«نفق الحرية» تحيي «غرفة العمليات المشتركة» للأجنحة العسكرية للفصائل في مخيم جنين

سعيد أبو معلا
حجم الخط
1

جنين ـ «القدس العربي»: «لم يكن ينقص الحالة النضالية في مخيم جنين إلا حدث يعيد المخيم إلى حالته النضالية القديمة» بهذه الجملة علق أحد النشطاء السياسيين من مدينة جنين تعقيبا على المؤتمر الصحافي الذي عقدته الأذرع العسكرية في المخيم الليلة قبل الماضية.
وتابع قائلا: «منذ سنوات طويلة لم نر هذه الحالة النضالية التي تتوحد فيها الفصائل المسلحة وتعلن عن قضيتها الرئيسية وعدوها الرئيسي وهو الاحتلال الإسرائيلي».
وفي مركز مخيم جنين، وعند ساعات المساء، أطلق مسلحون خمس رصاصات في الهواء في إشارة إلى التجمع في الساحة الرئيسية للمخيم، وما هي إلا دقائق حتى تجمع أكثر من 100 مسلح من مختلف التنظيمات العسكرية وتحديدا من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح، وبعدد أقل من كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس.

النفير العام

ومن أمام منزل الأسير المعاد اعتقاله زكريا الزبيدي في المخيم تلا عنصر من عناصر المقاومة الفلسطينية بيانا أعلن فيه عن إحياء «غرفة عمليات مشتركة» داخل المخيم وتضم كافة كوادر التنظيمات الفلسطينية، وكذلك إعلان حالة «النفير العام» دفاعا عن الأسرى ومحاولات الاحتلال تهديد حياة زكريا الزبيدي والتهديد باقتحام مخيم جنين.
وقبل المؤتمر الصحافي نظم مسلحون عرضا عسكريا في مخيم جنين أعلنوا خلاله «النفير العام» دفاعًا عن الأسرى وهو العرض الذي ما لبث أن انضم إليه مئات المواطنين الذين هتفوا للأسرى ودعموا صمودهم ونضالهم.
يذكر أنه قبل عملية نفق الحرية شهدت المدينة ومخيمها حالة نضالية مسلحة وجهت نحو الاقتحامات الليلية التي تشنها دوريات الاحتلال بهدف اعتقال النشطاء والمقاومين وتنفيذ أعمال تفتيش منزلية وإعطاء استدعاءات لمخابرات الاحتلال.

«عش دبابير»

«غرفة العمليات المشتركة» في المخيم توعدت الاحتلال في حال أقدم على اجتياحه بأنه «سيرى ما لا يسمع عنه من قبل». وقال المتحدث باسم الغرفة إن المخيم «فيه أشبال يحبون الموت كما تحبون الحياة، ونحن نحذر العدو من اقتحام المخيم وإذا دخل أحد الأسرى المطاردين سنحميه بأنفسنا ودمائنا».
جاءت هذه التحذيرات أمام تسريبات احتلالية عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية ادعت فيها أن أسيرا أو الاثنين (مناضل يعقوب نفيعات، وأيهم فؤاد كممجي) تمكنا من اجتياز حدود الخط الأخضر وهو ما يعني أنهما أصبحا في مناطق الضفة الغربية.
ورحب مخيم جنين علنا بالأسيرين حيث تعاهد المقاتلون على حمايتهم بأنفسهم وأسلحتهم وبيوتهم وهو المكان الذي يهاب الاحتلال اقتحامه أمام كونه مكانا مليئا بالمقاتلين حيث أعاد المقاومون إطلاق تسمية «عش دبابير» عليه.
عطا أبو رميلة، أمين سر حركة فتح، طالب، في تصريحات صحافية سابقة، بالعمل على إعادة توجيه السلاح إلى الاحتلال، وقال إن القيادة السياسية تريد المقاومة الشعبية لكن سلوك الاحتلال وتهديداته باقتحام المخيم وقتل الأسرى تفرض على المقاومين حماية أنفسهم والعمل على التصدي لهم.

قضية الأسرى في المعتقلات تحولت لحالة نضال يومي

ويعود تاريخ غرفة العمليات المشتركة إلى عام 2002 التي أعلنت تحضيرا لمحاولة الاحتلال اقتحام مخيم جنين حيث استعدت الفصائل الفلسطينية للمعركة عبر تشكيلها قيادة الشهيد يوسف ريحان «أبو جندل» حيث قادت معركة مخيم جنين التي تعتبر محطة مهمة خلال الانتفاضة الثانية.

فاتورة كبيرة

دكتور العلوم السياسية جمال حويل، ابن مخيم جنين، يقول إنه طالما الاحتلال مستمر ويمارس أعماله المختلفة بحق الشعب الفلسطيني فستستمر المواجهة معه مع وجود الرغبة والدافعية عند الشباب في التضحية والمواجهة.
ويتابع: «هناك ثقافة تكرست تحمل اسم الوحدة الوطنية، كرسها الأسرى الذين انتزعوا حريتهم وعليها تتأسس حالة المقاومة والمواجهة في مخيم جنين، حيث هناك استعداد كامل للتضحية في ظل أن فاتورة الحساب بين المخيم والاحتلال كبيرة».
وشدد على أن «فاتورة الاحتلال كبيرة جدا حيث هناك 300 شهيد و100 أسير، وأكثر من 1000 بيت هدمه الاحتلال، وهذا أمر يعتبر وقود حالة النضال الحالية».
وأشار الى أن الاحتلال يحاول أن يضخم ما لدى المخيم ويضاعف الجهود التي تتعهد بها فصائل المقاومة المسلحة في مواجه اقتحاماته، وفي الحقيقة ما لدى المخيم إمكانات شباب مقاوم بسيط يمتلك أدوات وأسلحة بسيطة للغاية.
وعن قراءته لحالة التضخيم والمبالغة من الاحتلال الإسرائيلي قال حويل إن ذلك نابع من أن الاحتلال لا يتحمل أي فشل مقبل ولا يتحمل أن توقع به خسائر كبيرة، إضافة إلى أن ذلك يأتي للتبرير في حال قاده جنونه إلى اقتحام المخيم وارتكاب مجزرة كما حدث في السابق.
وختم لكن الحقيقة أن المخيم يبعث برسالته التي تقول إنه إذا ما دخل الاحتلال المخيم فإنه سيدفع الثمن.
أسامة الحروب، الناشط السياسي من جنين اعتبر أن الانقسام الذي تعيشه المناطق الفلسطينية سطحي وقشري، وأن البعض قد يتخيل أنه عميق ومتجذر لكنه في الجوهر ليس كذلك، والحالة النضالية الوحدوية الماثلة للعيان اليوم من خلال غرفة العمليات المشتركة، وهي حالة مقاومة تتجاوز الانقسام السياسي. فالمقاومة التي يلتف حولها الشعب كما تلتف حولها فصائل المقاومة الفلسطينية تعلن حالة وحدة حقيقية حسب الحروب.
وتابع: «المخيم يحمل رمزية القضية، وهو موحد بفصائل المقاومة التي تلتف حول قضية الأسرى التي لا يتميز فيها أسرى فتح عن أسرى حماس عن أسرى الجهاد، وهذا أمر يدفع لتجسيد غرفة العمليات المشتركة. وأضاف: «اليوم يقف الجميع أمام عدو واحد ويستهدف جميع الفلسطينيين دون استثناء».
وعن أثر عملية «نفق الحرية» على الوحدة اليوم قال الحروب: «الجميع شاهد وعاش وبارك حالة الفعل المقاوم المتمثلة بـ«نفق الحرية» التي كانت فعلا موحدا، وهذا شجع الشارع والميدان على الوحدة، فأي حالة مقاومة يلتف المجتمع حولها، وهو ما يعطي حالة المقاومة حاضنة شعبية أمام عجز البرنامج السياسي عن فعل أي شيء.
ويؤكد الحروب أن حالة المخيم النضالية اليوم هي امتداد للحالة النضالية التي تجلت في معركة «سيف القدس» واليوم هناك تجليات مشابهة وأكبر دعمتها حالة الوحدة النضالية المتمثلة بعملية انتزاع الحرية التي قام بها قائد من كتائب شهداء الأقصى مع عناصر من الجهاد الإسلامي.
ويرى الحروب أنه «في السجن تذوب عوامل ومسببات الانقسام السياسي، الجميع أمام عدو واحد وهو ما يجعل الوحدة فعلا حتميا، يلقي بظلاله على كل الفصائل خارج السجون». وأكد أن عملية نفق الحرية عبارة عن «همة أحييت أمة» وهي أمر لا يمكن فصله عن تراكمات سابقة قد تخرج على شكل انفجار كبير أو تغيير حالة أو منعطف جديد، وهي تراكمات توضح الحقيقة التي مفادها أننا أمام احتلال ولا مجال إلا مواجهته بالمقاومة.
الحروب أشار إلى أن الشعب الفلسطيني، دوما، ما يفاجأ الجميع، وبالتالي لا يمكن أن نحكم الآن على الحالة الوطنية النضالية، فعمرها قصير جدا، وهي متوهجة حاليا، «فالشعب الفلسطيني يفاجأ الأصدقاء مثلما يفعل مع الأعداء». وضرب مثالا في الشهيد عز الدين القسام الذي لم يخض إلا معركة واحدة فقط لكنه أصبح من خلالها مؤسسا للمقاومة الفلسطينية خلال مئة عام، وهو أمر يجعلنا نقول: كيف لحدث بسيط أن يصبح عنوانا لكل الأجيال، وهو أمر يمكن أن يكتب لعملية «نفق الحرية» أيضا.

مواجهات يومية

وتندلع مواجهات ليلية منذ أسبوع بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز الجلمة العسكري، شمال مدينة جنين يتخللها إطلاق زخات من الرصاص إضافة إلى عبوات ناسفة محلية الصنع تحمل اسم «أكواع» وزجاجات حارقة.
وأصبح الحاجز مكانا لتصاعد عمليات المقاومة المسلحة حيث نفذ مسلحون أكثر من 8 عمليات إطلاق نار على الحاجز.
وحالة المواجهة الشعبية امتدت لمناطق متفرقة في مدينة جنين وقراها وبلداتها وتحديدا على الشارع المحاذي لمستوطنة «دوتان» في محافظة جنين القريب من بلدتي عرابة ويعبد غرب مدينة جنين حيث تتحول فعاليات إسناد الأسرى إلى مواجهات بين الشبان وقوات جيش الاحتلال.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    جنين الصمود جنين العزة والبطولة والرجولة الله محيي جنين و سكان جنين والله ينصر جنين

اشترك في قائمتنا البريدية