هجوم فاتح أكتوبر الإيراني: نهاية الردع الاستراتيجي الإسرائيلي ومأزق البنتاغون

حسين مجدوبي
حجم الخط
2

 لندن ـ «القدس العربي»:  شنت إيران هجوما قويا على إسرائيل ليلة الثلاثاء فاتح تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بأكثر من مئتي صاروخ باليستي وفرط صوتي ضد أهداف عسكرية بالدرجة الأولى كالقواعد العسكرية الجوية مثل نيفاتيم. وهو الهجوم المباشر الثاني من نوعه بعد 14 نيسان/أبريل الماضي، غير أن هذه المرة، تحول إلى منعطف مليئ بالإشارات والدروس الجيوسياسية التي تتعدى منطقة الشرق الأوسط إلى القوى الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة. وشنت إيران الهجوم الثاني في ظرف ستة أشهر. واعتادت إسرائيل الرد المباشر على الضربات التي تتعرض لها، ولكن هذه المرة اكتفت بتصريحات، من ضرب المنشآت النووية ليلة الثلاثاء وصباح الأربعاء من الأسبوع الجاري إلى ضرب المنشآت النفطية، وأخيرا قولها باستشارة واشنطن في هذا الأمر. ثم تعلن إسرائيل ليلة الجمعة من الأسبوع الجاري قرار توجيه ضربة إلى إيران ولكن على أن لا تدفع طهران إلى الرد، بمعنى ضربة خفيفة. غير أن طهران تؤكد وتلح وتصر أن كل رد إسرائيلي سيليه ما يلي: «الرد سيكون غير تقليدي هذه المرة». وهذه التطورات تسمح بمجموعة من الملاحظات واستخلاص النتائج ذات الطابع الجيوسياسي، ومنها:

إيران بسلاحها وإسرائيل بالأمريكي

لعل أبرز ملاحظة أو خلاصة من هجوم إيران يوم الثلاثاء هو استعمالها صواريخ فرط صوتية «صاروخ فتاح». وبهذا، تؤكد إيران أنها تمتلك تكنولوجيا حروب المستقبل القائمة على الصواريخ فرط صوتية. وهذه هي المرة الثالثة في تاريخ الحروب التي يتم فيها استعمال صواريخ فرط صوتية، وكانت المرة الأولى رسميا خلال نهاية 2022 من طرف روسيا ضد أوكرانيا ويتعلق الأمر بـ «كينجال» بينما تفيد تقارير أخرى أنه تم خلال اذار/مارس أو نيسان/أبريل من السنة نفسها. وكانت المرة الثانية يوم 15 ايلول/سبتمبر الماضي من طرف الحوثيين ضد إسرائيل بصاروخ «فلسطين 2» وكانت المرة الثالثة في تاريخ الحروب يوم الثلاثاء التي يتم فيها استعمال هذا الصاروخ فرط صوتي. ويأتي استعمال طهران لهذا الصاروخ ليؤكد استراتيجية الاعتماد على نفسها في صنع الأسلحة المتطورة، ورغم ما يقال عن قوة الصناعة العسكرية الإسرائيلية، إلا أن إسرائيل تبقى ضعيفة بدون مقاتلات أمريكية مثل إف 35 وإف 15 علاوة على الاعتماد على العتاد والذخيرة الغربية وخاصة الأمريكية.

تجاوز أنظمة الدفاع الغربي

من ضمن الخلاصات المرعبة للأمن القومي الغربي هو ما سطرته عدد من الصحف مثل «القدس العربي» و«ذي غارديان» و«ذي تلغراف» ثم «الواشنطن بوست» ومفاده أن بعض صواريخ إيران ضربت أهدافا ومنها قاعدة نيفاتيم، وهذا يعني تجاوز أعتى أنظمة الدفاع الجوي الغربي والأكثرها تطورا. وهذا يجر إلى خلاصة مقلقة وهي ضعف النظام الدفاع الجوي الغربي في مواجهة باقي القوى وعلى رأسها روسيا والصين. وكانت «نيويورك تايمز» نشرت خلال بداية كانون الأول/ديسمبر 2017 تقريرا ينبه إلى خطورة الصواريخ الإيرانية عندما نجح صاروخ يمني في ضرب قاعدة عسكرية قرب العاصمة الرياض. وتفاقم الآن التحدي بسبب ظهور صواريخ فرط صوتية لم تكن وقتها، وتنفرد دول تعادي الولايات المتحدة بصناعتها، بينما الغرب متأخر في هذا المجال.

إسرائيل تشعر بالرعب

لا توضح إسرائيل نوعية الرد وتفضل استشارة الولايات المتحدة، وهذا يجر إلى نتيجة واضحة مفادها مدى شعور الكيان بالضعف ونوع من الخوف بعد الثلاثاء فاتح أكتوبر من تبعات الرد على طهران. ولا يخفى كيف لا تتردد إسرائيل في الرد العنيف بما في ذلك قتل المدنيين كما فعلت في قطاع غزة والآن في لبنان وفي حروب أخرى، إذ أن الكيان يؤمن بالقوة كأداة وحيدة لحل المشاكل مع دول وحركات المنطقة ويحتقر القانون الدولي. وهذا يجر إلى الحديث عن تراجع حقيقي في استراتيجية الردع الإسرائيلية التي كانت سيف ديموقليس مسلطا على دول المنطقة طيلة عقود. ولعل الإسرائيليون يتساءلون أنه بعد انتهاء هذه الحرب، ماذا لو سقطت الصواريخ فرط صوتية في يد حزب الله المتاخم للأراضي المحتلة؟

مأزق البنتاغون

خلال الأسابيع الأخيرة، بدأ البنتاغون يتساءل إلى أي حد سيؤثر دعم إسرائيل عسكريا في الأزمة أو الحرب الحالية على استراتيجية التواجد العسكري في المحيط الهادي وبحر الصين. وكان الموقع الرقمي الأمريكي «ديفانس وان» قد عالج هذا الموضوع الأسبوع الماضي، وتناولته كذلك «نيويورك تايمز» في عدد الجمعة من الأسبوع الجاري. وكتب موقع «ديفانس نيوز» ما يلي: «القادة العسكريون الأمريكيون يقولون أنهم استيقظوا على عالم جديد تماماً في 7 أكتوبر/تشرين الأول في الشرق الأوسط». وكان البنتاغون بصدد إعادة رسم خريطة عسكرية جديدة لقواته بالتركيز على منطقة المحيط الهادي لمواجهة الثنائي الصيني-الروسي لاسيما بكين التي تريد زعامة العالم وتضغط على كوريا الجنوبية واليابان والفلبين لتتخلى تدريجيا عن الولايات المتحدة.
ومنذ طوفان الأقصى، يبرز المقال أن البنتاغون رفع من وجوده العسكري سواء على مستوى السفن الحربية أو أنظمة الدفاع الجوي لدعم إسرائيل، وهو بذلك يرسل رسالة واضحة لكي لا تقوم أطراف ثالثة بتوسيع الحرب، في إشارة إلى إيران. وهكذا، وجد البنتاغون نفسه منخرطا في حرب طوفان الأقصى، حيث أرسل بعثة «حارس الرفاهية» لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر ونشر عشرات السفن منها المدمرات بالخصوص، وانخرط عمليا في مواجهة إيران باعتراض صواريخها يوم 14 نيسان/أبريل الماضي وفاتح تشرين الأول/أكتوبر الجاري التي استهدفت إسرائيل. كانت الدولة العميقة قد اتخذت منذ عقدين قرار الانتقال من الشرق الأوسط إلى فضاء المحيط الهادي قبل أن تعزز الصين نفوذها، لكن خططها بدأت تشهد تأخرا بسبب ما تسببه لها إسرائيل من مشاكل في الشرق الأوسط.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كاره الظلم:

    بإذن الواحد القهار كل دول الشر والإرهاب إلى زوال
    الظلم ظلمات وعقابه في الدنيا والآخرة .. أمريكا منذ أكثر من 500 عام تمارس الإرهاب والإبادة بحق الهنود الحمر أصحاب الأرض
    لك يوم يا ظالم وهذه سنة الحياة

  2. يقول مراقب:

    من الإعلام الغربي ان واشنطن تضغط على إسرائيل على عدم مهاجمة منشأت النفط والطاقة في ايران ، او مهاجمة المنشأت النووية الايرانيه ، والاكتفاء بمهاجمة المنشآت العسكريه؟؟ ما وراء الخبر يعني ان للعدو القدرة الجويه على إلحاق خسائر كبيره بهذين المرفقين ؟ واذا حدث فإنه سيعني ان ايران عليها ان ترد بالمثل ، في القصف الجوي الأمريكي على اليمن لم تنفذ اية غاره على المنشآت النفطية اليمنيه ؟ أو على مطار صنعاء والمطارات الأخرى وتخرجها جميعا من الخدمة لشهور طويله او تقصف محطات توليد الكهرباء لصنعاء وصعده وتجعل اليمن يغرق في ظلام دامس ؟ لماذا ؟ رغم قدرتها على ذلك ؟ يشدد بايدن على إسرائيل ان لا تقصف مطار بيروت ؟ لماذا ؟ للحديث بقيه ؟

اشترك في قائمتنا البريدية