بيروت ـ «القدس العربي»: بقي كلام الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن لبنان محور متابعة للإفادة من الدعم الدولي والعربي لإعادة بناء الدولة على أسس قوية، في وقت تتجه الأنظار إلى القمة العربية في بغداد، والتي يترأس وفد لبنان إليها رئيس الحكومة نواف سلام، لاستكشاف مدى الدعم لورشة إعادة الإعمار، في ظل انتقادات من «حزب الله» لعدم إقدام الحكومة اللبنانية على إطلاق هذه الورشة نزولاً عند ضغوط خارجية تربط العملية بموضوع حصرية السلاح في يد الدولة.
وفيما ينقل البعض استعداد الحكومة العراقية للمساعدة في الإعمار، فإن رئيس الحكومة تحدث في آخر جلسة لمجلس الوزراء عن أن اللجنة المعنية بمتابعة قرض البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار يمكن أن يكون لها دور تنسيقي على مستوى إعادة الإعمار.
وتعليقاً على زيارة ترامب إلى السعودية، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أن هذه الزيارة والخطوات السياسية التي تقرّرت في سياقها والحجم الذي اتخذته، تُثبت من دون أدنى شك أن هذا هو الطريق الصحيح الذي يقود إلى دولة فلسطينية».
جعجع: انتهى زمن التلطي خلف القضية الفلسطينية للسيطرة على عواصم عربية
وقال «بعدما حوّلت جماعة الممانعة، ومن يدّعون المقاومة، بأعمالهم وتصرفاتهم وطروحاتهم إسرائيل إلى عملاق في الشرق الأوسط، جاءت سياسة المملكة العربية السعودية، والتي تمثلت إحدى ترجماتها بزيارة الرئيس الأمريكي وما نتج عنها، لتعيد إسرائيل إلى حجمها الطبيعي، وتستعيد الدول العربية مكانتها الطبيعية تمهيداً للمباشرة في الترتيبات من أجل حل حقيقي ومنطقي وعملي للقضية الفلسطينية»، مؤكداً «أن المشهد الحالي الذي انطلق من المملكة العربية السعودية هو الطريق الصحيح إلى حل مشكلات المنطقة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية».
«سويسرا الشرق»
وأضاف جعجع «انتهى زمن استخدام القضية الفلسطينية كذريعة والتلطي خلفها للسيطرة على عواصم عربية أو لقلب الأنظمة أو استبدال حاكم بآخر. وعسى أن يتّعظ الممانعون في لبنان من كل ما يحصل في الإقليم في الوقت الحاضر، ويكفّوا عن غيِّهم ويسلّموا سلاحهم للدولة كي تكون لنا دولة حقيقية وفعلية تبدأ مسيرة الإنماء والإعمار، فيعود لبنان إلى سابق عهده ليس «كسويسرا الشرق» فحسب، بل كمنارة مضيئة عِلماً وثقافة وحضارة ورُقيّاً في الشرق والغرب على حد سواء».
وكتب عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب زياد الحواط على منصة «إكس»: المنطقة ومن ضمنها لبنان أمام منعطفات مصيرية حاسمة. ما جرى منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 غير مسبوق، وما يجري الآن مع زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الخليج وما سيجري لاحقاً سيرسم مستقبل شعوب المنطقة في العقود المقبلة».
وسأل «أين لبنان مما يجري؟ وهل يمكن الاكتفاء بدور المرآة العاكسة التي تتلقى الانعكاسات والارتدادات؟»، قائلاً «آن الأوان لمقاربات مختلفة وقرارات جريئة تضع لبنان طرفاً له رأيه على الطاولة يعرض رؤيته ويحدّد ما يريد وما يرفض، ويكون الناطق باسم المصلحة اللبنانية. هل هذا صعب؟ بالتأكيد لا»، مضيفاً «كل ما هو مطلوب أن يكون لبنان أولاً مع رجال يعبّرون عن رأي غالبية اللبنانيين الراغبين بوطن مستقر يعيش سلاماً ثابتاً راسخاً مع اقتصاد منتج أساسه العقول اللبنانية الخلاقة. هل ما أفكّر به صعب المنال؟ الجواب تعرفونه، وأعرفه».
عقوبات أمريكية
تزامناً، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس، فرض عقوبات على مسؤولين كبيرين في «حزب الله» اللبناني، واثنين آخرين من المسهلين الماليين، في قرار جاء «لدورهم في تنسيق التحويلات المالية للحزب». جاء ذلك في منشور لوزارة الخزانة الأمريكية على حسابها بمنصة «إكس».
وقالت الوزارة: «يستهدف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة مسؤولين كبيرين في «حزب الله»، واثنين من المسهّلين الماليين لدورهم في تنسيق التحويلات المالية للحزب». وأضافت «يعمل هؤلاء الأفراد، المتمركزون في لبنان وإيران، بشكل وثيق مع قيادة حزب الله، لإرسال الأموال إلى الجماعة من مانحين في الخارج». وأشارت إلى أن هذه التبرعات تمثل «جزءًا كبيرًا من الميزانية الإجمالية للجماعة الإرهابية».
ولم تذكر الوزارة الأمريكية أسماء أولئك الأشخاص، كما لم يصدر تعليق فوري من الحزب على فحوى القرار. وتفرض الولايات المتحدة، بانتظام، عقوبات ضد كيانات وشخصيات مرتبطة بـ«حزب الله» من أجل قطع الدعم المادي والمالي عنه وتقويض أنشطته.
شيخ العقل
وقد حضرت المستجدات في زيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى إلى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، وأطلعه على المبادرة التي اطلقت في دار الطائفة وفي أكثر من مكان، حول عنوان الشراكة الروحية الوطنية. وقال «نستبشر خيراً بهذا العهد، ونتطلع إلى أن يرعى هذه الشراكة الروحية الوطنية، التي نأمل من خلال سلسلة ندوات ستعقد في المناطق، أن تختتم بمؤتمر برعاية فخامة الرئيس يضم كل الرؤساء الروحيين والقيادات الوطنية».
وأضاف: «نحن نواكب فخامته فيما يطرحه ويعمل عليه ويسعى به إن كان في لبنان أو من خلال زياراته إلى الخارج، لكي نؤكد على اننا في مسيرة نهوض وإصلاح وإنقاذ لهذا البلد. ونحن قادرون معاً على ذلك برعاية فخامة الرئيس وجهد الحكومة ومواكبة مجلس النواب ومباركة ومواكبة الرؤساء الروحيين»، معتبراً «أن الأوضاع مؤاتية، والفرص مؤاتية، ويجب استغلالها أكان على مستوى التفاهم الوطني الداخلي، أو على مستوى الدعم الخارجي وخاصة من الدول الخليجية المنفتحة على مساعدة لبنان، والعودة إليه، أو على مستوى دول القرار التي تعطي هذه الفرصة للبنان، خاصة أن الأوضاع في سوريا إلى تحسن، وقد رأينا البارحة ماذا حصل، وهو مؤشر إيجابي بأننا متجهون إلى استقرار، نرجو ذلك وسنعمل من اجله».
عقوبات أمريكية جديدة تطال مسؤولين في الحزب واثنين آخرين من «المسهلين الماليين»
وعن انطباعاته عن موضوعي الإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة، قال شيخ العقل «طبعاً الإصلاحات بدأت، ولمسنا في قرارات الحكومة أن هناك سلسلة من الإصلاحات قد بدأت، والمطلوب اكثر طبعاً، وعلى الأخص في ما خص صندوق النقد الدولي ان يكون هناك ثقة بلبنان، وتفاهم. وإن شاء الله يتحول الدعم العربي إلى دعم عملي يساعد في سد الفجوة المالية الموجودة. وفي موضوع السلاح، اعتقد أننا قادرون بالحوار على تحقيق ذلك، والشعار الذي رفعه فخامة الرئيس معبّر ودقيق وواضح. القرار اتخذ، والتطبيق يحتاج إلى حوار، والحوار يعني ان هناك خطوات لا بد من القيام بها».
الإصلاحات وحصر السلاح
ووصف شيخ العقل الانتخابات التي جرت في جبل لبنان والشمال، بأنها «خطوة جيدة قامت بها الحكومة، لتؤكد على الروح الديمقراطية، وبناء المؤسسات، ودور المجالس البلدية والاختيارية»، وقال «ما سيكون في بيروت عسى ان يكون خيراً، فنحافظ على الميثاقية وروح العيش المشترك التي تعتمد على هذه الميثاقية، وتكون المنافسة ضمن اطار المحافظة على ذلك».
وعن رأيه في الأوضاع في السويداء وإلى أين ستتجه، أجاب «تتجه إلى الأحسن، نحن ثابتون وأهلنا في السويداء ثابتون في انتمائهم العربي الإسلامي، مستندون إلى عمقهم العربي قبل أي شيء آخر، ولكنهم كانوا يطالبون بضمانات لطمأنتهم ولحفظ أمنهم وسلامتهم وعيشهم الكريم، وهذا حقهم. ربما حصلت بعض الصدامات التي كنا نتمنى ألا تحصل، لكن لنعطي الفرصة للدولة، والعالم يعطي الفرصة لها، لكي تثبت وجودها، وهي مسؤولة عن حفظ أمن وسلامة وعيش أبنائها».