لندن- “القدس العربي”: قال جوف لامير، الباحث في معهد “ديفنس برايوريتز”، إن الهجمات الأخيرة في سوريا تذكير مؤلم بضرورة سحب القوات الأمريكية من سوريا. وأضاف أن العمليات الانتقامية الأخيرة فشلت بحماية الجنود الأمريكيين.
وفي يوم الإثنين، نفذت الميليشيات التي تدعمها إيران هجوماً صاروخياً، بعد عملية بطائرة مسيرة كانت تهدف لمنع مزيد من الهجمات. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الجنود الأمريكيون للهجمات في سوريا، وليست هذه المرة الأولى التي اضطرت القوات الأمريكية فيها للرد بهجمات انتقامية. بل وهذه المرة الـ18 التي تتعرض فيها القوات الأمريكية في العراق وسوريا للهجمات، منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض.
وبات من الواجب على واشنطن سحب هذه القوات، وقبل أن يدفع الجنود ثمن تقاعس قادتهم. ويقول لامير إنه لم يحدث أي شيء بعد 80 محاولة فاشلة لبناء ردع. وأكثر من هذا؛ فإن الهجمات القادمة ستذكّر واشنطن أنها لا تستطيع قصف أعدائها وإجبارهم على الاستسلام.
وستظل هذه الجماعات تدفّع أمريكا الثمن بالدم طالما بقيت قواتها هناك. وقال إن واشنطن ليس لديها أسباب إستراتيجية للبقاء في منطقة فيها الكثير من المزالق والقليل من الفوائد. وخلافاً لهذا فإن هذه الجماعات متوطنة، ووجدت أصلاً بهدف طرد الولايات المتحدة من المنطقة، ما يعني أن هذه الجماعات ستعمل على مدار الساعة، وستواصل العمل لحين مغادرة القوات الأمريكية المنطقة. وستظل القوات الأمريكية هناك لحين اعتراف واشنطن بعبثية بقائها. ويجب أن تتناسب المخاطر التي يتكبدها الجنود الأمريكيون مع المنافع التي تعود على الولايات المتحدة. فتنظيم “الدولة الإسلامية”، مبرر وجود القوات الأمريكية، قد تلاشى إلى كيان من دون أرض ومصادر، واستنزفت قيادته بدرجة لم تعد تعرف هوياتهم. ومن المفارقة، فالحفاظ على وجود عسكري في العراق وسوريا يقوّض أهداف احتواء إيران. فالوجود الأمريكي يمنح إيران نفوذاً على الميليشيات المسلحة في العراق وسوريا، وتوسيع تأثيرها على الجماعات المعارضة احتلال واشنطن بلدهم. وقد أدى التأثير الإيراني على “الحشد الشعبي” لاستثمار المشاعر المعادية لأمريكا وحرف النظام السياسي والأجهزة العسكرية للتحالف مع إيران وسياستها. ويقتضي الردع الحقيقي السماح للجماعات المحلية القيام بدور ريادي.
ففي غياب القيادة الأمريكية تفاوضت السعودية وإيران على اتفاق تسوية، وإن لم يكن صداقة، لحل الخلافات بينهما. ولم يكن التأثير الأمريكي ضرورياً أو شرطاً ضرورياً لمساعدة هذا، بل كان عائقاً، حيث كان غيابه رحمة. كما أن تأثير إيران ليس واسعاً ومهيمناً، كما يقول دعاة التخويف في واشنطن. بل إن واشنطن وحّدت شركاء غير محتملين معاً، فالكثير من شيعة العراق لا يدعمون حكم ولاية الفقيه في إيران. فيما فضّل النظام السوري، ومن الناحية التاريخية، الاصطفاف مع جيرانه العرب.
وفي غياب أمريكا، فمن المحتمل أن يتراجع مجال تأثير إيران وسط الرفض العضوي لها. ولن يكون لتنظيم “الدولة” مبررات زائفة للبقاء في العراق وسوريا.
وتظهر العمليات الانتقامية المتبادلة والأخيرة أن نفس الصيغة لا تؤدي إلى نتائج ناجحة. فقد جربت في ظل دونالد ترامب وفشلت، وجربت في ظل بايدن وفشلت مرة أخرى، فبقاء الوضع على ما هو لا يؤدي إلى شيء نافع للولايات المتحدة، لقواتها أو شعبها، وهو بحاجة للتقويض.
وها قد مضى عقدان على وجود الولايات المتحدة في العراق، وفي هذه الفترة الزمنية فاقمَ التدخل الأمريكي الطائفية، وأثّر من دون مبرر على أمن وسلامة القوات الأمريكية، وأبقى على الوضع القائم بذريعة تحقيق أهداف مشكوك فيها. ويجب وضع حد لهذه السياسات الفاشلة. ومع استمرار هجمات الصواريخ والمسيّرات ضد القوات الأمريكية فإن لدى واشنطن خياراً: إما أن تظل تعرّض الجنود والجنديات للخطر، أو تقوم بالبحث عن طريق صحيح وتعيدهم إلى الوطن.
وستنسحب أمريكا كسيرة ذليلة مثلما حدث معها في أفغانستان يا هامان والأيام بيننا وبين أمريكا ?????