الجزائر- “القدس العربي”:
شنّ المرشحان الخاسران في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، هجوما لاذعا على السلطة المستقلة للانتخابات، في أعقاب النتائج المعلنة والتي أثارت احتجاج حتى مديرية حملة الرئيس الفائز عبد المجيد تبون.
وبعد إشادة بدورها وأدائها في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الهيئة التي يقودها محمد شرفي، في مرمى نيران الصحافة، ومحلّ طعن وانتقاد شديد، حتى من الموالين للسلطة أنفسهم.
لا تزال “أزمة” نتائج الانتخابات الرئاسية، تثير صخبا كبيرا في الجزائر، خاصة بعد البيان المشترك لممثلي المرشحين الثلاثة، والذي انتقدوا فيه “ضبابية وتناقض وغموض وتضارب الأرقام التي تم تسجيلها مع إعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية من طرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”.
المرشحون الثلاثة انتقدوا “ضبابية وتناقض وغموض وتضارب الأرقام التي تم تسجيلها مع إعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية من طرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”.
وركزت معظم عناوين الصحف الكبرى في الجزائر، على هذا الحدث باعتباره “غير مسبوق”، مع تحميل المسؤولية كاملة لسلطة الانتخابات ورئيسها. وورد في بعض العناوين أن “هيئة شرفي تعبث بنتائج الانتخابات”، بينما تناولت أخرى مضمون الغموض والضبابية الواردة في بيان المرشحين.
ومن جانب المرشحين، عبّر عبد العالي حساني شريف في ندوة صحافية، عن خيبة أمله من طريقة إدارة العملية الانتخابية، مشيراً إلى وجود تلاعب بالنتائج وبنسب المشاركة. وقال إن “النتائج المعلنة عبّرت عن نفسها”، وأنه يملك دلائل على وجود تلاعب في النتائج، مما يضر بالثقة في العملية الانتخابية. وأوضح أن الأرقام التي أُعلنت غير قابلة للتحليل السياسي ولا يمكن الاعتماد عليها لإقناع المواطن بوجود شفافية.
وفي رسالته لأصحاب القرار عقب تجربة الرئاسيات، شدد حساني شريف على ضرورة القيام بإصلاح سياسي عميق، مشيراً إلى أن “هذا الإصلاح كان جزءاً من برنامجه الانتخابي، وأكد أن برنامجه لا يزال متاحاً أمام الجزائريين”. وفيما يخص السلطة الوطنية للانتخابات، دعا المرشح الإسلامي لإعادة النظر فيها كليا، بما يجعلها منتخبة ومنبثقة من الأحزاب، وليست معينة كما هو الوضع الحالي لها.
وأعلن حساني شريف أن الطعون ستُقدم إلى المحكمة الدستورية، مطالباً بضرورة وجود سلطة منتخبة تدير شؤون البلاد بمسؤولية، مشيراً إلى أن هناك ولايات لم تسلم المحاضر حتى الآن، مثل ولاية تبسة، مما يثير تساؤلات حول مصداقية العملية الانتخابية. وأكد على ضرورة صحوة الضمير لدى المسؤولين، محذراً من التلاعب بمصير البلاد. وحول مستقبل حزبه بعد هذا الإخفاق، أشار إلى أن حركة مجتمع السلم التي ينتمي إليها لن تتقزم بانتهاء شخص، وأنها ستستمر في النضال من أجل الوطن. وفي ختام تصريحاته، دعا إلى رفع مستوى الالتفاف حول القيادة، مؤكداً على أهمية الثبات ومواصلة النضال السلمي لتحقيق الأهداف المنشودة.
أما يوسف أوشيش، مرشح جبهة القوى الاشتراكية، فأعرب هو الآخر في ندوة صحافية بمقر حزبه، عن قلقه الشديد إزاء غياب الشفافية والغموض الذي اكتنف عملية جمع وإعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية. وأوضح أن هذا الأمر يضع البلاد في وضعية غير مريحة بل وخطيرة، مشددا على أن اللحظة حساسة وتتطلب من الوطنيين المخلصين تحمل مسؤولياتهم.
أوشيش: هناك أرقام مزيفة لا تتطابق مع المحاضر المقدمة من مراكز الاقتراع
وبخصوص النتائج المعلنة، أكد أوشيش أن “هناك أرقاما مزيفة لا تتطابق مع المحاضر المقدمة من مراكز الاقتراع”، مشيرا إلى أن هذا التلاعب يعتبر التفافا على الإرادة الشعبية. وأضاف أن السلطة الوطنية للانتخابات “تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الانحرافات الخطيرة التي تقوض الانتخابات وتعيد إلى الأذهان أسوأ الممارسات”. وشدد المترشح الأخير في الترتيب، على أن جبهة القوى الاشتراكية ستحتفظ بكامل حقوقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على اختيار وإرادة الناخبين، وطالب بفتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات ووضع حد لهذه التصرفات في المستقبل.
وبرغم هذه الصعوبات، قال أوشيش إن حملته الانتخابية “سعت إلى إقناع الأغلبية الصامتة بالتعبير عن نفسها والمشاركة في الانتخابات”، مؤكداً أن ارتفاع نسبة المشاركة كان من الممكن أن تؤثر على النتيجة النهائية للاقتراع. ومع ذلك، أشار إلى أن المناخ العام للانتخابات لم يشجع على مشاركة قوية، وألقى باللوم على بعض الجهات من المعارضة والسلطة التي عملت على تثبيط عزيمة الناخبين.
ولفت أوشيش إلى أن جبهة القوى الاشتراكية تميزت بخطاب جاد ومسؤول، وببرنامج طموح وواقعي، كما تمكنت من إعادة تموضعها في قلب المشهد السياسي الوطني، وتوسيع قاعدتها النضالية والاجتماعية في جميع ولايات البلاد وكذلك بين الجالية الوطنية في الخارج.
وفي تحليل قدمه في أعقاب البيان المشترك للمشرحين الثلاثة، أوضح الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، أن ما يحدث يبعث عن القلق العميق بشأن الحالة السياسية في الجزائر.
وذكر جابي في تدوينة له على فيسبوك أن “البيان المشترك، أكد له العديد من القناعات المتعلقة بالحياة السياسية والانتخابات في الجزائر”، حيث رأى أنه “من الصعب بناء مؤسسات ذات مصداقية مثل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات في نظام سياسي مغلق وغير شفاف، تعيش نخبه تدهورا كبيرا على المستوى الأخلاقي”.
وفي تعليقه على أداء رئيس السلطة الوطنية للانتخابات، أكد الباحث أن “شرفي لم يعد في سن وحضور بدني يسمح له بالتركيز والعمل لساعات طويلة، وكان من الأفضل إعفاؤه من هذا المنصب الذي لم يعد قادرا على القيام به بشكل معقول”. وأشار إلى أن الأزمة الحالية أكدت له ضرورة إصلاح النظام السياسي في الجزائر بشكل جدي لبناء مؤسسات سياسية شرعية، من خلال فتح مجال الحريات الإعلامية والسياسية أمام الجزائريين. كما أكد على أهمية استقلال العدالة كشرط أساسي لبناء مؤسسات ونخب شرعية قادرة على قيادة البلاد في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
شرفي لم يعد في سن وحضور بدني يسمح له بالتركيز والعمل لساعات طويلة، وكان من الأفضل إعفاؤه من هذا المنصب
ويرى جابي أن الجزائر بحاجة إلى تغيير جذري في نظامها السياسي، مشيرا إلى أن استمرار النظام الحالي بتسييره القائم سيشكل تهديدا حقيقيا للدولة الوطنية، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد على طول حدودها. وأكد أن مطالب الحراك الشعبي بإصلاح النظام السياسي هي السبيل الوحيد لضمان استقرار الجزائر ومستقبلها.
وفي ظل اللغط الحاصل، تتجه الأنظار للمحكمة الدستورية في الجزائر التي يقع على عاتقها إصدار النتائج النهائية للتصويت. وبدأ أمس المرشحون تقديم طعونهم لدى هذه الهيئة الدستورية العليا. وتشير المادة 260 من قانون الانتخابات الجزائري، إلى أن “المحكمة الدستورية تفصل في الطعون المتعلقة بالانتخابات خلال مدة ثلاثة أيام”.
وتضيف المادة أنه “إذا ثبت صحة الطعون ووجود مخالفات، تعيد المحكمة صياغة محاضر النتائج وفقًا لقرار معلل”. وبعد الفصل في الطعون، تعلن المحكمة الدستورية، وفق القانون، النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في غضون عشرة أيام من تاريخ استلام المحاضر من قبل رئيس السلطة المستقلة.
وكان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، قد أعلن خلال ندوته الصحافية يوم الأحد الماضي، عن حصول المترشح حساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم على 178797 صوتا، ما يمثل نسبة 3.17 بالمئة. في وقت يتحدث ممثلو المرشح عن تحقيق نحو 350 ألف صوت.
أما المترشح يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، فأعطته أرقام السلطة 122146 صوتا، ما يمثل نسبة 2.16 بالمئة. بينما يشير ممثلوه إلى حصوله على أكثر من 200 ألف صوت.
وعادت الحصة الأكبر حسب شرفي، للمترشح عبد المجيد تبون، بـ5 ملايين و329 ألفاً و253 صوتاً، ما يمثل نسبة 94.65 بالمئة، بينما تشير أصداء من مديرية حملته الانتخابية إلى تحصيله نحو 6 ملايين صوت.
حتى قبل الإنتخابات✌️ كانت حظوظ تبون في الفوز هي 100%✌️ لكن المشكل الأكبر بالنسبة للرئيس تبون هو رفع نسبة المشاركة. ✌️ولهذا قام تبون بحملة إنتخابية كبيرة ✌️هدفها رفع نسبة المشاركة✌️.وربما حاول المقربون من تبون✌️ والذين يعملون في السلطة✌️ رفع رقم هذه المشاركة ومضاعفتها من 26% إلى 48% ✌️ وذلك خلال ساعتين فقط.✌️ وهنا بدأ الهجوم الحاد ✌️على سلطة الانتخابات الجزائرية.✌️