«من أي نافذة عليّ أن أنظر»: معرض جماعي يطرح تساؤلات حول طبيعة العمل الفني

حجم الخط
0

تستضيف قاعة العرض الملحقة بمسرح الفلكي في القاهرة، حتى الثامن من إبريل/ نيسان معرضاً تحت عنوان «من أي نافذة عليّ أن أنظر». لا يرتبط المعرض بثيمة مشتركة، غير أنه يطرح أمامنا عبر مجموعة الأفكار والممارسات المقدمة، بعض التساؤلات المرتبطة بالممارسة الفنية.. تساؤلات حول القيمة والهدف والتوجه والشكل والمضمون والهوية. المعرض تنظمه مؤسسة ستوديو خانة للفنون، وهي مؤسسة أهلية مصرية ناشئة، تعنى بالبحث حول الممارسات الفنية المعاصرة على نحو خاص، وتتيح نشاطاتها المختلفة فرصة النقاش والتدريب والتمرس على الممارسة الفنية أداء ونقداً.
يضم المعرض أحد عشر عملاً تراوح بين الرسم والتصوير والفيديو والتجهيز والفوتوغرافيا والنصوص المكتوبة والوسائط السمعية. في عملها «من خزانة إلى فترين» تفتح سلمى شحاتة فرصة النقاش حول القيمة الفعلية للعمل.. يطرح العمل سؤالاً ضمنياً حول القيمة المكتسبة للعمل الفني، وهل تستمد هذه القيمة من العمل ذاته؟ أم من الظروف والملابسات المحيطة به؟ كطريقة عرضه أو ما ارتبط به من دعاية مقصودة أو غير مقصودة مثلاً. تعرض شحاتة نموذجاً حجرياً مدونا عليه تواريخ انتقاله بين أطراف مختلفة. لا تحمل القطعة الحجرية التي تعرضها شحاتة أي سمات جمالية أو فنية، غير أن التواريخ المدونة عليها تساهم، على نحو ما، في إضفاء الأهمية على تلك الكتلة المصمتة والخالية من المعالم.


عمل آخر تحت عنوان «ليس من ذلك بد» تقدمه سنابل بدر الدين، مكون من شريط فيديو ونصوص قصيرة ومقتضبة تتحرك على خلفية مشوشة لشاشة عرض. تتضمن النصوص تساؤلات وعبارات لا تقل تشوشاً عن الخلفية المعروضة. وفي عمل غزل عصام «منح أكثر من ذي قبل» (تجهيز متعدد الوسائط) تستعيد فيه الفنانة ذكرياتها الضبابية حول أمها. تسعى عصام لاسترجاع ملامح الأم عبر بعض الوسائط والعناصر المرتبطة بها: صور شخصية، وشريط فيديو، وشرائط كاسيت وشهادات آخرين، وتدوين لما علق في الذاكرة من صورة الأم. ينطوي العمل على بحث واستقصاء فردي لجوانب مطموسة من الذاكرة، جوانب تحمل معاني إنسانية. تُوظف اللغة البصرية هنا بشكل مكثف لحصار المحتوى المشار إليه، وتلك المعاني والمشاعر المبهمة التي يتضمنها.

يقدم عمر عبد الباقي عمله تحت عنوان «ألواح محفوظة» وهو تجهيز مكون من عدد من سجّاد الصلاة، تحمل كل سجادة صور لمنتجات استهلاكية مقرونة بنصوص دينية.

أما أحمد نادر فيقدم تجهيزاً تحت عنوان «موجود بالفعل» مكوناً من مجسم لعلبة سجائر بحجم كبير، وهو يمثل إعلاناً دعائياً لمنتج غير موجود. هنا يتم التلاعب بالمحتوى لتمرير الفكرة على نحو ضمني، كما يقول صاحب العمل في تقديمه له. يسلط العمل الضوء على الازدواجية الدعائية لأي منتج، سواء كان تجارياً أو ثقافياً أو سياسياً. وفي عملها تقدم رودينا حسن شريط فيديو يحمل عنوان «إلى الخلف قليلاً» وهو شريط يسجل محاولة فتاة للقيام بدور مدربة تنمية بشرية. الفيديو يبدو تهكمياً وساخراً، أو كما يقول النص المرفق «هو إعادة إنتاج لسردية حب الذات المبتذلة».. تقدم حسن في عملها مجموعة من النصائح للأشخاص، تساعدهم على اكتساب الثقة. الطريق إلى الجنة، هو عنوان العمل الذي تقدمه هبة الله محمد، وهو مكون من نصوص ومجسم مصغر لمساحة من الأرض الخالية من أي معالم. النصوص المرفقة تعكس حالة الاعتداء على الملكية، كما تلتبس خلال النصوص التفسيرات والمعاني والأطراف المعتدية، فيتداخل مفهوم الاستعمار الأجنبي مع القوة المسلحة المحلية أو سلطة الاستبداد.
بين الأعمال يقدم عمر عبد الباقي عمله تحت عنوان «ألواح محفوظة» وهو تجهيز مكون من عدد من سجّاد الصلاة، تحمل كل سجادة صور لمنتجات استهلاكية مقرونة بنصوص دينية. النصوص هنا منتزعة من سياقها، كي تحمل معنى مغايراً لما هي عليه. بين الأعمال أيضاً تقدم يمنى السيد تجهيزاً فوتوغرافياً تحت عنوان «زاوية عريضة»، بينما تطالعنا رنا حسين بعمل «أود لو أكون مكتملاً.. الكمال فان». أما نادين علاء فتعرض عملها تحت عنوان «متكرر ومبهم»، بينما تعرض ميار جابر عملها «تخريب متعمد»، وهو عبارة عن نصوص مكتوبة على لوحات زيتية لمشاهد كلاسيكية متقنة. تعيد ميار جابر صوغ تلك الأعمال بالكتابة عليها، كتابات تعبر عن أفكارها ورؤيتها للعمل الفني والممارسة الإبداعية، قد يرى البعض هذه الإضافات تشويهاً للعمل الفني، غير أن فكرة التشويه نفسها مرتبطة بطبيعة الأنماط الجمالية المعتادة والقناعات الشخصية لمفهوم العمل الفني كمحتوى جمالي أو مفاهيمي، أو كونه وسيلة لطرح التساؤلات وإثارة الدهشة.

ستوديو خانة، هو مجموعة فنية مصرية تكونت عام 2012 بهدف دعم الاحتياجات النقدية والتعليمية وتوفير المواد الأرشيفية باللغة العربية. التزمت المجموعة منذ تأسيسها بتوفير مساحة مفتوحة لبرنامج تعليمي بديل لدعم وتيسير الإنتاج الثقافي والممارسات الفنية المختلفة.

٭ كاتب مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية