في بلاد الأعشاب الضارة في الضفة الغربية يعيش اليهود فوق القانون، أما دم العرب فهو مباح. أربع نساء بدويات، مواطنات إسرائيليات من سكان رهط ورضيعة ابنة سنتين، دخلن مساء الجمعة إلى بؤرة “جفعات رونين” الاستيطانية. كان خطأ التوجيه كلفهن محاولة فتك. فقد هربن، وتم إحراق سيارتهن، بل وجرى تصويب السلاح إلى رأس الرضيعة من قبل سكان البؤرة.
نحن ملزمون بتوجيه النظر مباشرة إلى العنف القومجي الخطير من مصنع التفوق اليهودي. “أردنا السفر في اتجاه نابلس مستعينين بتطبيق (الويز) فضللنا”، روت إحداهن. “دخلنا بالخطأ إلى مكان ما، وعندها بدأ أناس يركضون نحو السيارة ويرشقون الحجارة من التلة. بعد أن حطموا كل النوافذ، رشونا بالغاز المسيل للدموع. ما رشقوه لم تكن حجارة، بل صخور. كانوا كلهم مسلحين وكانوا كثراً. قالوا لنا انزلوا من السيارة. قلنا لهم نحن مواطنات إسرائيليات لم نفعل شيئاً، شوشنا تطبيق (الويز) – لكنهم حتى لم يسمعونا”.
خرجن من السيارة وفررن بالنجاة بأرواحهن. فأحرق المستوطنون السيارة. اتصلن بالشرطة، لكنها تلبثت، الجيش أنقذهن. نقلن إلى مستشفى “بيلنسون” وسرحن، فيما كانت اثنتان منهن تعانيان من كسور في الضلوع والكتف.
اعتقل جهازا “الشاباك” والشرطة أمس مشبوهين اثنين بالاعتداء. نأمل بأن هذه المرة – كون المعتدى عليهن إسرائيليات- سيستنفد القانون مع مجرمين [مستوطنين] يسكنون “المناطق” [الضفة الغربية]، لكن علينا ألا نتوهم بأن يكون في ذلك ما يحل مشكلة العنف في “المناطق”. ففي الكنيست من يتطوع ليبرر لهم فعلتهم. فالنائبة ليمور سون هار ميلخ، بررت العنف بدعوى أن المستوطنين تخوفوا من أن يكون هذا “حدث تجسس، جمع معلومات”. هذه هي المشرعية المجرمة ذاتها التي تظاهرت قبل أسبوعين إلى جانب أناس اليمين المتطرف الذين اقتحموا “سديه تيمان”، وهاجمت النائبة العسكرية العامة وهددتها.
“العنف تقويض لأساسات الديمقراطية، وينبغي شجبه ونبذه وعزله”، قال رئيس الوزراء إسحق رابين قبل وقت قصير من قتلهم إياه لاعتبارات سياسية. محظور تجاهل رياح الفتك والاعتداءات الجماعية. محظور السماح لآلية التنكر أن تصنف هذه الحالة أيضاً كحدث استثنائي لا يمثل القاعدة. فهذه ليست مجرد “حفنة”، هؤلاء ليسوا “أعشاباً ضارة” وهذا ليس فتكاً ما يفلت من المستوطنين بين الحين والآخر. يكفي كذباً.
بغياب حكم معني بمعالجة المرض، فعلى سلطات إنفاذ القانون والمحاكم أن تتعاطى مع عنف المستوطنين بكامل الشدة. بالتوازي، الجمهور الإسرائيلي ملزم بخروجه من سباته الأخلاقي الذي يغرق فيه في كل ما يتعلق بسياقات بربرية القومجية اليهودية، التي اجتازت بعيد الخط الأخضر منذ زمن.
أسرة التحرير
هآرتس 13/8/2024