نقص المشافي والكوادر الطبية يهدد حياة الغزاويين

 إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

يعيش السكان في مدينة غزة حياة مأساوية إثر الدمار الهائل الذي ضرب كل مناحي الحياة بفعل آلة الحرب الإسرائيلية، التي تعمدت على مدار عام ونصف من الحرب تخريب كل البنى التحتية من الصحية والاقتصادية وغير ذلك.
وازدادت معاناة النازحين أكثر بعد عودتهم من الجنوب، وكانوا على أمل بتحسن الظروف المعيشية في غزة التي تعرضت لدمار مرعب، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، أكثر من مليون مواطن يعيشون في مدينة غزة وشمالها يجدون صعوبة في الحصول على الخدمات العلاجية نتيجة الدمار الكبير الذي أصاب المنظومة الصحية بأكملها، فبعد أن كان في مدينة غزة والشمال ثلاثة مستشفيات كبرى منها مجمع الشفاء والمستشفى الإندونيسي وكمال عدوان، لم يبق سوا مستشفى واحد يستقبل مئات الآلاف وهو المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، والذي يصنف بالصغير نسبيا قياسا بباقي المستشفيات التي دمرت، ويفتقر المعمداني إلى الأجهزة الطبية الضرورية بسبب منع الاحتلال إدخالها.
نقص الأطباء معضلة أخرى وخطيرة تواجه المواطنين، والاحتلال عندما أقدم على تدمير المنظومة الصحية بشكل متعمد، ركز إلى جانب قصف المستشفيات وحرقها على قتل واعتقال الأطباء ذوي الكفاءة والخبرة في مختلف التخصصات الطبية، بهدف إضعاف عمل المنظومة وتأزيم حياة المواطنين، في ظل إغلاق المعابر وصعوبة انتقال المرضى والجرحى للحصول على العلاج. فعلى سبيل المثال كان مجمع الشفاء غرب مدينة غزة يضم أقساما ضخمة من كافة التخصصات الطبية، وينتسب للمشفى أمهر الكوادر الطبية من بينهم الدكتور عدنان البرش جراح العظام، والدكتور زياد التتري جراح الأطفال وغيرهم من الأطباء ممن تعرضوا للاعتقال والقتل.
يتكدس داخل مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، في الطوارئ وغرف المبيت، مئات المرضى والمراجعين، ويواجه الكادر الطبي معاناة كبيرة، مع توافد المرضى وضعف الإمكانيات داخل المشفى الوحيد الذي عليه أن يغطي كافة احتياجات السكان في مدينة غزة والشمال، ما يجعل المرضى ينتظرون لساعات من أجل الحصول على العلاج.
يقول الدكتور حسن محمود إن مستشفى المعمداني يستقبل مئات الحالات يوميا سواء من المرضى أو المصابين نتيجة الحرب، ويعمل المستشفى بكل طاقته من كوادر طبية وأجهزة تصوير، إلا أن هناك عجزا في سد حاجة المواطنين لتلقي العلاج الكامل.
ويقول الدكتور محمود لـ«القدس العربي» إن الاحتلال تعمد منذ بداية الحرب تدمير المنظومة الصحية، وبعد توقف الحرب يواصل الحصار ويمنع إدخال المعدات الطبية، كما يرفض إجراء إصلاحات وترميم المشافي والعيادات التي تعرضت للتخريب بهدف تأزيم حياة السكان وزيادة الضغط على المستشفى المعمداني الذي أصبح الوجهة الوحيدة للعلاج.
ورصدت «القدس العربي» معاناة المرضى داخل مستشفى المعمداني، الذين ينتظرون على أبواب العيادة الخارجية لساعات من أجل الدخول إلى غرفة الأطباء، وفي بعض الأحيان يضطر عدد من المرضى للمغادرة والعودة في اليوم التالي من أجل تلقي الرعاية الطبية.
يقول أبو رامي وهو والد طفل مريض أصيب بشظايا مزقت أمعائه خلال الحرب وما زال يعاني من مضاعفات خطيرة إثر الإصابة البالغة وضعف الإمكانيات الطبية، «يعاني طفلي البالغ من العمر 12 عاما من إصابة حرجة في الأمعاء، وكل فترة يحصل انسداد في الأمعاء، ويصاب الطفل بإمساك عدا عن الوجع الشديد الذي يرافقه صراخ».
ويضيف لـ«القدس العربي» أن طفله بحاجة إلى تدخل جراحي، ولكن الازدحام الكبير داخل مستشفى المعمداني يؤخر من علاج طفله الذي تزداد حالته سوءا يوما بعد الآخر، حتى أن عمليته تؤجل نتيجة الضغط على غرف العمليات.
ولفت إلى أن هناك عجزا في الكوادر الطبية من ذوي الخبرة بالعديد من التخصصات، وهذا سببه اعتقال الاحتلال وقتل عدد من الأطباء خلال العملية البرية على القطاع، وبالتحديد التي تركزت على المستشفيات ومنها مجمع الشفاء الطبي، الذي كان يضم مجموعة كبيرة من الأطباء من كافة التخصصات.
مرضى الغسيل الكلوي تزداد معاناتهم أكثر عن غيرهم من المرضى، نتيجة حاجتهم الماسة إلى جلسات منتظمة لإجراء الغسيل، ويعاني المريض أبو رجب من انتظار دوره على الجهاز الخاص بالغسيل لساعات طويلة داخل قسم الغسيل الكلوي في المستشفى المعمداني، ويعبر أبو رجب لـ«القدس العربي» عن بالغ استيائه من وصول الوضع الصحي في غزة إلى الحال التي لم نشهد مثيلا لها، ويرى أن مرضى الغسيل الكلوي قد يفقد عدد كبير منهم حياته، في ظل الواقع الذي يعمل به مستشفى المعمداني نتيجة الضغط الكبير عليه.
أما المواطن عصام عليان فقد انصدم من حجم الدمار الذي أصاب المستشفيات في مدينة غزة والشمال، فعليان أصيب بكسور في ساقيه، وخضع لعملية زراعة بلاتين داخل المستشفى الأوروبي جنوب القطاع  وبعد أن عاد يجد صعوبة في إكمال علاجه داخل غزة، لنقص المشافي والكوادر الطبية والازدحام الشديد على مستشفى المعمداني.
ويقول لـ«القدس العربي» إن حجم الدمار الهائل الذي أصاب غزة والمستشفيات، وعدم وجود رؤية واضحة لترميمها، يأتي في سياق الضغط الإسرائيلي لتنفيذ خطة التهجير التي يلوح بها ترامب والحكومة الإسرائيلية من خلال دفع السكان إلى الهجرة الطوعية خارج غزة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية