نواكشوط – «القدس العربي»: لم يضع الموريتانيون بعد لامة مناصرتهم لغزة، ولم يوقفوا احتجاجاتهم واعتصاماتهم أمام مقرات الأمم المتحدة والسفارات الغربية، وواصلوا مع ذلك جمع التبرعات وتسيير قوافل الإغاثة.
وتحولت موريتانيا بمواقفها الداعمة، رغم بعدها الجغرافي من فلسطين، إلى منبر دولي لمناصرة القضية الفلسطينية وتعرية ما تقوم به إسرائيل من حرب جبانة وما تقترفه من جرائم قتل في حق الأطفال والمسنين وهم على أسرة المشافي وفي غرف الإنعاش.
وهكذا وصل إلى نواكشوط وفد مناصرة لغزة ضم عدداً من كبار علماء المسلمين، بينهم الشيخ عبد الله عبد المجيد الزنداني، رئيس جمعية نهضة العلماء اليمنيين، والشيخ إبراهيم مهنا، عضو هيئة علماء فلسطين، والدكتور الإمام إبراهيم العمراوي بودوخة، ممثل جمعية المعالي للعلوم والتربية في الجزائر.
وتبادل الوفد الآراء أمس مع الدكتور أسلم ولد سيدي المصطف، رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم في موريتانيا، حول المجهودات المنوطة بالعلماء المسلمين في مساندة ودعم إخوانهم في فلسطين الذين يعيشون هذه الأيام أعتى وأبشع صنوف العسف والتنكيل على يد العدو الصهيوني.
وشارك في ندوة حول الأوضاع في الأراضي المحتلة نظمها المنتدى الإسلامي الموريتاني بحضور جمع من العلماء، والأئمة، ورجال الأعمال، والثقافة والأدب، والوجهاء الاجتماعيين، بالإضافة إلى ممثل حركة حماس في موريتانيا الدكتور محمد أبو صقر.
وأشاد الدكتور إبراهيم مهنا رئيس وفد العلماء الزائر بما رآه في موريتانيا من صور المناصرة والمؤازرة لفلسطين، ولغزة لدى الجهات السياسية الموريتانية موالاة ومعارضة، ولدى الجهات الشعبية، وهيئات العلماء والأئمة».
وتحدث الدكتور مهنا عن رسائل طوفان الأقصى، مؤكداً «أن من بينها رسالة العزة والكرامة؛ وأن الشعوب المسلمة مازالت حية ويقظة، وأن منها كشف حقيقة المطبعين مع الاحتلال».
وأكد على «ضرورة توحد الأمة بمختلف مكوناتها على نصرة الأقصى، كما توحد أعداؤها على نصرة الصهاينة المحتلين».
اعتبرت ما تفعله إسرائيل حرب إبادة شيطانية ضد الأطفال والمسنين
وأثنى رئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الخارج، خالد مشعل، على «الروح التي تسود الشعب الموريتاني» والاحتشاد خلف المقاومة وقضية فلسطين.
وأضاف في خطاب له عبر الهاتف موجه لحضور مهرجان نظم الليلة البارحة في نواكشوط من طرف الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني، أن أهل فلسطين عرفوا الشعب الموريتاني صاحب نخوة ودين وانتصار لإخوته في فلسطين.
وتابع خالد مشعل: «وصلتنا ثمرات مهرجانكم الماضي، تلك الثروات المباركة من الأيدي المتوضئة، وبدورنا أوصلناها لغزة العزة، لتعين مجاهداً وتثبت شعباً صامداً على أرض الوطن».
وشهدت موريتانيا منذ بداية عملية طوفان الأقصى عدة مهرجانات جماهيرية داعمة للقضية الفلسطينية، إضافةً للوقفات السلمية الاحتجاجية التي نظمت من طرف قادة الأحزاب السياسية في البلد أمام سفارات الدول الداعمة للكيان الصهيوني. وفي إطار المناصرة الموريتانية للقضية الفلسطينية، نظم اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين ندوة أدبية وثقافية لمؤازرة الفلسطينيين في قطاع غزة.
وشهدت الندوة إلقاء حياً لقصائد شعرية من طرف بعض كبار الشعراء والأدباء تندد بالعدوان الإسرائيلي على فلسطين.
وأكد رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، الخليل النحوي، أن «اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين عازم على أن يكون مظلة ورافعة لكل الحراك الثقافي، المناهض للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولاستهداف المدنيين والمقاومين الذين يدافعون عن وطنهم وأمتهم».
هذا وعكست تدوينات الساسة وقادة الرأي العام الموريتاني انفجار نفس احتجاجي غاضب، مصحوب بغضب يعم موريتانيا كلها، إزاء ما يجري في الأراضي المحتلة وبخاصة مجزرة الأطفال الفلسطينيين الخدج التي اقترفها جيش الاحتلال بعد اقتحامه مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة بوحشية غير مسبوقة.
وقررت الأحزاب السياسية الموريتانية التي وحدتها الأوضاع في غزة، مواصلة وتنشيط وقفاتها الاحتجاجية وحملاتها التعبوية المضادة للصمت العربي والدولي على وحشية إسرائيل وبطشها، والمتضامنة مع الأهالي في غزة.
ونظمت هذه الأحزاب وقفة أمام مقر ممثلية الأمم المتحدة في نواكشوط، احتجاجاً على الجرائم التي تقترفها إسرائيل في حق أهالي غزة وبخاصة تركيز آلة حربها على المشافي والمستوصفات.
وأكد قادة الأحزاب في احتجاجاتهم «أن مباركة الحكومات الغربية لما قامت به إسرائيل من جرائم في حق المدنيين أسقطت دعاوى الدول الغربية المتعلقة بحمايتها لحقوق الإنسان».
وسلمت منظمات طلابية وحزبية موريتانية رسائل شجب لمواقف حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا المؤيدة لجرائم إسرائيل وبطشها اللعين.
وفي السياق نفسه، كانت الأحداث الجارية في غزة حاضرة بقوة داخل جلسات البرلمان الموريتاني، حيث خصص عدد من النواب مداخلاتهم لها خلال الجلستين الأخيرتين للجمعية الوطنية، وذلك بالتوازي مع تظاهرات واعتصامات متواصلة أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، ودعوات بطرد سفراء الدول الغربية الداعمة للحرب على غزة.