لندن ـ «القدس العربي»: اندلعت موجة غير مسبوقة من الغضب تجاه حكومة لبنان على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن اعتقلت الشاعر المصري والناشط السياسي المعروف عبد الرحمن يوسف القرضاوي وقامت بتسليمه على عجل إلى دولة الإمارات، متجاهلة دعوات العديد من المنظمات الحقوقية والقانونية والنشطاء بعدم تسليمه إلى أبو ظبي.
ويحمل عبد الرحمن يوسف الجنسية التركية لكن أصوله تعود إلى مصر التي تطالب بتسلمه أيضاً على خلفية قضايا سياسية، حيث يُعتبر الشاعر عبد الرحمن واحداً من أبرز المعارضين المصريين في الخارج منذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، وذلك على الرغم من كونه كان معارضاً أيضاً لحكم جماعة الإخوان المسلمين عندما تولى الرئيس السابق محمد مرسي مقاليد الحكم في القاهرة.
وسلمت السلطات اللبنانية القرضاوي إلى الإمارات صباح يوم الأربعاء الماضي، أي بعد ساعات قليلة من صدور قرار عن مجلس الوزراء في بيروت بالموافقة على طلب الإمارات، فيما حاول محاميه محمد صلبوح تأخير تسليمه عندما تقدم بطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة يطلب فيه تعطيل تسليمه إلى الإمارات لحين البت قضائياً في الأمر، وهو ما لم تنتظره الحكومة اللبنانية التي سارعت إلى تسليمه لأبو ظبي بطائرة خاصة أقلعت من مطار بيروت صباح الأربعاء باتجاه أبو ظبي مباشرة.
وسرعان ما أصبح اسم عبد الرحمن يوسف على قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث قبل تسليمه إلى الإمارات أطلق النشطاء حملات تطالب السلطات اللبنانية بإطلاق سراحه على الفور، وبعد تسليمه أطلقوا حملات تندد بما قامت به السلطات اللبنانية وتنتقد تسليم القرضاوي إلى الإمارات على اعتبار أن هذا يُشكل تهديداً لحياته.
وكتبت منظمة العفو الدولية عبر حساباتها على شبكات التواصل: «يُؤسفنا قرارُ الحكومة اللبنانية بتسليم الشاعر المصري التركي عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها مدافعون عن حقوق الإنسان في لبنان ومصر والعالم من أنه سيتعرض لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، تصل إلى حد الاضطهاد».
ونشر الصحافي والكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة تغريدة على شبكة «إكس» مطلع الأسبوع الماضي، أي قبل تسليم القرضاوي، قال فيها: «إذا تمّ تسليمه بالفعل، فسيكتب ميقاتي اسمه في سجل أسود بتاريخ لبنان، وسيطال العار تركيا التي يحمل جنسيتها. لبنان الذي كان واحة حرية للمضطهدين يسلّم شاعراً بضاعته كلمة، ودخل بطريقة مشروعة.. أعيدوا النظر في القرار من أجل ما تبقى لكم من قيمة وكرامة».
«دم القرضاوي في رقبة ميقاتي»
أما المعارض المصري المعروف الدكتور أيمن نور فكتب في أعقاب عملية ترحيله إلى الإمارات قائلاً: «في أسرع وأحقر عملية ترحيل في التاريخ، طائرة خاصة بكبار الشخصيات في دولة الإمارات تصل مطار رفيق الحريري لاستلام الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي، والطائرة تستعد للإقلاع الآن. المحامي في بيروت يؤكد أنه قدم الطعن أمام القضاء لكن نجيب ميقاتي قرر أن يُتمم الصفقة ضارباً عرض الحائط بالقانون.. دم القرضاوي في رقبة ميقاتي».
وكتب المحلل السياسي والناشط الفلسطيني سعيد زياد: «كلّ من حرّض على عبد الرحمن القرضاوي – لكلمة قالها- هو شريك في دمه، مثله مثل من سلّمه واعتقله، ومثله مثل من سيعذبه ويقتله. جميعكم شركاء في هذا الدم، وكل من صمت وتواطأ شريك معكم».
أما الصحافية اللبنانية ومنتجة الأفلام الوثائقية ديانا مقلد، فغردت على شبكة «إكس» تقول: «قرار حكومة لبنان ترحيل عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات فضيحة وعار على السلطات اللبنانية.. طلبات الاسترداد الخاصة بالقرضاوي تستند إلى أفعال تتعلق بحرية رأيه السياسي (بصرف النظر عن مضمون هذا الرأي) وهذه حرية مكفولة في الدستور اللبناني والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، لذلك، فإن طلبي الاسترداد (من مصر والإمارات) يستندان إلى الاشتباه بارتكابه جرائم سياسية. علما أن القانون اللبناني والاتفاقيات العربية التي صادق عليها لبنان، تمنع تسليم أي شخص إلى دولة أجنبية في حال كان سبب الاسترداد يتعلّق بجريمة سياسية، خصوصاً إذا توافرت أسباب تدعو للاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب، حسب القانون».
وأضافت مقلد: «هناك أسباب جديّة للاعتقاد بأنّ القرضاوي قد يتعرض لمخاطر التعذيب في حال تسليمه إلى الإمارات التي ثبت لديها سجل موثق من سوء المعاملة والانتهاكات في السجون. لابد ان يتدخل قضاء العجلة ويردّ هذا القرار الشائن الذي قد يفتح المجال أمام قرارات مماثلة مستقبلاً».
وفي اليوم التالي لعملية تسليم القرضاوي إلى الإمارات كتبت مقلد تقول: «مخيفة التفاصيل التي كشفتها قضية ضغط الإمارات على لبنان لاعتقال عبد الرحمن القرضاوي.. عدا عن هشاشة وضعف الحكومة اللبنانية ورئيسها ومخالفتهم للقوانين ولأبسط القيم والمعايير الحقوقية التي يفترض أن لبنان ملتزم بها لكن القضية تكشف أيضاً مدى تضخم الترهيب الإماراتي مالياً وسياسياً وأمنياً».
وأضافت: «أن تستطيع دولة بمالها وضغطها السياسي أن تتصيد فرداً أعزلاً عبر الحدود بسبب رأي مهما كان هذا الرأي فهذا شأن يجب أن يُقلق الجميع.. خلف الواجهات البراقة هناك سلطة مستبدة ومال لا يعبأ بأي حقوق ولا يقيم وزناً لأي معايير».
وعلقت الإعلامية والمذيعة التلفزيونية في قناة «الجزيرة» خديجة بن قنة: «وصلني من عائلة الشاعر عبد الرحمن القرضاوي أنه بخير الحمد لله وأن معنوياته مرتفعة بفضل دعمكم ووقوف الأحرار والشرفاء إلى جانبه في معركة الحق، وأنه قد شرع في إضراب عن الطعام بعد سماعه بخبر تسليمه للإمارات وسوف يستمر في هذا الإضراب إلى أجل غير محدود».
قضية أحرار العالم
أما الإعلامي في «الجزيرة» أحمد منصور فكتب يقول: «الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي يبدأ إضراباً عن الطعام فور علمه بقرار حكومة لبنان ورئيس وزرائها ميقاتي بتسليمه للإمارات بتهمة الإساءة، وهي تهمة غير مسبوقة في سجلات التسليم. هذه القضية لم تعد قضية عبد الرحمن القرضاوي وإنما قضية أحرار العالم من كل عرق ولون ودين لحماية حرية التعبير من الأنظمة الاستبدادية، القضية دخلت في إطار البلطجة والمقاولات وليست قوانين الدول أو القانون الدولي أو الإنتربول».
ونشر المنتدى المصري لحقوق الإنسان تغريدة عبر حسابه على شبكة «إكس» يقول فيها: «وفقاً لما نقلته الأسرة بعد مكالمة هاتفية مع عبد الرحمن يوسف القرضاوي انه أعلن عن بدء إضراب عن الطعام، احتجاجاً على قرار ترحيله إلى الإمارات، ومطالباً بوقف تنفيذ القرار. وقد تقدم محاميه بطعن أمام قاضي الأمور المستعجلة ومجلس الشورى، داعياً لوقف التنفيذ ولم يصدر قرار بشأن الطعون بعد ولكن تم إبلاغ المحامي بأن إجراءات الترحيل قد اكتملت».
وعلق الفنان المغربي رشيد غلام قائلاً: «حر ابن حر؛ يعرف قيمة الكلمة الحرة الشجاعة ومستعد لثمنها، ويناصر قيم الحرية والعدل والكرامة ويعرف مآلها. شجاع مقدام غير هيّاب لا يخشى الطغاة ولا سجونهم.. هكذا عرفناك اخي عبد الرحمن، لن ينال الطغاة من عزيمتك وكرامتك وشرفك، والله نصيرك وحسبك».
أما الصحافي نظام المهداوي فنشر مقطعاً مرئياً للشاعر القرضاوي، وكتب معلقاً: «ما أجمل كلمات عبد الرحمن يوسف القرضاوي! إنها كنصل السكين أو كطلقات النار، بل أشد تأثيراً.. انشروا قصائده، وأعيدوا نشر هذا الفيديو.. دع من لم يقرأ شعره ان يستمع إليه فهذا هو أفضل رد على الطغاة والمستبدين، بأن تصل كلمات الشاعر الذي ظنوا أنهم إن غيبوه سينتهي شعره».
وكتب الأكاديمي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي مستذكراً الشيخ الراحل يوسف القرضاوي، وهو والد الشاعر: «رحمك الله يا شيخنا يوسف.. آذوْك في ابنتك في حياتك، ثم آذوْك في ابنك بعد وفاتك. وسعوا لاغتيالك المعنوي بكل وسيلة. لكن والله لتَذهبنَّ أمجادُهم الزائفة، ثم تبقى كلماتك الهادرة بالحق والصدق منارةً لمواكب الأحرار والأبرار».
أما الناشط الفلسطيني بلال نزار الريان، فعلق قائلأً: «أخيراً، توحّدت البلاد العربية لاعتقال شاعر عربي تجرأ على التفوّه بكلمة ضد نظام سياسي أجرم بحق شعوب المنطقة. والله، لو كان في حديقة حيوان لكانت القوانين فيها أعدل من قوانين أنظمة الشرق الأوسخ».
وعلق حساب يُدعى «نحو الحرية» قائلاً: «ما الخطر الذي يشكله شاعر على أمن الإمارات؟ أي نوع من الأمن القومي هذا الذي تهدده قصيدة؟». وأضاف صاحب الحساب قائلاً: «لماذا لا تطلب الإمارات من قطر تسلميها عبد الرحمن في حال كانت تجرؤ مثلاً؟ لماذا لا تطلب الإمارات من تركيا تسلميها عبد الرحمن في حال كانت تجرؤ مثلاً؟ لأن حكومة لبنان حكومة رخيصة تباع وتشترى ويمكن أن تدفع فيها ثمن أي شيء حتى الخروج عن القانون».
وعلق الكاتب فراس أبو هلال: «تسليم عبد الرحمن يوسف هو نتيجة لكل المستجدات في المنطقة: تركيا التي تحاول منذ خمس سنوات تصفير مشاكلها على حساب الأخلاق والصورة، لبنان الذي ظهرت فيه معادلات جديدة بعد خسارة حزب الله، سوريا التي يظن قادتها ونشطاؤها أن مجاملتهم لدول الإقليم ستحميهم من الثورة المضادة، توحش دول المنطقة بعد انقلاب مصر.. إذا كان من درس للسنوات الثلاث عشرة الماضية، فهو أن كل حال في هذه المنطقة الموبوءة بالظلم من جهة والسذاجة من جهة أخرى، لن يدوم».
وعلق الدكتور محمد الصغير، وهو رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي، ومؤسس وقف الأنصار، قائلاً: «رفض نجيب ميقاتى لقاء وفد من علماء لبنان لمناقشة قضية عبد الرحمن يوسف القرضاوي قبل توقيعه على جريمة تسليمه للإمارات، واليوم يحاول بعض المجرمين إقناع العلماء بأن ميقاتي ينتظرهم للتصوير معهم وبيان أسبابه لاتخاذ القرار، في محاولة لتسويغ الجناية التي ارتكبها في حق لبنان قبل حق عبدالرحمن… عبد الرحمن أضرب عن الطعام وكل من يقبل لقاء ميقاتي هو شريك له في الجريمة، إلا من ذهب بنية أن يقول له: يا جائر أنت قاتل».
وعلق الإعلامي السوري الدكتور أحمد موفق زيدان: «على شرفاء الثورة السورية أن يتضامنوا مع عبد الرحمن يوسف القرضاوي. فقد أتاكم يا أهل الشام مهنئاً، فرحاً بانتصاركم. ما فعله في لحظة حماس من مقطع فيديو ظهر فيه قد حذفه مما يعني تراجعاً عنه. لا نريد أن يكتب التاريخ أنكم تخليتم عن من هنأكم ودعس بساطكم. أرجوكم ألاّ نُحمل أجيالنا هذا الوزر».
وعلق الدكتور يحيى غنيم: «أكتب هذه التغريدة بحروف من دم تحز نحري: تسليم عبد الرحمن يوسف القرضاوي بتواطؤ لبناني، وصمت تركي، ورضا عربي، وغياب رد فعل سوري؛ هو الخطوة الأولى لانتصار الثورة المضادة في سوريا.. لو اعترض الحكام السوريون الجدد – مجرد اعتراض- لعلم الجميع أن للثورة أنياب ولهابها الجميع».
وكتب محمود زغموت: «تخيل تكون كاتب مقال أو تغريدة تنتقد الإمارات، تقوم تمر من لبنان ترانزيت، تقوم لبنان تسلمك للإمارات حتى تنتقم منك!! نحن في عالم تديره عصابات وزعران شوارع».
وكتب الناشط الإماراتي المعارض حمد الشامسي يقول: «عبد الرحمن يوسف القرضاوي في خطر حقيقي، حيث توثق التقارير الدولية أساليب تعذيب مروعة في السجون الإماراتية، تشمل تعريض المعتقلين لبرودة شديدة أو حرارة خانقة، الحرمان من النوم عبر الإضاءة والضوضاء المستمرة، والصعق بالكهرباء والضرب المبرح ونزع الأظافر، إضافة إلى الإذلال الممنهج والاعتداءات الجنسية.. لا تتركوا ابن ثورتكم فريسة لقوى الثورة المضادة. أوقفوا تسليمه واحموا يوسف وكرامته».
أما الناشط اليمني علي البخيتي فكتب يقول: «لدى نجيب ميقاتي مليارات لكنه لا يملك عزة نفس، فموافقته على تسليم عبد الرحمن يوسف القرضاوي ستبقى وصمة عار تلاحقه ما بقي حياً.. لا ينفك الشرق الأوسط عن إبهارنا، العراق سلم سلمان الخالدي ولبنان سلم عبد الرحمن القرضاوي».