بغداد ـ «القدس العربي»: كشف تقرير لموقع «بيزنس إنسايدر» عن تقصير منصة «فيسبوك» وشركته الأم «ميتا» في إزالة منشورات تضمنت تهديدات واتهامات بـ«العمالة» وخطابات كراهية ضد الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، الذي اغتيل في يوليو/ تموز 2020 في بغداد.
والتقى كاتب التقرير بأحد أصدقاء الهاشمي المقربين، ويدعى أوس السعدي مؤسس منظمة «التقنية من أجل السلام». ووفق التقرير، المنظمة غير الربحية، كانت شريكا موثوقا به في «ميتا» حيث امتلك السعدي خط تواصل مباشر مع الشركة، للمساعدة في إزالة المحتوى الذي يتضمن تهديدات ضد حياة الأشخاص.
وفي الأشهر التي سبقت اغتيال الهاشمي، اتهمته منشورات على «فيسبوك» ومواقع تواصل اجتماعي أنه «جاسوس وعميل للولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وكذلك التآمر لزيادة زعزعة استقرار العراق» الذي كان يشهد حينه احتجاجات شعبية ضد السلطة الحاكمة. وفي سبتمبر/ أيلول 2019، تواصل الهاشمي مع السعدي ليسأله عما إذا كان بإمكانه المساعدة في إزالة المنشورات الضارة التي تستهدفه على «فيسبوك».
ووفق التقرير السعدي فعل ما في وسعه لمساعدة صديقه، لكن ردود «ميتا» كانت «غير متسقة، حيث تمت إزالة بعض المنشورات في غضون يوم واحد، بينما بقيت منشورات أخرى لمدة أسبوع».
وبين التقرير أن «منشورا واحدا كان تاريخه في أبريل/ نيسان 2020 زعم أن الهاشمي كان من «قيادات تنظيم القاعدة لم تتم إزالته قط».
وأبلغ السعدي عن ذلك، لكن «ميتا» ردت أن المنشور لا يخالف سياسات الشركة، وفقا للتقرير. في السادس من يونيو/حزيران من العام نفسه، وهو يوم اغتيال الهاشمي أرسل السعدي رسالة لـ«ميتا» قال فيها «قتلوه الآن» ويقصد الهاشمي، مضيفا لموقع «بيزنس إنسايدر» إن «ميتا كانت أحد أسباب مقتله».
ويبين التقرير أن السعدي لم يكن الوحيد الذي يواجه مثل هكذا مشكلة، فقد تعرضت «ميتا» و«فيسبوك» لانتقادات شديدة لـ«فشلهما في الإشراف على المنصة بشكل مناسب».
وفي العديد من البلدان، تعتمد «ميتا» على التقارير الواردة من مجموعات مجتمع مدني محلية وخبراء للإبلاغ عن خطاب الكراهية والمعلومات المضللة المنشورة على «فيسبوك» من خلال ما يعرف ببرنامج «الشريك الموثوق».
واكتسب البرنامج زخما كبيرا في أواخر عام 2010 بعد أن وجهت انتقادات لـ«ميتا» لدورها في انتشار عمليات الإبادة الجماعية في ميانمار.
وقال التقرير إن الشركة تعتبر الآن البرنامج ضروريا لاستراتيجيتها للاعتدال في البلدان المتوترة سياسيا، مثل العراق.
وأكد أن مسودة تقرير صادر عن مؤسسة «إنترنيوز» الإعلامية غير الربحية في كاليفورنيا حصل عليها الموقع من خلال شريك موثوق، خلصت إلى أن «الثغرات في برنامج شركاء ميتا الموثوق بهم تعرض الأشخاص لخطر جسيم».
وتعد «إنترنيوز» أيضا أحد أكبر شركاء «ميتا» وتتلقى تمويلا من الشركة لمشاريع مختلفة.
يقول التقرير إن «ميتا» لم ترد على طلب للتعليق على اغتيال الهاشمي أو ما ورد في مسودة «إنترنيوز».
لكن المسودة تضمنت أصلا مجموعة إجابات على أسئلة طرحتها «إنترنيوز» من بينها إقرارها أن جائحة كورونا «أثرت بشدة» على عملياتها «وأدت إلى ضعف الاستجابة» على شركائها الموثوق بهم بين عامي 2019 و 2021.
في إحدى الإجابات قالت الشركة: «خلال هذه الفترة، عملت فرق مراجعة المحتوى لدينا بقدرة محدودة ولم تكن قادرة على الاستجابة بأسرع ما يمكن لتقارير قنوات الشركاء الموثوق بهم كما نود وكما فعلوا في الماضي».
وأضافت: «في ظل هذه الظروف الصعبة، أعطينا الأولوية للمحتوى الأكثر ضررا لفرقنا لمراجعته، مثل خطر التعرض لأذى جسدي وشيك أو عنف».
وتشير المسودة كذلك إلى أن «ميتا» تجاهلت أو تأخرت بشكل كارثي في الاستجابة، للإنذارات التي أطلقها شركاؤها الموثوق بهم في إثيوبيا حيث كان هناك صراعان عنيفان في البلاد.
وتلفت المسودة، التي استندت إلى دراسة استقصائية شملت 24 شريكا موثوقا بهم بمن فيهم السعدي، إلى أن الشركاء الموثوق بهم الذين يعملون في جميع أنحاء العالم يواجهون أوقات استجابة متأخرة للغاية و«غير منتظمة» عند الإبلاغ عن خطابات الكراهية وغيرها من المحتوى الضار وكذلك التهديدات الوشيكة على حياة الأشخاص.
ووجدت أن الشركاء انتظروا في بعض الأحيان أسابيع إن لم يكن شهورا، للحصول على رد من «ميتا» وفي بعض الحالات، لم يتلقوا أي رد على الإطلاق، مما دفع البعض منهم إلى التوقف عن التعاون.
وأكد التقرير أن السعدي وشركاء آخرين توصلوا إلى حل بديل من خلال مناشدة جهات الاتصال الشخصية مباشرة في «ميتا» عبر «واتساب» أو «سيغنال» والتي غالبا ما كانت نتائجها أفضل وأسرع مقارنة بقناة الإبلاغ المخصصة للشركاء الموثوق فيهم.
ووجدت مسودة «إنترنيوز» أن المشاركة في برنامج الشريك الموثوق فيه، في كثير من الحالات، زادت من المخاطر على الشركاء الموثوق فيهم أنفسهم بعد تلقي الكثير منهم لتهديدات بالقتل نتيجة لعملهم.
من الذين تلقوا تهديدات السعدي نفسه، الذي أكد أن منشورات مضللة انتشرت على «فيسبوك» تزعم أنه «عميل أمريكي يعمل على زعزعة العراق» تماما مثلما حصل مع صديقه الهاشمي.
أبلغ السعدي، الذي يقيم في هولندا حاليا، «ميتا» عن المنشورات، وبعد أسبوع تواصل شخصيا مع أشخاص في الشركة حيث أبلغوه أنهم سينظرون في الأمر لكنهم لم يفعلوا شيئا. ووفق التقرير «ميتا» أزالت المنشورات بعد نحو شهرين من الإبلاغ عنها لأول مرة.