نواكشوط- «القدس العربي»: باتت نذر حرب قائمة وطبولها مسموعة القرع في شمال جمهورية مالي، كبرى بؤر التوتر في الساحل الإفريقي، وذلك بعد احتلال مكلف قام به الجيش المالي مؤخراً، بمساعدة جوية وبرية من ميليشيا فاغنر، لمدينة كيدال، عاصمة الإطار الموحد لحركات تحرير أزواد، منذ أحد عشر عاماً، وبعد أن فضّل الإطار الموحد لحركات أزواد الانسحاب من المدينة، خوفاً من المحاصرة.
وقد غيّر هذا الاحتلال، الذي جاء بسبب الفراغ الناجم عن انسحاب بعثة الأمم المتحدة من شمال مالي بطلب من حكومة باماكو، معطيات المتاركة التي كانت قائمة بين الجيش المالي وثوار أزواد، حيث شكل أول تراجع للحكومة المالية عن اتفاق الجزائر، المبرم عام 2015 بينها وتنسيقية الحركات الوطنية الأزوادية بإشراف دولي.
ويعتبر ترحيب روسيا باحتلال الجيش المالي لمدينة كيدال دليلاً على فشل الوساطة الدولية، لأن روسيا عضو في هذه الوساطة، وعضو في لجنة متابعة اتفاق المصالحة المالية.
وسارع بلال أغ الشريف، رئيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ليؤكد، في تغريدات له على منصة إكس، “أن المعركة مع الجيش المالي توجد حالياً في بدايتها”، وأضاف: “سوف نخوض الحرب إلى نهايتها، ولن تنتهي إلا بانتصارنا، أما دخول مرتزقة فاغنر إلى مدينة كيدال متبوعة بجنود باماكو، فهو حدث ولكن سوف تتبعه أحداث وأحداث”.
وقال: “مالي لم تستعد مدينة كيدال ولا غيرها من المدن، من أيدينا، بل بتحالف مع مرتزقة دولية، يعرف الجميع من يقف وراءها، ولن يصمد ذلك التحالف الهمجي أمامنا وأمام عدالة قضيتنا، ولدينا كل الوقت والتصميم والإرادة للانتصار، وليس لنا خيار سوى الانتصار”.
وأشاد بلال، الذي يقود الإطار الموحد الجامع لكل الفصائل الأزوادية، “بثبات وعزيمة مناضلي ومناضلات أزواد المصرين، حسب قوله، على الدفاع عن وجودهم المستهدف اليوم بكل الطرق من قبل العدو المالي بأسلوبه الجديد الرامي إلى إبادة الشعب الأزوادي”.
وأكد الجيش الأزوادي أنه “صمد، رغم قلة إمكانياته، أمام جحافل الجيش المالي ومرتزقة فاغنر المدعومين رسمياً من قبل روسيا، وبمشاركة فعالة من قبل دولتي النيجر وبوركينا فاسو المتحالفة مع مالي، واللتين رحّبتا بهذا الاحتلال، وبمشاركة طائرات الباتروس الروسية وبيرقدار التركية”.
وهنأت حكومات بوركينا فاسو والنيجر المتحالفة مع مالي في هذا الحرب، المجلس العسكري في باماكو بما وصفوه بالانتصار واستعادة كيدال مِمن وصفوهم بـ “الإرهابيين”.
وتحدثت بيانات للإطار الدائم لحركات تحرير أزواد عن “قيام الجيش المالي بقصف سيارة لمدنيين فارين من مجازر الجيش المالي ومرتزقة فاغنر، كما تحدثت البيانات عن “انتهاكات ارتكبها الجيش المالي ضد المدنيين شملت نهب الممتلكات في كيدال وعمليات تفتيش وتمشيط شملت أغلب منازل كيدال تخللتها اعتقالات تعسفية لخمسة شباب من الطوارق في المدينة، إضافة لنهب المخازن والمحلات التجارية في كيدال تحت أعين الجيش المالي ومرتزقة فاغنر”.
هذا ودعا أكلي شكا ،الخبير الأمني في قضايا الساحل، “دول ليبيا والجزائر تحديداً، إلى تصحيح نظرتها وسياستها العدائية في حق الطوارق، والتي تعمل دائماً على إضعافهم وتقوية دول جنوب الصحراء على حسابهم”.
وقال: “إذا لم تتحرك هذه الدول بشكل سريع في هذا الاتجاه فسوف تجد نفسها في وقت قريب في خط المواجهة مع أقوام جنوب الصحراء، وستكتظ عواصمها بالمهاجرين والمستوطنين الأفارقة، كما ستواجه حروباً أهلية مدمرة”.
وأضاف، في تعليق له على الأحداث في مالي: “وعلى فرنسا، على وجه الخصوص، تصحيح أخطائها التاريخية الفادحة في حق الطوارق، والتي كان أولها منحها أراضيهم لدول وأقوام غير مؤهلة لمفهوم الدولة تختلف جغرافياً وعرقياً وثقافياً مع الطوارق، وعلى فرنسا أيضاً الاعتراف بمطالب الطوارق في حق تقرير المصير والاستقلال في كل من مالي والنيجر، كما أن على دول الشمال دعم هذا المنحى”.
وزاد: “على دول الشمال عموماً مراجعة حساباتها عن طريق دعم الطوارق وتقويتهم سياسياً وعسكرياً، لكونهم الجدار العازل والحامي لحدودهم الجنوبية، فإذا انهار هذا الجدار، انهار معه الأمن والاستقرار في الشمال”.
وأضاف: “على دول المنطقة العمل على توطيد الثقة بينها وبين مواطنيها الطوارق من خلال محاربة التهميش والعنصرية، وكذا من خلال تشجيع برامج التنمية في مناطقهم الغنية بالموارد الطبيعية والسياحية”.