كتب رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، أيمن عودة، مقالا نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أعلن فيه تأييده لتولّي بني غانتس رئاسة الوزراء الإسرائيلية. وقد جاء هذا التأييد العجيب بالرغم من إقرار عودة نفسه بأن «السيد غانتس رفض الالتزام بمطالبنا السياسية المشروعة من أجل مستقبل مشترك». هذا وتشمل مطالب القائمة المشتركة الحدّ من العنف والجريمة والتمييز والإقصاء والفقر التي يعاني منها المجتمع العربي في أراضي 1948، إضافة إلى إلغاء قانون القومية الذي يشكّل سدًّا منيعا أمام تقرير مصير الفلسطينيين ويمهّد للضمّ القانوني لقسم من الضفة الغربية المحتلة.
فعلى الرغم من أن غانتس لم يقدّم شيئًا للناخبين العرب، وأن حزبه «كاحول لافان» يمثل المجمّع الأمني/العسكري الصهيوني، يبدو أن عودة لا يزال يأمل خيرًا منه إذ كتب في مقاله: «باختيار التوصية بالسيد غانتس، أثبتنا أن التعاون بين الناس، عرباً ويهوداً، هو الاستراتيجية السياسية المبدئية الوحيدة التي ستؤدّي إلى مستقبل أفضل لنا جميعًا».
ما تخفيه لغة أيمن عودة «الوجدانية» هو أن خطوته أكثر ما يمكن أن تحقّقه هو أن تحول دون تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة قبل منافسه، لو حاز هذا الأخير على عدد أكبر من النوّاب الداعمين لتكليفه. غير أنه لو جرى تكليف نتنياهو لفشل حتماً في تشكيل حكومة خلال المهلة المحدّدة وهي 42 يومًا، لاسيما أنه فاز هذه المرّة بعدد من المقاعد هو أقلّ مما حصل عليه في الانتخابات السابقة التي عجز على إثرها في تشكيل حكومة تحظى بتأييد أكثرية في الكنيست. فلو نجحت خطوة عودة، لوفّرت على مؤسسة الحكم الصهيونية إطالة أزمتها ولسمحت بتكليف غانتس تشكيل الحكومة المقبلة بدون الانتظار 42 يوماً. هذا كل ما في الأمر. فهل يستحق مثل هذا الإنجاز السياسي العظيم تجنيد «شعر محمود درويش وقصص أجدادنا» التي استشهد بها عودة في نهاية مقاله؟
إن موقف عودة قد يُفرح الصهاينة الليبراليين في أسرة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» الذين يريدون التخلّص من نتنياهو بغية تجميل صورة إسرائيل في الخارج. لكنّه موقف غير مبدئي ومخالف للكرامة الفلسطينية في تأييده لقائد سابق للجيش الإسرائيلي أشرف على ارتكاب جرائم حرب في الأراضي المحتلة ودعا إلى ضمّها بفرض السيادة اليهودية الدائمة عليها.
التذرّع بحاجة الفلسطينيين في إسرائيل إلى وضع مطالبهم الوطنية المشروعة جانباً من أجل معالجة مشاكلهم الاجتماعية المحلّية، هو خلطٌ للأوراق السياسية
إن منظور عودة منظور برلماني ضيّق الأفق وخطابه عن المسؤولية السياسية يعكس انتهازية الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي طالما قلّل من أهمّية الصراع الوطني الحيوي بين الشعب الفلسطيني والاستعمار الاستيطاني الصهيوني، وذلك باسم وعود سلام زائفة على غرار اتفاقية أوسلو، متناسياً أن الأخوّة بين الشعوب لا تتحقّق إلّا عندما تتوفّر بينها المساواة في الحقوق.
ولا يختلف خطاب أيمن عودة الحالي المناهض لنتنياهو عن خطاب الحزب الشيوعي المناهض لبن غوريون في الخمسينيات، عندما كان يختزل المشكلة بشخص بن غوريون، وليس بالصهيونية جوهرياً، ويعتبر أنه لا بدّ من طرد هذا الأخير من الحكم من أجل تعزيز الديمقراطية الإسرائيلية. وقد فشلت تلك السياسة فشلاً ذريعاً ولم تفلح في وقف التوسّع الاستعماري الصهيوني أو في منعه من شنّ المزيد من الحروب. وكذلك فإن إبعاد نتنياهو عن السلطة لن يوقف العدوانية الصهيونية ولا ممارساتها العنصرية إزاء الفلسطينيين.
ليس القصد هنا نبذ فكرة المشاركة في الانتخابات الاسرائيليّة من حيث المبدأ. فإن استخدام الكنيست الإسرائيلي كمنصّة للتنديد بالدولة الصهيونية والدفاع عن حقوق ومصالح الفلسطينيين أمرٌ مشروع. أما استخدام الكنيست للتماهي مع الأحزاب الصهيونية والتذيّل لها وتدمير الهوية الفلسطينية السياسية المستقلة، فهذا غير مشروع. ويعلم أيمن عودة بالتأكيد أن غانتس مجرم حرب، وأن حزب «كاحول لافان» يعجّ بالصهاينة المتطرّفين. لماذا إذاً آثر عدم الاصغاء لشركائه الوطنيين في القائمة الموحّدة، أعضاء «التجمع الوطني الديمقراطي» الذين عارضوا تأييد غانتس، وأدار ظهره لغالبية الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال، ناهيكم عن فلسطينيي الشتات، من خلال تأييده للقائد السابق لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي الذي افتخر خلال حملته الانتخابية في شهر نيسان/ أبريل الماضي بما أنجزه في «قتل الإرهابيين» في غزّة؟
أما التذرّع بحاجة الفلسطينيين في إسرائيل إلى وضع مطالبهم الوطنية المشروعة جانباً من أجل معالجة مشاكلهم الاجتماعية المحلّية، فهو خلطٌ للأوراق السياسية. والحال أن غانتس لم يشكر عودة على تأييده، ولن يقبل تولّي رئاسة الوزراء بالاستناد إلى أصوات فلسطينية في الكنيست، حتى ولو كانت أصوات نوّاب أمثال أيمن عودة. ويعلم الجميع أن أفيغدور ليبرمان، لا أيمن عودة، هو الذي سوف يقرّر مصير هذه الجولة من اللعبة السياسية الإسرائيلية، وأن المدّعي العام هو الذي سوف يقرّر ما إذا كان ينبغي السير قدماً في محاكمة نتنياهو بتهمة الفساد، وبالتالي إنهاء حياته السياسية. وقد كان أجدر بالقائمة الموحّدة أن تحصّن جمهور ناخبيها ضد التكتيكات اليائسة، وأن تهتم بتنظيم الصمود والنضال دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين.
كاتب وأكاديمي من فلسطين
*مع احترامي لرأي الأخ الكاتب ..
أهم هدف للقائمة المشتركة هو ازاحة
(النتن ياهو) من المشهد.
بعد ذلك تأتي الطلبات الأخرى..
فلا داعي للتضخيم والمزايدة ع المشتركة.
(وفقهم الله ) .
احسنت ، اختصرها سامح وقال مزايدة، لا اكثر ولا اقل .
لكن اذا اردنا المزيد ، فمثلا في العبارة التالية : “انتهازية الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي طالما قلّل من أهمّية الصراع الوطني الحيوي بين الشعب الفلسطيني والاستعمار الاستيطاني الصهيوني”. نقول انه حدثت في العقود الأخيرة تطورات مهمة في العلوم اللغوية ادت الى نشأة دراسات مختصة هي ” علم الدلالات” للخطاب واللغة المستخدمة .
تشرشل تحالف مع الشيطان لمصلحة بلاده الكرامة مفهوم شخصي لا مكان لها في السياسة تزيبي ليفني الوزيرة الاسرائيلية قالت انها لا تمانع ممارسة الحب ان كان ذالك لمصلحة بلادها
الكرامة والشهامة والفروسية والصدق لا مكان لهم في السياسة
اكثرية عرب اسرائيل مع ايمن عوده للانخراط في اللعبة السياسية في اسرائيل بدل من البقاء في جبهة رفض لا وزن لها
لا احد ينتظر معجزة او حل سريع لمشاكل العرب في اسرائيل هذه خطوة أولى برحلة حان وقتها
كاحد فلسطيني الشتات الذي يحب وطنه بكل أحواله فإنني اولا اعترض على ما ورد بالمقال واختلف مع الكاتب المحترم فيما ذهب إليه.
كفانا سلبيه وجلد الذات، من حق أجيالنا ان تعيش بكرامه وايمن عوده ورفاقه من الطيبي والآخرون كلهم وطنيين حتى النخاع ويخططون لمصلحة مجتمعاتهم الذين هم جزء من الامه الفلسطينيه العظيمه فلندعهم يقررون فهم أهل للمسؤوليه ووطنيتهم ليست محل شك وانا اؤيد خطواتهم وامل انهم يستطيعون لاحقا المساهمة بحل مشاكل أخرى لها علاقه بالضفه و غزه.
خلاصة القول دعوهم وشانهم فهم أفضل منا فعلى الأقل ظلو صامدين قابضين على الجمر ونحن من مختلف أصقاع الأرض ننظر عليهم وكل يسحب لجهته. كل الدعم القائمه المشتركه وقيادييها الوطنيين.