نبيل حجي لـ«القدس العربي»: سعيد أدخل تونس في زمن التآمر وانتقلنا من المعارضة إلى «المقاومة السلمية»

حسن سلمان
حجم الخط
2

تونس – «القدس العربي»: قال نبيل حجي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، إن الرئيس قيس سعيد أدخل تونس في “زمن التآمر”، مشيراً إلى أن المعارضة بدأت بتبني “المقاومة السلمية”، في ظل وجود بوادر لمحاولة سعيد الاحتفاظ بالسلطة مدى الحياة، على غرار ما حدث مع بورقيبة وابن علي.
وأضاف، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “التآمر اليوم في كل مكان بتونس. فعندما تسير في الطريق أو تدخل مطعماً قد تتعثر بقضية تآمر، وعندما تفتح هاتفك أو حساباتك الاجتماعية قد تصادفك قضية تآمر (وفق الفصل 54 الخاص بالجرائم الإلكترونية). فكل ما يحدث في تونس يربطه قيس سعيد بالتآمر. واليوم أغلب الطبقة السياسية وقادة الأحزاب في السجن، والبقية تلاحقهم قضايا أخرى تتعلق بحرية الرأي والتعبير. كما أن الإعلام (العام والخاص) دخل بيت الطاعة وكمّم نفسه بنفسه خوفاً من السلطة، وأصبحت البرامج السياسية تركّز أساساً على شرح خطابات الرئيس وتغطية نشاطاته”.

حديث المؤامرات

واعتبر أن تكرار حديث المؤامرات هو “ترجمة لعجز السلطة عن حل مشاكل البلاد، فرغم أن سعيد يحكم وحده منذ عام 2021، إلا أنه يصرّ على ربط أي أزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بالمؤامرات، حتى إنه اتهم رئيس الحكومة السابق، كمال المدّوري، بالتآمر قبل إقالته!”.
كما استغرب حجي مطالبة سعيد للمعارضة بتقديم حلول للوضع القائم في البلاد، مضيفاً: “هو يزج بقادة المعارضة في السجون ويتهمهم بالتآمر ويرفض الحوار معهم، وفي النهاية يطالبهم بإيجاد حلول. ولكن -في المقابل- كيف سنقدم حلولاً في بلد يحكمه شخص واحد لا يستمع لأحد، وكل بضعة أشهر يعين رئيس حكومة جديداً؟”.
وحول خيارات المعارضة في ظل الأوضاع الحالية في البلاد، قال حجي: “هناك صعوبة في ممارسة أي نشاط سياسي أو جمعياتي، حتى إننا لا نتمكن دوماً من استئجار أماكن لتنظيم أنشطة حزبية، ربما بسبب تدخل السلطة أو الخوف التلقائي الذي تفاقم عند الشعب التونسي”.
وأضاف: “دخلنا مرحلة المقاومة بطرق سلمية، ونحاول إقناع أكبر عدد ممكن من التونسيين أن الوضع لا يمكن أن يستمر بهذه الطريقة، وخاصة أن التونسيين انتخبوا قيس سعيد ليخلصهم من طبقة سياسية فاسدة ويصلح الأوضاع، ولكن حياتهم تسوء يوماً بعد يوم. وتونس لن تواصل بهذه الطريقة، وخاصة أن شعبية قيس بدأت بالتآكل”.
وفي السياق ذاته، اعتبر حجي أن الرئيس سعيد الذي يفترض أن يغادر الحكم عام 2029 وفق دستور 2022 “قد لا يحترم الدستور الحالي (كما فعل مع دستور 2014) الذي ينص على أنه لا يحق للرئيس الترشح لأكثر من ولايتين. وربما يأتي لنا بتأويل جديد ليقول: بما أنه وضع دستوراً جديداً فإن الولاية الفارطة (2019-2045) لا يتم احتسابها بما يمكنه من الترشح لعهدة أخرى تنتهي عام 2034. إن فعل، فسيكون اعترافاً ضمنياً أن رئاسته كانت غير شرعية بين سنة إصدار دستوره في 2022 وبين الانتخابات الرئاسية الفارطة في 2024؟”.
واعتبر أن سعيد “لا يرغب في تشكيل المحكمة الدستورية لأن أغلب مراسيمه غير دستورية على غرار المرسوم 54. ولأن المحكمة الدستورية ستبدي رأيها في تأويل الدستور، وهو يريد أن يكون المؤول الوحيد للدستور. ولذلك رفض ختم قانون المحكمة الدستورية المعدّل الذي صادق عليه البرلمان السابق في 2021”.
وأضاف: “بورقيبة وضع في أول دستور بعد الاستقلال على النظام جمهوري للدولة، أقر لنفسه في تعديل 1975 بالرئاسة مدى الحياة، ناسفاً أسس النظام الجمهوري. بعده، ابتدع ابن علي حيلة دستورية ليبقى رئيسًا حتى الموت. وقيس سعيد سيعدّل الدستور مرة أخرى باستفتاء شعبي ليبقى رئيسًا مدى الحياة، لأنه قال عام 2023 إنه لن يسلم الرئاسة لمن لا وطنية له (ولا أعتقد أنه يرى أيًا كان أكثر وطنية منه). كما أن غياب محكمة دستورية سيدخل تونس في فوضى في حالة شغور منصب الرئيس بسبب العجز أو الوفاة (لا سمح الله)، لأنه حسب دستور سعيد، من يتولى الرئاسة في حال شغور منصب الرئيس هو رئيس المحكمة الدستورية، وهذه المحكمة غير موجودة حتى الآن”.
من جانب آخر، عادت قضية المهاجرين إلى واجهة الأحداث في تونس، وخاصة بعد قيام السلطات بتفكيك مخيم لمهاجرين أفارقة غير نظاميين في مدينة صفاقس، وتزامن ذلك مع حديث الرئيس قيس سعيد عن إحباط مخطط لتوطينهم، فضلاً عن نفيه توقيع اتفاقية تنص على إعادة المهاجرين التونسيين من أوروبا.

التفاهم مع أوروبا حول الهجرة

وعلق حجي على ذلك بالقول: “سعيد لجأ لتوقيع مذكرة تفاهم مع أوروبا حول الهجرة، وهي طريقة دبلوماسية للتهرب من مصادقة البرلمان (مذكرات التفاهم لا تحتاج لمصادقة البرلمان لتصبح نافذة على عكس الاتفاقيات). وتم التسويق لهذه المذكرة على أنها تعتمد مبدأ “رابح -رابح” أي أنها ستساعدنا على حماية حدودنا بالتعاون مع الطرف الأوروبي الذي سيقوم باستثمارات في تونس للحد من البطالة والهجرة غير النظامية”.
وأضاف: “لكن نتج عن هذه المذكرة ترحيل مئات التونسيين قسراً وبطريقة غير إنسانية من أوروبا (هناك معلومات عن قيام السلطات الإيطالية بتخدير المهاجرين وإرسالهم عنوة إلى تونس)، وهذا يتعارض مع القانون الدولي. كما أن أوروبا تتحدث عن تقديم معونات لتونس بقيمة 200 مليون يورو، رغم أنها مخصصة لشراء معدات لمقاومة الهجرة غير النظامية. بمعنى أن الأوروبيين مستفيدون من الجهتين، في حين لا تجني تونس سوى تفاقم التوتر والمشاكل الاجتماعية. والأخطر من ذلك هو أن السلطة لا تصارح الشعب حول مضمون مذكرة التفاهم مع أوروبا ومضمون التفاهم مع الجزائر وليبيا”.
وفيما يتعلق بالمهاجرين الأفارقة غير النظاميين في تونس، قال حجي: “قرأنا أن الاتحاد الأوروبي تعهد بتقديم عشرين مليون يورو لإعادتهم إلى بلدانهم، ولكن هذا المبلغ غير كافٍ بالمرّة، كما أن العودة تحتاج إلى موافقة البلدان الأصلية، وذلك بعد معرفة هوية المهاجرين وجنسياتهم (وخاصة أن بعضهم قام بائتلاف أوراقه الرسمية)، ويجب أن تتحمل أوروبا مسؤولية إقناع البلدان الإفريقية باستعادة مواطنيها، وخاصة أن بعضها يرفض ذلك، في ظل الحديث عن وجود آلاف المهاجرين في تونس”.
واستدرك بقوله: “ولكن قبل أن نطالب الأوروبيين باحترام المهاجرين التونسيين، علينا أن نعامل المهاجرين الأفارقة بشكل إنساني. فمن العار أن تلقي بآلاف الأشخاص، رجالاً ونساء وأطفالاً، في منطقة فلاحية، مخيمات العامرة وجبنيانة في صفاقس، لا تتوفر فيها أبسط مرافق الحياة، وتمنعهم من أي مورد للرزق والعمل، بعدما كانوا منسجمين ضمن النسيج الاجتماعي في مدينة صفاقس وغيرها من المدن. طبعاً نحن لا نتحدث عن المتورطين في جرائم، فهؤلاء يحاسبون وفق القانون التونسي والدولي”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عماد.ب/تونس:

    مقاومة من ؟!!؟ مقاومة الأغلبية الساحقة من الشعب التونسي الذي لا يريد الرجوع الى الوراء؟؟!!!!!؟

  2. يقول العبدلي يونس:

    قيس سعيد رئيسا كل التونسيين الا اولئك اصحاب النفوس المريضة الذين تحركهم ايادي فرنسية.

اشترك في قائمتنا البريدية