موت شارون حلّ تركة فك الارتباط التي خلفها محل تركة الاستيطان التي كان صنعها

حجم الخط
0

موت شارون حلّ تركة فك الارتباط التي خلفها محل تركة الاستيطان التي كان صنعها

هو الذي أزال عن المستوطنات صفة القداسةموت شارون حلّ تركة فك الارتباط التي خلفها محل تركة الاستيطان التي كان صنعها هناك معسكران ينظران اليوم عن بُعد الي رمال غزة ويسألان ماذا كان ليحدث لو… ماذا كان سيحدث لو كان شارون قد أُصيب بالجلطة الدماغية قبل نصف سنة وقبل هُنيهة من إصدار أوامره للبلدوزرات بتسوية المستوطنات مع الارض في غزة، وقبل بدء الجيش الاسرائيلي باخلاء المستوطنين، وقبل تنفس الناس الصعداء مع الخلاص من غزة.المعسكران يفركان أياديهما اليوم. الاول لا يستطيع أن يفهم الخالق لأنه سمح لحكومة الكُفر بترحيل اليهود عن اراضيهم، والمعسكر الثاني يبدأ من الخوف بأن تكون حركة الانسحاب قد علقت في حالة سبات عميق. لأن الشخص الذي ارتبط اسمه الي حد كبير باقامة المستوطنات تلاعب بهذين المعسكرين. هو قام في هذه السنة بما اعتاد علي القيام به اغلبية عمره: فرض الظروف وتتويجها بلقب تاريخية . أي، الأحداث التي بدت وكأنها ليست قابلة للتغيير بصورة أبدية. ما غُرس في الارض بيد شارون بدا وكأنه غير قابل للاقتلاع. حتي عندما تبدلت الحكومات والسياسات تزاحمت بين بعضها البعض، كان بامكان أغراس شارون في المناطق المحتلة أن تعتمد علي أنه لن يسمح باقتلاعها.هذه كانت صورة ناجحة، ولكنها ليست حقيقية. ذلك لأن الجيش الاسرائيلي قد انسحب من سيناء وفكك المستوطنات وخرج من مدن الضفة إثر اتفاقات اوسلو، حتي وإن لم يترافق هذا الانسحاب مع تفكيك المستوطنات، كما أنه انسحب من لبنان ومن غزة طبعا، انسحابا ترافق مع اخلاء المستوطنات بصورة سريعة. من المحتمل أن يكون شارون قد خطط للمزيد من الانسحابات، ولكنه لن يقوم بتنفيذها الآن.صورة المستوطنات غير القابلة للتغيير كانت ضرورية لإزالة الصورة المؤقتة لايديولوجية ارض اسرائيل الكاملة. من دون ذلك كان من الصعب علي هذه الايديولوجيا أن تُضخم قوتها. ومن هنا اضطرت الي لف نفسها حول أساس سياسي ـ عسكري علي شاكلة ارييل شارون. هذا الأساس الذي ظهر في نهاية المطاف علي أنه تكتيكي عسكري يعرف متي يخسر في المعركة، وسياسي يدرك قصور الايديولوجيا. لا جابوتنسكي ولا بن غوريون بالتأكيد ـ ولكن هذه الصورة، صورة المستوطنات غير القابلة للتغيير، حوّلت شارون الي شخص أوحد يمكنه أن يُعرّي كفار داروم من قداستها التاريخية لأنه هو الذي كان قد منحها هذه القداسة ـ ونفس الشيء بالنسبة لنتساريم وغيرها من الاماكن الأقل قداسة.ولكن شارون قام في السنة الأخيرة وفي اطار فك الارتباط بأمور تتجاوز إزالة عدة مستوطنات وبعض الآلاف من الناس من منطقة محتلة. هو أوضح أن من أعطي يمكنه أن يأخذ، والأصح أن الأخذ أسهل بكثير لمن أعطي. هذا موقف تاريخي ينتظر من سيأتي بعده حتي يُطبق هذا المبدأ في الضفة والقدس. لأن صورته وحجم الثمن الذي يتوجب دفعه مقابل الانسحاب قد تحدد علي يد شارون نفسه. والأهم من ذلك: للانسحاب ثمنه. وهذا الأمر الذي يتوجب أن يُقلق المستوطنين أكثر من غيرهم اليوم.شارون أزال رهبة الصدمة التي ستحدث جراء الانسحاب وحدد تسعيرة تفصيلية حتي مستوي البقرة والدجاجة مقابل الانسحاب من كل منطقة. هو كشف عورة صفة المُخلِّصين التي تلفع بها دُعاة ارض اسرائيل الكاملة، واستكمل المهمة بأن أقام في لحظة واحدة حزبا تحول الي مشهد ساخن في المدينة بحيث أن كل من لا يشارك به لا يعتبر موجودا. حزب بامكانه حتي بحركات جمودية أن يصل الي الانسحاب القادم.صانع أسطورة المستوطنات استكمل مهمة تفكيك هذه الأسطورة. بقي للمستوطنين أن يفيقوا من وهْم آخر وهو أن سياسة شارون نهضت وماتت علي ظهر شخص واحد، وأن موته سيؤدي الي موت سياسة الكُفر التي اتبعها. فلينظروا اذا رغبوا من حولهم ويروا من انضم الي كديما فزعا حتي لا يبقي في الخارج. وليتذكروا ملايين المواطنين الاسرائيليين الذين لم يشاركوا في المظاهرات المناهضة لفك الارتباط ولم يظهروا عندما استدعوهم لانقاذ مُخلِّصي المناطق. بامكانهم ربما أن يلاحظوا أن تركة الاستيطان تُخلي مكانها بصورة متزايدة لتركة جديدة: تركة فك الارتباط.تسفي برئيلمراسل الصحيفة للشؤون العربية(هآرتس) 8/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية