موسم التزلف لإسرائيل في السعودية… ووزير الأوقاف المغربي صار مُفتيا!

على «الشمامرة» أن يتبرّأوا من «فهد الشمري» إلى يوم الدين، لكونه تفوّه بكلام خطير وغير لائق، وصف في جزء منه الفلسطينيين بالشحاذين والمساومين على عرضهم، وفي جزء آخر قلل من قيمة المسجد الأقصى في مدينة القدس.
هذا الموقف أعلن عنه، صراحة، الإعلاميُّ المصري معتز مطر في برنامجه الشهير بقناة «الشرق»، وهو يردّ على ترّهات الإعلاميّ السعودي التي أطلقها منذ بضعة أيام، تعليقًا على موقف السلطة الفلسطينية من «صفقة القرن» في البحرين، حيث زعم أن الفلسطينيين رفضوا تسلّم خمسين مليار دولار مقابل تخليهم عن قضيتهم، وقال إنه لو عُرض عليهم تريليون دولار لكانوا قبلوا… لكنه استدرك قائلا إنهم لن يتخلوا عن التسول باسم القضية الفلسطينية، وشبّههم بالغجر أو «النَّوار» الذين لا يتوقفون عن امتهان الرقص والتسول، حتى ولو أعطيتهم الملايين، لأنه سلوك مترسخ في جيناتهم وتراثهم.
تجريح منحط خرج من فم شخص «اشتهر» بفيديو يظهر فيها حاملا منشارا، وهو يهدد كل مَن ينتقد أو يستنكر جريمة قتل الشهيد جمال خاشقجي!
إنه (حثالة) تراث قبيلة «شمر» المعروفة بمكارم الأخلاق. هكذا تحدث معتز مطر عن الشخص الذي تطاول على الصمود الفلسطيني، وإن كنت غير متفق مع وصفه بـ(الحثالة). لا ينبغي أن نبادل القدح بالقدح، ولو أن «فهد الشمري» أوحت له نفسه الأمّارة بالسوء أن الناس جميعًا يُساومون على أعراضهم. ألم يقل المثل العربي قديما: «كل إناء بما فيه ينضح»؟
وثالثة الأثافي أن «صاحب المنشار» قـلّـل من قيمة المسجد الأقصى ومن تعلّق المسلمين به، إذ اعتبره مجرد مكان للعبادة مثل الكنائس والبِـيَـع والمساجد المنتشرة في بقاع العالم. وتجاهَـل أن في القرآن الكريم سورة تحمل اسم «الإسراء»، تتحدث عن المسجد الأقصى بالاسم، كما تجاهل أن الرسول محمد (ص) أَمّ باقي الأنبياء في المسجد المشار إليه خلال رحلة الإسراء، وأن الأمر يتعلق بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
واضحٌ أن سفاهة «فهد الشمري» تندرج ضمن موسم التودد للكيان الصهيوني في السعودية، ومحاولة إضفاء الشرعية على احتلال القدس الشريف وعلى تدنيس البقاع المقدسة فيها، وعلى الحفريات «الإسرائيلية» الجارية هناك بمباركة أمريكية. كما أن ترهات «الشمري» تأتي في سياق موجة التطبيع التي تتسابق إليها مجموعة من الدول العربية وفي مقدمتها مملكة آل سعود، بوجه مكشوف هذه المرة، مثلما حدث في لقاء «صفقة القرن» بالبحرين، ما جعل إعلاميين من الكيان الصهيوني يبدون مبتهجين، وهم يلتقطون صورا شخصية في العاصمة البحرينية المنامة.
والملاحظ أن الاستخفاف بالثوابت الدينية الإسلامية والتشكيك فيها صار بمثابة منهاج لدى العديد من السعوديين، من إعلاميين ورجال دين وسياسيين وغيرهم، استلهاما لما يسميه البعض عهد التجديد والانفتاح والاعتدال، أو دين ولي العهد محمد بن سلمان كما نعته عائض القرني. اختلفت التسميات، ولكنها في المحصلة تمهيد للتطبيع التام مع الكيان الصهيوني.
ويتذكر الكثير من المُشاهدين التصريحات الغريبة التي أطلقها الداعية السعودي صالح المغامسي على قناة «إم بي سي»، منذ عدة شهور، حول «الذبيح»، حينما زعم أن رؤيا النبي إبراهيم عليه السلام بشأن ذبح ابنه تخصّ إسحق وليس إسماعيل. وبذلك، أعرض صفحا عن إجماع العلماء المسلمين حول شرح هذه القصة استنادًا إلى القرآن الكريم، وسعى إلى تكريس الرواية اليهودية المغلوطة، انسجاما مع أطماع ونوايا بني صهيون!

«صفحة بيضاء في كتاب أسود»

وسط هذا المشهد المخزي المعتم، تتبدّى دولة الكويت «صفحة بيضاء في كتاب أسود» بتعبير الأكاديمي الكويتي الدكتور عبيد الوسمي، متحدثا عن الموقف المشرّف لبلاده إزاء القضية الفلسطينية، ما استحق إطراء خاصا من لدن إعلاميّ قناة «الشرق» الشهير.
في هذا البلد العربي الصامد، الصغير بحجمه.. العظيم بمواقفه، انتشر شعار «لا يضرّهم مَن خذلهم» في لوحات الإعلانات وفي منصات التواصل الاجتماعي وغيرها. وهو شعار مستلهم من الحديث المروي عن الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام): «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ، قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ».
بلدية يطا في الخليل استبدلت اسم «شارع البحرين» بشارع «مرزوق الغانم»، تكريمًا لاسم رئيس مجلس الأمّة الكويتي الذي كان لسان الشعب في الوقوف بجانب الفلسطينيين، حيث قال: إن موقف الشعب الكويتي ممثلا في البرلمان هو موقف ثابت من كل القضايا الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تحظى دائما بالأولوية، والتي يريد الكيان الصهيوني أن ننساها، لكن هيهات، أنّى له ذلك. نقول لشعب الكويت على لسان معتز مطر: «طبتم وطاب مسعاكم… ربح البيع بإذن ربي. ربح البيع».

الوزير مفتي الناس «الغلابة»!

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أحمد التوفيق، قليل الظهور عبر التلفزيون، لكنه حين يظهر ينقلب كلامه وبالا عليه، لأنه يريد أن يبدو أكثر معرفة بحقائق الأمور، وأقوى مدافع عن الدولة، لا سيما في الشق الديني الذي تتداخل فيه السياسة والمال والإيديولوجيا. وربما ذلك راجع إلى كونه الوزير المغربي الوحيد الذي لم يغادر مقعد الوزارة منذ ما يقارب عقدين من الزمن.
يوم الاثنين الماضي، شوهد أحمد التوفيق خلال النقل التلفزيوني المباشر لجلسات البرلمان، وهو يقدّم تبريرات أكثر منها إجابات حول قضايا الحج بالنسبة المغاربة، فبخصوص ارتفاع تكاليف أداء هذه الشعيرة، اعتبر أن الزيادة لم تتعد 3665 درهماً مغربياً «فقط» (أي حوالي 382 دولاراً أمريكياً). وكعادته، بَحَثَ عن أكثر من حجّة لتعليل هذا العبء المالي الإضافي الذي يتنامى سنة بعد أخرى في المغرب. وحين سُئل، لماذا لا تُساهم وزارته (المعروفة بغنى مواردها المالية) في التخفيف من تكاليف بعض الحجاج الذين تهفو أنفسهم لزيارة بيت الله الحرام، أجاب بالقول إنه لا يجوز شرعا أن تنفق الأوقاف، لأن هذه الفريضة مرتبطة بالاستطاعة. ولكن، كيف يفسّر لنا الوزير نفسه، لماذا تحجّ شخصيات ميسورة على نفقة الدولة؟ إنه يصدر فتواه إزاء الطبقة البسيطة من أبناء الشعب، غير أنه يسكت عن الكلام المباح إذا تعلق الأمر بالمحظوظين في دواليب الدولة، تجسيدا لمنطق الريع المعمول به منذ عقود.
وفي ضوء هذا المنطق العجيب والغريب، أضاف الوزير أحمد التوفيق فتوى جديدة قال إنه استقاها من «المجلس العلمي الأعلى»، فقد سأله أحد النواب عن معاناة الكثير من الأشخاص الذين يرغبون في الحج، لكن لا يتيسر لهم ذلك، بحكم نظام القرعة المعتمد في المغرب لهذا الغرض، فقد تمر عشرون سنة من دون أن يتمكن العديد من أصحاب الطلبات من زيارة البقاع المقدسة، لأن القرعة لا تفرز أسماءهم. ما الحل إذن؟ أفتنا يا شيخ! يقول الوزير:
«إن مَن يقضي عشرين عاما وهو يشارك في قرعة الحج، فكأنه حج لمدة 20 سنة، لأن الأساس هو النية».
ما أثار موجة عارمة من الضحك المقرونة بالاحتجاج في صفوف البرلمانيين الحاضرين خلال الجلسة العامة، فكأن لسان حالهم يقول: كفى من التوظيف الديماغوجي للدين، وِفق الفهم الذي يطلب من الناس «الغلابة» البسطاء أن يقنعوا بما هم فيه، وألا يتساءلوا عن كيفية استفادة المحظوظين من أمور لا يصلون هم إليها أبدًا!

٭ كاتب صحافي من المغرب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د.سامي المصري - المانيا:

    المضحك المبكي ان تزور ايفانكا ترامب السعودية فيسيل لعاب بن سلمان وابوه وشلتهم عليها مع علمهم ان ابوها وزوجها معها
    المشين ان زوجها مع علمه بذلك يجلس معهم ليبتز الملايين
    القاضية تاتي عندما يرقص ترامب معهم بالسيف دقيقتين ويامرهم بدفع مليارات للاقتصاد الامريكي فيدفعوها وهم صاغرين ثم يخرج علينا امام الحرمين يدعو ل سلمان وترامب بالنجاح في قيادة العالم
    وبعد كل هذا يخرج ذبابهم للتهجم على الاقصى وفلسطين واهلها؟!!!!!
    اخزاكم الله بين الاقوام الا تستحون؟؟؟؟

  2. يقول حكيم:

    أحيي “القدس العربي” على وقوفها بجانب قضايا الشعوب العربية.

  3. يقول زياد سمودي_المانيا:

    الكويت العربي الحبيب حماه الله وقيادته الشريفة، الكويت لا يقارن بالسعودية والامارات، فهو كان لديه برلمانا منتخبا ديمقراطيا في حين كانت الامارات محتلة من بريطانيا والسعودية تعيش في طاعة الوهابية. تحية حب واحترام وتقدير لشعب الكويت وقيادته الحكيمة، نشكر فيكم شجاعتكم واعمالكم الخيرة.

  4. يقول رضا تونس:

    ستبقا القضية الفلسطينية قضية اغتصاب واحتلال وطن من اصحابه الشرعيين الا وهو الشعب الفلسطيني المرابط الصبور
    ولن تستطيع دعوات التزلف والتملق التي تمارسها الرجعية الخليجية والعربية من اضفاء اية شرعية لعصابات الصهاينة مهما طال الزمان ففلسطين الى الحرية لان الحق لا يضيع

  5. يقول الحجة:

    هذه الأفعال و التصريحات من السعودية و الإمارات ستبقى وصمة عار و ذل و سيذوقون مرارة نتائج افعالهم

  6. يقول فؤاد مهاني - المغرب:

    أعتقد أن وزير الأوقاف المغربي صادق من ناحية أن الحج بالنيات.فالنية أصدق من العمل.أما القضية لفلسطينية فهي قضية كل المسلمين جميعا وكل شعوبه بما فيهم الشعوب العربية مع تحرير فلسطبن ويرفضون بيعها رغم تواطؤ بعض الأنضمة ومن يسبرون في ركابهم من مطبلاتية وسفهاء.

اشترك في قائمتنا البريدية