقائل إلا أنه تعرض لضرر جزئي يتمثل بتلف جداره الجنوبي وتخلخل هيكل البناء وتطاير أحجار معبد نكرح على هيكل البناء وقاعات وغرف المعبد، وتخلخل تماسك السقائل المثبتة لأعمدة المعبد، ورسم الشعارات العسكرية بالدهان الزيتي». ويخلص: «نستطيع القول إنه في حالة فوضى. كما تلف السور الشبك المحيط بالمعبد والخاص بحمايته. أما سور المدينة فنتيجة لما تعرض له موقع المدينة من ضربات النيران داخلها وخارجها تهدمت أجزاء كبيرة منه، وكذلك تساقطت مكونات بناء الأسوار والأبراج، وأصبحت في حالة ضعف عام لا تبشر بخير، وتنبئ بزوال مكونات هذه المدينة تدريجيًا، خصوصًا في ظل غياب الصيانة، وتعرض المباني للعوامل الطبيعية مثل الأمطار والسيول».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية