مونديال الشجاعة وصراع القيم والألوان!

حجم الخط
1

مضت جولة كاملة من كأس العالم، وبعض الفرق خرج سعيداً كما أراد، مثل اسبانيا وفرنسا وإنكلترا، في حين خرجت فرق أخرى مصدومة كالأرجنتين والمانيا، وأحاط بكأس العالم لمحات صراع قيم، انتصر فيه بنسبة واضحة حتى الآن أهل المنطقة المستضيفة.

وبرزت قصة الصراع حول “ِألوان شارة القيادة” كأبرز مظاهر الصراع المونديالي حتى الآن، وتفوق بشغل الإعلام والجماهير على كرة القدم ذاتها، وهو صراع قيم وفهم لمعنى الديمقراطية والحرية بالنسبة للغرب “الحالي” مقابل العالم.

انتهت قصة ذلك الصراع بحل بسيط، التهديد ببطاقة صفراء، بطاقة لا تقدم ولا تؤثر بالنتائج، لكن الغربيين المتحدثين بقوة عن حرية التعبير والمدعين استعدادهم لفعل أي شيء من أجلها، لم يتحملوا رؤية لون واحد فقط في وجوههم، ويريدون من مليارات البشر، تحمل عدة ألوان رغم اختلافها مع ثقافتهم وعقيدتهم، وهم يعلمون في داخلهم بأن تلك الشارة لن تغير شيئاً في واقع الأمور.

ذلك موقف ليس بالشجاع، لكن قابلته عدة مواقف شجاعة في الملعب، كموقف السعودية التي وقفت بقوة أمام الأرجنتين، ولم تهتز بفعل هدف ليونيل ميسي المبكر، وقاتلت ثم عادت، وهزمت أحد المرشحين للقب، في نتيجة وصفها بعض شركات البيانات بأنها أكبر صدمة في تاريخ كأس العالم، بناء على تحليلات ومعادلات توقع معقدة يستخدمونها.

موقف شجاع آخر قامت به اليابان ضد المانيا، في انتصار جعل كثيرين يطالبون المانشافت بالعودة لجذوره، بكونه فريقاً يلعب كرة القدم بإخلاص وتركيز، ولا يشتت انتباهه بقضايا لا تمت لكأس العالم بصلة، فلم يتمالك اللاعبون أنفسهم إلا بوضع أيديهم على أفواههم، فرفضوا الحديث قبل المباراة، لكنهم لم يستطيعوا الكلام خلالها ولا بعدها بشجاعة الساموراي.

يقول لوثر ماثايوس عن الحالة الألمانية: “كلما زاد الحديث عن أمور غير كرة القدم، فقد الفريق تركيزه”، وأشار إلى أن المنتخب الألماني بالتأكيد خسر 15% من تركيزه بسبب انشغال اللاعبين بأمور لا تتعلق بكرة القدم.

تونس والمغرب لعبا بشجاعة أيضاً، فالمنتخب الأول لعب بحماس مباراة نهائية، قاتل وفرض التعادل، على أحد المنتخبات المميزة في اليورو الأخيرة، وأحد المرشحين للعب دور حصان أسود، ألا وهو الدنمارك. في حين نجحت المغرب بمجاراة كرواتيا، تبادلت معه الخطورة، وفرضت التعادل السلبي على وصيف مونديال 2018.

ولم يستطع لاعبو قطر دخول المواجهة الأولى مع الإكوادور، فلم تكن أذهانهم جاهزة كما يبدو، فغاب عنهم الحماس والجرأة، ليخيب ظن المتابعين العرب في لقاء افتتاحي احتفلنا فيه جميعاً.

الآن تبدأ الجولة الثانية، والأحلام كبيرة بتكرار العرب جولتهم الأولى الجيدة، ابتداءً مع قطر المطالبة بأداء أفضل بكثير أمام السنغال، فالأخير ظهر قوياً مع هولندا رغم الخسارة، وهذا يعني أن المطلوب جهد مضاعف في هذه القمة، للإبقاء على الأمل قبل مواجهة الطواحين.

ثم ستكون تونس في مواجهة ممكنة للغاية، بل دعني أقول، واجب الفوز فيها أمام أستراليا، لأن من يريد التأهل أو إثبات التحسن عن المونديالات السابقة، فعليه أن يهزم منتخباً تأهل بصعوبة بالغة عن قارة آسيا، ولا يملك حالياً نفس الأسماء الكبيرة التي امتلكها قديماً.

وأما مفاجأة القرن العربية، منتخب السعودية، الذي هزم ليونيل ميسي ورفاقه، سيكون مطالباً بمواجهة ليفاندوسكي ورفاقه هذه المرة، وهنا ستكون المواجهة مع منتخب أقوى بدنياً لكنه أقل فنياً، وفي نفس الوقت سيكون هذا المنتخب أخطر في الكرات الهوائية، والأهم من كل ذلك. أن بولندا أدركت بأن كتيبة هيرفي رينارد قادرة على الإيذاء، وبالتالي ستكون أكثر تركيزاً وحذراً من الأرجنتين.

ونختتم مهرجاننا العربية بقمة بلجيكا مع المغرب، حيث أن أسود الأطلس مطالبون بأداء أكثر شجاعة هجومياً من أداء مواجهة كرواتيا، مع الحفاظ على نفس الهدوء والانضباط الدفاعي، فنقطة من بلجيكا لن تكون سيئة، لكن الفوز بالتأكيد أفضل بكثير.

بالمختصر، انتهت الجولة الأولى بنجاح عربي واضح، بالاستضافة والتنظيم وفي الملعب، وكذلك حقق العرب انتصاراً مهماً على محاولات فرض بعض القيم، لكن الآن في الجولة الثانية سيكون الكلام عن كرة القدم، لذلك نتوقع شراسة أكبر مطلوبة من منتخباتنا العربية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    وقطر لها، و أثبتت أنها على مبادئ الإسلام ثابتة رغم أنف الحاقدين و الحاسدين من بني صهيون و بعض من يدعون أنهم نصارى وماهم بنصارى إنما هم أسوأ من الحثالة

اشترك في قائمتنا البريدية