هجمات المستوطنين الدموية الـ«بروفا» أصبحت واقعا متجسدا ودمويا

سعيد أبو معلا
حجم الخط
1

رام الله ـ «القدس العربي»: يتندر الإعلامي الفلسطيني، مجاهد مفلح، ابن بلدة بيتا صاحبة التاريخ الكبير في مقاومة الاستيطان على هجمات المستوطنين يوم الجمعة، على بلدتي المغير وأبو فلاح شرق مدينة رام الله، ويقول: «يرعى مستوطنٌ أغنامًا في أرض لا تشبهه ولا يُشبهها فيتوه فيها، وعنها. فيستبيح الغرباء الأرض والحجر والشجر والبشر، ويدفع أبناء الأرض الضريبة من دمهم. وتضرب حرارة الشمس مستوطنًا لا ينتمي لأرض يستولي عليها، فيدوخ، وتنقلب الدنيا، وتقوم وتقعد على ركبة ونص، ويدفع أبناء الأرض الضريبة من دمهم. ويهيم مستوطن وعشيقته في أرض ليست لهم، ويغلقان هاتفيهما، فتقوم الدنيا ولا تقعد، ويدفع أبناء الأرض الضريبة من دمهم. وتُغلق مستوطِنة هاتفها في وجه عشيقها، فتضيق الأرض التي ليست له عليه، وتسودّ عيشته، فيقرر أن يغلق هاتفه هو الآخر، أو ينهي حياته، فيدفع أبناء الأرض الضريبة».

ويكمل: «أما أبناء الأرض فلا يضجرون من دفع الضريبة ولا يتأخرون، لكنّهم يموتون قهرًا وهم يرون أنفسهم يدفعون الدمّ ضريبة سلام لا خيول فيه».
وكان يمكن لثالث أيام عيد الفطر المبارك أن يمر كسابقيه، أي بعدد محدود من هجمات المستوطنين المتفرقة، لكن حكاية المستوطن الطفل المفقود من مستعمرة «ملاخي هشالوم» الذي خرج باكرا من أجل رعي الأبقار وحيدا في أراضي الفلسطينيين المصادرة، حولت اليوم الثالث إلى تراجيديا فلسطينية.
لقد رجعت الأبقار من دون أن يكون الطفل المستعمر برفقتها، فانقلبت الدنيا لم تقعد على رؤوس الفلسطينيين في بلدات المغير وأبو فلاح وترمسعيا.
واعتبر نشطاء أن ما جرى في بلدة المغيّر وأبو فلاح شمال شرق، هي صورة مصغّرة عن حرب المستوطنين الوشيكة على الضفة الغربية.
لقد أسفر الهجوم الدامي الذي انخرط به مئات المستوطنين عن استشهاد شاب وإصابة نحو 30 آخرين.
وأقيمت المستوطنة «ملاخي هشالوم» التي خرج منها الطفل المستعمر مع بقراته على أراضٍ فلسطينية خاصة شمال شرق رام الله كـ»بؤرة رعوية غير قانونية» وفقاً لتعريف الاحتلال، ثم منحتها الحكومة الإسرائيلية صفة «الشرعية» في شباط /فبراير 2023 إلى جانب 8 بؤر أخرى أنشأت على أراضي الضفة الغربية.
بالنسبة لأهالي بلدة المغير فقد بدت ظهيرة عادية تماما، عادوا من صلاة الجمعة، وكانوا في لحظات تناول طعام الغداء التقليدي واكمال مهام وتقاليد عيد الفطر، لكهم دهشوا من هول المنظر، حيث احتشدت عشرات المركبات الخاصة للمستوطنين من جهة «خربة جبعيت» الكائنة شمال شرق المغير، وبعد دقائق ترجل منها مستوطنون مسلحون في سهل المغير الشرقي، وراحوا يتقدمون نحو البيوت الكائنة عند أطراف البلدة، تزامناً مع قيام جيش الاحتلال بإغلاق مداخلها ومنع حركة الناس والمركبات منها أو إليها.

هجوم لا مثيل له

وكالعادة، نقلت سماعات المساجد نداء الاستغاثة والحمية والحشد من أجل التصدي لهجوم المستوطنين الذي وصفه إعلاميون بإنه «لا مثيل له».
وكانت استجابة المواطنين سريعة وتحديدا في المناطق القريبة من طريق «ألون» الاستيطاني، الذي مثل نقطة اقتحام المستوطنين، وكان جهاد عفيف أبو عليا (25 عاماً) الذي اعتلى سطح منزل أحد أقربائه، فوقع ضحية رصاصة صوبها مستوطن فأصابت رأسه وارتقى إثرها شهيداً.
ويحمل فيديو وثقه مواطنون من ذات سطح المنزل شبان يحيطون الشاب الشهيد فيما الدم يسيل من رأسه ويستغيثون فيما لا يجيبهم أحدهم.
يقول أحدهم بصوت عال: «نحن نموت يا جماعة» فيما شبان مجاورون يكسرون «الطوب» على أمل الحصول على حجارة لصد هجمات المستوطنين.
وحسب نائب رئيس مجلس قروي المغير مرزوق أبو نعيم، فإن ما لا يقل عن 1500 مستعمر بحماية جيش الاحتلال، أحرقوا أكثر من 40 منزلا ومركبة خلال الهجوم.
وأصيب مواطن بكسور، عقب اعتداء مستعمرين مسلحين على قرية أبو فلاح، شمال شرق رام الله، في وقت أحرقوا فيه 12 مركبة على الأقل، و4 دفيئات زراعية و5 دراجات نارية. وهاجم عشرات المستعمرين منازل مواطنين في الجهة الغربية من بلدة دوما، جنوب نابلس.
وفي وقت مبكر من صباح السبت، أغلق مستوطنون، بحماية جيش الاحتلال، مداخل بلدات سلواد وترمسعيا وسنجل ودير دبوان بمحافظة رام الله، وهاجموا المركبات المارة.
فيما نفذ عشرات المستوطنين إغلاقا لمدخل سلواد الغربي، أو ما يعرف بـ «جسر يبرود» وهاجموا مركبات المواطنين بالحجارة، بدون أن يبلغ عن إصابات.
وأغلق مستعمرون مدخل بلدة ترمسعيا، وهاجموا المركبات المارة.
كما استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي، على منزلين في بلدة دوما جنوب نابلس، وحولتهما لمركز تحقيق ميداني.
ونقل مواطنون وإعلاميون حاولوا الدخول إلى مربع بلدات المغير وأبو فلاح وترمسعيا أن المستوطنين قاموا بمحاصرة وعزل البلدات الثلاث التي يزيد عدد سكانها عن 20 ألفا سواء من الطرق الرئيسية أو الفرعية الترابية.

تفريغ الأرض الفلسطينية
والاستيلاء عليها

وفي تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان إن الهيئة تنظر إلى هجمات (الأمس واليوم) باعتبارها سياقاً مستمراً من دولة الاحتلال راعية الإرهاب، «فلا يمكن أن ننظر إلى هذه الاعتداءات كسلوك معزول لميليشيات إرهابية منظمة، بل جزء مهم من العلاقة الوظيفية الواضحة والأكيدة بين المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال والميليشيات التي ترعاها وتضمن لها الحماية من المحاكمة».
وأضاف شعبان: «حكومة الاحتلال الحالية هي من تصنع قرارات هذه الميليشيات، دعنا لا ننسى أن قادة عصابات وميليشيات المستوطنين هم من وصلوا إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال بالتالي ما يحدث الآن يؤكد أن هؤلاء المستوطنين مدفوعون بمخططات إرهاب الفلسطينيين وتفريغ الأرض والاستيلاء عليها». وحول دور الجماهير في المقاومة الشعبية قال الوزير شعبان إن «الجماهير هي من تقاوم، وهي من تقف بالمرصاد، بالصدور العارية وبما يتوفر من وسائل الدفاع، هذه هي طبيعة الشعب الفلسطيني، يدافع وكأنه يمتلك الدنيا كلها، لأن لا خيار الآن سوى الدفاع ومواجهة خطط دولة الاحتلال، دائماً ما نقول إن صمود المواطن وبسالة مقاومته لإرهاب دولة المستوطنين هو الكفيل بإفشال مخططاته، وهذا ما يحدث الآن».
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى قد هاتف رئيس مجلس قروي المغير وأدان هجوم عصابات المستعمرين الإرهابية على القرية، وأوعز للجهات المختصة بتقديم كل ما يلزم من دعم ومساندة لأهالي قرية المغير، مؤكدًا أن هجمات المستعمرين لن تثني شعبنا عن الصمود على أرضه، وإفشال مخططات التهجير والطرد لصالح عصابات المستعمرين الإرهابية.

النفير العام

ودعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» إلى النفير العام، والتصدي لعدوان المستعمرين على قرية المغير شمال شرق رام الله.
وقالت الحركة في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، إن هذه الاعتداءات التي نجم عنها استشهاد مواطن، وإصابة العشرات، وحرق المنازل والممتلكات، تتم بتواطؤ مع جيش الاحتلال وشرطته.
بدوره، حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، من خطورة استمرار جرائم المستعمرين الإرهابيين بدعم وحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما حصل هذا اليوم في قرية المغير شمال شرق رام الله، حيث استشهد مواطن واصيب عشرة وأحرقت عشرات المنازل والمركبات.
وأضاف: «هذه الاعتداءات والجرائم من قبل ميليشيات المستعمرين الإرهابية ما هي إلا نتيجة لاستمرار حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا ومقدساته وممتلكاته» محملا حكومة الاحتلال «المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم».
وحمل أبو ردينة الإدارة الأمريكية المسؤولية عن هذا التصعيد، وطالبها بالعمل الفوري على إجبار إسرائيل على وقف عدوانها الشامل على شعبنا وأرضه ومقدساته، ووضع حد لكافة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال والمستعمرون.
يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين نفذوا خلال شهر آذار/مارس الماضي 1224 اعتداءً، تناوب على تنفيذها جيش الاحتلال بـ 993 اعتداء والمستعمرون بـ 231 اعتداء في استمرار لسلسلة التصاعد الكبير والخطير في الاعتداءات التي ترافقت وما زالت متسترة بغطاء العدوان الرهيب على شعبنا في قطاع غزة، وما رافقه من قوانين الطوارئ التي تعطي الضمانة للمحتلين بتنفيذ المزيد من الجرائم.
وعلى مدار العام الماضي، نفذ المستوطنون عشرات الهجمات في بلدة حوارة جنوب نابلس، كان أكبرها في شباط/فبراير عام 2023 حينما نفذ المستعمرون هجوما واسعا على البلدة، ما أدى لاستشهاد الشاب سامح أقطش وإصابة نحو 100 مواطن بجروح، وإحراق ما لا يقل عن أربعة منازل وتحطيم غيرها إلى جانب إحراق عشرات المركبات ومشاطب السيارات.
وفي حزيران/يونيو العام الماضي، شهدت بلدة ترمسعيا المجاورة للمغير وأبو فلاح، هجمات عنيفة على مدار ثلاث ساعات، حيث تحولت البلدة إلى كتلة من اللهب والدخان، بعد أن أحرق المستوطنون عشرات المنازل بينما كان أهلها – خاصة النساء والأطفال وكبار السن- داخلها، وعشرات المركبات والممتلكات، قبل أن يطلقوا الرصاص صوب صدور المواطنين العارية، التي حاولت التصدي لهم، ما أسفر عن استشهاد الشاب عمر هشام عبد الله جبارة (أبو القطين) 25 عاما، وإصابة العشرات.
ووفقاً لإحصائيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن المستوطنين ارتكبوا نحو 550 اعتداء على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم منذ بداية العام 2024 ارتقى فيها 3 شهداء، وتضمنت الاعتداءات، إطلاق النار، وتهجير مجموعة من العائلات الفلسطينية، ومهاجمة البلدات والقرى، واقتلاع وحرق الأشجار، والرعي في الأراضي الزراعية، وسرقة المواشي والمحاصيل والمعدات.
يذكر أن بلدة المغير «بتشديد الياء» تقع على بعد 18.6 كم أفقيًا شمال شرق مدينة رام الله. حيث تحدها فصايل من الشرق، وترمسعيا وخربة أبو فلاح من الغرب، ودوما وجالود من الشمال، وكفر مالك والعوجا من الجنوب، وهي بلدة تصنف على أنها منطقة «شفا غورية» (أي تطل على مناطق غور الأردن الممتدة) حيث تحاصرها من جميع جهاتها بمستوطنتَي «شيفوت راحيل» و«عدي عاد» ومعسكر الجيش الإسرائيلي «مفيو شيلو» إلى جانب الشارع الاستيطاني رقم (90) الذي شق وسط القرية، وعزل أراضي المواطنين الزراعية عن منازلهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    حقيقة بشعة جدا في ظل غياب تام لشرطة عباس يا ناس العاجزة عن حماية الشعب الفلسطيني الأعزل المسكين الصامد في وجه ابرتهايد إرهاب بنغفير وسموتريتش في الضفة الغربية يا عينيا ✌️🇵🇸☹️☝️🔥🚀🔥

اشترك في قائمتنا البريدية