نابلس – «الضفة الغربية»: ما إن تقطعت السبل بآلاف الفلسطينيين بفعل فرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصاراً خانقاً على مناطق شمال الضفة الغربية، حتى تكفلت نخوة الفلسطيني بذلك.
وبعد عملية المقاومة الفلسطينية يوم الإثنين، التي نتج عنها مقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، حتى ظهر معدن المواطن الأصيل، حسب مواطنين ونشطاء.
وبعد العملية مباشرة فرضت سلطات الاحتلال حصاراً خانقاً على عشرات المدن والبلدات في شمال الضفة، وتحديدا في نابلس وسلفيت وقلقيلية، وهو ما أعاق وصول آلاف المواطنين إلى منازلهم.
وفور انتشار خبر الإغلاق الخانق من خلال حواجز وبوابات الاحتلال، نشر مئات المواطنين وجهات شعبية ورسمية دعوات على الشبكات الاجتماعية تدعوهم لتقاسم المنازل والموائد.
كما نشط شبان على سبيل المثال من بلدة عورتا شرق نابلس في توزيع وجبات خفيفة (شاورما) على مئات السيارات التي ظلت واقفة لساعات على الحاجز الذي يحمل اسم البلدة.
ويفصل حاجز عورتا- روجيب (شرق نابلس) الذي يستخدمه الاحتلال بديلا عن حاجز حوارة الشهير، بين مناطق شاسعة ما بين شمال الضفة الغربية ووسطها.
وأغلقت عشرات الحواجز والبوابات الحديدية وكذلك الطرق الترابية، فيما ضاعفت المخاوف دعوات المستوطنين لتنظيم هجمات بحق الفلسطينيين.
وإلى جانب الإغلاق الخانق لقوات الاحتلال، شن مستوطنون متطرفون غاضبون هجمات في مناطق متفرقة في رام الله وقلقيلية وبيت لحم وسلفيت، وهو ما قلّل من حركة المواطنين في شوارع المستوطنات.
ويقول المواطن سامر من بلدة عورتا لـ»القدس العربي» لقد فُتحت منازل البلدة، ومن بينها منزلي، وكذلك نشط الشبان في توفير وجبات الشاورما الخفيفة».
وتابع: «البعض نام في المساجد التي تم تأمينها بالحرامات والبطانيات فيما تمكن مواطنون من الذهاب لمنازل الأصدقاء في قرى وبلدات قريبة بعد دعوات على الشبكات الاجتماعية».
ونشر الأكاديمي والمحلل السياسي حسن أيوب من مدينة نابلس دعوة لطلبة الجامعات جاء فيها: «زملائي المحترمين والطلاب الأعزاء؛ بيتنا وقلوبنا مفتوحة لمن لم يتمكن من مغادرة نابلس».
وعملت جامعة النجاح الوطنية على توفير منامات لمئات الطلبة الذين لم يتمكنوا من الذهاب إلى منازلهم. أما في ساعات المساء فزار رئيس الجامعة وطواقمها المختلفة للوقوف على خدمة الطلبة.
وعلق الإعلامي في مدينة نابلس علي دراغمة على سلوك الجامعة بالقول: «نخوة جامعة النجاح أبوية… تمت معالجة أمر طلابها العالقين بسبب إغلاق الحواجز.. كل الاحترام».
وأضاف: «في نابلس نخوة المطاعم، وهناك نخوة عورتا ودير شرف وتل.. وكذلك نخوة المحافظ التي تُحترم.. هذا شعبنا الذي نعرفه».
واعتبر أن المشهد الجماعي الاجتماعي والعفوي يعكس قوة المجتمع الفلسطيني، وقال: «نحن الأقوياء رغماً عنا.. بلغني أن الشبان يلعبون الورق على الحواجز ويضحكون.. بلغني أن القرى رحبت بكل من تقطعت بهم السبل.. بلغني أننا اعتدنا على العقاب الجماعي ولن ننكسر.. بلغني أننا لن نفنى أبداً».
وكانت قوات الاحتلال قد شدد من تدابير الإغلاق في مختلف مداخل ومخارج مدينه نابلس، وأغلقت كل من حواجز المربعة، ودير شرف، وعورتا، وكدوميم، والطنيب، ويتسهار، وبوابة حوارة، وحاجز جبارة، وحاجز جينصافوط، وكافة مداخل مدينتي قلقيلية وسلفيت. وشن مستوطنون متطرفون هجمات متفرقة بحق مواطنين ومنازل وطرق يستخدمها الفلسطينيون في مناطق شمال الضفة الغربية وجنوبها بعد ساعات من دعوات طالبتها بالتحرك بعد عملية للمقاومة الفلسطينية.
ورفع مستوطنون شعاراً مفاده: «الدم اليهودي لن يضيع… وسنغلق الطرق»، في تحريض على المواطنين الفلسطينيين.
وفي نابلس وقلقيلية، نفذ مستوطنون هجمات مساء الإثنين حيث حطموا مركبة في قرية بيت دجن قرب نابلس، وأحرقوا مركبة واحدة على الأقل في قرية إماتين قرب قلقيلية، كما رشقوا بالحجارة مركبات أثناء مرورها قرب قرية الفندق.
وأحرق مستوطنون مركبة في قرية حجة، وهاجموا قريتي فرعتا وأماتين، شرق قلقيلية تعود للمواطن رائد بصلات.
وأضافت المصادر أن مستوطنين في حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، هاجموا أيضا قريتي فرعتا وأماتين، واعتدوا على منازل مواطنين بالحجارة وألحقوا أضرارا بنوافذها، وأتلفوا مزروعات في محيطها.
وذكرت المصادر أن المستوطنين، ألقوا مواد حارقة تجاه منزل غير مأهول بالسكان، كما أحرقوا جرافة في قرية أماتين، وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي تجاه شبان القرية الذين حاولوا التصدي لهجوم المستوطنين.
وفي السياق، تجمع مستوطنون عند الإشارة الضوئية على مفترق قرية الفندق شرق قلقيلية، وعلى امتداد الشارع الواصل إلى قرى جينصافوط وأماتين وفرعتا شرقا، وذلك تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وشهدت محافظة قلقيلية منذ ساعات صباح الثلاثاء تشديدات عسكرية إسرائيلية تمثلت بنصب حواجز عسكرية وإغلاق الطرق واقتحامات ومداهمات لقوات الاحتلال واعتداءات للمستوطنين.
وفي رام الله، قالت مصادر محلية إن مستوطنين هاجموا أطراف بلدة ترمسعيا، وأحرقوا غرفة زراعية تعود لأحد المواطنين من البلدة.
وفي بيت لحم، هاجم مستوطنون مركبات المواطنين قرب بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم ورشقوها بالحجارة.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين التصريحات التحريضية التي صدرت عن أكثر من مسؤول إسرائيلي بفرض المزيد من العقوبات الجماعية والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين، وتدمير مناطق سكنية في الضفة كما يحدث في قطاع غزة.
كما أدانت اعتداءات المستوطنين، بقوة السلاح، بما في ذلك إحراق سيارات المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وانفلاتهم المستمر من أي قانون بحماية من جيش الاحتلال ووزراء متطرفين.
واعتبرت الوزارة تلك التصريحات والهجمات كمن يصب الزيت على النار، وتصعيدا متعمدا للصراع والعنف، وأكدت أن الحلول السياسية هي الطريق الوحيد لاستعادة الهدوء وتحقيق السلام.
واعتبرت حركة «حماس» تصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بشأن التعامل مع جنين ونابلس كما يتعامل الجيش الإسرائيلي مع جباليا شمال قطاع غزة، دعوة صريحة لتوسيع حرب الإبادة «الفاشية».
وقالت الحركة في بيان، إن دعوة سموتريتش تأتي في إطار مخططات اليمين المتطرف الإسرائيلي لإحكام السيطرة على الضفة وتهجير أهلها.