نواكشوط والجزائر على درب الشراكة المتجددة: 219 شركة جزائرية تؤكد التزام البلدين بتوطيد وتوسيع العلاقات

عبد الله مولود
حجم الخط
10

نواكشوط –«القدس العربي»: في قلب الجغرافيا الاستراتيجية للساحل، تتخذ موريتانيا موقعًا متقدمًا على خارطة التنافس المغاربي المتصاعد بين الجزائر والمغرب، حيث باتت نواكشوط مسرحًا لسباق اقتصادي محتدم بين الجارتين الطامحتين لتعزيز نفوذهما في واحدة من أهم بوابات إفريقيا الغربية.
من الاستثمارات المباشرة إلى المعارض التجارية وفتح البنوك والربط اللوجستي، تتعدد أدوات التأثير وتتشابك المصالح، فيما تحاول موريتانيا بحذر أن تمسك العصا من الوسط، مستفيدة من هذا التنافس لتأمين موقعها كشريك لا غنى عنه في معادلات الإقليم والتنمية.
وقد تحولت العاصمة الموريتانية نواكشوط إلى ملتقى اقتصادي نابض، حيث تواصلت فعاليات النسخة السابعة من معرض المنتجات الجزائرية، وسط حضور لافت لـ219 شركة جزائرية جاءت لا تبيع منتجاتها فحسب، بل لتعرض نموذجاً من التعاون الإقليمي الصاعد.
في هذا الحدث، لم تكن السلع وحدها هي المعروضة، كما أكد خبير مختص في العلاقات المغاربية، بل «الإرادة السياسية والاقتصادية لمدّ جسور متينة بين موريتانيا والجزائر، ترسّخها المصالح وتغذّيها الجغرافيا والتاريخ المشترك».
وشكل معرض المنتوجات حدثًا اقتصاديًا يكرّس متانة العلاقات الثنائية المتنامية بين موريتانيا والجزائر.
ويقام المعرض، الذي يمتد حتى الثامن والعشرين من أيار/ مايو الجاري، تحت شعار «معرض نواكشوط، موعد ثابت وشراكات متجددة». ويُعد منصّة لتعزيز التعاون الاقتصادي واستكشاف آفاق جديدة للاستثمار وتوسيع حجم المبادلات التجارية بين البلدين.
وخلال حفل الافتتاح، وصفت وزيرة التجارة والسياحة الموريتانية، زينب بنت أحمدناه، المعرض بأنه جسر اقتصادي استراتيجي، يعكس عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين، مؤكدة «أنه فرصة سنوية لتوسيع الشراكات الثنائية وفق تطلعات قيادتي البلدين».
من جهته، شدد وزير التجارة الداخلية الجزائري، الطيب زيتوني، على الطابع الاستراتيجي للعلاقات الجزائرية الموريتانية، مبرزًا أن الجزائر أصبحت الشريك التجاري الأول لموريتانيا، بما يمثل 30% من حجم تبادلاتها الخارجية.
وفي سياق متصل، شهد مقر الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين جلسة مباحثات موسعة بين وزير التجارة الجزائري ورئيس الاتحاد، محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، تناولت فرص الاستثمار في قطاعات الزراعة، والتنمية الحيوانية، والغاز، والطاقة المتجددة، والصناعة.

الجزائر والمغرب في سباق للنفوذ الاقتصادي بموريتانيا بوابة الساحل

وأكد ولد الشيخ أحمد خلال اللقاء حرص أرباب العمل الموريتانيين على تفعيل العلاقات مع نظرائهم الجزائريين، معلنًا عن زيارة مرتقبة لوفد من رجال الأعمال الموريتانيين إلى الجزائر في يونيو المقبل، للمشاركة في معرض الجزائر الدولي وبحث إقامة شراكات استثمارية.
من جانبه، أشار الوزير الجزائري إلى أن زيارته تأتي للإشراف على افتتاح المعرض الذي تعرض فيه نحو 200 شركة جزائرية، مشددًا على أهمية مشاركة موريتانيا في معرض الجزائر الدولي كخطوة لدفع التعاون الثنائي إلى مستويات جديدة.
ويمثل هذا الحدث تتويجًا لسلسلة من المبادرات الهادفة إلى تنشيط التبادل التجاري بين البلدين الجارين، في ظل إرادة سياسية مشتركة لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.
ويشهد المشهد المغاربي تنافسًا متصاعدًا بين الجزائر والمغرب لتعزيز نفوذهما في موريتانيا، حيث تسعى كل من الجزائر والمغرب إلى توطيد علاقاتهما مع نواكشوط عبر مبادرات اقتصادية واستراتيجية متنوعة.
من جانبها، تعمل الجزائر على توسيع حضورها في موريتانيا من خلال مشاريع بنية تحتية ومبادرات اقتصادية؛ ففي سبتمبر 2023، افتتحت الجزائر أول بنك لها في نواكشوط، «البنك الجزائري للاتحاد»، كجزء من استراتيجية لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين؛ كما تم إطلاق خط بحري تجاري بين الجزائر ونواكشوط في شباط/ فبراير 2022، بهدف تسهيل حركة البضائع وتعزيز التجارة الثنائية.
وفي المقابل، يسعى المغرب إلى تعزيز علاقاته مع موريتانيا من خلال توسيع الاستثمارات في قطاعات متعددة.
ويُعد المغرب أكبر مستثمر إفريقي في موريتانيا، حيث تنشط الشركات المغربية في مجالات البنوك، والاتصالات، والزراعة، والصناعات الغذائية.
كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورًا ملحوظًا، مع توقيع اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والربط الكهربائي.
وفي ظل هذا التنافس، تسعى موريتانيا إلى الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع الجارتين، مستفيدة من الفرص الاقتصادية التي يوفرها كل طرف.
ومع ذلك، تواجه نواكشوط تحديات في إدارة هذا التوازن، خاصةً عندما تتداخل المشاريع الاقتصادية مع القضايا السياسية الحساسة، مثل النزاع في الصحراء الغربية.
بالتالي، يُظهر هذا التنافس الإقليمي أهمية موريتانيا الاستراتيجية في المنطقة، وهو ما يظهره سعي الجزائر والمغرب لتعزيز نفوذهما من خلال التعاون الاقتصادي والاستثماري مع موريتانيا بوابة الساحل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الحميد:

    موريتانيا تعترف بالجمهورية الصحراوية

  2. يقول لاعق اليد:

    و الاهم من ذلك توطيد العلاقات العسكرية لقطع الطريق على كل من يحلم بالتوسع على حساب حدود جيرانه.

  3. يقول ولد حرمة موريتانيا:

    موريتانيا بواببة الساحل حيث تعمل على تطوير موانئها بالتعاون مع العملاق الصيني لقطع الطريق على محاولة فرنسا التي تحاول العودة للساحل بقناع جديد .

  4. يقول عبد المجيد فرنسا:

    كان عليهم أن يفتحوا الحدود حتى يكون تكامل اقتصادي كامل بين الدول المغاربية.
    لعنة الله على من تسببوا في غلق الحدود

  5. يقول Ahmed:

    المغرب \ الجزائر \ موريطانيا شعب واحد

    1. يقول مراد:

      كلام جميل و الله.

  6. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل (1)
    لمن يطمئن الموريتانيون !!!؟؟؟
    أولا، وجب التذكير أن المعرض للمنتجات الجزائرية في نواكشوط يُقام كل سنة، وطبعة هذه السنة هي السابعة.
    ثانيا، المقال أغفل ذكر الطريق تندوف زويرات الذي تنجزه الجزائر وأشرفت الأشغال على نهايتها.
    ثالثا، المقال أغفل زيارة وزير الدفاع الموريتاني للجزائر والتي خصصت لها ‘القدس العربي” مقالا يوم: 18/04/2025، تحت عنوان:” محللون يؤكدون دقة ظرف زيارة وزير الدفاع الموريتاني للجزائر ويرونها إضافة جديدة لتعاون عسكري وأمني بين البلدين “، جاء فيه ما نصه:
    “أجمع مراقبون في العاصمة الموريتانية نواكشوط، على دقة الظرفية الإقليمية التي جرت فيها زيارة أنهاها للتو وزير الدفاع الموريتاني الجنرال حننه ولد سيدي للجزائر، والتقى خلالها الرئيس عبد المجيد تبون، كما تباحث ووقع مع نظيره الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني الجزائري، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، اتفاقيتين: أولاهما في مجال الدفاع، والأخرى تتعلق بحماية المعلومات المصنفة.” انتهى الاقتباس. مع التشديد على عبارة “مجال الدفاع، والأخرى تتعلق بحماية المعلومات المصنفة”.
    فلا أظن أن هناك ثقة أعظم عندما يضع جارك الدفاع عن أمنه ومعلوماته المصنفة بين يديك.

  7. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل(2)
    لمن يطمئن الموريتانيون !!!؟؟؟
    في مقال نشرته “القدس العربي” نقلا عن “لاكروا” الفرنسية يوم:18/01/2024، تحت عنوان:” هكذا تلعب الجزائر والرباط لعبة متوترة للسيطرة التجارية على منطقة الساحل “، جاء فيه ما نصه:
    ” أما الجانب الجزائري، فمن الطبيعي أن يتجه نحو موريتانيا التي ما تزال مستاءة من اعتراف المغرب بها متأخراً -1969-” انتهى الاقتباس
    في مقال نشرته “القدس العربي” يوم:28/02/2024، تحت عنوان:” وسط إشادة واسعة.. موريتانيا تعلن أنها اتخذت ما يلزم لفتح معبرها الحدودي مع الجزائر”، جاء فيه على لسان عبد السلام حرمة، رئيس حزب الصواب الموريتاني ما نصه:
    “المعبر الحدودي بوابة مفتوحة لموريتانيا على فضاء العقل الرحب والحكمة والتاريخ ودم الأخوة والتعاون والاندماج، قبل أن يكون نافذة أكسجين نقي فتحت جدار التواصل مع أرض معطرة بدم الشهداء أرض جزائر الثورة والكفاح بعمقها المعنوي الهائل وثروتها الكبيرة وخريطتها المطلة على كامل الشمال الأفريقي وأغلب دول الساحل وأجزاء كبيرة من الضفة الجنوبية للمتوسط” انتهى الاقتباس

  8. يقول عبد القادر:

    قارن بين حجم السلع و الخدمات المتبادلة أو العابرة لموريتانيا في إتجاه غربب إفريقيا مع المملكة المغربية الشريفة و تلك المتبادلة مع الجزائر.
    المغرب دولة تصنع و تصدر و الجزائر دولة تبيع الغاز و البترول و تشتري أغلب السلع و الخدمات

  9. يقول متتبع:

    أهم شيء تقوم عليه العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية بين الدول هو عامل الثقة ، لأن التعبير عن أي موقف سيادي لأحد الأطراف معادي أو مناقض لمصلحة الطرف الآخر يجعله يلجأ إلى أسلوب الابتزاز وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية .

اشترك في قائمتنا البريدية