بيروت- “القدس العربي”: اختلف المشهد اللبناني في عيد الأضحى المبارك بين الحدود الجنوبية وبين الداخل اللبناني، إذ في وقت عمّت السهرات الفنية والاحتفالات في بيروت وعاليه والبترون وغيرها من المناطق، ساد الحذر الجبهة الجنوبية في ظل هدنة غير معلنة من جانب حزب الله بمناسبة العيد خرقها قصف مدفعي إسرائيلي وغارات على بعض القرى استهدفت إحداها أحد كوادر حزب الله المسؤولين عن تصنيع صواريخ ويدعى محمد مصطفى أيوب “جلال”، الذي استشهد في غارة استهدفت سيارته عند أطراف بلدة الشهابية لناحية بلدة سلعا في قضاء صور.
وفي إطار المواجهات، قصف جيش الاحتلال سهل مرجعيون ومنطقة هورا لجهة كفركلا، وأطراف بلدتي كفرحمام وراشيا الفخار قضاء حاصبيا، وبلدة الخيام قرب الشاليهات والعديسة. كما استهدفت غارة إسرائيلية بصاروخين الأحياء الجنوبية لبلدة ميس الجبل قضاء مرجعيون. وخرق الطيران الحربي جدار الصوت فوق مدينة صيدا وسُمع دويه في معظم القرى الجنوبية. وكان الجيش الاسرائيلي استهدف صباحاً بلدة الضهيرة وأطلق النار ترهيباً فوق الأهالي الذين توجهوا إلى البلدة لتفقد منازلهم في عيد الأضحى في ضوء الهدنة غير المعلنة التي سمحت للعديد من أبناء القرى الجنوبية والحدودية زيارة قراهم في فترة قبل الظهر بعد اتصالات تنسيقية مع الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” أسوة بما حصل في عيد الفطر.
وغداً الثلاثاء تتجه الأنظار إلى ما سيحمله المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت بعد زيارته تل أبيب في سعي لتخفيف التصعيد الذي برز في الأيام القليلة الماضية على أن يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن دبلوماسي فرنسي “أن حزب الله يريد ربط وقف إطلاق النار في الشمال بوقفه في غزة، وإسرائيل ترفض ذلك”، ولفت إلى “أن باريس تطالب الآن بوقف دائم لإطلاق النار في غزة لخلق مناخ مناسب لعملية التفاوض على الجبهة اللبنانية”.
إلى ذلك، رأى مسؤول سياسي إسرائيلي “أن التركيز سيتحول بالضرورة إلى لبنان في الأسابيع المقبلة”، وقال “نريد استنفاد وساطة أمريكا للتهدئة في الشمال قبل الحل العسكري”.
فضل الله: وقف الحرب
تزامناً، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله “أن أمرا واحدا مطلوب من الإدارة الأمريكية وهو وقف الحرب على غزة، لأن القرار بيدها لو كانت جادة، وبدل نقل رسائل التهويل، عليها إبلاغ نتنياهو قراراً فعلياً بوقف الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وعندها تتوقف بقية الجبهات بما فيها لبنان، وغير ذلك لن يجدي نفعاً، لأن المقاومة في لبنان لا تخضع للتهديد، وهي مستعدة لكل الاحتمالات، وما تقوم به هو للضغط على حكومة نتنياهو كي توقف عدوانها على غزة”.
واعتبر فضل الله بعد أدائه صلاة عيد الأضحى في مدينة بنت جبيل وجولته على عدد من القرى الحدودية “أن قدر أهل الجنوب أن يقدموا التضحيات ليعيشوا بكرامة، وهم يقفون اليوم موقفاً مشرفاً كما هو تاريخهم لنصرة المظلومين في غزة، ومشهد الحضور الشعبي الكبير وصلوات العيد في قرى الحدود، هو رسالة عزة وعنفوان وصلابة من هذا الشعب المضحي الذي يلاقي إخوانه في غزة متضامناً بالدم والصمود، وهو رسالة تأكيد على الثبات والتمسك بالأرض، فهذه البيئة الصلبة عصية على الكسر، وموقفها هو التمسك بالمقاومة ومواصلة الطريق معها حتى تحقيق النصر”.
وأشار إلى “أن العدو لن يحصل على مكاسب سياسية من خلال تهديداته، وهو في مأزق حقيقي يتخبط به نتنياهو وجيشه، وإذا أرادت الإدارة الأمريكية إخراجه منه، فليس هناك إلا طريق واحد هو وقف الحرب، والمقاومة في لبنان وفلسطين لن تقدم مكافآت لتنتشل تلك الادارة نتنياهو من ورطته، وما يعجز عنه العدو في الميدان، لن يحصل عليه بالسياسة، وفكرة المنطقة العازلة، هي أوهام تراود قادة العدو، وليست موضوعاً للنقاش، لأن المقاومة موجودة في أرضها وتدافع عنها، بينما العدو هو من يحتل أرض الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني، وعليه أن يخرج منها”. واعتبر “أن لبنان في موقع قوة، ومن يريد ممارسة الضغوط، فليذهب إلى كيان العدو، ولن تتوقف جبهة لبنان إلا بعد وقف الحرب على ذلك الشعب”.
بدوره، أوضح عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن عز الدين “أننا دخلنا في هذه المعركة الدائرة مع العدو الإسرائيلي في الثامن من شهر تشرين الأول/أكتوبر، كي نردعه حتى لا يفكر لحظة واحدة بعملية عسكرية يشُن من خلالها عدواناً على لبنان، وبهذا الفعل، نكون قد حمينا لبنان عندما أعلنا مشاركتنا في نصرة غزة وفي فتح هذه الجبهة لإضعاف هذا العدو من أن ينتصر على حماس، وحافظنا على هذا الوطن وشعبه وأمنه واستقراره”. ولفت إلى “أن الجيش الإسرائيلي بات اليوم في مأزق كبير لا يعرف كيفية الخروج منه، فهو غير قادر ولا يملك القدرة على شن حرب برية على لبنان، وهذا باعتراف العديد من المحللين العسكريين، وأما إذا قرر الإستمرار بعدوانه وعدم وقف إطلاق النار، فهذا يعني المزيد من الاستنزاف لجنوده والذي لا يمكن تحمله لفترة طويلة، وأما إذا ذهب باتجاه المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية، فهذا يعتبر هزيمة له، وانتصار للمقاومة التي صمدت وحققت الإنجاز عليه بعدما زلزلته في طوفان الأقصى ودمرت كل هيبته وسلاحه”.
الخطيب: أغلى الأضاحي
من ناحيته، توقف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب عند التهديدات الإسرائيلية بشن حرب على لبنان، فقال “ليخرج أولاً سالماً من رفح فقد أثخنته المقاومة في قطاع غزة بالجراح”، وسأل “ماذا كان يفعل على الجبهة اللبنانية حتى الآن؟!!!”، وتوجّه إلى العدو بالسؤال “أنت من تهدد؟؟ تهدد فرسان المصر ورجالاً أعاروا جماجمهم لله الذين لا يخافون الموت ويطلبون من الله الشهادة وقد تعلموا من الإمام الحسين سيد الشهداء المواقف”. وأسف “أن تتطابق بعض المواقف الداخلية مع الموقف الاسرائيلي في مواجهة المقاومة التي لولاها لما بقي للبنان من وجود”، مؤكداً “أن لبنان لن يكون الا بلد التعايش والاخوة ولن نترك لإسرائيل فرصة لتقسيمه أو تقزيمه فنحن لم نُقدم دماء شهدائنا على مذبح أصحاب الاهواء والغرائز. أما كيف يكون عيد مع ما يعيشه أهلنا في غزة وجنوب لبنان؟ فإننا نكبر بهم وبشهدائهم وبتضحياتهم فهم لم يقدموا ذلك عبثاً ولم تذهب تضحياتهم هباءً وإنما أنتج عزاً وفخراً، فمن لديه أمثالكم نال عزاً وفخراً، إنّ عيد أمتنا أن يكون لنا مثل هؤلاء العظماء”. وختم “نحن اليوم في عيد الأضحى نتقدم من أهلنا أهل الشهداء في فلسطين ولبنان والعراق واليمن على طريق القدس بالافتخار وبالاعتزاز بمواقفهم وبتضحياتهم وبتضحيات أبنائهم الغالية، نفتخر بكرمكم فأنتم أجود من أعطى، أنتم من قدمتم أغلى الأضاحي”.