غزة – «القدس العربي»: قال علي عوض الله، أحد الناجين من “مجزرة المواصي”، إن المنطقة المقصوفة تقع بجوار مسجد عثمان بن عفان على مقربة من المستشفى البريطاني في مدخل مواصي خان يونس من الناحية الجنوبية، موضحاً أنها تؤوي عدداً من العائلات النازحة مثل فوجو، ماضي، طعيمة، والشاعر.
وأضاف النازح من رفح لـ “القدس العربي”: “في الليل سمعنا صوت الصواريخ، والسماء بتنور في عز الظلمة، ركضنا من الخيام بملابسنا. الحمد لله الصواريخ لم تصل لعندنا، لكن فوجئنا بحريق ضخم، وخيام بأكملها انمسحت من على وجه الأرض، منظر مؤلم، وحتى اللحظة يوجد مفقودين تحت الرمل”.
وأوضح أن المجزرة الدموية مسحت عائلات بأكملها من السجل المدني لقطاع غزة مثل عائلة فوجو، وأردف: “والله أعلم مين تاني من العائلات لم يعد له أثر، طلعنا الشهداء أشلاء، قطع لحم والله عيالي اتفزعوا، وجريوا يستخبوا في حضني وحضن أمهم، الله ينتقم من الاحتلال اللي سود عيشتنا، كل شوية نزوح، وقتل فينا ورعب أطفالنا”.
ووصف حسين السيد، سائق إسعاف، مجزرة المواصي بـ “المرعبة”، وقال: “وصلنا للمكان بصعوبة بعد منتصف الليل، كانت الدنيا ظلمة، والمنطقة تضاريسها صعبة عبارة عن كثبان رملية وأراض زراعية، ولما جينا اتصدمنا من المنظر، الخيام منسوفة وغرقانة في الرمل، جثث تم دفنها داخل الكثبان الرملية، جثث متناثرة على بعد مئات الأمتار في محيط المكان المستهدف، جثث مبتورة الأطراف معظمها للأطفال والنساء”.
وأوضح أن القصف كان قوياً لدرجة أنه سمعه وهو نائم في منزله في منطقة مجاورة، معقباً خلال حديثه لـ “القدس العربي”: “استيقظنا بعد منتصف هذه الليلة على دوي 4 أو 5 انفجارات قبل أن تردنا إشارة من الدفاع المدني بوجود استهداف ضخم وكبير لمنطقة بين مواصي رفح وخان يونس، المصنفة حسب ادعاء الاحتلال بأنها إنسانية آمنة”.
وأشار إلى أن الصواريخ المستخدمة في القصف ضخمة وذات قوة انفجارية هائلة تعمل على تمزيق الجثث وحرقها ودفنها.
وقال محمد فوجو، ناجٍ آخر من “مجزرة المواصي”: “في دقيقة لقينا صواريخ نزلت علينا، لا نعرف ماهيتها، هي صواريخ، هي براميل متفجرة، هي حزام ناري”.
وأشار لـ “القدس العربي” إلى اختفاء المخيم من على وجه الأرض “لا يوجد مخيم أساسًا، بقي عبارة عن بعض خشب وفراش ملقى في الشارع، تم قصفنا من دون سابق إنذار، لم يحذرنا الاحتلال، رغم أن السماء ممتلئة بطائرات استطلاع تتجسس علينا”.
وأكد النازح الثلاثيني أن المنطقة المستهدفة لا تضم سوى نازحين من المدنيين الفلسطينيين، وأردف: “قسمًا بالله العظيم ما حد منا لا مقاومين ولا أي شيء، كلنا مواطنسن آمنين نايمين في بيوتنا، نزحتونا من دورنا، رضينا بالنكبة اللي احنا فيها، رضينا بالهم والهم مش راضي بينا»، متسائلًا: «ماذا نفعل؟ وإلى أين نذهب؟”.
واستيقظ محمد الشاعر، يقيم على بعد 100 من مكان القصف، على محتويات خيمته تسقط فوق رأسه، وقال: “كنت نائمًا في هذا المكان بالضبط، استيقظت لأجد العريشة تقع عليّ والرمل يقع عليّ وبس، هذا الذي استيقظت عليه، لم أسمع صوت الانفجار، بس الخيمة تقع عليّ”.
وأضاف النازح من قرية الشوكة في رفح لـ “القدس العربي”: “خرجت أجري في الشارع، أنا نازح هنا منذ 5 شهور، والاحتلال ضربنا دون أن يحذرنا. لما رجعت للمكان لقيت الصواريخ تركت حفر عميقة جدًا، والأطفال بيلعبوا بشظايا الصواريخ، اللي خلفتها الضربة، وهي خطر عليهم، ربنا يستر!”.
المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، قال لـ”القدس العربي”: “المنطقة المستهدفة تؤوي عدداً كبير من النازحين، كون المحتل يزعم أنها (إنسانية)، ولكنه قصفها.
وأوضح أن المنطقة الواقعة بين مواصي خان يونس ومدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، ممتلئة بخيام النازحين.
وأشار إلى أن القصف العنيف خلّف ثلاث حفر عميقة بمكان الحادث، حيث اختفت عائلات كاملة بين الرمال، مبينًا أن طواقم الدفاع المدني والإسعاف تواجه صعوبات كبيرة في انتشال الشهداء وإنقاذ الجرحى، إذ لم تتمكن منذ ليل – الإثنين الثلاثاء – إلا من استخراج جثث 40 شهيداً، ونقل 60 مصاباً إلى المستشفيات.
وأكد أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من قبل طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية، للسيطرة على الحدث، موضحًا أنهم يعانون بشكل كبير من نقص حاد في الأدوات والمعدات، التي تلزم لعمليات البحث والإنقاذ، وسط إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود ومستلزمات الصيانة، في ظل العدوان الاسرائيلي المستمر منذ 11 شهراً.
وقدّر مدير دائرة الإمداد في الدفاع المدني، محمد المغير، عمق الحفر التي خلفها القصف على مواصي خان يونس بنحو 9 أمتار.
وأوضح أن نحو 40 خيمة في المنطقة المكتظة بالنازحين لم يعد لها وجود، حيث تتعامل الطواقم الطبية مع عدد كبير من المصابين والشهداء، فيما لا يزال البحث جاريا عن مفقودين في عمق الأرض بفعل الصواريخ.
وأشار لـ “القدس العربي” إلى أن المنطقة المستهدفة كانت قبل حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مخصصة للزراعة وتضم شاليهات لأسر فلسطينية من المزارعين، لكنها تحولت إلى تجمعات لعشرات آلاف النازحين، في ظل أوامر الإخلاء المتكررة من قبل جيش الاحتلال، وإجبار المواطنين الغزيين على التكدس في مساحة صغيرة لا تتعدى 11% من قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية بأن بعض العائلات اختفت بالكامل تحت الرمال، حيث اختلطت جثث الضحايا بالخيام والرمال، بسبب شدة القصف، مبينة أنه يتم نقل الشهداء والمصابين إلى مستشفيي ناصر الطبي وغزة الأوروبي في خان يونس، بالإضافة إلى مستشفى الصليب الأحمر في منطقة مواصي رفح ومستشفيات أخرى ميدانية.
وأفصحت عن أسماء 10 شهداء فقط تم التعرف عليهم بعد صولهم إلى مستشفى ناصر بخان يونس وهم؛ من عوائل العرجا، وفوجو، والشاعر، ومعمر.
إنها الصواريخ القذرة الأمريكية التي تعبث بحياة أطفال ونساء غزة العزة هذي شهور وشهور ✌️🇵🇸☹️💪🚀🐒🚀